الرئيسية / كتاب وآراء / على جناح الرحمة ،،، بقلم | وسمية الخشمان

على جناح الرحمة ،،، بقلم | وسمية الخشمان

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن ، أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السمآء ، الرحم شجُنةُ من الرحمن ، فمن وصلها وصله الله ، ومن قطعها قطعه الله).

أوقف سيارته السبورت على حافة الرصيف متجها الى عامل النظافة الذي ما ان رآه متجها أمامه حتى ظهرت تباشير الفرحة على وجهه، أعطاه شيئا يسيرا من المال وزجاجة ماء باردة تقيه حر الصيف ولهيب الشمس ،وغادره بقلب محب ،ووجه بشوش ، رفع العامل يده الى السماء داعيا الله متمتما بكلمات الخير أن ينال ذلك الشاب شيئا منها، ورحل كل في سبيله.
ركب سيارته متجها الى منزله بعد يوم طال جهده وكثرت متاعبه ،بعد وصوله وجد سيارة الاسعاف تقف عند باب منزله،ترجل من السيارة كبرق معدوما من اي شعور اخر عدى الخوف ورجاء أن لايكون قد اصاب والدته المسنة الوحيدة في المنزل اي مكروه ولكن قدر الله وماشاء فعل
لزمت الام الغالية المشفى لاسبوعين كاملين متأثرة بوعكة صحية متكررة، ظل هذا الشاب يتردد على والدته كثيرا راجيا لها الشفاء العاجل متمسكا بباب الرحمة ،يارب رحمتك
يقول:كنت في طريق عودتي من العمل كالعادة متجها الى المنزل لاخذ بعض الحاجات التي اوصت بها والدتي ومررت بنفس ذلك الشارع الذي اعتدت ان ارى عامل النظافة فيه،ترددت بالوقوف عنده لانني اصلا كنت متاخرا هذه المره عن والدتي ،شيء بداخلي نظر الى المسكين بعين الرحمة ذاتها التي سبق ونظرت إليه، وفعلا حن قلبي ونزلت من سيارتي بدلا من مناداته وعطيته المقسوم وفي نيتي ان يرحمني الله ويرحم والدتي ويعجل لها الشغاء، غادرته وانا المحه من مرآة السيارة الامامية خلفي مستبشرا كعادته يتمتم بالدعاء، وعند وصولي للمشفى وجدت امي على الكرسي المتحرك في منطقة الاستقبال مع اختي التي هاتفتها قبل ان اغادر مقر عملي لتاتي وتساعد والدتي في ترتيب حاجاتها ،وفي نفسي تساؤلا عن حالتها الصحية وما آلت إليه الامور، طمأننا الدكتور الى حالتها وانها تجاوزت مرحلة الخطر وستكون على مايرام، قمت انا بمباشرة اجراءات خروجها بسرعه وعدنا الى المنزل ،وفي اليوم التالي بعد خروجي من العمل تردد في عقلي تساؤل ماذا كان يقول ذلك العامل المسكين بعد ان اغادره؟ بم كان يدعو لي؟ وهل حقا كان ماحدث من سرعة بشغاء والدتي جزاءا لاحساني معه؟
وقفت كعادتي بعد عملي في نفس الشارع وسرت نحوه وهذه المره سالته عن حاله فحمد الله كثيرا وسالته عن دعائه وعن تمتماته التي يمارسها بعد رحيلي عنه ، كان يقول لي:انا ادعو الله ان لاينالك مكروها قط وان لا ينال والدتك التي اخرجتك لهذه الدنيا بقلب رحيم كقلبها،لان رحمة قلبها قد نقلت اليك كما ينقل اليك طعامك وشرابك يوم ان كنت جنينا ببطن امك عبر حبلك السري ، ذهلت كثيرا لما سمعت،وعجبت من كلمات عظيمة تخرج من عامل بسيط
جعلتني بعدها امارس طقوس الرحمة واضعا سلامة والدتي امام عيني..
محلقا بها كل ارجاء الكون لعظم نتائجها علي وعلى اسرتي ومفعولها السحري الذي اكتشفته متاخرا .

الرحمة طائر في السماء ،يلتقط بذوره من ازهار الايمان،وبتلات الحب ،هكذا وجدت في روعة ما قاله ذلك الشاب من تجربة حية جائت نتيجتها مباشرة بالخير الكبير بعد ان مارسها مع شخص واحد ،فما بالكم بمن يوزع رحماته على كل مايراه امامه ، فلا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق  ))..

وسمية الخشمان

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*