الرئيسية / كتاب وآراء / القضاء الكويتي وقدر المرآة

القضاء الكويتي وقدر المرآة

لعل من أهم مزايا الكويت أنها دولة تحلّق بجناحين: الحفاظ على خصوصية هويتها، وانفتاحها على ثقافات العالم المختلفة، وانها دولة ديموقراطية مدنية وعصرية، وهي تواكب التطور الذي يطرأ في مختلف مجالات الحياة. وفي إطار مواكبتها لمتغيرات العصر بادرت القيادة الكويتية إلى التوقيع على معظم المواثيق الدولية التي تتعلق بحماية حقوق المرأة، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية «سيداو» للقضاء على التمييز ضد المرأة، لتؤكد الكويت إيمانها – قيادة وشعباً – بضرورة إسهام المرأة في جميع مجالات الحياة، ومشاركتها في بناء وتنمية مجتمعنا الكويتي الذي يحتاج إلى جهود جميع أبنائه، رجالاً ونساء.
في عصر المعرفة والعمل الذي نعيش فيه حالياً تتعاظم حاجة الكويت إلى الدور الفاعل للمرأة، بجانب الرجل، باعتبارها شريكته في المجتمع، وقسيمته في بناء البلاد، وتحقيق ازدهارها وتقدمها. ولا جدال في أن الكويت قطعت أشواطاً بعيدة لتمكين المرأة في المجتمع، وتمهيد السبل أمامها كي تضطلع بقسطها من مسؤولية البناء، فأتاحت لها التعليم بأعلى درجاته، ووسعت فرصها في العمل، فامتهنت كثيراً من المهن: طبيبة ومحامية ومهندسة وشرطية.. وغيرها، وفتحت لها أبواب المشاركة في الشأن العام، فتبوأت أرفع المناصب السيادية والتشريعية، حتى صارت سفيرة ووزيرة وعضوة في مجلس الأمة والمجلس البلدي، وأستاذة في الجامعة، بل ورئيسة لها، كما حققت رصيداً فاعلاً في العمل الخيري والاجتماعي.
لكن المراقب لمشهد وحجم هذه المشاركة النسائية، يلاحظ أن المرأة في الكويت ما زالت بعيدة عن سلك القضاء، فلم تتقلد أياً من المناصب المتدرجة على سلم هذا المجال الحيوي والأساسي، خصوصاً أن المرأة الكويتية تتطلع إلى تحقيق أمل اعتلاء منصة القضاء، منذ بدأت تتسع جهودها في ميادين العمل المختلفة. ويعزز من هذا الأمل أن شقيقاتها في أغلب الدول العربية والإسلامية قد نلن نصيبهن من المناصب القضائية الرفيعة، ففي عام 1959 عينت المرأة المغربية قاضية، ثم تبعتها السودانية في 1970 رئيسة لمحكمة استئناف، وفي لبنان وتونس وسوريا بمنصب النائب العام ورئيس محكمة استئناف، وكذلك في ليبيا والعراق واليمن وتركيا وإيران، والآن في مصر تتبوأ امرأة منصب نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا. وقد انضمت الشقيقة «الخليجية» قطر إلى هذه الدول بتعيين المرأة القطرية في منصب القاضي، مستبقة بقية الدول الخليجية، ومن بينها الكويت التي كانت دائماً سباقة إلى مواكبة متغيرات العصر، وآخذة بزمام التطور، قبل أن تتجاوزها شقيقاتها.
ألا يحق لنا إذاً أن نتساءل – بحسن نية وتجرد – عن دوافع حرمان المرأة الكويتية من مناصب القضاء، ولماذا لا نمنحها الفرصة، ما دامت لا تتعارض مع الدستور والقانون اللذين نصا على المساواة وتكافؤ الفرص، ولا مع الشريعة الإسلامية الغراء التي كرمت المرأة؟ ولماذا لا نتخلى – ولو للتجربة فقط – عن ثقافتنا الذكورية، ونترك الحكم للكفاءة واحترام القانون، وللقدرة على تحمل أعباء المنصب؟
فلنفتح الأبواب للمرأة الكويتية للمشاركة الشاملة، فقد ولّى الوقت الذي عمد فيه البعض إلى أن يخبئوا المرأة وراء فتاوى مغرضة، أو يغرقوها في مستنقع «التمييز»!

الاسم : احمد فلاح صالح
كلية الدراسات التجاريه / قسم القانون

عن Alhakea Editor

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*