الرئيسية / اقتصاد / #الكويت متأخرة جداً في الأمن الغذائي وعدالة توزيع الدخل بين سكانها

#الكويت متأخرة جداً في الأمن الغذائي وعدالة توزيع الدخل بين سكانها

أظهرت قراءة المقارنة التحليلية التي قدمها بنك الكويت المركزي لمجلس الوزراء حول مقومات تعافي الاقتصاد الكويتي في ضوء الاختلالات الهيكلية، والتي حددت موقع الاقتصاد الكويتي في الخريطة العالمية، أن الكويت جاءت وفقاً لمؤشر القدرة على استيعاب الصدمات الاقتصادية المرتبة 108 عالمياً بعد السعودية التي حلت في المرتبة 92 والإمارات بالمرتبة 102.

وأوضحت أن الكويت حصلت ضمن هذا المؤشر الذي يندرج ضمن مؤشرات استخلاص أبرز مؤشرات القوة والضعف للكويت والتي تشكل أساسيات التعافي، على نحو 50.65 نقطة، وهو أقل من متوسط دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ( 54.98 نقطة)، وأقل أيضاً من المتوسط العالمي ( 60.28 نقطة )،

 

ويضم محور القدرة على استيعاب الصدمات الاقتصادية 6 مؤشرات رئيسية تتضمن 17 مؤشراً فرعياً تشكل مدى قدرة الدولة واقتصادها على تحمل الصدمات، وذلك على النحو التالي:

1 – الصناعة وتنوع القطاعات:

يعد أحد العوامل التي تؤثر على القدرة الاستيعابية لبلد ما مدى اعتماده على القطاعات الاقتصادية والصناعية الضعيفة سريعة التأثر بالصدمات، فكلما زاد اعتماد الناتج المحلي الإجمالي والتوظيف بالدولة على القطاعات المتأثرة بشدة بإجراءات التباعد الاجتماعي والتجارة الدولية، زاد تأثر هذا البلد وزادت معاناة اقتصاده.

وسجلت دولة الكويت في هذا المؤشر درجة متدنية للغاية ( نحو 3.04 نقطة )، وجاءت في المرتبة الأخيرة على مستوى العالم (المرتبة 122 من أصل 122 دولة يشملها المؤشر)، مقارنة بالمرتبة 113 للسعودية والمرتبة 120 للإمارات.

وتبدو هذه النتيجة طبيعية في ضوء اعتماد الاقتصاد الكويتي بشكل أساسي على مورد النفط، حيث ساهم القطاع النفطي بنحو 45 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، كمتوسط للسنوات الثلاث السابقة لأزمة جائحة فيروس كورونا، وبنسب قد وصلت في بعض السنوات التي ارتفعت فيها أسعار النفط لنحو 63 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية كما في 2014.

وينعكس هذا التركز في ارتفاع مساهمة الصادرات النفطية إلى إجمالي الصادرات السلعية والتي تصل لنحو 93 في المئة، وارتفاع مساهمة الإيرادات النفطية في إجمالي الإيرادات العامة للدولة والتي تصل لنحو 90 في المئة.

وأكدت القراءة التحليلية لـ«المركزي» أن هذا ينعكس بلاشك في ارتفاع درجة المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الاقتصاد في أوقات الأزمات المختلفة، والتي تنعكس جميعها وبدرجات مختلفة على النشاط الاقتصادي، وتؤثر بشكل مباشر على المقومات اللازمة لعملية التعافي، ويمثل نقطة ضعف أساسية في الاقتصاد الوطني، ولذا فإن الاقتصاد الكويتي جاء في الترتيب قبل الأخير (121) عالمياً في المؤشر الفرعي الخاص بمخاطر الناتج المحلي الإجمالي والترتيب (117) عالمياً في مؤشر مخاطر التوظيف والتشغيل، وذلك بعد السعودية والإمارات في كلا المؤشرين الفرعيين.

وبوجه عام، بيّن «المركزي» أن الكويت جاءت في الترتيب الثالث عربياً و54 عالمياً ضمن مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار جائحة فيروس كورونا (ceri)، حيث سجل المؤشر العام للكويت نحو 54.90 نقطة من أصل 100 نقطة مئوية.

2 – مستويات الديون:

يقيّم هذا المؤشر استدامة الموارد المالية للبلد، والتي بدورها ستؤثر على قدرة صانعي القرار على إصدار ديون جديدة.

وعلى الصعيد العالمي، ومع انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة 3.3 في المئة لعام 2020، كما ذكر صندوق النقد الدولي في أبريل 2021، فإن البلدان ذات المستويات المرتفعة للدين يكون لديها مهلة أقل لامتصاص الصدمة، وستكون أكثر ضعفاً مع استمرار الركود وتشديد الأوضاع المالية.

ولفت «المركزي» في ورقته التي قدمها إلى مجلس الوزراء إلى أن السنوات الماضية شهدت تراكم الديون عبر البلدان بسبب استمرار انخفاض أسعار الفائدة المشجعة على الاقتراض، موضحاً أنه إذا تأثرت الشركات والأسر، فقد يؤدي التخلف عن السداد إلى أزمة مالية، فيما تعد البلدان ذات المستويات المرتفعة للديون أكثر عرضة لخطر الركود المطول.

وأوضح «المركزي» أن الكويت جاءت في المرتبة الأولى عالمياً وفقا لهذا المؤشر، متقدمة على كل من السعودية التي جاءت في المرتبة الثالثة عالمياً والإمارات التي حلت في الترتيب 17عالمياً، مشيراً إلى أن من أسباب تقدم الكويت في هذا المؤشر انخفاض مستويات الديون الخارجية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالدول الأخرى، والتصنيف الائتماني السيادي القوي للكويت، ومعدلات التضخم المنخفضة نسبياً، حيث تمثل هذه المقومات عناصر قوة لقدرة الاقتصاد الوطني على تحمل الأزمات والتعافي منها بشكل أسرع.

3 – ظروف سوق العمل:

يقيّم هذا المؤشر ظروف وقوة سوق العمل قبل أزمة جائحة كورونا، فكلما ارتفعت معدلات البطالة وخاصة البطالة بين الشباب، كانت الدولة أكثر عرضة للتداعيات الاجتماعية للجائحة.

وجاءت الكويت والسعودية في المرتبة 48 عالمياً على هذا المؤشر، بينما حلت الإمارات في المرتبة 15 عالمياً، حيث أكد «المركزي» أن معدل البطالة المنخفض في الكويت يشكل عنصراً من عناصر القوة، إذ جاءت الكويت ضمن الدول العشر الأفضل عالمياً وفقاً لمؤشر معدل البطالة.

4 – الأسواق الدولية:

يقيّم هذا المؤشر مدى اعتماد البلدان على الأسواق الدولية (التجارة والاستثمار)، حيث إن الطلب الخارجي غالباً ما يتراجع أو يتضاءل في أوقات الأزمات، الأمر الذي يضعف قدرة الدولة على استيعاب الأزمة ومن ثم التعافي منها.

ويتضمن هذا المؤشر عنصرين، الانفتاح التجاري الذي يقاس بنسبة إجمالي حجم التجارة الخارجية للدولة (استيراداً وتصديراً) إلى الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدولة، والانفتاح الاستثماري الذي يقاس بنسبة إجمالي تدفقات الاستثمارات المباشرة (للداخل وللخارج) إلى الناتج المحلي الإجمالي.

وأفاد «المركزي» بأنه وفقاً لهذا المؤشر، جاءت الكويت في المرتبة 62 عالمياً (المرتبة 89 عالمياً لمؤشر الانفتاح التجاري و28 عالمياً لموشر الانفتاح الاستثماري)، بينما جاءت السعودية في المرتبة 46 عالمياً والإمارات في الترتيب 110 عالمياً.

وأشارت ورقة «المركزي» إلى ما استقر في الفكر الاقتصادي وتوصلت إليه الكثير من الأدبيات الاقتصادية في شأن الدور الإيجابي للانفتاح الاقتصادي، بعناصره المختلفة سواء الانفتاح التجاري أو الاستثماري أو المالي، في عملية النمو الاقتصادي للدولة، مبينة أنه على سبيل المثال، تضمن الفكر الاقتصادي العديد من الأفكار التي تعكس أهمية دور التجارة الخارجية كونها دافعاً رئيسياً وقاطرة للنمو الاقتصادي، وذلك من خلال ما تؤديه تلك التجارة من توزيع للمواد الإنتاجية بين دول العالم المختلفة، على وجه يكفل الاستخدام الاقتصادي الأفضل، وما ينتج عن هذه التجارة من استغلال إمكانات اتساع الأسواق في تحسين الإنتاج، وتطبيق مبدأ التخصص وتقسيم العمل الدولي.

ونوهت إلى أن المشاهدات العلمية في مختلف الدول تظهر أن البلدان النامية التي سجلت نمواً مستمراً في تجارتها الخارجية وخاصة الصادرات تحقق معدلات أعلى في نمو دخلها القومي، مضيفة أن هذه العلاقة لم تكن لتثير الاهتمام لولا أن العديد من الدراسات التجريبية أكدت على ذلك الارتباط.

ولفتت إلى أن العصر الحديث شهد تجارب لدول عديدة استطاعت دفع التنمية الاقتصادية بها من خلال التصدير، ولعل من أبرز تلك التجارب مجموعة دول جنوب شرق آسيا، موضحة أنه رغم هذه المنافع التي تؤديها التجارة الخارجية للنمو الاقتصادي، إلا أنها تجعل الاقتصاد الوطني أكثر انكشافاً على العالم الخارجي وأكثر تأثراً بالأزمات الاقتصادية العالمية.

5 – المرونة الاجتماعية:

يقيّم هذا المؤشر درجة الاستقرار الاجتماعي لبلد ما من حيث درجة المساواة في توزيع الدخل، في حين تساهم جائحة كورونا في تفاقم عدم المساواة في الدخل وزيادة انتشار الفقر، لأنها تؤثر بشكل أكبر على الأشخاص الأقل دخلاً.

وأكدت القراءة التحليلية لـ«المركزي» أن البلدان ذات المستويات الأعلى من عدم المساواة في الدخل ستكون هي الأقل قدرة على استيعاب الصدمة الاقتصادية التي يسببها الوباء، وستحتاج إلى توفير المزيد من دعم الدخل لسكانها، مشيرة إلى أنه وفقاً لمؤشر المرونة الاجتماعية، جاءت الكويت والسعودية في المرتبة 95 عالمياً، بينما حلت الإمارات في المرتبة 57 عالمياً.

وبينت أن هذا المؤشر يتضمن مؤشرين فرعيين هما نسبة مساهمة أقل 20 في المئة الأقل دخلاً في إجمالي الدخل، حيث لا يتوافر بيانات لدولة الكويت ضمن المؤشر، ومعامل جيني (GINI Index) الذي يعد من المقاييس المهمة والأكثر شيوعاً في قياس عدالة توزيع الدخل القومي، لافتة إلى أن ترتيب الكويت وفقاً لمؤشر معامل جيني جاء متأخراً عالمياً (105)، أي أن هناك إشارة الى ارتفاع درجة عدم عدالة توزيع الدخل بين السكان، أخذاً بعين الاعتبار أن المؤشر يقاس على إجمالي الفئات السكانية (دون التفرقة بين مواطنين وغير مواطنين).

وأفاد «المركزي» في ورقته بأن معامل جيني يقيس عدم المساواة بين قيم متغيرة (مستويات الدخل على سبيل)، وتنحصر قيمة المعامل بين الصفر والواحد، حيث يكون الصفر تعبيراً عن المساواة الكاملة، وتكون جميع القيم متماثلة (أي يحصل كل فرد على الدخل نفسه)، أما في حالة اقتراب معامل جيني من الواحد فإنه يعبر عن الحد الأقصى من عدم المساواة بين القيم (على سبيل المثال، بالنسبة لعدد كبير من الأشخاص حيث يكون لدى شخص واحد فقط كل الدخل أو الاستهلاك بينما لا يملك الآخرون شيئا، فإن معامل جيني سيكون واحداً تقريباً)، أي أنه كلما كانت قيمة معامل جيني صغيرة – أقرب إلى الصفر – كانت عدالة توزيع الدخل أفضل.

6 – الأمن الغذائي:

يقيّم هذا المؤشر قدرة البلدان على الحفاظ على استهلاكها الغذائي في أوقات الأزمات، وتمثل نقاط الضعف المتعلقة بالأمن الغذائي سبباً إضافياً للمخاطر أثناء الجائحة، ولا سيما في البلدان الفقيرة، حيث قد لا تكون سلاسل الإمداد الغذائي بالمرونة نفسها في غير أوقات الأزمة.

ووفقاً لهذا المؤشر، جاءت الكويت في المرتبة 119 عالمياً وهي مرتبة متأخرة جداً (المرتبة 119 عالمياً وفقاً للمؤشر الفرعي نسبة الاكتفاء الذاتي من الغذاء)، فيما جاءت السعودية والإمارات في المرتبتين 117 و120 عالمياً على الترتيب، حيث تعتمد الكويت شأنها شأن دول مجلس التعاون الخليجي، بدرجة كبيرة على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من السلع الغذائية.

وفي حين أكدت ورقة «المركزي» تأثر حركة التجارة الدولية على المستوى العالمي بشكل كبير بفعل تداعيات جائحة كورونا، وذلك نتيجة لإغلاق المصانع وتوقف كثير من شركات الشحن العالمية كإجراءات احترازية للمساهمة في الحد من انتشار الفيروس، الأمر الذي أخل بسلاسل التوريد العالمية، بينت أن توقعات منظمة التجارية العالمية (WTO) الصادرة في مارس 2021 تشير إلى زيادة حجم التجارة السلعية العالمية بنسبة 8 في المئة في عام 2021 بعد انخفاضه بنحو 5.3 في المئة في 2020، ليواصل انتعاشه عقب الانهيار الناجم عن الجائحة.

 

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*