الرئيسية / كتاب وآراء / وليد الرجيب: كل شيء إلى تدهور وانحدار، كانا في أوجهما بالعام الماضي.

وليد الرجيب: كل شيء إلى تدهور وانحدار، كانا في أوجهما بالعام الماضي.

مهلاً 2015 
وليد الرجيب / أصبوحة
عشية كل عام جديد نقول: «مرحباً بالعام الجديد»، أما هذا العام المقبل فنقول له: «مهلاً أيها العام الجديد»، فنحن لم نفق من العام الماضي، لم نفق من صدماته وإخفاقاته، ولم يحدث ما تمنيناه أو حلمنا به، حتى تأتي مستعجلاً مختالاً.
كان عام 2014 خالياً من الثورات أو تحقيق شعوبنا لأهدافها في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ولم تحقق حكوماتنا التنمية الإنسانية المستدامة، ولم تُصلح ما وعدت بإصلاحه على جميع المستويات، ولم تُرسخ الأسس الديموقراطية التي تعني الشعب مصدر السلطات جميعا، كما تعنيه كلمة «ديموقراطية» في الأصل، المكونة من كلمتين هما «ديموس» وتعني الشعب و«كراتوس» وتعني السلطة أو الحكم، فالكلمتان اليونانيتان تعنيان معاً «حكم الشعب لنفسه».
كل شيء إلى تدهور وانحدار، كانا في أوجهما بالعام الماضي، رخصت خلاله كرامة الإنسان وتوسعت السجون، وساد البغض والكراهية والعداء بين مكونات مجتمعاتنا، وصُبّ الزيت على نار التعصب المذهبي والعرقي والديني والقبلي، وتمزقنا وأصبحناً شعوباً ضمن حدود واحدة.
وصنعت الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، مجموعات إرهابية متوحشة، تقطع الرؤوس وتسبي وتغتصب النساء باسم الإسلام، ثم شنت عليها حرباً دولية تشبه المسرحية الهزلية، لكي تنهب ثرواتنا من أجل إنقاذ نظامها الرأسمالي المتداعي، جراء الأزمة الاقتصادية العميقة، وسياساتها المنحازة لطبقة مستغلة (بكسر الغين) ومهيمنة، ومن أجل إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.
وحرّكت منظماتها الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لإقناع الأنظمة التابعة لها بأن تصفي القطاع العام، وتأخذ من حقوق الشعوب الاقتصادية والاجتماعية، وتعطيها للشركات والرأسماليين المتنفذين، أو القطاع الخاص الطفيلي وغير المنتج، وتفرض على شعوبها زيادات في الرسوم على الخدمات، وضرائب على السلع يدفعها الفقراء وأصحاب الدخول المتدنية، تعاقبهم على انخفاض أسعار برميل النفط، وتحملهم أعباء العجز في الميزانيات، بينما الشركات وأصحاب الدخول العالية فمعفيون من الضريبة التصاعدية.
في العام الماضي تم رفع شعار مكافحة الفساد، بينما الراية المرفوعة حقيقة هي راية الفساد والإفساد، الذي يتسلى أبطاله بتصريحات الحكومات الرنّانة والبرلمانات الشكلية، التي رضي نوابها أن يكونوا دمية وألعوبة بيد الحكومات، وتم التغاضي عن سرقات بالملايين، وتنفيع بالملايين عن طريق ترسية المناقصات على المتنفذين الفاسدين وسرّاق المال العام.
تمهل عام 2015 ولا تتعجل بالقدوم، دون وعد بأن تكون عاما منحازا للشعوب وللفقراء والمهمشين، تكون عاما تعوضُ ما قبلك، وتثأر فيه الشعوب خلال مرورك العابر لنفسها، وتستعيد كرامتها المُهدرة، وحلمها المُجهض.
تمهل قبل أن تكون عام وصمة من وصمات العارعلى جبين التاريخ، عام تأريخ للمآسي والكوارث على الشعوب، عاما مكروها ومشؤوما، تمهل حتى لا تكون مكملاً للعام الذي سبقك، وتكون مجرد رقم جديد، بينما مضمونك قديم قدم عصور الظلام.
وليد الرجيب

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*