الرئيسية / عربي وعالمي / “حزب الله”.. بندقية تسترت بـ”المقاومة” وانتهت إلى “الإرهاب”

“حزب الله”.. بندقية تسترت بـ”المقاومة” وانتهت إلى “الإرهاب”

لم يعد حزب اللبناني اليوم هو نفسه حزب الله الأمس، فاليوم بين من حمل السلاح في وجه المحتل الإسرائيلي في 2006، ومن يحمله اليوم في وجه السوريين العزل، شاسع جداً، والفجوة عميقة، لا يمكن ردمها بأي ذريعة، ولم تعد حجج المقاومة ونصرة فلسطين قادرة على غسل يد الحزب من دماء السوريين، كما أنها لم تعد قادرة على تجميل وجه المليشيا التي طالما أخفاها الحزب تحت قناع المقاومة، بحسب العديد من المحللين السياسيين.

وبعدما كانت الجماهير تترقب ظهور الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، على شاشات التلفاز، وتتلقف كلماته التي تهدد المحتل الإسرائيلي وتتوعده، أصبح نصر الله اليوم لا يجد من ينتظر ظهوره أو يستمع لحديثه إلا قلة قليلة، توحدهم دوافع طائفية بالأساس، كما أن حديثه عن أن الطريق للقدس “يكون عبر القلمون والزبداني وحمص وإدلب وحلب ودرعا والحسكة”، كشف كثيراً مما كان يخفيه الرجل.

بل إنه طالب الحكومة اللبنانية، وبشكل واضح، أمس الخميس، بمواجهة توغل الاحتلال في مزارع شبعا المحتلة، وكأنه لم يكن يوماً يتخذ من مقاومة هذا الاحتلال مبرراً لحمله السلاح.

استراتيجية نصر الله الجديدة لتحرير فلسطين عبر الخوض في دماء السوريين، تقول إن خريطة أعداء الحزب بالمنطقة قد تبدلت خلال السنوات التي أعقبت الربيع العربي، وبعد أن كانت إسرائيل هي العدو أصبح معارضو بشار الأسد وإيران هم الأعداء الأشد خطراً، على ما يبدو، ولعل إرسال الحزب أفواج مليشياته لقتال السوريين يدعم هذه الفرضية.

وما بين العام 2006 والعام 2016، أصبح الحزب المقاوم جماعة إرهابية، إذن، وكشف مناضلوه عن قتلة كانوا موجودين بداخلهم، فبدت صورته مختلفة كثيراً في ذهنية الشعوب.

 

وخلال السنوات العشر الأخيرة، وسع الحزب نفوذه المحلي، قبل أن يتورط في الثورة السورية التي تحولت إلى حرب أهلية بسبب موقفه وموقف إيران المدافع باستماتة عن بشار الأسد والمدعوم من القوة العظمى؛ روسيا.

 

– تحولات سياسية وعسكرية

 

سياساً، تحول الحزب من حزب يتمتع بنفوذ محدود إلى قوة سياسية مؤثرة في محيطها، وقد قاد سلسلة احتجاجات في أواخر 2006، للمطالبة بمزيد من النفوذ في عملية صنع القرار داخل الحكومة اللبنانية. كما أنه يمنع انتخاب رئيس للبنان منذ نحو عامين، وبعد أكثر من 36 جلسة برلمانية امتنعت كتلة الحزب عن حضورها.

 

لكن الحزب، الذي صنفته الجامعة العربية في مارس/آذار الماضي كـ”منظمة إرهابية”، ظل صامداً في وجه معارضة شعبية، وردة فعل عنيفة على المستوى المحلي، ظهرت بشكل جلي في وقوع اشتباكات وتفجيرات طائفية بسبب تورطه في سوريا.

 

وعلى الصعيد العسكري، شهد الحزب نقلة كبيرة بعدما طور قدرات جديدة، وزاد من عدد عناصره في تدخله في سوريا، ليبتعد عن محور تركيز الصراع بين لبنان وإسرائيل. وزادت ترسانته من الأسلحة من 33 ألف صاروخ وقذيفة قبل حرب عام 2006 إلى ما يقدر بـ150 ألف صاروخ، وزاد عدد عناصر الحزب من بضعة آلاف في عام 2006 إلى ما يقدر بأكثر من عشرين ألفاً.

 

وبعد عام 2011، منح الدعم العسكري الذي يقدمه حزب الله لنظام الأسد، المدعوم من إيران، مقاتلي الحزب خبرة قتالية كبيرة، ومعرفة بأساليب التخطيط العسكري الروسي. ودرب حزب الله أيضاً مقاتلين موالين لإيران في كل من اليمن والعراق، وقد أصبح نظام الأسد خط إمداد الأسلحة الرئيسي له.

 

لكن، ورغم كل هذا، فإنه تكبد خسائر مادية لا تقل فداحة عن خسائره المعنوية، كما أن عدداً من كبار مسؤوليه مثل: سمير القنطار، غسان فقيه، علي فياض، لقوا حتفهم في سوريا، حتى وجد الحزب نفسه يقاتل أطرافاً عدة على الأراضي السورية واللبنانية أيضاً.

 

كما أنه مُني بخسائر مالية من جراء عقوبات دولية وزيادة الإنفاق العسكري، واتهمته حكومات عديدة بإقامة علاقات بعصابات دولية لتهريب المخدرات وغسل الأموال، وهي الاتهامات التي نفاها الحزب.

 

ورغم أنه ما زال يحصل على دعم مالي وعسكري كبير من إيران فإن تقارير تشير إلى مكابدته مصاعب في دفع تعويضات لعائلات المقاتلين الذين قتلوا أو أصيبوا في سوريا، ولا سيما أن بعض البنوك اللبنانية التزمت خلال 2016 بقانون أمريكي يستهدف القدرات المالية للحزب، وأغلقت المئات من الحسابات المرتبطة به.

 

خمس سنوات فقط، كانت كفيلة بوضع نهاية لتلك الأيام حتى جاء اليوم الذي بات فيه تعبير “دجال المقاومة” هو لقب نصر الله الأكثر شيوعاً لدى الجماهير نفسها، ولم يعد ممكناً لدى الطيف الأوسع في الشارع العربي نطق اسم التنظيم إلا متبوعاً بكلمة “مليشيا”، وملحوقاً بكلمة “إرهابي”؛ فقد كشفت الثورة السورية الوجه الحقيقي لهذا الكيان، وجه المليشيا الطائفية، حتى إن كثيرين ممن رفعوا صور “نصر الله” على رؤوسهم، عادوا ليضعوها تحت أحذيتهم.

 

وفي سوريا التي طالما كانت حاضنة له، فقد الحزب ما لم يفقده طوال صراعه “التقليدي” مع الاحتلال الإسرائيلي، فإذا كان الحزب قد خسر بين عامي (1982 و2000) في معاركه مع “إسرائيل” ألفاً و276 مقاتلاً، وفق إحصائياته الرسمية، فإنّ مراكز توثيق سورية أحصت مقتل أكثر من 1000 قتيل حتى نهاية 2013 فقط.

 

وبدأ حزب الله وجوده في سوريا بشكل غير معلن عام 2012، لكنه ما لبث أن تمدد في العمق السوري والجغرافية مبتعداً عن المناطق الحدودية، التي اتخذها مطية لتدخله بعد انكشاف زيف مطية حماية المراقد الشيعية، حيث وصلت قواته في 2014 إلى مدن إدلب، واللاذقية، وحلب، وشهدت أعداد القتلى في صفوف مقاتليه ازدياداً أكبر.

 

وفي إثر ذلك تصاعدت التوترات بين حزب الله والدول العربية، إذ ترى دول الخليج العربي أن الحزب أصبح قوة شيعية طائفية متطرفة تقاتل السنة في سوريا، كما تضررت علاقات الحزب بشكل خاص مع السعودية، التي تدعم تيار “المستقبل” اللبناني المناوئ له.

 

وفي تأكيد على أنّ حزب الله ليس أكثر من مليشيات تتبع للولي الفقيه في إيران وتواليه، قال نصر الله، صراحة: “لا يمكن أن تكون مع فلسطين إلا إن كنت مع إيران، وإن كنت عدواً لإيران فأنت عدو لفلسطين”.

 

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*