الرئيسية / عربي وعالمي / تدريب الأطفال على السلاح.. حلال لليهود وحرام على الفلسطينيين

تدريب الأطفال على السلاح.. حلال لليهود وحرام على الفلسطينيين

أثارت العروض المسرحية للأطفال التي نشرتها روضة الهدى الإسلامية، التابعة لحركة الجهاد الإسلامي في غزة، في تخريج فوج القدس لعام 2016، كثيراً من النقاشات المؤيدة لها، والرافضة؛ لما سيعكسه ذلك من أثر سلبي على صورة الفلسطينيين، فيما أكدت “الجهاد الإسلامي” سعيها، من خلال العروض، لتعليم أطفالها فقه المقاومة، وزرع أهمية الجهاد لديهم.

وكان الجدل بسبب ما تضمنته المسرحية من أفعال “لا تناسب الفئة العمرية للأطفال الذين هم دون سن الخامسة”، على حد وصف البعض، إذ يظهر الفيديو عرضاً مسرحياً للأطفال يُحاكي عملية زرع عبوات ناسفة أسفل هيكل لدبابة إسرائيلية، وإطلاق قذائف هاون صوب مجسم لموقع إسرائيلي، بالإضافة لاقتحام موقع عسكري إسرائيلي وأسر جندي إسرائيلي واقتياده.

ويرى البعض أن هذه المسرحية ستكون “فرصة ذهبية لإسرائيل أمام العالم، لأن تصف الفلسطينيين بالإرهابيين وتقدمه كدليل على ذلك”. في حين يرى آخرون أن “من حق الفلسطينيين تعليم أطفالهم على الجهاد منذ الصغر، لاستعادة أرضهم من اليهود الذين احتلوها”، قائلين: إن “هذا حق منذ الأزل”.

– حق الدفاع عن القضية الفلسطينية

يقول الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، من غزة: إن “هذا مشهد تمثيلي، وهو ليس تدريباً على السلاح، وهو نوع من التهيئة النفسية للأطفال وزرع روح الجهاد في نفوسهم”، ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أنه “لم ير في المشاهد سوى تمثيل على هياكل خشبية”. ويتساءل: “أين هو التدريب الذي يتدربون عليه”.

ويشير الصواف إلى أنهم في غزة “شعب محتل”، وأن هذا الاحتلال “مجرم”، ويرى أن إعداد الأطفال نفسياً أمر “لا بأس به”.

ويستغرب من الضجة الكبيرة التي حدثت حول الفيديو، قائلاً: “كيف لو استخدم الأطفال النار الحية.. ألم تسمعوا ما يقوم به الاحتلال من تدريب لأطفال الصهاينة على إطلاق النار الحي؟”، مشيراً إلى ما ذكرته وكالات الإعلام ولم يُسمع تعليق على تدريباتهم، علماً بأن أطفال الاحتلال يتعلمون على استخدام السلاح، ويطلقون النار في عمليات تدريب حقيقية وليست مشاهد تمثيلية.

[روضة الهدى الإسلامية 1]

من جهته يقول المحلل السياسي وسام أبو شمالة، من غزة: إن “الشعب الفلسطيني المحتل منذ أكثر من 68 عاماً، يعتبر أن معركة الوعي لا تنفصل عن المعركة في الميدان خاصة، وخصوصاً عندما يكون الاحتلال من النوع الاستيطاني الاحتلالي، الذي راهن على طمس ذاكرة الأجيال الفلسطينية لحقها وهويتها”.

ويشير أبو شمالة لـ”الخليج أونلاين” إلى دور الفصائل الوطنية في ترسيخ هذا التاريخ، قائلاً: “إن الفصائل حالها كحال كل حركات التحرر الوطني في التاريخ، إنها تستثمر الفن؛ من مسرح وأغنية، لتعزيز الوعي لدى الأجيال المتعاقبة بالحقوق الفلسطينية بمقاومة المحتل المغتصب للأرض”.

ويتابع أن هذه الفعاليات “تصب في تنمية الثقافة الوطنية”، ويرى أن “الطفل الفلسطيني نتيجة تعرضه لاعتداءات متكررة من الاحتلال يتفاعل بشكل تلقائي مع الحدث، فتجده في الحارة يلعب مع الأطفال ألعاباً تجسد الواقع فيقسم نفسه لفريقين واحد فلسطيني والآخر جنود الاحتلال، دون أن يتم تنظيم فعاليات تشرف عليها فصائل أو مؤسسات”، فهذا الأمر الطبيعي على حد وصفه.

[روضة الهدى الإسلامية 2]

– الموقف الدولي من هذه الفعاليات

وعن الموقف الدولي من تعليم أطفال فلسطين على السلاح وتعليم أطفال إسرائيل بالمقابل، يتساءل الصواف عن موقف الدول من قتل الاحتلال للأطفال الفلسطينيين، واعتقالهم لهم وإعدامهم.. ويقول لـ”الخليج أونلاين”: إن “موقف الدول يظهر عندما يقوم الفلسطيني بإعداد نفسه لمواجهة العدوان الصهيوني، لكن أين هو السلاح في الموضوع المثار؟ ولماذا لا نثار عندما يتعلم بعض أطفالنا الفحش في الحب والرقص والتعري ونسمي ذلك حضارة؟ وعندما يدرب شعب أفراده المستهدفين من الإرهاب الصهيوني على كيفية الدفاع عن النفس يصبح الأمر جريمة ونسأل كيف سينظر العالم إلى هذه المشاهد التمثيلية؟!”.

أما أبو شماله فيقول: “كيف يكون موقف الدول من تعليم أطفال فلسطين على السلاح وتعليم أطفال إسرائيل بالمقابل كذلك؟ هذا عمل فني مسرحي وليس فيه تدريب حقيقي على السلاح، وهذا عمل لا يقارن بصور حقيقية، وليس تمثيلية كانت لأطفال من المستوطنين ترسم وتأخذ الصور التذكارية مع الصواريخ المُدمِّرة قبل أن تنفجر في أجساد الأطفال الفلسطينيين”.

[أطفال إسرائيل يتدربون على السلاح]

ويضيف عن المقارنة بين أطفال فلسطين وأطفال الاحتلال، أنه “شتّان بين المشهدين.. فإن جزءاً كبيراً من الرأي العام الدولي أصبح أكثر وعياً بحقيقة الاحتلال العنصرية والفاشية التي أبادت مئات العائلات وقتلت آلاف الأطفال”.

ويتساءل: “ماذا تنتظر من طفل فلسطيني قُتل أبوه أو أمه أو أخوه؟ هل تنتظر منه أن يتدرب على رقص الباليه؟!”.

[أطفال إسرائيل يتدربون على السلاح 1]

– إسرائيل تستغلّ الموقف لحسابها

وعن موقف الاحتلال من مقطع فيديو مسرحية الأطفال، سارع الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية أوفير جندلمان، لنشره عبر حسابه على “فيسبوك”، باعتباره عملاً محرضاً على الإرهاب والعنف، ومماثلاً لما يقوم به تنظيم الدولة بتدريب الأطفال على حمل السلاح، قائلاً: “أشبال الخلافة الحمساوية: التنكيل الفلسطيني بالأطفال وغسل أدمغتهم ليصبحوا إرهابيين، تجنيد الجنود الأطفال هو جريمة حرب، وهؤلاء الأطفال المساكين هم عبارة عن دواعش صغار الآن، ولكنهم سيكبرون ويصبحون دواعش كبار، هذه هي ثقافة الإرهاب الفلسطينية”. ونسب جندلمان الفيديو لحماس وهو لحركة الجهاد الإسلامي.

في حين ردّ عليه البعض بفيديو تدريب الاحتلال لأطفالهم على إطلاق النار في قاعدة للجيش الإسرائيلي.

– الأثر النفسي على الأطفال

وعن الأبعاد النفسية لهذه الفعاليات على الطفل مستقبلاً، إن كانت ستؤثر سلباً، أو أن الواقع يتطلب ويحتاج هذا الأمر، يقول وسام أبو شمالة لـ”الخليج أونلاين”: إن “الطفل الفلسطيني يتمنى أن يعيش كغيره من الأطفال دون معاناة ودون دم.. يتعلم ويلعب ويغني ويرقص، ولكن الاحتلال لم يكتف بطرد آبائه وأجداده من بيوتهم، بل ما زال يشنّ عليه الحروب تلو الحروب، ويمنعه من السفر والعلاج ويفرض عليه حصاراً مطبقاً”.

ويتابع أن “بقاء الاحتلال هو المعضلة، وليس ما يترتب على هذا الاحتلال من ردود فعل على أكثر من مستوى.. كما أن الصورة لا يجب أن تأخذ جزءاً وتغطي على أجزاء أخرى، لأن الشعب الفلسطيني محب للحياة، ورغم كل ما يعانيه شعبنا فإنه يتمسك بالحياة ويبدع في العديد من المجالات، بالإضافة إلى أن العائلات الفلسطينية تترك لأطفالها مساحة مقبولة للهو واللعب والترفيه عن النفس، كما أن المدارس ورياض الأطفال تنظم العديد من الرحلات الترفيهية والفعاليات المرحة”.

[روضة الهدى الإسلامية 4]

ويعلق مصطفى الصواف لـ”الخليج أونلاين” أنه في “البعد النفسي هناك قبول وشغف لدى كل الفئات على التدرب وحمل السلاح لمواجهة الاحتلال، لأن الواقع الذي نحياه يتطلب ذلك، وأعيد وأكرر نحن لم نشاهد تدريبات عسكرية؛ كل ما هناك هي مشاهدات تمثيلية، وهي من باب الترفيه، أما التربية الجهادية فهي للقادرين على حمل السلاح، وقد تكون هذه المشاهد التمثيلة وسيلة لتحبيب الأطفال في المستقبل عندما يشتد عودهم على حمل السلاح والتدرب عليه”.

ويرى أن هذا ما يجب أن يكون عليه المجتمع الفلسطيني، قائلاً: “علينا ألا ننجرّ خلف التهويل والتضخيم الذي يمارسه الصهاينة، بل علينا مواجهة هذه الأكاذيب الصهيونية وتبيان حقيقة الأمور، والتأكيد أن من حقنا الدفاع عن أنفسنا، وتعليم أولادنا على كيفية استخدام السلاح، لأن المجتمع الدولي لم يوفر لنا الحماية ولا لأطفالنا، وترك الإرهاب الصهيوني يرتكب المجازر بحق الأطفال والنساء وعوائل كاملة ولم يحرك ساكناً، بل شجع الاحتلال على ذلك، وزوده بالسلاح والمال، ودعمه سياسياً في كل المحافل، فهل سيثور المجتمع الدولي وهو يشاهد مقاطع تمثيلية لأطفال؟”.

فيما اعتبر آخرون أن تكليف الأطفال بتمثيل هذا المشهد يحرمهم من طفولتهم وقد يربيهم على العدوان. وطالب آخرون أن تعلّم الروضة الأطفال تربوياً كيفية الدفاع عن القضية الفلسطينية وليس عملياً.

[أطفال إسرائيل يتدربون على السلاح 3]

– قلب الحقائق

وبيَّن الصحفي الفلسطيني محمد نشبت لـ”الخليج أونلاين”، بشأن فيديو مسرحية الأطفال، أنه “مع هذه الفعاليات، وزرع فكر المقاومة لدى الأطفال، وهذه الفعاليات تحمل رداً من شقّين من الشعب الفلسطيني، الأول إسلامي، من باب علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل، وسيدافع الإسلاميون عن هذا الأمر باعتباره حقاً إسلامياً مُلزماً من جهة، وأمراً يغرس روح المقاومة”.

ومن ناحية أخرى أن هناك “أيديولوجيا قانونية حقوقية بحتة، ستعارض الأمر وبشدة، وتعتبره يزرع الكره داخل نفوس الأطفال، وتعمل على تشجيع الرواية الإسرائيلية القائلة إن المجتمع الفلسطيني إرهابي من جهة، وهذا الأمر يتنافى مع القوانين الدولية لهيئة الأمم المتحدة المتعلقة بالأطفال من جهة أخرى”.

ويضيف نشبت أن الاحتلال لديه القدرة على “إقناع المجتمع الدولي بحق الدفاع عن نفسه، إذ يبدأ الأطفال في إسرائيل بالتدرب على السلاح بالذخيرة الحية من سنوات عمرية مبكرة جداً، وذلك لأن المجتمع والقانون الدولي يكيل بمكيالين ويبيح لإسرائيل ما لا يبيحه لغيرها”.

ويرى نشبت أن “هذا الأمر تحكمه قوة الدولة”، إذ أشار إلى “عهد معمر القذافي في ليبيا حين كان هناك حصة يومية خلال الأسبوع تسمى بالعسكرية، يتدرب فيها الأولاد والفتيات على السلاح، ولا أحد استطاع أن يقول له لا، حينها، لأن موقفه كان قوياً بين الدول في تلك الفترة، وكان يطلق على المدرسة لقب ثكنة، وفيها إدارتان مدنية وعسكرية، وغيرها الكثير من الدول تتبع النظام نفسه”.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*