الرئيسية / كتاب وآراء / المتعصب لا يحق له المطالبة بحرية لا يحترمها في حياته اليومية.. يكتب خالد الجنفاوي

المتعصب لا يحق له المطالبة بحرية لا يحترمها في حياته اليومية.. يكتب خالد الجنفاوي

لا يحق المطالبة بحرية لا يتم احترامها

د. خالد عايد الجنفاوي

عندما يطالب أحدهم بتكريس مزيد من الحريات في مجتمعه حري به أن يسمح بممارسة الحرية التي يزعم غيابها في بيته وبين أعضاء أسرته, وفي علاقاته وتفاعلاته مع من هم حوله, اذ لا يصح منطقياً أن يطالب أحدهم بالحرية وهو في الوقت نفسه يمارس بشكل أو بآخر التعنت والتعصب القبلي والمذهبي والفئوي. إضافة إلى ذلك, ربما سيحق لبعض العقلاء والمُنصفين, ومن عرف عنهم رزانة واعتدال الفكر التشكيك في صدق مطالبة البعض بمزيد من الحريات وهم يدركون أن المجتمع الذي ينتمون إليه يوجد فيه قدر كبير منها, وربما يكون أكثر المجتمعات تكريساً للحرية في الإقليم.
من يطالب بمزيد من الحرية, كما يزعم, جدير به أن يُظهر للآخرين قدرته وقبوله احترام كرامات من يختلفون عنه, عرقياً وثقافياً ودينياً, فلا يمكن تجزئة المطالبة بالحرية وحكرها في نطاق شخصي أو قبلي ومذهبي وطبقي أو فئوي ضيق أو تخصيص الحرية فقط لوجهات نظر وتوجهات فكرية معينة من دون أخرى. الإنسان الحر, قولاً وفعلا, هو من سيتحرر بإرادته من السيطرة السلبية للتقوقع القبلي والمذهبي والثقافي, ويمارس التسامح الحقيقي في حياته اليومية ولا يحاول أن يُجبر من يختلفون عنه للانقياد خلف فكره الخاص أو يقلدونه في كل شيء يعمله. تتمثل الحرية الحقيقية في التحرر الطوعي من أي تعصب قبلي وعرقي وديني والسماح لعضو المجتمع الآخر بالعيش وفق توجهاته الثقافية الخاصة من دون وقوعه ضحية للاستغلال أو التشويه المتعمد لسمعته أو التقليل من إنسانيته فقط لكونه مختلفاً عن الأقلية أو الأغلبية.
الشخص المتعصب لا يحق له المطالبة بحرية لا يحترمها في حياته اليومية ولا يحق له كذلك محاولة خداع الرأي العام وإظهار نفسه بأنه إنسان متسامح, وهو ليس كذلك! من يحترم حريات الآخرين ويمارس حياة يومية نظامية ويحترم قوانين بلده ولا يتعدى على حقوق الآخرين, ولا يدعو للتعصب القبلي والمذهبي والعرقي والديني هو الإنسان الحر, قولاً وفعلاً. أما من يحاول أن يُظهر نفسه في الحياة العامة كأحد المطالبين الشرسين لحماية الحريات, وفي الوقت نفسه, يعيش حياة شخصية تتناقض مع ما يزعم أنه يطالب به, فلن يكترث العقلاء بمبالغاته وتعميماته الخاطئة حول الحرية لأنهم يدركون أنه وفق المنطق والواقع هو آخر شخص يمكن له أن يطالب بحرية يمقتها ولا يحترمها ما دامت لا تصب في مصلحته الخاصة!
كاتب كويتي

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*