الرئيسية / كتاب وآراء / عن عوامل زيادة أسعار السلع والخدمات!.. يكتب وائل الحساوي

عن عوامل زيادة أسعار السلع والخدمات!.. يكتب وائل الحساوي

نسمات  /  لا تشتروا الكرز والمشمش!

د. وائل الحساوي

دخلت الجمعية التعاونية قبل يومين لشراء بعض الفواكه، فاستغربت من ارتفاع الاسعار بطريقة غير مسبوقة ولم اعهدها من قبل، فصندوق الكرز الصغير يصل الى دينارين ونصف، وكذلك صندوق المشمش وغيرهما!

سألت العاملين في الجمعية فقالوا بأن السبب هو صعوبة وصول الفواكه من الدول التي تزرعها وقلة الوارد.

بالطبع فأنا اصدق تلك الرواية واعتقد بأننا محظوظون بأن يتوافر لدينا جميع تلك الخيرات وبتلك الاسعار، بينما تموج الدول المحيطة بنا بالفتن والحروب وكساد الاسواق وارتفاع الاسعار غير المسبوق.

والامر لا يقتصر على الدول العربية ومشاكلها الكبيرة فقد زرت بريطانيا قبل شهر وفوجئت بأن اسعار جميع المواد الغذائية والسلع الاخرى قد تضاعفت خلال سنوات قليلة، فعلى سبيل المثال فقد طلب الاحفاد من زوجتي ان تشتري لهم لعبة ورقية معروفة، وقد بحثنا عنها الى ان وجدناها في بعض المحلات بسعر 5 جنيهات استرلينية اي ما يعادل دينارين وربع. وعندما رجعنا الى الكويت شاهدت تلك اللعبة تباع في محلات عدة بسعر 150 فلسا (اكثر من 16 ضعف سعرها في الكويت )ومع ان العمال في الدول الغربية يقبضون رواتب ومكافآت عالية الا ان ازدياد التضخم وغلاء الاسعار يؤثران تأثيرا مباشرا في قدرات الافراد على التكيف مع ظروفهم الاقتصادية، كما ان الغربيين يوفرون في مشترياتهم ونظام سكنهم بعكسنا!

اما نحن في الكويت، ولله الحمد فإن المواطن يستطيع العيش بدخل بسيط ان اراد، عدا اسعار السكن التي تعتبر مرتفعة نسبيا، ولعل الارتفاع في اسعار العقارات والسكن هو الذي يرفع من اسعار كثير من المواد، فتأجير المحلات والشقق السكنية وغيرها قد ازداد بقوة.

لكن يبقى أن جزءا كبيرا من الزيادة في الاسعار هو بسبب تنافس المواطنين، لا سيما الشباب، على ارتياد المطاعم والمحلات التي تبيع مواد وخدمات تقليدية بأسعار مرتفعة من اجل التفاخر لا اكثر، فالقهوة على سبيل المثال مازالت تباع في المطاعم بمئة فلس بينما يتنافس الشباب على المحلات العصرية ويدفعون اكثر من دينار للحصول على كأس من القهوة، كما يدفعون دنانير عدة لشراء سندويش وشرائح من الجبن يجدونها بأسعار رخيصة في المطاعم العادية!

الموضة… كذبة العصر!

هنالك عامل مهم لرفع الاسعار وهو عامل (الموضة) والذي يجذب المستهلكين كالمغناطيس ويخدرهم من حيث لا يشعرون، فما ان تتم كتابة اسم ماركة مشهورة على شنطة او حذاء او بدلة حتى يتسابق الناس على شرائها باضعاف اسعارها من دون ذلك الاسم!!

ولو جئت تناقش المرأة أو الرجل على ان هالة الموضة هي هالة زائفة يراد من ورائها خداع المستهلك حتى ينبري لك الكثيرون بالدفاع عن ذلك الاسم وانه يستحق ما يبذل فيه من اموال.

يقال إن مؤسسة ماركة عالمية مشهورة قد ذكرت أنها ارادت من رفع الاسعار على منتجات شركتها أن تستقطب الاغنياء الذين يبحثون دائما عن التميز عن غيرهم، وليدفعوا اكثر لكنها فوجئت بمزاحمة الناس العاديين على شراء الماركة، وتكلفهم الكثير من اجل اقتناء تلك الماركة!

اذا فنحن امام عوامل مصطنعة كثيرة تساهم في زيادة اسعار السلع والخدمات، وقد لا يكون صعبا التكيف معها في الوقت الحالي، ولكن متى ما اضطرت الحكومة الي رفع تكلفة خدماتها: العلاجية والكهرباء والماء والسكن والوقود، فإننا سنجد انفسنا في ورطة حقيقية، فنحن لم نكيف حياتنا على التوفير في تلك الخدمات المهمة، واذا كنت قد اتخذت القرار الصحيح بالخروج من الجمعية دون شراء الكرز والمشمش بسبب الغلاء، فإن التوفير في الكهرباء والطاقة والعلاج قد لا يكون بتلك السهولة، ولكن بإعادة تصميم حياتنا لكي نتماشى مع دول العالم في التوفير!

 

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*