الرئيسية / برلمان / حمد العليان: ما آلية الحكومة لخلق فرص عمل جديدة للمواطنين؟

حمد العليان: ما آلية الحكومة لخلق فرص عمل جديدة للمواطنين؟

قدم النائب حمد العليان ملاحظاته على برنامج عمل الحكومة جاءت كالتالي:

إعمالا لنص المادة 98 من الدستور وما قررته بشأنها المذكرة التفسيرية من وجوب تقديم الحكومة لبرنامج عملها فور تشكيلها الى مجلس الأمة، وللمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج تكون مكتوبة ويبلغها رسميا للحكومة، وهي – كمسؤولة في النهاية أمام المجلس – لا بد أن تحل هذه الملاحظات المكان اللائق بها وبالمجلس المذكور.

فإنه تحقيقا للمصلحة العامة والتي تعتبر هي الهدف الأسمى في تحديد العلاقة ما بين السلطتين، وإيمانا بالدور المشترك ما بين مجلس الأمة والحكومة كأمناء على دستور الدولة وقوانينها، وبالذود عن حريات الأمة ومصالحها وأموالها، وتأكيدا لما أبديته من ملاحظات في الجلسة الخاصة بمناقشة برنامج عمل الحكومة يوم الثلاثاء الماضي بتاريخ 18/7/2023، وحتى تقترن الأقوال بالأفعال، وسعيا الى تعديد برنامج عمل الحكومة بما يتوافق مع تطلعات ومتطلبات الواقع اليوم، فإنه ومن باب التعاون مع الحكومة في سبيل تحقيق الإنجازات المشتركة والتي تخدم الشعب الكويتي وتحقيق آماله وتطلعاته وتنتشل الحالة السياسية من الجمود والتراجع الى حالة من الاستقرار والتقدم، وفق أطر الاحترام المتبادل والنقد البناء وحرصا على تكريس العمل السياسي القويم المبني على أسس التعاون والاتفاق بما يحقق الغاية الأسمى وهي الارتقاء بكل ما من شأنه ازدهار البلد ورفعته.

هديا بما سبق، فإنني أرجو التكرم بتوجيه هذا الكتاب المتضمن ملاحظاتنا على برنامج عمل الحكومة لسمو رئيس مجلس الوزراء عملا بما نصت عليه المادة 98 من الدستور وما قررته المذكرة الدستورية بشأنها.

الأخ سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر تحية طيبة وبعد، الموضوع: ملاحظات على برنامج عمل الحكومة

إن من المبادئ المعروفة في الأنظمة البرلمانية وجوب أن تحوز الحكومة المشكلة بعد الانتخابات النيابية ثقة المجلس التشريعي كشرط مسبق لاستمرارها، وهذا ما يستوجب عليها ان تقدم الى المجلس التشريعي برنامج عملها من اجل ان يتمكن من دراسته وتقرير مدى منحها الثقة من عدمها على أساسه، والكويت بدستورها الصادر عام 1962 أخذت بالنظام البرلماني النيابي الذي اكتفى بالثقة التي منحها سمو الأمير إلى أعضاء الحكومة وجعلها الأساس الدستوري لأداء الحكومة لأعمالها.

ولقد جبلت الأنظمة الديموقراطية في شتى دول العالم المتحضرة على تحديد خطط عملها المستقبلية وتحديد أهدافها الدقيقة على المدى القريب والبعيد، فالبرنامج الوزاري هو القاعدة التي تنطلق مها الوزارة في أعمالها والتي على أساسها يمكن للمجلس إعمال رقابته بشأنها، فبرنامج عمل الحكومة يعتبر نقطة البدء في العلاقة بين المجلس والحكومة، كما يعتبر الأساس في إمكانية ممارسة المجلس لوسائله الخاصة بقصد مساءلة الحكومة، فالأصل ان البرنامج الذي تتقدم الحكومة هو سياستها العامة في المجالين الداخلي والخارجي بشتى المحاور، وما تقترح تنفيذه على هذين الصعيدين خلال السنوات الأربع المقبلة والتي هي مدة بقائها.

وفي هذا السياق، نصت المادة 98 من الدستور الكويتي على أن:

«تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها الى مجلس الأمة، وللمجلس ان يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج».

بالإضافة لكون المذكرة التفسيرية للمادة ذاتها قد نصت على:

«…والمجلس طبعا يناقش البرنامج جملة وتفصيلا، ثم يضع ملاحظاته مكتوبة، ويبلغها رسميا للحكومة، وهي – كمسؤولة في النهاية أمام المجلس – لا بد أن تحل هذه الملاحظات المكان اللائق بها وبالمجلس المذكور».

نستقي مما سبق الأهمية القصوى لتقديم الحكومة لبرنامج عملها الى مجلس الأمة فور تشكيلها لكي يقوم المجلس بدراسته جملة وتفصيلا ويضع ملاحظاته ويبلغها الحكومة رسميا، وأومأ المشرع الدستوري ان لمجلس الأمة سلطة وضع ملاحظاته بحيث يفرض استهدافاته وشروطه على الحكومة، فقد حث الدستور وألزم الحكومة بالتعهد بتقديم برنامج عمل يعالج المشاكل والاختلالات الهيكلية عقب تشكيلها سواء على الصعيد السياسي او التنموي علاوة على باقي المجالات، وتعهد الحكومة ليس مقترنا فقط بفصل تشريعي جديد إنما يمتد ايضا الى الحكومات التي تشكل خلال الفصل التشريعي.

وانطلاقا من الدافع الوطني والدستوري ومن باب التعاون المأمول ما بين المجلس والحكومة والذي هو سمة العمل البرلماني ما بين السلطتين للنهوض بالأولويات الضرورية ولتحقيق الأهداف المنشودة، فإنه من الواجب علي كممثل للأمة الاستجابة لما قررته المادة 98 من الدستور ومذكرته التفسيرية وأن أبين ملاحظاتي بشكل عام ودقيق على برنامج عمل الحكومة والذي أرى انه جاء بشكل لا يعكس طموح وتطلعات الشعب الكويتي الذي قرر في تاريخ 6/6/2023 تصحيح المسار السياسي والنهوض بالنظام الديموقراطي والبرلماني واستجابة لمضامين وتوصيات خطاب سمو الأمير الذي ألقاه نيابة عنه سمو ولي العهد.

عادة ما يتم وصف برنامج عمل الحكومة بالإنشائي، وهذا الوصف ليس وليد اللحظة إنما جاء بناء على ممارسات الحكومات السابقة بتقديمها لبرامج عمل تكون محط انتقادات واسعة نظرا لكونها لا تحدد أهدافا واضحة بأي شكل من الأشكال، علاوة على عدم تحديدها لمدد واضحة لهذه الأهداف، فالبرامج التنظيمية لا بد أن تتضمن أرقاما وتواريخ محددة لإنجاز ما تنوي الحكومة القيام به ووضع أهداف تنوي الحكومة الوصول إليها وتحديد آلية تحقيقها، ولكن دأبت الحكومة الحالية كحال الحكومات السابقة بأن تقدم برنامج عمل إنشائيا في عمومه وتعتبره في نفسها بمنزلة القراءة العامة غير الموضحة والمفتقرة للمشاريع والمقترحات المتطلبة والضرورية كأولوية واقعية تتطلبها عوامل استدامة الدولة وتوفير المناخ السياسي السليم وبما يحفظ للمواطنين سبل عيشهم الكريم، حيث يجب ان تبين الحكومة أهدافا واضحة في كل قطاع في برنامج عملها وتبين سبل الوصول إليه والأهداف التفصيلية التي ستصل إليها بحلول عام معين.

فبرنامج عمل الحكومة المقدم بتاريخ 16/7/2023 لم يكن برنامج عمل وفقا للأطر الحديثة والمتطلبات الواقعية التي تشغل الشارع والمجتمع الكويتي، فبرامج عمل الحكومات بشكل عام كما أوضحنا سابقا يجب ان يتضمن أهم المشروعات والأولويات السياسية والتنموية والفنية وأن تبين فيه الحكومة أهدافا رقمية دقيقة في كل الأصعدة والمدة الزمنية الواضحة للوصول لهذه الأهداف علاوة على الوسائل المتخذة للوصول إليها، كما انه من الواجب على الحكومة تبيان المسؤولين عن تنفيذ كل بند من البنود الخاصة في البرنامج تبعا لصفاتهم، وانه من الغرابة بمكان ان تضع الحكومة برنامج عملها وفي الوقت نفسه هي تعلم انها لن تكون قادرة على تنفيذه بسبب إفراغ الدولة من القياديين والإشرافيين الذين سيقومون بوضع الآليات والضوابط والخطط لتنفيذ رؤية الحكومة عبر برنامج عملها، مما يستوجب الإسراع نحو سد تلك الشواغر من المناصب القيادية والوظائف الإشرافية بمن يستحق تقلدها ويستوفي شروطها وفق القواعد القانونية والقرارات المتصلة منعا للعراقيل التي من الممكن ان تعطل عمل الحكومة في تنفيذ رؤيتها وأهدافها وفقا لما جاء في برنامج عملها. وتمكينا لمجلس الأمة من ان يجري أعمال رقابة حقيقية على البرنامج الوزاري، ولمقابلة تلك الضمانة المهمة التي فرضها الواقع الدستوري في الكويت لصالح الحكومة، فإنه كان جديرا ان يقدم كل وزير برنامج عمل خاصا بوزارته بصورة مستقلة أمام مجلس الأمة في الجلسة الخاصة بمناقشة برنامج عمل الحكومة من أجل تمكين مجلس الأمة من مناقشته جملة وتفصيلا، فإذا قدر ان برنامج وزارة معينة غير صالح كأساس للعمل او لم يلتزم بتنفيذه وتطبيق ما جاء فيه خلال المدد الزمنية المنصوص عليها كان لعضو مجلس الأمة ان يحرك مسؤوليته السياسية تجاه الوزير المعني بصورة منفردة. إذ انه لا شيء يمنع بعد ان تقدم الحكومة برنامجها ككل ان يتقدم كل وزير ببيان تفصيلي لما ورد في برنامج الحكومة مما يخص وزارته بشرط ألا يخرج هذا البيان عن الخطوط العامة الواردة في برنامج الحكومة، لا بد ان يسند البرنامج برمته لوزير المالية وفريقه ليعرض برامج الوزارات المختلفة على مجلس الأمة، وبمجرد شرح كل وزير لبرنامج عمل وزارته والجهات التابعة له يمكن لمجلس الأمة ان يفرض رقابة حقيقية على هذا العمل الحكومي، كما انه كان من الأجدر بالحكومة ان يتقدم كل وزير على المنصة ليناقش البنود الواردة في البرنامج الحكومي والتي تخص وزارته والجهات التابعة له كل على حدة، إذ يمكن للمجلس ان يقسم البرنامج حسب الموضوعات الواردة فيه، وأن يخص كل وزارة بالجزء الخاص بها، دون ان يؤثر ذلك على الإطار العام للبرنامج كما ورد من الحكومة، ومؤدى ذلك ان يقوم المجلس بمناقشة برنامج عمل الحكومة حسب القضايا الواردة فيه مثل قضية الإسكان والصحة والتعليم والسياسة الخارجية، والشؤون المالية، ولا شك ان هذه المناقشة بشكلها تعني رد الموضوعات الى الجهات التي تعنيها ومناقشتها على هذا الأساس.

ولعلي في كتابي هذا أعالج العوار في برنامج عمل الحكومة على قسمين، القسم الأول سأتناول أهم الأولويات والمشروعات الضرورية التي أغفلتها الحكومة والتي تمثل أهمية قصوى لمجلس الأمة والتي لا يستقيم أن ينصلح حال البلد دون تبني الدولة لهذه الأولويات والتي هي بوابة الإصلاحات في بقية المجالات المختلفة، والتي تمثل بلا شك معيار وضابط التعاون ما بين المجلس والحكومة والاختبار الحقيقي لنجاحهما، أما القسم الثاني فسيتضمن الملاحظات الفنية والشكلية على ما جاء في برنامج عمل الحكومة.

القسم الأول (إضافة محور

الإصلاحات الشاملة):

لقد خلا برنامج عمل الحكومة من عدة ملفات ضرورية وأولويات نرى انه من الواجب إضافتها في البرنامج المقدم للمجلس وأن تتبناها الحكومة، وهي 3 ملفات على النحو الآتي:

الإصلاحات السياسية:

إن الإصلاحات السياسية هي بوابة إصلاح كل الملفات والمشاكل والمجالات، لذلك كان لهذا الإصلاحات حيزا ملموسا في برنامج عمل الحكومة السابق لسنة 2022، ووجود هذا المحور وتبني الحكومة له يعتبر سمة التعاون ومعيار اتفاق الرؤى والتطلعات ما بين المجلس والحكومة، وما يثير الاستغراب وخيبة الأمل عدم تضمين برنامج عمل الحكومة الحالي لمثل هذه الإصلاحات، وهي على النحو الآتي:

1 – تعديل النظام الانتخابي (قانون القوائم النسبية): نظرا لكون القانون الحالي يفتقر لأدنى درجات العدالة وبعيد كل البعد عن التمثيل الديموقراطي الحقيقي، مما كان له أثر سلبي على الاستقرار السياسي والذي لا تزال الأمة تدفع ثمن تعسف السلطة التنفيذية في استعمال حقها بالتشريع في تلك الفترة، ويعد تحديد النظام الانتخابي أحد أهم القرارات للنظم الديموقراطية لما له من تبعات وتداعيات متعددة على مستقبل الحياة السياسية، فلا بد أن تتبنى الدولة نظاما يتسم بالاستمرارية والشمولية، فالأجدر استبدال نمط الانتخاب الحر المباشر المبني على التصويت للأفراد بنظام انتخاب نسبي يكون التصويت فيه للقوائم، والذي بدوره سينقل العملية الانتخابية من مرحلة الفردية في التصورات والأطروحات الى مرحلة العمل الجماعي ويعدل مسار العملية الانتخابية بتوجيه بوصلة تصويت الناخبين الى البرامج والأفكار التي تطرحها القوائم بعيدا عن المعايير والتوجهات الشخصية.

2 – قانون الجماعات السياسية: دلت التجارب القويمة في الدول الديموقراطية العريقة على أن أهم مقومات وضمانات الرأي العام والمعززة لركيزة التداول السلمي للسلطات في النظام الديموقراطي هي حرية تكوين الجماعات السياسية الوطنية للدرجة التي صارت فيها هذه الجماعات قرينة على الديموقراطية، وقد استوعب الآباء المؤسسون هذه الحقيقة عندما تخيروا لنظامهم الديموقراطي ان يأخذ طريقا وسطا بين النظامين البرلماني والرئاسي مع انعطاف أكبر نحو أولهما، ذلك ان الأصل في تشكيل الحكومات في النظم البرلمانية يكون عبر الجماعة المسيطرة او تحالف الجماعات الغالبة في البرلمان، وهذه التي «يخشى ان تجعل من الحكم هدفا لمعركة لا هوادة فيها بين الجماعات، بل وتجعل من هذا الهدف سببا رئيسا للانتماء الى هذه الجماعة او الأخرى، وليس أخطر على سلامة الحكم الديموقراطي، من ان يكون هذا الانحراف أساسا لبناء الجماعات السياسية في الدولة بدلا من البرامج والمبادئ»، كما نصت المذكرة التفسيرية للدستور، ولهذا السبب جعل النظام الدستوري تشكيل مجلس الوزراء بتقدير الأمير يتخير من أعضاء مجلس الأمة (الذين هم أصلا أعضاء جماعاتهم السياسية) ومن غيرهم مع الالتزام بالتقاليد البرلمانية المنوّه عنها.

3 – قانون المفوضية العليا للانتخابات: صدر القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخاب أعضاء مجلس الأمة وأجريت عليه العديد من التعديلات لمواجهة ما استجد من ظروف وأحداث مر بها المجتمع الكويتي وما ظهر في نصوصه من نقص أثبتته التجربة العملية، الأمر الذي اقتضى نسف القانون الحالي، ونظرا لمرور مدة زمنية طويلة على صدور هذا القانون وما استجد من ظروف في المجتمع الكويتي وتطوره وزيادة تطلعاته لمزيد من الديموقراطية والشفافية وتكافؤ الفرص بين المرشحين وحرصا على توفير المزيد من النزاهة الواجب توافرها في إجراءات العملية الانتخابية ليكون اختيار أعضاء مجلس الأمة تعبيرا حقيقيا عن إرادة الشعب الكويتي وانعكاسا لآماله وتطلعاته الوطنية وحرصا من الدولة على هذه التطلعات وتحقيقا لما تصبو إليه الإرادة الشعبية، فكان لا بد ان تتبنى الحكومة تشريع قانون انتخاب جديد يتلافى سلبيات القانون القديم ويضع أحكاما وتنظيمات جديدة لانتخاب أعضاء مجلس الأمة لضمان شفافية ونزاهة العملية الانتخابية.

4 – تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة: لقد مضى على صدور القانون رقم 12 لسنة 1963 في شأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة ما يقارب 60 عاما، وخلال تلك الفترة طرأت العديد من المتغيرات على العمل البرلماني التي أوجبت إعادة النظر في نصوص هذه اللائحة وإجراء التعديلات المناسبة بما يحقق الغاية المنصوص عليها في المادة 117 من الدستور، فقد طرأت على العمل البرلماني العديد من المتغيرات والتي تسببت بالعديد من العوائق والعثرات في طريق الممارسة البرلمانية الحقة وشكلت تعطيلا للدستور وعوارا في استعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية لحقوقهما في المجلس.

5 – الحريات: الكويت كانت منبرا للحرية في الوطن العربي والحامي الأول لها، وأصبحت على النقيض من ذلك، ففي الحقبة السابقة السيئة لمجلس الأمة انبرى المجلس والحكومة الى تقييد حريات الأفراد والجماعات بتشريع قوانين لتكميم الأفواه وتقييد حرية الفرد في التعبير عن رأيه ووضع عقوبات أبدية وتطبيق تعسفي للقوانين، وحرمان المواطنين من حق الانتخاب والترشيح وملاحقة المغردين وأصحاب الرأي، واستعمال القوانين بتقييد أحكام الدستور بشكل تعسفي، فلابد ان يكون لمعالجة هذا الموضوع حيز كبير في برنامج عمل الحكومة الحالي، وليكون هذا المحور كغيره من الإصلاحات السياسية بوابة لتبيان جدية الحكومة وسعيها لتصحيح المسار السياسي ولفتح صفحة بيضاء ناصعة جديدة تكون سمتها التعاون المثمر للنهوض بالوطن وصون كرامة المواطنين.

الإصلاحات القضائية:

– قانون المحكمة الدستورية: أصبح من الواضح والجلي القصور والعوار في قانون إنشاء المحكمة الدستورية الحالي وعدم ملاءمته مع الحداثة التشريعية في الأنظمة المقارنة، واستكمالا للمؤسسات الدستورية التي يقوم عليها نظام الحكم في ضوء الدراسات المقارنة للمحكمة المشابهة في بعض الدول، وبما يتلاءم مع الأوضاع القائمة في الكويت واستهداء بما يحققه القضاء العادل في سبيل حماية الحريات وتأكيدا لسيادة القانون وحماية لإرادة الأمة من العبث والإبطال وصونا لتلك الإرادة من الرغبة الجامحة لهذه المحكمة في فترة من الفترات من بسط نفوذها وصلاحياتها على المراسيم والقوانين التي تمس العملية السياسية والديموقراطية والانتخابية على وجه الخصوص، فإنه من الواجب على الحكومة تبني تعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية والنظر حول تشكيلها واختصاصاتها لتحقيق تلك التطلعات والأهداف الآنف ذكرها.

– قانون تنظيم القضاء: حيث يعاني النظام القضائي في الكويت من إطالة إجراءات التقاضي بفترة من الممكن ان تزيد على 3 أعوام، ناهيك عن استقلال القضاء إداريا وماليا، فأصبح من الواجب ان تعمل الحكومة على تنظيم عمل هذا المرفق وصولا الى تحقيق العدالة الناجزة خلال مدة واضحة.

– قانون مخاصمة القضاء: فإنه لا سلطة بلا مسؤولية، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، فلا يستقيم ان تكون أعمال السلطة القضائية بمنأى عن المساءلة والمخاصمة، إذ لا يتصور وجود سلطة لا يحاسب أعضاؤها عما يرتكبونه من أخطاء بحق الوطن والمواطنين، فلا بد على الحكومة التنادي والحرص على تلافي هذه النقص التشريعي في القانون الكويتي حرصا على الحفاظ على نزاهة القضاء وهيبته.

– قانون إنشاء مجلس الدولة: تفعيلا وتطبيقا لنص المادة 171 من الدستور الكويتي والتي ظلت حتى هذا الوقت معطلة، فقد نصت على إنشاء مجلس الدولة، ولاكتمال الشكل القانوني والتنظيمي للقضاء في الكويت الذي يعتبر من أدعى الأمور وأهمها تحقيقا في واقعنا اليوم، فإن إنشاء مجلس الدولة أصبح ضروريا بأي شكل من الأشكال لاسيما لمواكبة ركب التطور التنظيمي والإداري لمرفق القضاء مقارنة بالأنظمة المشابهة ومنها نظام القضاء الفرنسي، والذي يستقي النظام القضائي الكويتي منه، فمجلس الدولة هو الجهة القضائية التي تختص بوظائف القضاء الإداري والإفتاء وصياغة مشروعات القوانين واللوائح.

– قانون ضم التحقيقات للنيابة: حيث نصت المادة 167 من الدستور على جواز ان يعهد بقانون لجهات الأم ن العام بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء، ووفقا للأوضاع التي يبينها القانون، وقد وضع هذا الاستثناء في الدستور لحل أزمة كان موجودة قبل ما يقارب الـ 60 عاما، أما الآن فإنه لا يجوز بأي صورة أن يكون جهاز بطابع قضائي إدارة تابعة للسلطة التنفيذية، فما خطة عمل الحكومة لإرجاع الأصل وفقا لنص الدستور ومواكبة للأنظمة القضائية والقانونية في العالم؟ وما المدة الموضوعة لذلك؟

الإصلاحات الإدارية:

لا يتصور أن ينفذ أي برنامج عمل طموح في ظل فلسفة العمل الإداري الحكومي الحالي وفي ظل قانون وقرارات ديوان الخدمة المدنية التي عاث عليها الزمن أكثر من 40 عاما والتي تعتبر طاردة للكفاءات والتي لا تقوم على أسس فنية وضوابط ومعايير واضحة في تقييم عمل الأفراد وترقيتهم وأقدميتهم وتعيينهم في الوظائف الإشرافية ومدى إنتاجيتهم، فضلا عن ان معيار الكفاءة في الوضع الحالي قائم على الحضور والانصراف مما يعد هدرا لضمانات الموظف العام في أدائه لأعباء وظيفته، علاوة على ان العالم الحديث انتقل من مدرسة الحضور والانصراف الى مدرسة الإنجاز والابتكار.

إن الإبقاء على قانون الخدمة المدنية بشكله الحالي لن يخدم رؤية وتصور الحكومة في تنفيذ برامج عملها المختلفة وسيعدم اي خطوة إيجابية نحو تحقيق أهداف الحكومة عبر خططها ورؤاها، كما ان عصب برنامج عمل الحكومة هو تنفيذه بالطرق الصحيحة وبما يخدم الرؤية ذاتها وهو ما لن تستطيعه الحكومة في ظل هذا القانون الذي سيعرقلها ولن يخدمها في إنجاز مشاريعها، ناهيك عن انه في ظل التحول الرقمي في العالم وحوكمة القطاعات الحكومية أصبح من الواجب العمل على تجديد منظومة العمل في قطاعات الدولة المختلفة ونقل منظومة الدورة المستندية السلبية في الدولة الى منظومة منتجة وسريعة وفاعلة تواكب ركب التطور والعولمة الحديثة وفق الأطر التكنولوجية المعمول بها في دول المنطقة وتحديد أهداف ومدد زمنية تضعها الحكومة لإنجاز وتنفيذ هذه النهضة في العمل الإداري.

القسم الثاني: الملاحظات الخاصة بمحاور برنامج عمل الحكومة:

إن البرنامج قد تضمن عدة محاور وأبواب اشتملت على مشاريع ورؤى احتوت على العديد من الملاحظات التي لابد أن أطرق سمع الحكومة لها وأن أراعي نظرها تجاهها.

المحور الأول: استقرار المالية العامة:

فقد أفردت الوزارة بابا في البرنامج حول استقرار المالية العامة للدولة ومعالجتها للملف الاقتصادي والذي جاء متسقا مع الواقع وملامسا للحلول الاقتصادية التي من شأنها انتشال الحالة الاقتصادية في الدولة نظرا لكون وزارة المالية هي التي أشرفت على برنامج عمل الحكومة ووضعت رؤيتها فيما يخص محور المالية العامة للدولة فجاء هذا المحور على خلاف بقية المحاور بحلول واضحة مستهدفا استدامة مالية ووضعا اقتصاديا متينا، وقد لاحظنا بعض الملاحظات فيما يخص هذا المحور وهي على النحو التالي:

1 – يجب ان يبين البرنامج الهدف المراد الوصول اليه في كل من بند الإيرادات والمصروفات، كأن تهدف الحكومة للوصول الى حد معين في بند الإيرادات على سبيل المثال او الرقم الذي تهدف له في بند المصروفات وسبل آلية الوصول لهذه الأهداف في نهاية الخطة، مع الأخذ بعين الاعتبار الأهداف السنوية كذلك.

2 – غالبية البرامج والمشاريع المهمة في هذا الباب مرجأة لسنوات مقبلة مثل برنامج إطلاق إطار عام لهيكلة التحول الى ميزانية الأداء والبرامج وربط أسس الصرف بأولويات برنامج عمل الحكومة، فإنه غير معلوم أو محدد تاريخ البدء بإطلاقه وتاريخ إنجازه وتنفيذه، فقد نص في البرامج على انه سيتم في السنة الثالثة ونرى بوجوب إنجازه خلال السنة الأولى لأهميته.

3 – نص البرنامج على إصدار إطار عام لإعادة تسعير أملاك الدولة (في الصفحة 14)، ولما لأملاك الدولة من أهمية قصوى في تعظيم إيرادات الدولة والتي تعتبر مصدرا أساسيا للدخل بعد النفط، وحيث إنها تلامس الحقوق المباشرة للمواطنين وسبل عيشهم، فإننا نرى وجوب تقديمها للسنة الأولى من البرنامج بدلا من السنة الثانية، ونرى ايضا وجوب تبيان ما سوف يعود من ذلك على إيرادات الدولة من حيث الأرقام وما الآلية التي سيتم اتباعها لتحقيق ذلك.

4 – إلغاء البند رقم 8 في الصفحة 14 «تدشين آلية تسعير للخدمات العامة والرسوم».

5 – البند رقم 9 جاء مفتقرا لبيان تفاصيله وآثاره «إصدار إطار عام للضريبة على الشركات»، وكذلك مفتقرا لبيان أسعار السلع وإجراءات الحكومة بما يضمن عدم تحميل المستهلكين تبعة إقرار الضريبة.

6 – حذف البند رقم 10 «إقرار قانون الدين العام» مع تقديم مذكرة تفصيلية للمجلس تتضمن دراسة وافية عن أسباب التوجه للدين العام وضمانات ربطه بمشاريع ذات قيمة اقتصادية مضافة وبيان هذه المشاريع.

المحور الثاني: الأجندة الاقتصادية:

من الواضح ان هذا المحور بما يحتويه من قطاعات جاء متسقا مع السياسة الاقتصادية المنشودة، جاء مفصلا بشكل واضح ودقيق في أغلبه، ووضع أرقاما وأهدافا خلال مدة معينة، بالإضافة الى نوعية المشاريع مثل (صندوق سيادة) الذي جاء بفكرة اقتصادية محمودة من شأنها إصلاح الوضع الاقتصادي في البلد والعمل على تطوير هذا الجانب بما يواكب الحلول الاقتصادية العالمية وبما يرسخ اقتصادا قويا ومتينا تنعم به الدولة ويحقق لها رخاءها واستدامتها.

المحور الثالث: خلق فرص العمل:

في البند الأول تحدث البرنامج عن البديل الاستراتيجي وبين انه يهدف الى تناسب رواتب القطاع العام وفقا لمبدئي الجدارة والإنتاجية، وقد بينا في ملاحظاتنا السابقة بأن قانون الخدمة المدنية هو عصب تنفيذ هذا البرنامج وان تقييم الموظف وفقا لإنتاجيته هو أولى الخطوات الواجب تنفيذها، فما الآلية الموضوعة لهذا البرنامج وما التعديلات المقترحة للوصول لهذا الهدف؟ وفيما يخص قانون الخدمة المدنية ما السبيل للتعامل معه أم انه سيتم استبدال القانون بقانون آخر جديد؟

المحور الرابع: رفاه مستدام ورأس مال بشري قوي:

جاء هذا المحور ليتناول ملفي التعليم والصحة، ولعلي أتطرق بشكل مفصل لأهم الملاحظات التي دونتها على هذين الملفين:

أولا: ملف التعليم:

إن تاريخ التعليم في الكويت منذ نشأة الدولة كان مشرفا، وكانت الكويت رائدة في مجال التعليم، حيث إن التعليم في الكويت كان مضربا للمثل من جودته وقوته في التحصيل والمنهجية، فكانت الدولة تصدر تعليمها للدول المجاورة من مناهج وكتب وقرطاسية وصولا الى نقل التجربة الإدارية الخاصة بالتعليم، ولكن بكل أسف وأسى انحدر التعليم في الكويت بشكل متوال وسريع وغير مسبوق، فأصبح الوضع التعليمي في الكويت منذ وقت طويل لا يلبي طموح أي متعلم أو طالب علم، بل إنه يفتقر لأدنى مقومات الجودة وينحدر بالدولة لأدنى درجات التقييم والتصنيف، ومازالت الدولة تعاني من المشاكل المذكورة فيما يخص التعليم في كل مراحله ومستوياته، ففي الوقت الذي كانت الكويت تستقطب الطلبة من دول المنطقة المبتعثين للدراسة في مدارسها وجامعاتها، أصبحت الآن طاردة وبشكل غير مسبوق لأي ابتعاث في مدارسها وجامعاتها لسوء التعليم فيها، وفي ذات الوقت فقد المجتمع الكويتي ثقته بالتعليم في الكويت فاتجه أولياء الأمور لتعليم أبنائهم في المدارس الخاصة أو ابتعاثهم للدراسة في الجامعات والمدارس الأجنبية في الخارج أملا في تحصيل علمي متين ويلبي الطموح ويخرج أجيالا على قدر كبير من الجودة والتحصيل العلمي، إذ انه لا يتصور أن تتكبد الدولة مصاريف وتكلفة ابتعاث الطلب الكويتي في الخارج ولا تبذل الجهد الكافي والمنشود في معالجة هذا الملف كليا.

سعت الدولة في وقت سابق الى الاستعانة بالبنك الدولي كجهة مستقلة لتشخيص الحالة التعليمية في الكويت وتقييم جودتها ووضع الحلول والاهداف المفترض بها انتشال الدولة من الواقع السيئ للعملية التعليمية، ففي سنة 2020 وضع البنك الدولي تقريره والذي جاء فيه أن مستوى 51% من الطلبة الكويتيين من سن (10 سنوات وأقل) لا يستطيعون فهم نص بسيط علاوة على أن الدراسة ذكرت ان مستوى الطالب المتخرج من الصف الثاني عشر يعادل مستوى خريج الطالب في مرحلة الصف السابع في الدول المحيطة، وجاء في التقرير ان الكويت تنفق على التعليم مثل ما تنفق أفضل دولة في مستوى وجودة التعليم (فنلندا) ولكن المفارقة أن التقرير يؤكد أنه بالنظر الى الإنفاق العالي جدا على التعليم فإن مخرجات الكويت في التعليم ليست كمخرجات فنلندا وهي الأفضل، بل انها كمخرجات دولة أوغندا وهي التي تحمل ترتيب 157 على العالم في مستوى وجودة التعليم، كذلك فإن البنك الدولي في تقريره أكد أن متوسط ما تدفعه الكويت على الطالب هو 4500 دينار كويتي في السنة الواحدة أي بأعلى من 11 ضعفا من متوسط تكلفة الطالب في باقي الدول، والمفارقة هنا أن الدول المحيطة أصبحت تتفوق على بقية دول العالم في مستوى وجودة التعليم، فأقرب الدول للكويت في الخليج العربي تحتل المركز الرابع والمركز العاشر والمركز 33 على العالم في مستوى وجودة التعليم، في حين ان الكويت التي كانت رائدة في هذا المجال أصبحت في المركز 97 على العالم في مستوى وجودة التعليم.

لعلي هنا أؤكد أن السبب الرئيسي لسوء التعليم هو عدم الاستقرار السياسي في الكويت، وعدم الاستقرار السياسي سيولد إفساد التعليم كأول ضحية، فالكويت تنقصها الادارة والإرادة بعيدا عن الصراعات السياسية بين الاقطاب التجارية والسياسية، فلا يتصور أن يتولى وزارة التربية والتعليم 10 وزراء خلال 10 سنوات باختلاف الرؤى والخطط بين كل وزير جديد يتولى الوزارة. ولابد هنا أن أبين أنه من غير المنطقي أن تدار العملية التعليمية بشكلها الحالي من خلال:

1 – وزارة التعليم: برئاسة وزير التعليم.

2 – المجلس الأعلى للتعليم: برئاسة وزير التعليم.

3 – المركز الوطني لتطوير التعليم: برئاسة وزير التعليم.

إن وزير التعليم في الوضع الحالي هو من يرأس وزارة التعليم ويشرف على جميع الأعمال الادارية والفنية لوزارته، وفي نفس الوقت هو من يترأس المجلس الأعلى للتعليم المعني بوضع السياسات العامة للتعليم واعتماد المناهج واعتماد الخطط الرئيسة.

وتقوم وزارة التعليم بتنفيذها برئاسة ذات الوزير، والمركز الوطني لتطوير التعليم وهو الذي يقيم أداء الوزارة في تنفيذ هذه الخطط برئاسة وزير التعليم ذاته، فمن غير المقبول ولا المنطقي أن يترأس وزير التعليم كل هذه المناصب وهو من يشرف ويخطط ويقيم ويحاسب (هو الخصم وهو الحكم). هذا التشابك والتناقض في هذه الجهات الثلاث هو أساس تعطيل تنمية التعليم والارتقاء بالمنظومة التعليمية في الكويت، ولا مناص لنا لكي ننشد تعليما أفضل وجودة قويمة في التعليم إلا بفك هذا التشابك والتناقض في هذه الجهات، فيفترض أن تكون تبعية المجلس الأعلى للتعليم لمجلس الوزراء برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء، ووزارة التعليم برئاسة وزير التعليم، والمركز الوطني لتطوير التعليم المعني بالمراقبة الحثيثة يكون برئاسة جهة مستقلة تابعة لمجلس الوزراء. إنه بانفصال هذه الجهات الثلاث عن بعضها نكون بذلك قد وفرنا العقول الاكاديمية والتعليمية والاموال والقدرة على اتخاذ القرار دون تدخل وإعطاء الصلاحيات والثقة الكاملة لتلك الأجهزة، عندها سنكون أمام تعليم متطور بشكل متسارع. فالكويت لا تنقصها الخطط والأموال والرؤية والعقول والقدرة بقدر ما تنقصها القيادة الحقة والحصيفة، فالتعليم اليوم استثمار وأمن وطني استراتيجي ورؤية مستقبلية لصنع قادة الغد ورافد كبير لإصلاح المنظومة التعليمية المبتغاة والنهوض بالتعليم في ضوء أولويات العمل التربوي والتعليمي.

أما فيما يخص بعض الملاحظات الأخرى التي تخص هذا المحور والتي وردت في برنامج عمل الحكومة، فمن الواجب إعادة النظر في ملف التعليم بشكل كامل ووفقا لما يلي:

1 – مدارس الأفق الواردة في برنامج عمل الحكومة فشلت في عدد من الدول منها قطر وكندا والسويد وأميركا وبريطانيا، ولعل ما أجراه المركز الوطني لإحصاءات التعليم في الولايات المتحدة من دراسة معمقة انتهت الى أن المدارس المستقلة كانت أسوأ بكثير من المدارس الحكومية، وكذا في التجربة القطرية والتي بدأت في عام 2001 فقد صدر قانون في عام 2017 بشأن تنظيم المدارس، حيث يقضي بإيقاف هذا النوع من المدارس بعد محاولات إدارية ومالية مستمرة والتي باءت في نهاية المطاف بفشل التجربة.

2 – تفسير آليات ومنطق تضمين البرنامج فتح دراسات عليا في جامعة عبدالله السالم التي بنفس الوقت عجزت الحكومة حتى الآن عن تشغيلها عوضا عن قدرتها على فتح الدراسة فيها لأقل درجة في التعليم العالي وهي درجة البكالوريوس، كما ان المجلس التأسيسي فيها يحتاج الى إعادة نظر.

3 – ان برنامج عمل الحكومة يتناقض مع إعلان وزارة التربية بشأن موضوع «الاختبارات الوطنية» حيث يشير الى أن الاختبارات الوطنية خلال 3 سنوات، بينما بيان وزارة التربية يعلن أن الاختبارات ستكون السنة المقبلة.

4 – وفيما يخص رخصة المعلم، فما الآلية التي سيتم فيها تطبيق رخصة المعلم وما النتائج المتوقعة بعد تطبيقها؟ وبوجود كليات خاصة لتخريج المعلمين، ما الحكمة من ألا تكون اختبارات رخصة المعلم جزءا أساسيا في تخريج المعلمين في هذه الكليات؟

5 – فيما يخص البعثات السنوية والتخصصات المختلفة، فإن البرنامج لم يتطرق الى حل مشكلة الابتعاث السنوية ووضع الاستراتيجيات الخاصة بكل سنة مدعمة بالفئات والأعداد، كذلك البرنامج لم يعالج ظاهرة ارتفاع أعداد خريجي التخصصات غير المرغوب بها في سوق العمل وترغيب الأفراد في التخصصات الأشد حاجة وفقا للسوق ولخدمة هذا البرنامج وفقا لمدة زمنية ومعلومات محددة.

ثانيا: ملف الصحة:

وأما في برنامج الرعاية الصحية المتقدمة، فقد لاحظت عدة ملاحظات أبينها بالآتي:

1 – في البند 31 في الصفحة 49 ترى الحكومة بـ «استقطاب 50 من الخبرات التخصصية العالمية والاطباء الزائرين في المجالات الجراحية والتخصصات النادرة بشكل سنوي، مع التركيز علي الحالات الطبية التي يكثر الابتعاث للعلاج بالخارج لها»، نرى أن ذلك لن يساهم في حل مشكلة العلاج بالخارج، وهي الحالات التي تحتاج الى مراجعات مستمرة خلال فترة العلاجات، بل من الممكن أن تحتاج الى أكثر من عملية، فزيارة الاطباء المؤقتة لن تساهم في حل الاشكالية، بل يجب أن تضع الحكومة خطتها لرفع المستوى الطبي بجلب مستشفيات على مستوى عال ووضع خطة لتشغيل المستشفيات الحديثة، وحل المشاكل الادارية في المستشفيات، ووضع جدول وتسلسل زمني وفق أهداف ورؤى تتحقق بشكل متوال، علاوة على حل مشكلة هجرة الاطباء من المستشفيات الحكومية للمستشفيات الخاصة.

2 – وفي البند رقم 40 فإنه من الواجب على الوزارة وضع خطة لإلغاء الابتعاث للعلاج بالخارج وليس محاولة إيقاف الهدر المالي بإقرار لوائح جديدة.

المحور الخامس: حكومة منتجة:

جاء هذا المحور ليبين كيفية تحويل الخدمات الحكومية الى خدمات رقمية بشكل تدريجي، وسجلت عدة ملاحظات على هذا المحور وفقا للآتي: إن الإبقاء على قانون الخدمة المدنية بشكله الحالي لن يخدم رؤية وتصور الحكومة في تنفيذ برامج عملها المختلفة، وسيعدم أي خطوة إيجابية نحو تحقيق أهداف الحكومة عبر خططها ورؤاها. كما أن عصب برنامج عمل الحكومة هو تنفيذه بالطرق الصحيحة وبما يخدم الرؤية ذاتها، وهو ما لن تستطيعه الحكومة في ظل هذا القانون الذي سيعرقلها ولن يخدمها في إنجاز مشاريعها، ناهيك عن أنه في ظل التحول الرقمي في العالم وحوكمة القطاعات الحكومية أصبح من الواجب العمل على تجديد منظومة العمل في قطاعات الدولة المختلفة ونقل منظومة الدورة المستندية السلبية في الدولة الى منظومة منتجة وسريعة وفاعلة تواكب ركب التطور والعولمة الحديثة وفق الاطر التكنولوجية المعمول بها في دول المنطقة وتحديد أهداف ومدد زمنية تضعها الحكومة لإنجاز وتنفي هذه النهضة في العمل الاداري.

الخاتمة

ختاما، فإنه تحقيقا للمصلحة العامة والتي تعتبر هي الهدف الأسمى في تحديد العلاقة ما بين السلطتين، وإيمانا بالدور المشترك ما بين مجلس الأمة والحكومة كأمناء على دستور الدولة وقوانيها، وبالذود عن حريات الأمة ومصالحها وأموالها، وإنجاحا للتجربة الديموقراطية وبما يحقق مصلحة الوطن، وتأكيدا لما أبديناه من ملاحظات بناءة في الجلسة الخاصة بمناقشة برنامج عمل الحكومة، وأملا في أن تقرن الأقوال بالأفعال، وسعيا الى تعديل برنامج عمل الحكومة بما يتوافق مع تطلعات ومتطلبات الواقع اليوم، فإنني بكتابي هذا أرفع لواء التكاتف والمصير المشترك ومد يد التعاون مع الحكومة، وهو ما أصبو وأهدف إليه كممثل للأمة في سبيل تحقيق الإنجازات المشتركة والتي تخدم الشعب الكويتي وتحقق آماله وتطلعاته وتنتشل الحالة السياسية السيئة الى حالة من الاستقرار والتعاون البناء، وفق أطر الاحترام المتبادل والنقد البناء، وحرصا على تكريس العمل السياسي القويم المبني على أسس التعاون والاتفاق بما يحقق الغاية الأسمى وهي الارتقاء بكل ما من شأنه ازدهار البلد ورفعته.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*