الرئيسية / كتاب وآراء / ما معنى أن تكون قارئا ؟ بقلم | فوزية البدواوي

ما معنى أن تكون قارئا ؟ بقلم | فوزية البدواوي

هذا يعني أن تُصاحب الكتب دون الناس, أن تحنّ للأوراق دون البشر, أن يرنّ منبّه هاتفك لا ليعلن أن يوما جديدا قد بدأ ولكن ليُعلن أن هناك كتابا جديدا ينتظرك على المنضدة. أن تعيش شغف القراءة هذا يعني أن تعيش حياتك وحياة شخص آخر قد نسف تجربته في كتاب. هذا يعني أن تحمل عقلا آخر بين يديك. تضمّه وتشعر بنعومة أوراقه وإن لم تكنّ كذلك.
هل سبق وإن سمعت بذاك العطر الذي اخترعه صاحبه من رائحة الورق؟ أو ربما من شيء آخر له رائحة شبيهة بالورق … لا … ربما لا أظن أن هناك شيء آخر غير الورق يحمل هذه الرائحة. رائحة الورق لكتاب جديد بالنسبة للقارئ كرائحة الخبز في صباح شتوي بارد , ورائحة الورق لكتاب قديم كرائحة البطانيات القديمة المغبّرة. الكتب لا توفّر كمّا من المعلومات وحسب. إنها مصدر للدفء. مصدر للأمل. مصدر لأن تبدأ مع كل كتاب منهم حياة جديدة. معنى أن تكون قارئا هي أن يمتلأ ذهنك بالأفكار والمعلومات القيّمة , والأكثر من هذا هي أن تعرف متى تستطيع استخدام هذه المعلومات دون أن تتقيأها دفعة واحدة؛ حتى لا تكون شخصا مملا وفيلسوفا فاشلا. أن تكون قارئا هذا يعني أن تختار مكتبتك قبل اختيارك لبقية أثاث منزلك. أن تسقي عقلك قبل أن تشرع لسقي شتلات منزلك , أن تستغني عن هاتفك. عن مشاهدة برامجك المفضلة وأحدث أفلام السينما من أجل الاختلاء مع كتاب. أن تتخلى عن ثمن وجبة دسمة وتكتفي برغيف خبز حتى تشتري بثمن الوجبة كتابا نافعا. فالقراءة قد وُجدت لأولئك الذين لم يكتفوا بحياة واحدة .

بقلم | فوزية البدواوي

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*