الرئيسية / أقسام أخرى / فن وثقافة / «ديفيليه» سمير غانم لعروض الأزياء والاكسسوار: «باروكة» وقميص «مشجر» ونظارة متعددة الاستخدامات

«ديفيليه» سمير غانم لعروض الأزياء والاكسسوار: «باروكة» وقميص «مشجر» ونظارة متعددة الاستخدامات

في منتصف نوفمبر عام 1937، كنا على موعد مع ميلاد أحد علامات الكوميديا في مصر، وربما العالم العربي كله. سمير غانم، هذا الفنان الذي استطاع بموهبته أن يصنع لنفسه مكانة خاصة بين عمالقة الكوميديا في عصور مختلفة، منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا.

حاول سمير غانم خلال مسيرته الفنية أن يبتكر لنفسه أسلوبًا خاصًا في الكوميديا، لا بمجرد نكتة أو «أفيه» يُليقه على جماهيره ومتابعيه، لكنه أعتمد بشكلٍ كبير على كوميديا الجسد، من خلال حركات تلقائية تميزه بالأخص، ولم يكتف بذلك بل ضم إليها أسلوبًا ربما أكتسبه من نجوم الكوميديا الأوائل في العالم أمثال شارلي شابلن ولورين وهاردي، فيما يخص المظهر والملابس واكسسورات الدور، ليضيف لمسته الخاصة التي لم يتمكن أحد حتى الآن من تقليدها واستنساخ عينة منها، لاعتبارها ماركة مسجلة باسم «غانم».

يرتدي ملابس لا تراها ولا تتصور أنها ستليق إلا بـ سمير غانم، حتى نظارته بات يُغيرها كما لو كان يُغير قميصًا كل ليلة، لتكون علامة أخرى مميزة في أدواره وشخصيته، بأشكالها المختلفة وألوانها المتعددة، لدرجة أنه كان يستخدمها في بعض أعماله باعتبارها أحد أدوات الكوميديا على المسرح والشاشة، بألوان وأحجام وإمكانيات غير مألوفة، كأن يخرج منها الماء مثلاً.

كذلك باروكة سمير غانم التي ربما يظن كثيرين من أبناء الأجيال الحديثة أنها ليست مستعارة، بل هيئته فعلا، لولا أفلام شبابه ومراحله الأولى التي ظهر فيها بالصلعة. حتى هذه أجاد استخدامها لتكون أحد أدواته الخاصة لإضحاك الجماهير، بتسريحات فريدة، وأشكال مختلفة تناسب الدور وتناسب طموحاته الكوميدية في جذب انتباه المشاهدين.

من هنا، كان علينا التوقف عند هذه التفاصيل الدقيقة في كوميديا سمير غانم، التي لم تكن لفظيّة فقط، بل حركية وتعبيرية أيضًا، لفنان يجيد استخدام كل الأدوات للتخديم على نُكتته، حتى صارت علامة من علاماته، تنتظرها في كلِّ عملٍ جديد يقدمه.

ملابسه، نظاراته، باروكته، كلها أدوات تستحق الرصد في مشوار هذا الفنان، وإن جاز التعبير، من الممكن أن نعتبره «ديفيليه» مُتحرك، تصلُح اكسسوراته يومًا لأن تُجمع في مكانٍ واحد يستقبل مُعجبيه من كل مكان ليشاهدوا محتوياته، ويتذكروا معها أدواره المختلفة.

«قمصان سمير»

القميص

نادرًا ما ترها على أجساد أي مواطن عادي في الشارع، هي ماركة سمير غانم وكفى، ربما تجد منها مثلاً في أسواق الحسين بين الزي الخليجي، أو في محاولة للترويج للسياحة في الأقصر وأسوان، لكن بشكلٍ عام لن تشاهدها إلا نادرًا.

تطريز من نوعٍ خاص امتازت به قمصان غانم طوال مشواره الفني، أو تحديدًا منذ السبعينيات، بعد تفكك فرقة ثلاثي أضواء المسرح، ليصبح سمير بعدها نجم شباك.

تشبه في شكلها وقصتها العبايات الخليجي، بنقوشها الذهبية والفضية، وغيرها من الألوان. بعضها بفتحة صدر كبيرة، وأخرى بأزرار أو «كباسين».

قميص سمير غانم من النادر أن تراه «سادة»، ربما مستحيل، حتى لو كانت تفصيلته عادية لزم وجود بعض التطريزات اللامعة على الجيب أو الياقة والأكتاف، حتى الأزرار تراها بنفس الروح السالف ذكرها.

هناك نوع آخر من قمصان غانم متعدد الألوان والنقوش، يشبه في بعض الأحيان ملابس المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم، فضفاضة إلى حد كبير، وتحمل ألوان لا حصر لها، أو أشكالا غير مفهومة من بعيد، تبدو وكأنها وردات منثورة في كل مكان.

«بِدل سمير»

البدلة

اثناء تواجده ضمن أعضاء فرقة ثلاثي أضواء المسرح كانوا يتعمدون اختيار بزَّات موحدة في الشكل، تبدو وكأنها لفرقة استعراضية من طرازٍ خاص. ظهروا بها في أغلب مونولوجاتهم واسكتشاتهم الغنائية تحديدًا.

لم يتوقف سمير عند حدود الفرقة في اختيار شكل فريد للبدلة، بل استمر على هذا الحال فيما بعد عندما أصبح نجمًا له وهجه الخاص ومكانته الفنية، ليظهر في أعمال مختلفة ببدل لها طراز خاص، بين ألوان متعددة، ونقوش مختلفة، حتى أن بدلته التي ظهر بها في مسرحية «المتزوجون»، التي كانت عبارة عن قميص وبنطلون موحدا اللون «الأسود» المحددة بإطارٍ أبيض -كانت موضة وقتها- ظل محتفظًا بها بعد ذلك حتى مع انتهاء هذه الموضة، ليظهر بها في أعمال أخرى، وحتى في بعض لقاءاته التلفزيونية، وكذلك حياته الخاصة في بعض السهرات والحفلات.

لا ننكر أنه كان أنيقًا أيضًا في اختياراته، خاصة بالبدلة البيضاء التي ظهر بها أكثر من مرة، تحتها قميص أسود وكرافات أبيض –في الغالب- لتكون رفيقة مشواره الفني، ليظهر بها في أعمال مثل «فوازير فطوطة»، وعدد من السهرات مع النجوم، وأحيانًا كان يستبدل البنطال الأبيض بآخر أسود، كما ظهر بها في مسرحية «أخويا هايص وأنا لايص» بشخصية الثري.

مع تقدم العُمر، اختلفت بدلة سمير غانم بعض الشيء، لتحمل في بعض مواضعها جانبًا من روح قمصانه بتطريزاتها اللامعة، وأخرى بجاكيت طويل نسبيًا يقترب من ركبتيه، واسع إلى حد ما، وباللون الرمادي بدرجاته في الغالب.

«نظارات سمير»

نظارات

ظهر غانم في بداية مشواره الفني بنظارة نظر لا تُفارقه في أي دور من أدواره، حتى صارت ملمحًا أساسيًا في وجه الشاب عضو فرقة ثلاثي أضواء المسرح، لكن ومع أضواء النجوميّة الخاصة في مطلع السبعينيات، استغنى سمير عن نظارته تمامًا، وتغيّرت ملامح الشاب بشكلٍ كبير. شنب عريض في وجهه، وشعر مستعار مصفف على جانب واحد، وسوالف عريضة تليق مع موضة المرحلة.

لم تكن هذه المرحلة هي آخر علاقة سمير بالنظارات، لتبدأ في ظهورها معه مرة أخرى بحجمٍ كبير في أعماله، وربما في البداية لم يكن غانم يجيد استخدامها كأداة كوميدية تلفت الانتباه، لكن مع الوقت بدأ يتعامل معها كنكتة تُضحك الجماهير، بألوان وأشكال مختلفة، وإمكانيات متعددة، كأن يخرج منها الماء، أو ترافقها مروحة تتحرك في أثناء العرض لتستدعي ضحكات المتفرجين.

في السنوات الأخيرة، ارتفع معدل التنويع، لترافق وجهه بأشكال جديدة حتى في حياته الخاصة، وأثناء لقاءاته التلفزيونية، تجمع بين النظر وألوان النظارات الشمسية، ولا مانع من وجود بعض الاكسسورات الفضية والذهبية على أجنابها لتبدو أقرب لطبائع قمصانه.

«باروكة سمير»

تسريحات شعر

لا أحد يعرف في أي وقت بدأ عهد سمير غانم مع الشعر المستعار، لكن على الأرجح كان ذلك بعد وفاة الضيف أحمد وتفكك الفرقة، ليظهر بها على المسرح في مسرحيات مثل «موسيقى في الحي الشرقي» و«جوليو وروميت»، وأفلام مثل «صغيرة على الحب».

كانت في البداية «باروكة» لتزيين ملامحه، وتحويله من بطل عادي، لآخر من الممكن أن يلعب دور «جان» ونجم شباك، ملتزمًا في البداية بتسريحة على جانب واحد كما حال موضة السبعينيات.

تدريجيًا، بدأ سمير يتخذ من «الباروكة» أداة أخرى للتخديم على أدواره على اختلافها، كوميدية أو غيرها، فتارة تجده يصففها للوراء، وأخرى بفارق من النصف، وثالثة للأمام كالطفل لأداء دور أبله كما هو حاله في مسرحية «أخويا هايص وأنا لايص» بشخصية الأخ المُختل الفقير.

في السنوات الأخيرة، بدأ سمير في الظهور أمام الجمهور خاصة في البرامج وبعض الأعمال مثل مسلسل «شربات لوز» بشعر مستعار باللون الأبيض، حتى ظن البعض أنه فعلها لتناسب المرحلة العمرية، لكن عودته أحيانًا للـ«باروكة» السوداء أغلق باب التخمين، وترك باب التنويع لمجرد التنويع مفتوحًا، كهعده دائمًا.

12326010_10208308926623821_935218696_o

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*