الرئيسية / محليات / الشيخ فيصل المالك : شبابنا طاقتنا مستقبلنا كي لا نفقد حيوية مجتمعاتنا

الشيخ فيصل المالك : شبابنا طاقتنا مستقبلنا كي لا نفقد حيوية مجتمعاتنا


تقاس حيوية المجتمعات بالنسب العمرية فيها ، ففي الوقت الذي تتسع شريحة الشباب يجري الحديث عن مجتمعات فتية قادرة على البناء وتحسين ظروف الحياة ، وفي انحسار هذه الشريحة تشيخ التجمعات البشرية ويبدأ البحث عن حلول لاحداث توازنات .
في شرق الكوكب وغربه رصيد وافر من التجارب لتصويب اختلالات المعادلة ، بدء من تشجيع العائلات على الانجاب ومرورا بفتح الباب امام الهجرات من البلدان النامية ، لا سيما وان البلدان المستقبلة للمهاجرين تتوفر على ظروف حياة افضل من البلدان الطاردة للشباب  
جرت العادة ان تركز الدول المستقبلة للمهاجرين الشباب على المتعلمين منهم واصحاب الكفاءات لسهولة ادماجهم في المجتعات والاستفادة من خبراتهم في شتى المجالات .
ووفق هذه الآلية تكون طرف مستقبل واخر طارد للكفاءات الشبابية المعول عليها في التنمية والبناء، بحيث يستطيع القادر على الاستقطاب الخروج من ازماته ، مقابل تفاقم ازمات  الطرف الطارد للفئات العمرية القادرة على الابداع والعمل .
في السنوات التي اعقبت احداث 11 ايلول تكونت معادلة جديدة ، جرى تحول في نظرة الدول المستقبلة للمهاجرين الشباب القادمين من البلاد العربية والاسلامية ، و اصبحت هذه الطاقات الشابة من وجهة نظر حكومات البلدان المستقبلة قوة دمار، يتم تخصيص الموارد وتجييش عناصر الامن وابتكار الوسائل الانجح للحد من خطرها  .
احداث ما بعد تدمير برجي التجارة في مانهاتن لم تكن عنصر التنبيه الوحيد لهذه الدول التي تتابع كل شاردة وواردة في هذا العالم للحفاظ على رفاهية وامن شعوبها ، فمن احداث منطقتنا التقطت ما يكفي من الشواهد على صحة استنتاجاتها، وفي المحصلة صار للشاب العربي الراغب بالاندماج في حياة تلك المجتمعات صورة الباحث عن الموت من اجل الحاق الاذى بالاخرين او العمالة الرثة التي تركب سفن الموت بحثا عن الامن في عالم اخر .
وبقدر ما افسد شذوذ فعل الارهاب الحياة في مجتمعاتنا ، وشوه صورة العرب والمسلمين امام الاخر ، حرمنا من نعمة التفاعل مع الحضارات المعاصرة ، والاستفادة من نتاجاتها وانجازاتها .
تفرض علينا هذه المنعطفات البحث عن تفكير مختلف، يتيح لنا الخروج من دائرة ندب الحظوظ العاثرة، ببناء شباب سوي يوفر ضمانات الامن والاستقرار والتنمية والبناء لمجتمعه ، ويجعلنا اكثر تصالحا مع انفسنا ومجتمعاتنا ومستقبلنا واجيالنا .
ندرك اننا نبدأ متاخرين بعد ضياع ما يزيد من العقدين في دوامات العنف والعنف المضاد ، فقدان ظروف ومقومات التنمية ، وتنامي ثقافة الخراب و العدم بين  ابنائنا ، ونعلم ان الطريق طويل امامنا ، لكن ان نصل متاخرين افضل من ان لا نصل .
الزمن لا يتوقف ، ولا ينتظر المتباطئين ،  لا يرحم العاجزين عن قراءة ازماتهم ، ولا مجال امامنا سوى التقاط زمام المبادرة بفعل تنويري ، يعيد الاعتبار لقيم التسامح في ديننا ، وثقافات من سبقونا ، يعلي من شان العلم في نفوس الاجيال  الشابة باعتباره طريقا للنهوض من كبوات متلاحقة ، يبعد ابناءنا عن الآفات الفكرية التي تحولهم الى قوة تدميرية، ويدفعهم الى ميادين  الابداع والعمل ، مثل هذا الفعل لا تقوم به الحكومات وحدها ولا تستطيع النخب انجازه بمعزل عن رعاية الدول، الجميع مطالب بالتفكير ، والادلاء بدلوه ، وعلى الله الاتكال .

بقلم : فيصل الحمود المالك الصباح 

 

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*