الرئيسية / كتاب وآراء / صالح المزيد يكتب – فرعون غَرق .. والفراعنة أحياء يُرزقون!

صالح المزيد يكتب – فرعون غَرق .. والفراعنة أحياء يُرزقون!

أكثر قصة ذُكرت في القرآن الكريم هي قصة فرعون مع النبي موسى عليه السلام، ولم يكن هذا لفراغ بل لحكمة ربانية بالغة وهي بيان أثر الطغيان والإستبداد على الحياة والإنسان وما هو مصيرهُ في نهاية المطاف!، فرعون علا واستكبر وطغى!، فكان معهُ هامان بمثابة رئيس الوزراء وقارون بمثابة الطبقة التجارية البرجوازية التي تتحالف مع السلطة الظالمة لتحقيق منافعها المصلحية ظلماً وجورا، وملأ فرعون هُم بمثابة القوم الذي يعبدون الطغاة والظلمه !

توقف معيّ لحظة!، قد مات فرعون بالغرق! لكن هل ماتت الفراعنة!؟، أما نشاهد في زماننا هذا فراعنة جدد؟، نعم فرعون غَرق .. والفراعنة أحياء يُرزقون!، كل حاكم وسلطان نهجه كنهج فرعون الغريق، فهو إذاً فرعون لاشك في ذلك ابداً!

كم هم كُثر الحُكام الذين حكموا المسلمين بنهج فرعونيّ على مر الزمان الإسلاميّ!، فعينوا حكومة هامانية! وتحالفوا مع التجار القارونية! ولهم قوم يمشون خلفهم كملأ فرعون!

الله سبحانه وتعالى ارسل الأنبياء لتخرج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ﷻ، فإن تم ذلك فاز وظفر العباد، وإن عاندوا ورضوا بعبادة العباد كالحُكام الفراعنة لا مناص إلا أن يأتيهم الطوفان!، لذا حينما اصر فوعون وقومه على الطغيان والإستبداد واستعباد الناس وانكروا واستهزئوا بدعوة النبي موسى عليه السلام للحرية من الإستبعاد والطغيان الى عبادة الرحمن ﷻ أتاهم الطوفان!
ولذلك حينما دعا موسى عليه السلام فرعون وقومه فقالوا كيف نؤمن بك وقومُك يا موسى لنا عابدون خاضعون، قال تعالى:﴿فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ﴾
هذا مصير كل حاكم فرعونيّ!، وهذا مصير كل قوم عبدوا وخضعوا للفراعنه !

أن رستم قائد جيش الفرس حينما سأل ربعيّ بن عامر رضي الله عنه في معركة القادسية لفتح فارس وقال ماذا تريدون وما دعوتكم فقال له ابن عامر’ نحن قومٌ ابتعثا الله لنخرج العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد، ومن جور الأيادن الى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا الى سعة الآخرة’، نعم .. ان الله لا يرضى ان يعيش الإنسان خاضعاً للفراعنة وان يعبدهم ويتبع اقوالهم ويصفق لأفعالهم الظالمه!

ولكن الله رحيم وصبور سبحانه، فدعا اللهﷻ موسى وهارون عليهما السلام للذهاب لفرعون فقال تعالى:﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ فقد أمرهما ان يذهبا اليهِ ويدعونهُ بالين وبالتي هي احسن ليرجع الى رشده ويكف ان استعباد الناس وخضوعهم له، فرفض واستعلى! فدعاه النبي موسى عليه السلام للتحدي ليكشفهُ أمام الملأ فأختار موسى عليه السلام يوم الزينة الذي يجمع الناس واختار وقت الضحى حتى يكشفهُ للجميع تحت ضوء الشمس !

وإنغلب فوعون مدحوراً لكنه تكبر أكثر وطغى! ولم يؤمن من قوم فرعون بموسى عليه السلام إلا قليل، بعدها أتى أمر الله فحلَ الغضب وقال تعالى: ﴿إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ وقال الجبار القويّ سبحانه:﴿وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى﴾ انهُ غضب المنتقم سبحانه الذي لا يقبل للإنسان ان يخضع للأغلال ولا يتجرد من الطغيان ويعبد الفراعنة الجبارة، لا يرضى الله الا الحرية للإنسان التامة بأن يعبد خالقهُ وحده جلّ في علاه!

فإنظروا لزماننا وعالمنا الإسلاميّ، كم حاكِم كفرعون؟، وكم هي الشعوب كقوم فرعون؟!
فقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾

إني اخشى إذا استمرت هذهِ الشعوب بالإستكانة لعبادة الحُكام الظلمة ولم تواجه الطغيان وتحرر نفسها لتعبد الله وحدهُ لا شريك له وترفض الظُلم وتُقيم العدل وتضحي في سبيل ذلك وتجاهد أن يأتيها الطوفان! … فتغرق !
فإما العدل والحرية وإما الظُلم والطوفان!

أن فرعون غَرق!، والفراعنة أحياء يرزقون!

بقلم/ صالح المزيد

عن Alhakea Editor

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*