الرئيسية / أقسام أخرى / مجتمع / ختام جلسات ملتقى مجلة العربي ، سهام الفريح: ما يحدث في المنطقة صراع مصالح لا صراع أديان

ختام جلسات ملتقى مجلة العربي ، سهام الفريح: ما يحدث في المنطقة صراع مصالح لا صراع أديان

اختتم ملتقى مجلة العربي أعماله بجلسة ثقافة التسامح والسلام بين التراث والتجديد، أدارها رئيس تحرير المجلة د.عادل العبد الجادر، وتحدث فيها كل من د. سهام الفريح ود.أحمد السيد النجار ود.الزواوي بغورة.
تحدثت د.سهام الفريح عن النزعة الإنسانية في الحضارة العربية وما يحمله الموروث العربي والإسلامي من قيم إنسانية أبرزها التسامح والسلام، وقبول الآخر.
كما تطرقت إلى شهادات الغربيين أنفسهم ومنهم غوستاف لوبون ودي بور وآدم متز، الذين قدموا رؤية منصفة، في مقابل من قدموا رؤية مشوهة مثل برنارد لويس والذي أكد على حتمية الصدام ما بين الحضارة الإسلامية والغربية، وعجز الإسلام عن زرع قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وتطبيق قيم الحداثة. وقامت الفريح بتفنيد معظم أقواله.
ورأت أن ما يجري حاليا ليس صراع أديان ولا حضارات بل صراع مصالح تؤجج الحروب الشرسة في المنطقة.
واختتمت الفريح ورقتها بالتأكيد أنه لا نهضة للعالم العربي من دون التركيز على ميادين التربية والتعليم بما يتماشى مع مستجدات الحياة الحديثة، والقضاء على الجهل والفقر وظلم الأقوياء للضعفاء.
أما د.أحمد السيد النجار فتناول في ورقته التسامح والسلام: دور المؤسسات والأهمية الحاكمة للتنمية والعدالة والتعويض، أشار فيها إلى أن قيمة التسامح ترتبط بغفران خطايا وجرائم الآخر.
واعتبر أن احترام الحريات وحقوق الإنسان والمشاركة الاقتصادية والسياسية والعدالة الاجتماعية، هي عوامل أساسية في بناء التراضي الاجتماعي الذي يتطلب أيضا الاعتراف بالجرائم والتعويض عنها للدول والأطراف التي تعرضت لمعاناة.
واستشهد بأمثلة العديد من المذابح منها ما تعرض له المسلمون في بروما وفي إفريقيا الوسطى، والمذابح المتبادلة بين الأرمن والأذريين، وما حدث للعرب في إسبانيا، وللشعب الفلسطيني، وكذلك بفظائع الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها قرابة 60 مليون إنسان!
وإلى جانب الحروب وعمليات الإبادة والتطهير العرقي، تعاني مجتمعات كثيرة من الظلم الاجتماعي والفساد والتفاوت الهائل بين الطبقات.
ودعا إلى آليات لجعل التسامح واقعا وليس مجرد شعارات منها دفع تعويضات للمتضررين من هذه الصراعات، واستشهد بدفع ألمانيا لدفع تعويضات لليهود من ضحايا النازية، وتجاهل ملايين آخرين تضرروا في الصراعات ذاتها!
كما دعا إلى تعويض الدول الفقيرة من الدول التي استعمرتها ونهبت خيراتها، وإلى إعادة النظر في الميزانيات العسكرية وحرب التسلح والصناعات العسكرية التي تستنزف حوالي 2,6% من الناتج العالمي، أي حوالي 2000 مليار دولار، وهو ما يعادل الناتج المحلي لمجموع الدول الفقيرة التي يبلغ تعدادها حوالي 847 مليون نسمة!
وأشار النجار أيضا إلى أهمية التنمية والتوزيع العادل للثروة معتبرا أن الاختلال المروع ما بين أقل من 10% من السكان يملكون ما يقارب 70% من ثروات البلدان، يساهم في غياب قيم التسامح.
أما المتحدث الثالث د.الزواوي بغورة فأكد أن التسامح من الشروط الضرورية للحياة الاجتماعية لكونه يسمح بالاختلاف والتعدد اللذين يطبعان كل اجتماع بشري.
وأكد أن التسامح ليس مجرد قيمة أخلاقية وإنماهو قيمة سياسية تميز كل نظام ديمقراطي، وتوقف عند بعض معانيه النظرية والعملية في الثقافة العربية الحديثة.
وأشار إلى أن يعني توافق الثقافات من ناحية، وعلاقة الذات بالآخر من ناحية أخرى.
موضحا أن هناك طريقتين لمعالجة المفهوم: الطريقة الليبرالية التي تشدد على أهمية الفرد وحقوقه ومنها حقه في الاختلاف وبالتالي لا يشكل التسامح هنا أولوية.. والطريقة الأخرى ترى أن الفرد لا ينفصل عن مجتمعه وثقافته وبالتالي فالتسامح أولوية تسبق العدالة والقانون.
كما استشهد بكتاب التسامح الصعب الذي يرى أن الغرب كرس هذا المفهوم من خلال أمرين: فصل الدين عن الدولة، واكتشاف الغير داخل وخارج الدولة، وكلا الأمرين غير متوفرين في الثقافة الإسلامية.
وضرب مثلاً من الثقافة العربية الحديثة بمقال عن التسامح الإسلامي للمصلح الديني عبد الحميد بن باديس كنموذج للحركة الإصلاحية في الإسلام قبل أكثر من قرن من الزمن.
الوسطية
أما الجلسة قبل الأخيرة للملتقى فركزت على محور التسامح والسلام في الإسلام وأدارها د.مهزع الديحاني، وتحدث فيها د.معاذ البيانوني نيابة عن وكيل وزارة الأوقاف د.عادل الفلاح عن معنى الوسطية الإسلام والمفتي السابق لجمهورية البوسنة والهرسك مصطفى تسيريتش حول جوائز السلام العالمية.
أكد البيانوني في كلمته أن حروف س.م.ح تحيل إلى معاني السلاسة والسهولة والعطاء والسخاء والصفح والعفو واللين والمراعاة.. وضدها التعصب والتشدد والتزمت والخشونة والغلظة.
ورأى أن التسامح ضرورة إنسانية وحاجة واقعية وخلق ديني، ينطلق من نظرة المسلم إلى الكون والحياة، وظرة المسلم إلى طبيعة الدين. كما دعا إلى مجموعة من الآليات لتكريس قيم التسامح منها الحوار بالحسنى والدعوة بالحكمة والعفو والصفح والتعايش.
وفي ورقته التي تحمل عنوان جوائز السلام العالمية تحدث مفتي البوسنة والهرسك السابق د.مصطفى تسيريتش والتي أشاد فيها بتكريم صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد من قبل الأمم المتحدة ومنحه لقب قائد العمل الإنساني واعتبره تكريما للأمة الإسلامية كلها في زمان تشتد فيه نزعة الإسلاموفوبيا.
كما تطرق إلى جائزة اليونسكو للسلام التي حصل عليها عام 2003 وإلى دور الشعب البوسني المسلم في إنقاذ وحماية اليهود الفارين من الاضطهاد في إسبانيا.
وأكد أن الإسلام باسمه ومفهومه يستحق فعلا احترام الجميع وتقديره.. فالإسلام في اسمه لا يشير إلى أي شخص أو شعب ولا يتخذ المآسي أو الآلام ولا القتل والاضطهاد أو سفك الدماء حافزا للإيمان.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*