الرئيسية / جرائم وقضايا / «عُزّاب» أمغرة… خمرٌ ونساءٌ… وملثمون!

«عُزّاب» أمغرة… خمرٌ ونساءٌ… وملثمون!

كما تبدأ تلك الحكايات التي قرأناها، يمكن أن نبدأ في وصف مدينة العزاب التي تقع في منطقة أمغرة، فالسكون يلف المباني الأسمنتية من بعيد، والطبيعة ألقت على المكان هدوءها، ولا يكاد يقطع ذلك الهدوء إلا صوت سيارة تدخل أو باص يأتي ليلقي بمن حملهم بين الأزقة والمباني.

ولكن ما ان تطأ قدماك «بوابة» مدينة «العزاب» العملاقة في منطقة الجهراء حتى يباغتك شعور «الخوف من المجهول»، فرائحة المكان غير الطبيعية تنم عن أشياء غريبة، ووجوه من تلاقيهم في طريقك تكشف شيئاً عما تخفيه الجدران والسراديب.

المدينة «صندوق أسود» يصعب على القادم الغريب أن يفك شيفرته، بلا دليل يرشده ويقوده في دهاليز وسراديب تشهد كل ما يمكن أن يخطر على بال من أمور خارجة عن القانون، بدءا بالخمر الذي يصنّع محلياً وانتهاء بمافيا السلب التي تقتحم على العمال غرفهم لتسلب ما جنوه من دنانير، مروراً بالنساء والمخدرات وغيرها.

هذا العالم البعيد عن جو الكويت، وهي التي لا يفصلها عنه سوى شارع يشكل الحد «الطبيعي» بين المدينة وبين ضاحية سعد العبدالله، فاكتشفت الكثير والكثير، ووثقت بالصور بعد مظاهر التجاوز الأخلاقي والأمني.

تستوعب مدينة العزاب هذه الواقعة في منطقة أمغرة نحو 9 آلاف عامل من مختلف الجنسيات، وجنسية «بلوك» خاص بأبنائها، لا تعاون بينهم، ولكنهم يتسترون على بعضهم ويحمون المطلوبين رغم بعض المشاكل التي تحدث بشكل متكرر في ما بينهم.

قد يدهش المرء عندما يسمع عن قصص ما يجري بين مبانيها وفي سراديبها، وربما يعتبر ذلك من ضرب المبالغة والخيال، ولكن كما يقول المثل «ليس من سمع كمن رأى»، ولأننا رأينا فأحببنا أن نقرن القول بالصورة لتؤكد ما استطلعناه وشاهدناه.

بمجرد أن دخلنا في أول شارع داخل المباني، وإذا بآسيوي يواجهنا وهو يترنح وتفوح منه رائحة كريهة، حاملاً في يده «بُطل» محلي الصنع، هو في صورته زجاجة مياه معدنية وفي مضمونه خمر تصنيع محلي في أحد سراديب المدينة.

تتجاوز ذلك الغائب عن واقعه، وهو يهذي بكلمات لا تفهم، لتلتقي بمجاميع من العمالة يسيرون بلا احتشام، وبعضهم خارج التغطية… سرنا بين الشوارع الجانبية المؤدية للسكن، وهنا بدأت المفاجآت، حيث زجاجات الخمر المصنعة محليا، وألبسة نسائية «داخلية» مرمية بين الممرات ــ مع العلم أن المدينة للرجال فقط ـــ لتشير تلك الملابس أن هناك حكايات ملفوفة بمغامرات قد حدثت «هنا».

توجهنا، وبشكل ارتجالي ودون هدف محدد الى داخل أحد المباني، رغم الخطر الوشيك حيث كانت هناك عيون تتلامع وتراقب عبر شبابيك مصغرة كل تحركاتنا منذ ان دخلنا المدينة، وكأنهم مربوطون باتصال حي ومباشر. ما ان دخلنا حتى فاحت روائح كريهة، فمعظم الغرف كانت مقفلة والبعض مفتوح، توجهنا الى المرافق الصحية فكانت المفاجأة إذ شاهدنا «حاوية» برميلا لتصنيع الخمر المحلي، ولكننا سرعان ما غادرنا لان مجموعة من العمالة دخلت واغلقت الباب بأحكام. وفجأة اختفوا بين المباني، حتى ليكاد من المستحيل اللحاق بهم بين تلك المرافق.

وانتقلنا بعدها الى المرفق الثاني فإذا بخيمة على السطح «داخلها سرير ومجموعة من الاراجيل»، لزوم المتعة لتمضية بعض الوقت والاستمتاع بالاجواء.

وما ان لف الظلام المدينة حتى تصاعد الخطر، فالسكون تقطعه بين الفترة والأخرى اصوات ضحكات ممزوجة بأغانٍ «اسيوية» تنبعث من احد المباني، ومجاميع من الرجال يسيرون وبعضهم غير محتشم، واخر يحمل زجاجة خمر، واخر لا يبالي بمن حوله، يسرحون ويمرحون دون رقيب، لانهم لم يبالوا بمن حولهم ولان باب الهروب سريع جدا كالبرق ليتخفوا فورا بين تلك الدهاليز المؤدية الى آلاف الغرف المخصصة للسكن.

التقينا بالشاب «محمد» الذي رفض فكرة تصويره يقول «سكنت المدينة منذ ثلاثة شهور ورأيت العجب العجاب من العمالة التي تسكن هنا، يصنعون خمورا محلية لبيعها على بعضهم البعض بزجاجات صغيرة وأكياس، كما يجلبون نساء خلسة في آخر الليل لممارسة الرذيلة بمالبغ تترواح من 5 الى 10 دنانير، هنا ايضا يبيعون الحبوب المخدرة في ما بينهم ايضا. وانا متأكد نوعا ما انهم لا يصدرون بضاعتهم خارج المدينة خوفاً من القبض عليهم بل يتداولونها في ما بينهم».

ويضيف محمد بعد ان التفت يمينا وشمالا وكأن هناك من يراقبه «هنا عصابات لكل جنسية، كثيرا ما تحدث مشاجرات تفضي الى اصابات بليغة»، موضحا ان هناك رقابة اسبوعية لكنهم يخفون كل شيء لان تلك الزيارات تكون منظمة وغير مفاجئة، وللاسف الشديد كل ممنوع يتم تداوله هنا.

ومما ذكره محمد أن هناك عصابات من الآسيويين أنفسهم يقتحمون المباني ليلا مسلحين بالسلاح الأبيض يقومون بسلب العمال ما لديهم من مال، ومن يقاوم فمصيره في أحسن الظروف إصابة بليغة تستوجب نقله للمستشفى.

وبعدها انسحب محمد تكتيكياً بعد ان شعر بأنه معرض للخطر وغادر بين تلك الدهاليز.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*