الرئيسية / عربي وعالمي / تفاصيل تنشر لأول مرة عن محاولة اغتيال #مبارك في أديس أبابا

تفاصيل تنشر لأول مرة عن محاولة اغتيال #مبارك في أديس أبابا

كانت المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في «أديس أبابا» عام 1995، عاملًا مهمًا في «غضب المخلوع» على القارة السمراء، وإهماله للدول الإفريقية؛ وتغلل النفوذ الإسرائيلي في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

 

ولكن بالرغم من مرور كل هذه السنوات، إلا أن هناك أسرارًا جديدة في محاولة “اغتيال مبارك”، وهي الأسرار التي كشفتها شهادة للراحل الدكتور حسن الترابي المفكر السوداني، والتي يؤكد فيها ضلوع علي عثمان محمد طه، وزير الخارجية السوداني وقتها، وعلي نافع على نافع، مدير جهاز الأمن فى ذلك التوقيت.

 

ويعد صلاح أبو السرة، أمين «بيت المال بالجبهة الثورية السودانية»، من الشخصيات التي كانت شاهدة على واقعة “اغتيال مبارك”، لاسيما أنه قابل منفذي العملية في معتقلات النظام السوداني، وروى لـ”النبأ” القصة الكاملة.

 

وقال “أبو السرة”: “أول مرة تحدث حسن الترابي بشكل مباشر عن عملية اغتيال مبارك، ومشاركة السودان بها معي أثناء وجودي بالمعتقل، وقال الترابي إنه لم يعرف بالعملية إلا عندما اقتحم اجتماعًا بين البشير وعلي عثمان طه، وهما يتحدثان عن معلومات بشأن مجموعة من المصريين الذين شاركوا في العملية، وأن إثيوبيا عرفت أنهم دخلوا السودان، وكان يتم التخطيط للقضاء عليهم، ولكن  تدخل الترابي واعترض، وقال إنهم من الممكن أن يذهبوا لأي منطقة أخري خارج السودان، ويعلنون عن وجودهم فيها، وهو اختار لهم أفغانستان».

وأوضح «أبو السرة»، أنه جمع معلوماته عن محاولة الاغتيال عبر أسئلة طرحها للعديد من المعتقلين الذي كانوا يتبعون «المؤتمر الشعبي»، مثل حسن لبس، والشيخ السنوسي وأبو بكر حامد نور، فضلا عن 250 من “كوادر” الحركة الإسلامية.

 

وتابع: “جاءني اتصال من نقابي يخبرني أن شخصًا من أنصار الإمام المهدي الذين هاجروا إلي إثيوبيا، هو من أدخل المجموعة التي شاركت في اغتيال مبارك لإثيوبيا، وهذا الشخص من المجموعة التي حاربت مع الإمام في جزيرة أبا ضد نميري، وعاد جزء منهم للسودان في عملية المرتزقة، وسميت بذلك نتيجة عدم اعتراف الصادق المهدي بمقاتليها».

 

وأضاف «أبو السرة»: «جهاز الأمن السوداني استقطب الشيخ إبراهيم إسكندر الذي أدخل مجموعة اغتيال مبارك، خاصة أن معسكرات الإمام المهدي التي كان يتبع لها إسكندر كانت موجودة في منطقه حدودية بين إثيوبيا والسودان”.

 

وأردف: «الأمن السوداني أحسن معاملة إسكندر داخل المعتقل، وخصصوا له مكانا للصلاة، ووفروا له مياها ووجبات، وعبر الضابط الذي اعتقل إسكندر عن استيائه من جهاز الأمن السوداني، وأنه يريد طريقه للخروج من السودان، لأنهم لن يجعلوه يخرج مباشرة من المطار»، مشيرا إلى أنه تم الإفراج عن “إسكندر” بعد أسبوعين من اعتقاله، بعد وعده لـ”الطيب” بإخراجه من السودان عن طريق المشاريع الزراعية.

 

وقال «أبو السرة»: «العلاقة بين الرجلين ظلت جيدة، إلي أن اتفقا على وقت محدد لدخول إثيوبيا، وتصور إسكندر أن هذا الأمر كان سيتم باستخدام المواصلات العامة، وعندما خرج معهم، فوجئ بسيارتين لاند روفر، وعرف لاحقا أن هاتين السياراتين كانت بهما أسلحة مثل الصواريخ وأر بي جي، ورشاشات».

وأردف: «علم إسكندر أن هناك عملية لاغتيال مبارك في إثيوبيا، وهنا أدرك أنه ابتلع الطعم، ثم أصيب خلال العملية وهرب من السلاح الطبي التابع للجيش السوداني، بعد أن أعلنت الصحف الرسمية أن إسكندر توفى في اشتباكات على الحدود الإثيوبية، ونشروا له نعيا، بالرغم من وجوده بالمركز، وذهب للقيادي النقابي وكشف له دوره، وهذا القيادي اتصل بجيش تحرير السودان، واتصل بي باعتباري مسئولا إقليميا، وما يزال مصير هذا الرجل مجهولا إلى الآن.

 

وتابع أبو السرة: “قابلت الضابط الذي استقطب الشيخ إسكندر بعد ذلك، وهو الطيب محمد عبد الرحمن، الذي تم اغتياله في سجن كوبر، وهو الضابط الذي كان مسئولًا عن إدخال القوات إلي إثيوبيا، لأن الطيب كانت مهمته بعد ذلك إلقاء القبض علي، وكان يتردد على منزلي كثيراً، ولم يكن لي علم به، ولكن أفراد أسرتي تعرفوا على هذا الضابط عام 1998، واندهشوا أنه يرتدي البدلة الحمراء، ومحكوم عليه بالإعدام، ومكبل من يديه وقدميه، وهنا تواصلنا  معه من داخل المعتقل».

 

وبين «أبو السرة»، أنه سمع من “الطيب” قبل إعدامه، أن المجموعة التي نفذت محاولة الاغتيال دخلت عن طريق إثيوبيا، من شرق الجدارف، في مكان معسكرات الأنصار القديمة، ثم استخدموا بعد ذلك علاقتهم بالسودانيين الموجودين بإثيوبيا للنزول في  فندق تصادف وجود فنان سوداني به اسمه خوجلي عثمان وهو شخص ارتبط به بعض من الذين اشتركوا في عملية الاغتيال”.

 

وتابع: “وكان هذا وبالا على المغنى، فقد تم اغتيال كل من تعرف على المشتركين في عملية الاغتيال ولو عن طريق الصدفة، ومنهم خوجلي عثمان، الذي تم قتله عن طريق شخص ادعي الجنون، وأن “عثمان” كان يوجه الأغانى الخاصة به لزوجته، وطعنه في شوارع الخرطوم”.

 

وفجر “أبو السرة” مفاجأة من العيار الثقيل، عندما قال إنه حتى اليوم لا يعرف الأمن السوداني أو المصري كل من شارك في العملية، لأن من أشرف عليها شعبة من داخل جهاز الأمن، ومن تم التعرف عليهم، مجرد جزء تمت تصفيتهم، حتى يتم التكتم على الأمر، ولكن بعد ذلك ثبت مشاركة السودان في العملية.

وأضاف: توجهت المجموعة التي نفذت العملية، لمحمد النعماني، مسئول ريسبشن الفندق، طالبين منازلا أو شققا خارج الفندق، ثم أوصلهم لرياضي سابق “رفض ذكر اسمه حفاظاً علي حياته ولكونه الشاهد الحي الوحيد من منفذي العملية”، وعندما علمت العناصر الأمنية الإثيوبية بعلاقة النعماني بالعناصر المنفذة للعملية، تم اعتقاله.

 

وقال «أبو السرة»، إن محمد النعماني هو ناشط ويساري وكاتب من إحدى المدن السودانية تسمى «الأبيض»، وكان عضوًا بمنتدى بون او تو، واتحاد الكتاب السودانيين، ثم تدخلت الحركة الشعبية من أجل الإفراج عنه، هو ومحمد يوسف أحمد المصطفي، خال الرئيس عمر البشير الذي كان يتردد الدبلوماسيون عليه، ولكنه كان  يتبع الحركة الشعبية لتحرير السودان مع جون جارانج، وهو ما شفع له.

 

وأضاف «أبو السرة» قائلاً، “جرح الطيب أثناء انسحابه من الاشتباكات مع الإثيوبيين، وقام الأمن السوداني بإجراء عملية جراحية له داخل منزل في مدينة البطين عند أصهاره، وهربوه وهو مصاب، وأعادوه لشعبته في الأمن السوداني.

 

وقال إن «الطيب» اعترف بتصفية 13 من منفذي العملية، ولم يذكر أسمائهم، ولكن كشف لي عن مسئول تمويل عملية اغتيال مبارك، وهو ياسر عبد الحفيظ، وهو شخص كان يعمل في «البنك العقاري العربي»، وفي الوقت كان ضابطًا في جهاز الأمن السوداني.

 

واستكمل «أبو السرة»: «جهاز الأمن السوداني طلب من الطيب الذهاب لمنزل ياسر عبد الحفيظ، ليطلب منه الذهاب لإحدى كافيتريات مدينة كوستي الساعة 6 صباحاً، وكانت هذه “الكافتيريا” أحد مراكز جهاز الأمن؛ حتى تشهد أسرة ياسر أن الطيب ذهب له للبيت».

 

وقال: «جهاز الأمن قام بتأخير ياسر عبد الحفيظ للساعة الواحدة ظهرًا، وحين ذهب  الطيب إلي كوستي وجد سيارته موضوعة بطريقه تتيح له أن يتعرف عليها، وعندما توجه للسيارة وجد بها ياسر مقتولا، ووضح أنه ضرب بـ7 طلقات، ولكن لا وجود لدماء ما يدل علي أنه قتل بعيداً ووضع بالسيارة»، ثم بعد ذلك ألقي القبض على الطيب، وأعدم  شنقاً، وبهذا الشكل تم تصفيته بالقانون، ثم عرف عدد من ضباط الجيش بهذه القصة.

 

وأوضح «أبو السرة» أن الفريق الذي نفذ عملية اغتيال مبارك انقسم إلى مجموعتين فالسودانيون عادوا جوا، بينما المصريون دخلوا السودان، بعد أن فشلت العملية براً، عن طريق بلدة سودانية تسمي الكرمق، وتم تكليف ضابط أمن برتبة نقيب اسمه عبد الله جابر، في الدمازين بتأمينهم، واستقبلهم في الكرمق، بنفس العربات التي دخلوا بها لإثيوبيا، حتى وصلوا لديلبوك التي كان بها مشروع تابع لأسامة بن لادن يسمي “وادي العقيق”، واستقبلهم مديره “ابن عمر”، وجعلهم يغيرون ملابسهم ويرتدون ملابس سودانية، ثم جرى تغيير لوحات السيارات للوحات سودانية، وخرجوا بنفس السيارات حتي وصلوا لبوابه الدمازين، ومنها لخور دنيا، وجعلهم يعبرون أمن الدمازين، باعتبارة نائب مدير الأمن، وبعدها عاد”.

 

وكشف «أبو السرة» عن مصير الضابط قائلاً: هذا الضابط اغتيل في جوبا، والمرافقين له لم يهتموا بالبحث عن قاتله، وكان هذا الضابط من “الكوادر الخطابية للحركة الإسلامية” في الخرطوم.

وقال «أبو السرة»: “على عثمان، وزير خارجية السودان في هذا الوقت، نقل مجموعة السودانيين الذين اشتركوا في العملية عبر الطائرة الرئاسية السودانية، وبجوازات مزورة”.

 

وأكد أن اثنين من أفراد القناصة بجهاز الأمن السوداني كانوا سيشاركان مع المصريين في اغتيال مبارك، ومنهم الضابط صابر قصير ديجا، وهو من أبناء جبال النوبة، وقناص آخر، ما يعني أن السودان كانت مستعدة أن تنفذ بنفسها هذه العملية إذا فشل المصريون الذين كانوا لا يملكون الدراية الكافية بأماكن «أديس أبابا»، لاسيما أن السودانيين المشتركين في تنفيذ العملية كانوا في أماكن أكثر حساسية من المصريين.

 

وشدد «أبو السرة» علي أنه بعد انقسام الحركة الإسلامية تمت ملاحقة المنفذين، فعلى سبيل المثال، منهم فرد انضم للترابي، وتمت تصفيته أمام زوجته وأولاده، بدعوى أنه قاوم جهاز الأمن، ولكن الحقيقة لأنه اشترك في عملية اغتيال مبارك.

 

وأشار «أبو السرة» إلي عملية انسحاب باقي أفراد العملية، قائلاً “هناك إثيوبي كان والده يعمل في سلاح الجو الخاص بهيلا سيلاسي، وخرج من الخدمة مع وصول زيناوي إلي الحكم، وقام بتهريب الرياضي الذي أجر المنازل للسودانيين”.

 

وأكد «أبو السرة» أن العملية تمت باتفاق بين الحركة الإسلامية بالسودان، والإخوان المسلمين في مصر، وبناء على ذلك نفذ على عثمان طه العملية، خاصة أنه كان القائد الحقيقي للتنظيم منذ 1979، والمسئول عن العناصر الجهادية.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*