الرئيسية / كتاب وآراء / غير المجرى …و لا تقطعه..بقلم الكاتبة فاطمة المذكوري ..

غير المجرى …و لا تقطعه..بقلم الكاتبة فاطمة المذكوري ..

من منا لم يتعرض لسوء تفاهم مع من يكن لهم و يكنون له كل المحبة و التقدير ؟؟من منا لم يحصد خذلانا نتيجة طيبته مع أناس تجردوا من الانسانية ؟؟
أكاد أجزم انه كل واحد منا تعرض لأحد الموقفين أو هما معا ..

عندما يحدث موقف يزعجنا من أناس جمعتنا بهم عشرة طويلة بحلوها و مرها ..علينا أن نلغي كل حواسنا بتلك اللحظة و نلجأ للذاكرة و الذاكرة فقط ..
و هي كفيلة بأن تخفف عنا ما جاءنا منهم ..و تجعلنا نتقبله بروح راضية ..و بصفاء قلب ..فلاشك أننا نحتفظ لهم بداخلنا بصور شتى لمواقف تدفعنا لإلتماس الأعذار لهم ..و الصفح عنهم قبل أن يطلبوه..
هذا لا يعني ألا نتوقف إن استحق الموقف الوقوف عنده و توضيح مدى انزعاجنا من تصرف أحبائنا ، حتى نتفادى تكرار ذلك ..شريطة أن نختار الوقت و الأسلوب المناسبين لكلينا ..
من يحبك سيتألم لأنه آلمك و يحرم على نفسه تكرار ذلك ..
و إذا وجدنا أنه لا فائدة من مناقشة الأمر لأنه طبع ليس من السهل تخليهم عنه ..نتقبلهم كما هم و نصنع ذرعا واقيا يجعل طبعهم هذا لا يؤثر فينا و لا يؤذينا ،طالما عشرات المواقف التي لا تعجبنا فيهم يقابلها مئات المواقف الجليلة منهم اتجاهنا ..
و هكذا لا نخسر قربهم لأيام و قد تطول لأسابيع و شهور و سنوات ..نندم و نتحسر عليها و نتمنى عودتها فلا تعود …و الأدهى و الأمر إن صادف و حدث ما لم يكن متوقعا بفترة القطيعة و الخصام كسفر لا عودة منه ..أو مرض أو وفاة لا قدر الله ..فيكون طبع التسامح فينا قد حضر متأخرا ..
أما أولئك الذين يملكون قلوبا مغلفة بالقسوة و الشر و لا يعيرون أدنى اهتمام للعشرة و لا يحفظون الجميل ، و يتصفون بالأنانية و يدوسون على كل القيم للوصول إلى مصالحهم ..أناس تتغذى أرواحهم على المشاكل و المشاحنات …فمقاطعتهم بمجرد معرفة حقيقتهم ستجعلهم بداية يحاولون استرجاع العلاقة بالتمثيل و الإدعاءات المزيفة ..(فهم لا يقبلون بسهولة فكرة انكشاف ذاتهم الحقيقية )..و متى ما أشعرتهم أن مسرحياتهم مكشوفة و أداءهم لم يعد مقنعا ..أظهروا لك وجههم الحقيقي..فمن يدعي غير حقيقته لا يستطيع الإستمرار في التمثيل بعد العرض..و إسدالك للستارة يعني توقف العرض و بالتالي كل شخصية تتصرف على طبيعتها دون تصنع..
سيدخلونك في مشاكل لا حصر و لا داعي لها ..سيضيعون وقتك و يسحبونك في حروب كان من الممكن تفاديها بتركهم يمثلون و مغادرة قاعة عروضهم بهدوء مع تقديم مبررات ترضي النفس الشريرة التي يمتلكون ..كالإنشغال بمتاعب الحياة ..و هنا أنت لا تكذب، فستملأ ما خصصته لهم من وقت في السابق بأشياء أكثر أهمية متى اكتشفت أنهم لا يستحقون وقتك و مجهودك ..
مع مراعاة إرضاء غرورهم بحضور عروضهم كمتفرج فقط بين الفينة و الأخرى كنوع من الطقوس الإجتماعية و كاختبار(بعد إعداد نفسك ) لذاتك ..لهدوئها..لمدى سيطرتك على انفعالاتك و مدى إتقانك فن التعامل مع هؤلاء ..و كجميع الاختبارات كلما كررتها كما هي أو بتغيير بسيط أو كبير في صيغتها استوعبتها أكثر و نجحت فيها أكثر و أكثر ..

و ختاما ، كما تفرض علينا الحياة لقاء الطيبين و الأشرار ،تعلمنا فن التعايش مع النوعين ..

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*