الرئيسية / كتاب وآراء / ‘خيالي’.. فهيد البصيري واصفاً قانون فحص الحمض النووي

‘خيالي’.. فهيد البصيري واصفاً قانون فحص الحمض النووي

حديث الأيام  /  حامض ولكن نووي!

د. فهيد البصيري

الله أكبر على هذا التفكير النووي، يبدو أننا سبقنا العالم، واكتشفنا الجين الوراثي للإرهاب مع أنني مطمئن إلى أن بعض أعضاء مجلس الأمة صوتوا على قانون فحص الحمض النووي وهم لا يفرقون بين حمض الفوليك وحمض اليوريك.

ولا أدري ما علاقة الإرهاب بالحمض النووي؟، وهل سيتم توجيه تهمه لذوي الإرهابيين بحكم الانتماء الوراثي لهم؟، ثم ما هذا التفكير السباق، لقد سبقنا الغرب حتى في الهندسة الوراثية!، فهو حتى هذه اللحظة لم يتجرأ على ذلك لأنه يعلم أن مثل هذه التحاليل تعري الإنسان وتحط من كرامته، ولعلمها أيضاً أن علم الجينات والوراثة يعد سراً من أسرار الإنسانية وليس لعبة أمنية، كما أنه ليس قاطعاً حتى هذه اللحظة، فهو علم جديد ويتطور بين ثانية وأخرى، ومن قرأ عن الحمض النووي يعلم أنه يحمل سر الحياة على الأرض.

ثم يا أخي ولكم في الدول الديكتاتورية أسوة حسنة، فهي لم يخطر في بالها هذا القانون الجهنمي، وأقصى ما فعلته وعلى استحياء هو أخذ الحمض النووي للمجرمين الخطرين لديها والذين لهم سوابق مع تعهد الدولة بالمحافظة عليه.

ومشكلة القانون أنه يجعل كل الكويتيين محل اتهام، مع أن الخطر في أغلبه يأتي من القادمين إلى الكويت، ثم من قال إن الزائرين سيسمحون لنا بأخذ عينة من حمضهم النووي وكأنهم من ذوي سوابق؟، فالحمض النووي الذي نحن نعتبره نوعا من «الفذلكة» و»الحذلقة» الأمنية، يعد في دول العالم كلها من الأسرار المقدسة للإنسان، وإذا ما أخذ لأي سبب كان، فإنه يحفظ في مستودعات سرية لا تصل إليها يد أحد ولا حتى السلطات في بعض الأحيان، فهو يحمل كماً هائلاً من الأسرار الخطيرة التي من خلالها تستطيع ليس التعرف على الشخص فقط، بل على تكوينه وخلقته من الألف إلى الياء، وعلى الأمراض التي أصيب بها وتلك التي سيصاب بها، وقد تستغربون إذا قلت إنه يستطيع تحديد الأمراض التي تعرض لها والدا هذا المنحوس، كما أنها تفضح تفاصيله الفسيولوجية، فنحن نتكلم عن خزانة أسرار خلقية لهذا الشخص لا يمكن التكهن بمداها ولا نتائجها الاجتماعية والنفسية والإنسانية والطبية، ومن الممكن ومع التقدم العلمي استخدام هذه الأحماض في تجارب متطورة وربما تخليق وخلط هذه الشفرات الوراثية لإنتاج صبغات وراثية جديدة.

فلا تأخذكم العزة بهذا القانون لأنه من المشاريع الخيالية والتي يصعب تنفيذها بسبب تكاليفها الضخمة والتكنولوجيا الدقيقة التي تحتاج لها، والتورط في هذا القانون سيجلب لنا من المشاكل أكثر مما يتوقع الموافقون عليه، والأفضل هو أن نصرف ميزانيتنا فيما يرضي الله ورسوله، ونختصر الطريق ونحارب الإرهاب بسلاحه أي بالفكر، من خلال ممارسة التوعية النوعية لأفراد المجتمع فذلك ممكن ولن يكون مكلفاً، وسيكون ذا فعالية عالية في مواجهة التطرف مهما تعددت أشكاله.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*