الرئيسية / كتاب وآراء / عن مقابلة الإحسان بالإساءة والخير بالشر!.. يكتب صالح الشايجي

عن مقابلة الإحسان بالإساءة والخير بالشر!.. يكتب صالح الشايجي

بلا قناع  /  ‘خيراً تفعل.. شراً ترى’

صالح الشايجي

 

في الأيام الأخيرة من شهر رمضان الفائت، قام ثلاثة شبّان مصريّين مسيحيين في إحدى المدن المصرية، بتقديم التمر والماء للصائمين المسلمين وقت الإفطار.

وهي كما نرى بادرة إنسانيّة سامية، حاول أصحابها ـ من خلالها ـ التودد والتقرب من إخوانهم المسلمين، وإشعارهم بالأخوة الوطنية التي تقارب بين أبناء الوطن الواحد من كل المعتقدات والأديان والملل، وتذوّب الفوارق بينهم وتصهرهم في بوتقة الوطن والأرض والدولة، حيث يعيشون ويعملون ويحيوْن ويموتون.

ولكن ـ ومع الأسف ـ قوبلت هذه البادرة السامية الراقية من المسلمين على وجه معاكس ومغاير لما أراده أصحابها منها، حيث فُسرّت من قبلهم على أنّها محاولة لتبشير هؤلاء الصائمين المسلمين بالديانة المسيحية، وبدل الغبطة والفرحة اللتين من المفترض أن تغمرا قلوب أولئك الصائمين المسلمين الرماضانيّين، حلّ التشكيك والاتهام والتفسير العشوائي، ما نتج عنه توجيه الاتهام لأولئك الشبان بالتبشير، وسيقوا الى المعتقل تمهيدا لمحاكمتهم بتهمة التبشير!

لا علم لي إن كان التبشير بديانة من ديانات الله جريمة يعاقب عليها القانون، فأنا لست من أهل القانون، كما أنه لا علم لي إذا ما كان التبشير بديانة من ديانات الله، حرام، لأنّني لست من أهل الفُتيا ولست حتى دارسا للشرائع لأعرف الحلال من الحرام، إلّا في حدود ما يلزمني من معرفة تتصل بسلوكي الخاص.

ولكنني أنظر الى الأمر من منظور إنساني أخلاقي، وأقدّر تلك البادرة الشبابية تقديرا عاليا وأثمّنها تثمينا يليق بها وبأهدافها، لذلك يجيء استغرابي من ردة الفعل تلك التي قابلت الإحسان بالإساءة والخيرَ بالشر!

ومصر كما نعلم بلد ثنائيّ الديانة وربما متعدّد الديانات ومن الاجحاف أن يُنصر فيها قوم على قوم بسبب الديانة، فالجنديّ المصري الذي يحمل السلاح هو في حقيقة الأمر يحمله دفاعا عن بلده مصر، لا دفاعا عن دينه المسيحي أو الإسلامي، ويحمله دفاعا عن المصريين بمللهم ومعتقداتهم وأديانهم كافةً.

ومصر قامت فيها ثورتان ضد الاستبداد والتسلط وسلب الحقوق وانتهاك العدل، فكيف يحدث فيها مثل هذا الأمر الواضح الاجحاف في حق شبان سعوا الى خير فجوزوا بالشر وبتفسير النوايا.

من ناحيتي أحيّي كل من يسعى الى خير والى تقارب المواطنين في أوطانهم ونشر مبادئ السلام والتآخي بين الناس، وأحيّي أولئك الشبان المسيحيين المصريّين الثلاثة، وأعتذر إن كان حسي الإنساني هذا ضد القانون أو ضد الشرع!

 

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*