الرئيسية / محليات / رويترز.. الكويتيون يتساءلون: لماذا تتخلف بلادنا عن غيرها؟

رويترز.. الكويتيون يتساءلون: لماذا تتخلف بلادنا عن غيرها؟

 

الحقائق تقول إن الكويت يجب أن تكون مركزا يموج بالحركة في المنطقة مثل دبي أو الدوحة، فنسبة الشباب والمتعلمين بين سكانها مرتفعة وعلاقاتها قوية مع جاريها السعودية والعراق، ومع القوى العالمية، كما أنها تتمتع بموقع استراتيجي على الخليج إلى جانب كونها منتجا رئيسيا للنفط.
لكن في حين حققت دول أخرى في الخليج انطلاقة قوية فاجتذبت استثمارات وطورت بنيتها التحتية، شهدت الكويت ركودا أصاب المواطنين بالإحباط في بلد كان يعتبر في وقت من الأوقات من الدول صاحبة الريادة في الشرق الاوسط.
ويتضح هذا الشعور بالإحباط أكثر ما يتضح بين الشبان المتعلمين في الخارج في غالب الأحيان ويتحلون بثقافة عالمية، إذ يشكون من البيروقراطية واختلال الحياة السياسية، لكنهم يسلمون في الوقت نفسه بشعور مواطنيهم بالرضا عن الوضع الحالي.
ورغم خروج الآلاف إلى الشوارع في تظاهرات احتجاج عامي 2011 و2012 سعياً الى إجراء بعض الإصلاحات السياسية، توقفت الاحتجاجات في نهاية الأمر لأسباب منها ارتياع الكويتيين من الفوضى التي شهدتها دول أخرى في انتفاضات “الربيع العربي” وصعود نجم التيار الاسلامي.
ويقول مراقبون إن النظام الكويتي القائم على سخاء الدولة وتوفير وظائف مريحة للمواطنين طغى على مطالب التغيير سواء في الحياة السياسية أو في الاقتصاد الذي تلعب الدولة الدور الرئيسي فيه.
وقالت رئيسة نادي سيدات الأعمال والمهنيات في الكويت مها البغلي “نحن محظوظون جدا لأننا مرتاحون للغاية ماليا”. وأضافت “من ناحية أخرى هذا لا يشجع أصحاب الأعمال ولا يشجع على العمل والكدح”.
والكويت من أغنى دول العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل، كما أن أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 1.2 مليون نسمة دون الخامسة والعشرين من العمر.
ويشير قادة الكويت إلى الجمود السياسي في مجلس الأمة (البرلمان) ما يتعذر معه انجاز المطلوب. لكن مراقبين كثيرين يعزون ذلك إلى التغييرات المتكررة في أعضاء الحكومة والبيروقراطية.
ويعتقد البعض أن تجربة اجتياح القوات العراقية للكويت العام 1990 عمقت الإحساس المتأصل بالحذر من التغيير في المجتمع الكويتي.
وسئل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح العام 2010 عن الأسباب التي أدت بالكويت إلى فقد مكانتها لصالح دول أخرى في الخليج، فقال لصحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” ان “كل دولة تسير في مسارها الخاص حسب متطلبات مجتمعها”.
ولدى الكويت أقدم برلمان في دول “مجلس التعاون الخليجي” الست وأكثرها نفوذا. ويمكن لمجلس الأمة أن يعطل التشريعات ويستجوب الوزراء الذي يختارهم رئيس وزراء يعينه الأمير. وعلى الدوام كانت العلاقات بين المجلس المنتخب والحكومة مشحونة. وشهدت البلاد انتخابات برلمانية ست مرات منذ العام 2007 وأكثر من عشر حكومات، ما أدى إلى ركود سياسي.
إلى جانب ذلك، جرت العادة أن يشغل أعضاء في الاسرة الحاكمة المناصب الحكومية الرئيسية في حين أن الشيخ صباح (84 عاما) له القول الفصل في شؤون الدولة.
وتعد المواجهات السياسية عاملا رئيسيا في تعطيل الاصلاحات الاقتصادية وخطة تنمية باستثمارات تبلغ 30 مليار دينار (106.5 مليار دولار) أعلنت عنها الدولة في 2010 لتنفيذ مشاريع كبرى في البنية التحتية بهدف تحويل الكويت إلى مركز إقليمي. وتشمل الخطة مشاريع مثل إقامة مطار جديد ومصفاة تكرير ومشاريع سكنية. وخلال زيارة في الآونة الأخيرة بدا أن مشروعا لاقامة مدينة سكنية في الصحراء الجنوبية قرب الحدود السعودية لم يحقق تقدماً يذكر.
ومن الأمور التي تثير غضب الشبان الكويتيين على مستوى الحياة اليومية مدى سهولة إنجاز الأعمال في دول خليجية أخرى. فعندما أراد شواف الشواف تسجيل نشاطه التجاري في مجال أدوات المطبخ في الكويت استغرقت الاجراءات ستة أشهر. أما في السعودية فتم إنجاز ذلك في أقل من يوم.
وقال الشواف (24 عاما) الذي أسس شركته “دولستن” في أواخر العام 2012 “إذا احتجتُ الذهاب إلى إدارة حكومية ألغي (ارتباطات) اليوم كله لانني أدرك أنني سأمضي الوقت كله هناك”.
وتحتل الكويت المكانة 104 من بين 189 دولة في قائمة البنك الدولي لسهولة أداء الاعمال وهي بذلك تحتل مركزا متأخرا بالنسبة لغيرها من أعضاء مجلس التعاون بفارق كبير، إذ تليها قطر التي تحتل المركز 48 والسعودية في المركز 26 والامارات في الصدارة في المركز 23.
وتقول الحكومة إنها تريد تيسير العمليات البيروقراطية للشركات الصغيرة والمتوسطة ودعم مبادرات الشباب، وانشأت صندوقا بقيمة ملياري دينار لمساعدة مثل هذه المشاريع. لكن الناس في الكويت يقولون إن البلاد لن تنفذ اصلاحات اقتصادية وسياسية كبيرة إلا إذا واجهت أزمة مثل انخفاض حاد في أسعار النفط الذي يمثل كل ايرادات الدولة تقريبا.
بالاضافة إلى ذلك لا يمكن للكويت أن تستمر في سياسة الأجور الحكومية المرتفعة والمزايا السخية إلى الأبد. ويقول صندوق النقد الدولي إن الانفاق قد يتجاوز الدخل في 2017 إذا استمر في النمو بالوتيرة الحالية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*