الرئيسية / كتاب وآراء / أحمد الجارالله يكتب: وزير الملوخية والجرجير يتلبَّس شخصية الحاكم بأمر الله

أحمد الجارالله يكتب: وزير الملوخية والجرجير يتلبَّس شخصية الحاكم بأمر الله

يُعرف عن الخليفة الفاطمي، الحاكم بأمر الله، غرابة قراراته، فهو منع، مثلاً، زراعة الملوخية والجرجير، وأمر بمُعاقبة من يأكلهما، ويقال إن سبب ذلك تزحلقه ببعض أوراق الملوخية والجرجير في أحد شوارع القاهرة، لذا أصدر هذا القرار، بل عرف عنه أيضاً إصداره الكثير من الأوامر المتناقضة، فكان يبيح الشيء، ثم يُعاقب من يعمل به.

ويبدو أنَّ وزير الصحة لدينا، بل مجلس الوزراء مجتمعاً، يسير على خُطى الحاكم بأمر الله بقراراته المتناقضة، فهو نفذ توصية الوزير بالحظر الجزئي، ويبدو سبب ذلك أنَّ وزير الصحة خائف من الإصابة بـ”كورونا” فأراد حجر الناس في بيوتهم، وفي الوقت نفسه هدَّد الوزراءُ المواطنين بالسجن، والمقيمين بالتسفير إذا خالفوا، لكنه لم يترك لهم وسيلة مواصلات يصلون بها إلى منازلهم في الوقت المناسب، بل تركوا المقيمين مُشرَّدين على الطرقات، مرعوبين من السجن والتسفير الاعتباطي، لا يمكن تفسير ذلك إلا بأنه إرهاب، هذا إذا أردنا التخفيف من الوصف البشع جداً لهذه المعاملة التي لم تسبقنا إليها دولة في العالم، إذ كيف تزعم الكويتُ أنها تحاربُ الإرهاب الدوليَّ وهي ترعب من ائتمنها على حياته وعمل بجدٍّ لديها؟!

لنفترض في ظلِّ أزمة النقل والمواصلات التاريخية التي تُعاني منها الكويتُ، ومنع الوافدين من استخراج رخص سوق واقتناء سيارات، تأخر هؤلاء ساعة أو ساعتين في الشوراع، كما يحصل يومياً منذ بداية حظر التجول الجزئي، فهل ستسفرون عشرات آلاف المقيمين؟ وهل التهديدات التي يُطلقها ضدهم الوزراء المعنيون يقبلها العقل؟ أليس هذا عنصرية؟ فالعامل الذي يعمل طوال النهار ولا يجد وسيلة نقل توصله إلى منزله ماذا يفعل يا معالي وزيري الصحة والداخلية، هل يعتمر طاقية الإخفاء؟

بل نسأل أيضاً: هل إذا حجرتم الناس في بيوتهم بين الخامسة عصراً والخامسة فجراً سيتوقف انتشار “كورونا”، فهل الفيروس لا ينتشر في النهار؟ أليس هناك شخصٌ رشيدٌ حكيمٌ في وزارة الصحة وبعض الوزارات المعنية يدلكم إلى الطريق الصحيح، أم هي مجرد قرارات وتسجيل بطولات وهمية على حساب العباد ومصلحة البلاد، وصورة الكويت أمام العالم؟

لماذا لا تُسرِّعون عمليات التلقيح، وتُنوِّع وزارة الصحة اللقاحات فلا تعتمد على نوع واحد، ثم تترك الأمر للناس تختار ما تريد منها، وتُعمِّمها على المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة؟

لن نُكرر الحديث عما اتخذته بعض الدول الشقيقة والصديقة من إجراءات احترازية أدت إلى فائدة كبيرة لاقتصادها وشعوبها رغم تفشي الوباء فيها أكثر من الكويت بمرّات، فالسعودية، مثلاً، رفعت الحظر واستأنفت الحياة الطبيعية، وكذلك الإمارات والبحرين وبريطانيا والولايات المتحدة، وغيرها الكثير من الدول، ولم تُبعد أيَّ مقيم أو تسجنه، بأسلوب تعسفي، كما هي الحال في الكويت، المُفترض أنها بلد الإنسانية ويجب أن تكون اسماً على مُسمّى.

هذه القراراتُ دمَّرت مصائر الناس، فالأعمال تعطَّلت، والمشاريع أقفلت، وزاد عدد الدعاوى في المحاكم، أكان في ما يتعلَّق بالإيجارات التي عجز أصحابُها عن دفعها، أو التعثر بتسديد أقساط البنوك، فيما لم تضع الحكومة أيَّ خطة إنقاذ حقيقية، بل إن إجراءاتها أصبحت مصدر سخرية للكويتيين، والعالم أجمع بسبب حال التخبُّط والارتجالية والتناقض التي وصلت إليها الكويت، وكأنَّ الحاكمَ بأمر الله عاد بشخصية الحكومة الحالية.

 

أحمد الجارالله

 

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*