جديد الحقيقة
الرئيسية / كتاب وآراء / مشعل السعيد يكتب: أسفي عليك أبا عبدالله

مشعل السعيد يكتب: أسفي عليك أبا عبدالله

كل شيء مقدور عليه في هذه الدنيا الشاسعة الا الموت، لا يستطيع كائن من كان أن يرده أو يتفاداه، وقد قالها الله جملة مجردة ومباشرة «إنك ميت وإنهم ميتون» 30، الزمر، وقد أحسن كعب بن زهير ما شاء حيث يقول:

كل ابن انثى وإن طالت سلامته

يوما على آلة حدباء منقول

لقد آلمني وقض مضجعي رحيل أخي وصديقي الشيخ ناصر صباح الأحمد رحمه الله، فمنذ فتحت عيني على الدنيا وأنا أراه، وأحدثه ويحدثني، وأحبه ويحبني، والحق ان وفاته مصيبة علي وعلى الكثير من الناس الذين عرفوه عن قرب، ما ضاعف ألمي وأساي رحيله بعد فترة وجيزة من وفاة والده ووالدنا جميعا الشيخ صباح الأحمد امير الكويت السابق غفر الله له، و»الضربتين بالراس توجع»، لقد هانت الدنيا علي أيها السادة حين علمت بخبر وفاة أبي عبدالله، وعندما يفارق الأخ أخاه فراقا لا رؤية بعده، يشعر وكأن حنايا ضلوعه لذعت بالنار أو كأنه وطئ جمرة وهو حاف غافل، هم ما بعده هم وأسى خانق، وكل شيء دون الموت هين:

ذكرت أبا أروى فبت كأنني

برد الأمور الماضيات كفيل

لكل اجتماع من خليلين فرقة

وكل الذي دون الممات قليل

وإن افتقادي واحدا بعد واحد

دليل على أن لا يدوم خليل

لقد أحب الشعب الكويتي ناصر صباح الأحمد وبادله الحب أضعافا مضاعفة، وعمل للكويت منذ سني عمره الأولى، وقد عجن هذا الرجل الذي فارقنا بالأمس بمحبة وطنه، فكان إنسانا بمعنى الكلمة، كريما حييا رائع الأخلاق، وفيا لأصحابه وأصحاب أبيه بارا بالجميع، نقي القلب متسامحا وشديد الغيرة على وطنه، به من الصفات الكريمة ما لا تجدها في غيره، لله الأمر من قبل ومن بعد، فهو ماض في أمره، قاض في حكمه، فما إن تنفسنا الصعداء بعد وفاة الوالد العزيز صباح الأحمد، حتى بلينا بطامة وفاة الشيخ ناصر وكأنهما على موعد واحد للرحيل، ولا شك أن وفاة والده أثرت فيه تأثيرا بالغا، وسارعت برحيله مع ما كان يعانيه من مرض عضال حاول مقاومته إلا أن الله اختاره الى جواره، ونعم الجيرة جيرة المولى عز وجل، وهو نعم المذهوب اليه، إلهنا الذي سبقت رحمته غضبه:

فمن لم يمت بالسيف مات بغيره

تعددت الأسباب والموت واحد

هكذا الدنيا تجمع وتفرق، ولن تقف عند حد حتى تقوم الساعة، وقد جال الشعر بخاطري وقلت بعضا من أبيات أعبر فيها عما أشعر به، أقول في بعضها  وسأوافيكم بها كاملة في القريب العاجل:

 أناصر إني في فراقك موجع

وسهم المنايا في الأحبة مشرع

احن الى طيب اللقاء وانثني

على كبدي من خوف أن تتصدع

أناصر لا أنساك ما هبت الصبا

ارى الموت في فقد الأحبة يسرع

سقى الله أيام الشبيبة والصبا

ونور ونوار وأنس ومربع

ومهما كتبت في حق أخي الشيخ ناصر صباح الأحمد فلن أوفيه حقه فهو أكبر وأسمى وأنبل من هذه الكلمات المتبعثرة، رحمك الله، وأسفي عليك أبا عبدالله.

 

 

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*