الرئيسية / عربي وعالمي / التحالف الدولي في سوريا: النظام المستفيد الأول

التحالف الدولي في سوريا: النظام المستفيد الأول

يبدو أن التحالف الدولي الذي عمد إلى توسيع هجومه من العراق إلى سورية في الثالث والعشرين من سبتمبر/أيلول العام الماضي، بعد تبني مجلس الأمن الدولي قراراً بالإجماع لقطع مصادر التمويل عن تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، و”جبهة النصرة”، ونزع سلاحهما وتفكيكه، قد تحوّل إلى جزء من المشكلة، خصوصاً مع تأكيد البنتاغون منذ البداية عدم نية التحالف ضرب النظام السوري في الوقت الحالي، وذلك على الرغم من لعب التحالف دوراً كبيراً في منع سقوط مدينة عين العرب (كوباني)، في يد “داعش”.
ومن الواضح مدى استفادة النظام السوري جراء غارات التحالف على الرغم من إضعافها تنظيم “داعش”، إذ أنها مهّدت الطريق أمام النظام للتوسّع في كثير من الأحيان في مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية. وما يزيد الطين بلة، أرقام الشبكة السورية لحقوق الإنسان والتي قالت إن ضحايا قتلى ضربات التحالف بلغت مئة وثلاثة مدنيين، بينهم نساء وأطفال، وتحوّل سياسة التحالف في الآونة الأخيرة إلى سياسة انتقامية من “جبهة النصرة”، على خلفية طرد الأخيرة فصائل عسكرية كانت تتلقى دعماً من الولايات المتحدة، كـ”حركة حزم” و”جبهة ثوار سورية”، علماً أن المتوسط اليومي لفاتورة قتال مسلحي التنظيم بلغت نحو 580 مليون دولار في الفترة الممتدة بين 8 أغسطس/آب وحتى 16 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، بمعدل 8,3 ملايين دولار يومياً، ما يعني أن تبعات الحرب على “داعش” و”النصرة” قد تفوق سلبياتها على إيجابياتها بكثير، على المستوى الإنساني والاقتصادي والسياسي.
تقدّم النظام 
أحد الأهداف الرئيسية للتحالف الدولي كانت تجفيف منابع التمويل، هذه السياسة وجدت ضالتها في تركيز طائرات التحالف على ضرب المنشآت النفطية في شرق البلاد وشمالها، بهدف إضعاف القدرة الاقتصادية لـ”داعش”، وقطع إمداده، وتجلى ذلك في قصف المنشآت النفطية وصوامع الحبوب للتنظيم في مدينة منبج والباب في ريف حلب الشرقي.
في هذه الأثناء، رسم النظام خطة للسيطرة على ريف حلب الشمالي، نجح من خلالها في ضمان المناطق القريبة من سجن حلب المركزي، وكان له ما أراد عبر السيطرة على سيفات وفيما بعد على قرية باشكوي مع طموحه في ضمان حندرات وريتان وحريتان والتي سيطر عليها مؤقتاً، تمهيداً لهدفه في فك الحصار عن قريتي نبل والزهراء المحاصرتين من قِبل المعارضة السورية، وقطع الطريق بين مدينة حلب وريفها، وفصل الريف الشمالي (معقل المعارضة) عن مدينة حلب، لولا يقظة المعارضة التي استعادت السيطرة على حندرات وريتان وحريتان وأجزاء من باشكوي أخيراً.
ومع انشغال التحالف في بحث استراتيجية لتدريب المعارضة المعتدلة، لملء الفراغ الذي تولده الضربات وتمكينها من السيطرة على أماكن “داعش”، ارتاح النظام لذلك، واستعاد السيطرة على معظم ريف حماة الشمالي كمورك وخطاب، بعد ما استعان بالعقيد سهيل الحسن، واستقدمه مع رتله العسكري من حلب إلى قيادة العمليات العسكرية في حماة، ووضع المطارات تحت إمرته، وذلك بعد مرور نحو شهر ونصف الشهر على بدء الغارات الجوية للتحالف.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس المجلس العسكري في حلب العميد زاهر الساكت، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه “لم يكن هناك تنسيق بين ضربات التحالف والجيش السوري الحر”، مبيّناً أن “التحالف يكيل بمكيالين، فالغارات كان لها تأثير إيجابي، لأنها خفضت من حجم قوة داعش، لكن النظام استفاد من هذه الغارات، من خلال تشديد القصف على المدن الأخرى واستعادة السيطرة على مناطق أخرى”.
ويشير الساكت إلى أنه “بعد إنهاء قوى الاعتدال المتمثلة بالجيش الحر من قِبل النظام وداعش، ستقضي قوى التحالف على الأخير وبذلك ينتصر (الرئيس السوري بشار) الأسد، بينما إيران تظهر الآن بوجه الاعتدال بسبب جرائم داعش، ولذلك رغب المجتمع الدولي بها، ولكن سرعان ما سيكتشفون أن الإرهاب مصدره الأسد وإيران”.
وتكفلت غارات التحالف على التنظيم بعد نحو شهرين على بدئها، في ثنيه عن التوجه للسيطرة على المطارات والتي كان يهدف من خلالها لتعزيز الحظوظ المكانية لخلافته، إذ كان من المقرر توجّهه للسيطرة على مطار دير الزور العسكري، ومطار كويرس في ريف حلب الشرقي، في حين وسّع سلاح الجو السوري التابع لنظام الأسد ضرباته ضد المعارضة بمعدل يفوق ضعفي الضربات المعتادة في كثير من الأحيان.
هذا الأمر دفع بوزير الدفاع الأميركي السابق تشاك هيغل نفسه للإقرار بأن النظام السوري قد يستفيد من الهجمات التي تُنفذ ضد مقاتلي “داعش” على الرغم من إعلانه في ذلك الوقت، أن ذلك لا يغير من السياسة الأميركية التي ما زالت تؤيد تنحي الأسد، ولكن هذا الأمر بات مشكوكاً فيه، بعد إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أخيراً، إن بلاده ستضطر للتفاوض مع الأسد بشأن انتقال سياسي في سورية، مشيراً إلى أن واشنطن تبحث سبل الضغط على الأسد لقبول المحادثات.
أكثر من ذلك، اعترف مسؤولون أميركيون في البنتاغون لموقع “ديلي بيست” (The Daily Beast) بـ”سيطرة التنظيم على أراضٍ جديدة في بعض المناطق، على الرغم من زعم البنتاغون أنه حصل على أراضٍ في مناطق أخرى، معظمها حول مدينة عين العرب الشمالية، التي كانت محور تركيز الحملة ذات القيادة الأميركية، والتي لم تسمح لـ”داعش” بالسيطرة عليها”.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*