الرئيسية / جرائم وقضايا / حيثيات حكم البراك : كلماته في خطاب “كفى عبثاً” تنم عن عدم اللياقة و حسن الخطاب

حيثيات حكم البراك : كلماته في خطاب “كفى عبثاً” تنم عن عدم اللياقة و حسن الخطاب

فيما يلي حيثيات حكم الحبس لعضو مجلس الامة الاسبق مسلم البراك لمدة سنتين مع الشغل والنفاذ :
قالت المحكمة إنه بعد سماع المرافعة والاطلاع على الاوراق والمداولة قانونا: حيث ان النيابة العامة اسندت الى المتهم مسلم محمد حمد البراك انه في يوم 15/10/2012 -بدائرة مباحث امن الدولة – دولة الكويت طعن علنا وفي مكان عام عن طريق القول في حقوق الامير وسلطته وعاب في ذاته وتطاول على مسند الامارة ان وجه له خلال ندوة عامة العبارات والالفاظ المبينة بالاوراق وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وطلبت معاقبته بمقتضى المادة «25» من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض احكام قانون الجزاء الصادر بالقانون رقم 16 لسنة 1960، وبجلسة 15/4/2013 حكمت محكمة الجنايات حضوريا بحبس المتهم لمدة خمس سنوات مع الشغل والنفاذ، ولم يرتض المتهم ذلك القضاء فطعن عليه بالاستئناف الماثل بعريضة مؤرخة 16/4/2013 بطلب البراءة، وحيث انه وبالجلسة المحددة لنظر الاستئناف حضر المتهم وانكر ما هو منسوب اليه واستأجل دفاعه للاطلاع والاستعداد وبجلسة 13/5/2013 حضر المتهم وترافع الدفاع فدفع ببطلان الحكم المستأنف لبطلان اجراءات المحاكمة لاخلال محكمة اول درجة بحق الدفاع، كما دفع بعدم دستورية نص المادة «209» من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية طالبا اعادة الدعوى الى محكمة اول درجة لعرضها على دائرة اخرى للفصل في موضوعها.
وبجلسة 27/5/2013 حكمت المحكمة: اولا: بقبول استئناف المتهم شكلا، ثانيا: برفض الدفع المبدى من المتهم بعدم دستورية نص المادة «209» من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية، ثالثا: بالغاء الحكم المستأنف لبطلانه وحددت جلسة 9/6/2013 لنظر موضوع الدعوى، وحيث ان المحكمة تحيل الى حكمها بالصادر بجلسة 27/5/2013 في هذا الشأن والى اسبابه في هذا الخصوص وتعتبرها جزءا مكملا لاسباب هذا الحكم. وحيث ان الدعوى تداولت بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها استجابت المحكمة خلالها لجميع طلبات المتهم واستمعت الى جميع الشهود الذين احضرهم والى شاهدي الاثبات اللواء عبدالله العصفور والنقيب عبدالله محمد عبدالعزيز واستأجل دفاع المتهم عدة مرات للاستعداد للمرافعة فاجابته المحكمة وبجلسة 5/1/2015 حضر المتهم وترافع الدفاع الحاضر معه فشرح ظروف الدعوى وملابساتها وقدم اربع مذكرات بالدفاع وحافظة مستندات يمكن تلخيص ما ورد فيها على النحو التالي: اولا: المذكرة المقدمة من المحامي محمد عبدالقادر الجاسم وطلب في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى او الحكم ببراءة المتهم مما اسند اليه وقد استند في الطلب الاول الى بطلان اجراءات تحريك الدعوى لان اتصال النيابة العامة بها قد جاء على نحو مخالف للقانون فليس هناك بلاغ في القضية ولا يوجد محضر تحريات ولم تتم احالة المتهم الى النيابة بمحضر ضبط واقعة وان كتاب مدير الامن الوقائي الذي خلا من اسم المتهم ومن بيان الواقعة لا يعتبر محضر ضبط واقعة كما استند الى بطلان تقرير الاتهام لانه جاء مجملا ومجهلا ومبهما فقد خلا من العبارات التي تعتبرها النيابة العامة جريمة كما خلت قائمة ادلة الاثبات من تلك العبارات ايضا وان المتهم ليس ملزما بالبحث في اوراق الدعوى عن العبارات التي تشكل الركن المادي للجريمة ما تسبب من تضليل المتهم ويتعين القضاء بعدم قبول الدعوى اعمالا لحكم المواد «129-130-146» من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية، ثم اسهب هذا الدفاع في شرح نص المادة «25» محل التطبيق موضحا الاساس التاريخي والدستوري لها ثم تعرض لاقوال ضابط المباحث وناقشها ناعيا عليها بالتناقض والتضارب بما يجعلها غير جديرة بالاطمئنان اليها وانها لا تصلح بمفردها دليلا يصح التعويل عليه في ادانة المتهم، وخلص بعد ذلك الى ان الخطاب الذي ألقاه المتهم في تلك الندوة كان من قبيل ابداء الرأي وهدفه النصح والاصلاح وخلا من اي جريمة ولم يتضمن قصد الاساءة الى أمير البلاد مستعرضا بعض ما ورد في ذلك الخطاب ويؤيد ما ذهب اليه الدفاع السابق.

ثانيا: المذكرة المقدمة من مجموعة الهاجري القانونية، ويمثلها المحامي حمود الهاجري والتي طلب في ختامها ذات الطلبات الواردة بالدفاع السابق ومستندا في طلب بطلان تقرير الاتهام الى انه خلا من توقيع مقروء يثبت صفة من اصدره ما يقطع صلة المحكمة بالدعوى فالثابت من الاوراق ان توقيع النائب العام وتوقيع المحامي العام الاول غير مقروء ولامكن نسبته الى صاحبه، ثم تعرضت المذكرة لموضوع الاتهام بالدفع بانتفاء اركان الجريمة في فعل المتهم وانعدام القصد الجنائي لديه شارحة مبدأ حرية ابداء الرأي في الدستور الكويتي، وحالة الضرورة التي يجوز فيها اصدار قوانين بمراسيم وحق المواطنين في انتفاء اعمال السلطة التنفيذية واكد الدفاع ان المتهم يوقر الذات الاميرية ما ينتفي معه القول بالعيب فيه كما ان هناك تلاعبا بالقرص المدمج المقدم من مباحث امن الدولة واختتم مذكرته بالطلبات المشار اليها آنفا.
ثالثا: المذكرة المقدمة من المحاميين ثامر وجاسر الجدعي وطلبا في ختامها الغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا ببراءة المتهم مما اسند اليه استنادا الى انتفاء أركان الجريمة في حق المتهم وانعدام القصد الجنائي لديه مستعرضا اقوال شهود الاثبات ناعيا عليها بالتناقض والتضارب ومستعرضا اقوال شهود النفي الذين استمعت المحكمة اليهم متمسكا بما قرروه بأن المتهم لم يقصد التعرض لامير البلاد في خطابه في تلك الندوة ثم استعرض نص مادة التجريم والعقاب بالشرح والتفصيل وانتهى الى عدم انطباق النموذج الاجرامي الوارد بها على واقعة الدعوى.
رابعا: المذكرة المقدمة من المحامي محمد الحميدي وطلب في ختامها الغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما اسند اليه استنادا الى انتفاء اركان الجريمة المسندة الى المتهم بركنيها المادي والمعنوي استنادا لما ورد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واللذين اكدوا على حرية الرأي والتعبير والى دستور دولة الكويت الذي كفل حرية التعبير عن الرأي بالقول او الكتابة حتى ولو تعلق الامر باعلى السلطات السياسية في الدولة وانتهى الى ان الجريمة محل شك كبير ويتعين تفسيره لصالح المتهم والقضاء مجددا ببراءته مما اسند اليه وقدم حافظة مستندات طويت على صور ضوئية من بعض مواد دستور دولة الكويت ومن الحكم الصادر في الطعن رقم 56 لسنة 2008 دستورية ومن قرار الحفظ الصادر في القضية رقم 17/2013 جنح صحافة من النيابة العامة، ومن صفحات لتفسير المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الامم المتحدة، وبذات الجلسة ترافع المتهم عن نفسه فشرح ظروف الواقعة وانكر تعمده اهانة الامير في خطابه وانه كان يقصد فقط النصح والارشاد ثم قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة اليوم.
وحيث انه عن الدفع ببطلان اجراءات تحريك الدعوى الجزائية لعدم وجود محضر ضبط واقعة فانه لما كان من المقرر ان الدعوى الجزائية موكول امرها الى النيابة العامة تحركها كما تشاء وهي صاحبة الحق في رفع الدعوى الجزائية ومباشرتها في قضايا الجنايات عملا بحكم المادة 9/1 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية ويتعين على المحاكم ان تفصل في الدعاوى التي ترفع اليها من النيابة العامة او المحقق اعمالا لحكم المادة 129/1 من القانون سالف الاشارة اليه واذا كان القانون رقم 31/1970 بتعديل بعض احكام قانون الجزاء قد خلا من وضع اي قيد على حرية محل الاتهام والمؤثمة بالمادة 25 منه فان الدفع ببطلان اجراءات تحريك الدعوى الجزائية للسبب الذي تساند اليه الدفاع لا يعدو ان يكون دفعا قانونيا ظاهر البطلان بعيدا عن محجة الصواب.

وحيث انه عن الدفع ببطلان تقرير الاتهام لخلوه من توقيع مقروء يثبت صفة من اصدره لانه جاء مجملا ومجهلا ومبهما خاليا من العبارات التي اعتبرتها النيابة العامة تشكل الركن المادي للجريمة المسندة الى المتهم فانه في غير محله ذلك ان تقرير الاتهام بوصفه ورقة رسمية من اوراق الاجراءات في الخصومة وكانت المادة 130 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية قد اوردت البيانات الواجب ذكرها في تقرير الاتهام وهي: 1- تعيين المدعي ببيان اسمه وصفته. 2- تعيين المتهم ويكون ذلك بذكر الاسم والسن ومحل الاقامة وغير ذلك من البيانات التي تكون ضرورة لتعيين الشخص. 3- بيان الجريمة موضوع الدعوى بذكر الافعال المنسوب صدورها الى المتهم من حيث طبيعتها وزمانها ومكانها وظروفها وكيفية ارتكابها ونتائجها وغير ذلك مما يكون ضرورياً لتعيين الجريمة. 4- الوصف القانوني للجريمة وذلك بذكر المواد القانونية التي تنطبق عليها والاسم الذي يطلقه القانون عليه ان وجد مع ذكر ما يرتبط بها من ظروف مشددة او وقائع مكونة لجريمة اخرى. 5- بيان الأدلة على وقوع الجريمة ونسبتها الى المتهم بذكر اسماء الشهود او القرائن المادية او الاشياء المضبوطة مع الاشارة الى اجراءات الشرطة او المحققين بشأن هذه الدعوى وما انتهت اليه وقت رفع الدعوى، ثم اردف المشرع ذلك النص بعبارة (ولا يعتبر اغفال اي من هذه البيانات او الخطأ فيها جوهرياً الا اذا كان من شأنه تضليل المتهم تضليلا تختل معه الاغراض التي توخاها القانون من ذكر هذه البيانات) متى استقام ذلك وكان البين من الاطلاع على تقرير الاتهام انه تضمن جميع البيانات سالف الاشارة اليها من اسم المتهم وسنة ومحل اقامته وصفته السابقة بما يعينه تعيينا نافيا للجهالة ونوع الجريمة التي ارتكبها على النحو الذي وردت به في نص القانون ووصفها القانوني والمادة القانونية المؤثمة للافعال التي قارفها المتهم ولي الامر بحاجة الى ذكر الالفاظ والعبارات التي تمثل صور الجريمة التي قالها المتهم خلال الندوة، اذ فضلا عن انها وردت تفصيلا بالتحقيقات وأقوال شهود الاثبات -فقد اشارت اليها قائمة ادلة الاثبات المرفقة بتقرير الاتهام، كما جاء التقرير موقعا في نهايته من المحامي العام الاول بتاريخ 4/11/2012 وهو توقيع يماثل توقيعه اسفل تأشيرته الصادرة منه بذات التاريخ بارسال القضية الى رئيس المحكمة الكلية لتحديد جلسة لنظرها امام محكمة الجنايات والثابت في اعلاها اسمه وصفته ومن ثم فان تقرير الاتهام يكون صادرا ممن له الحق في اصداره دون لزوم لذكر اسمه في صدور هذا التقرير طالما اطمأنت المحكمة الى ان التوقيع المذيل به تقرير الاتهام ينصرف الى المحامي العام الذي احال القضية الى محكمة الجنايات للفصل فيها، ثم وان ادعاء الدفاع بان تقرير الاتهام جاء مجملا ومبهما ومجهولا لعدم ذكر الالفاظ والعبارات التي تشكل الركن المادي للجريمة المسندة الى المتهم الامر الذي ترتب عليه تضليله لا محل له لان الدفاع عالج من مذكراته امام هذه المحكمة جميع العبارات التي اعتبرتها النيابة العامة تشكل الركن المادي للجريمة واسهب في تفسيرها والقصد من وراء قولها بما ينتفي معه اي تجهيل او تضليل ويكون الدفع ببطلان تقرير الاتهام للسببين المشار اليهما من الدفاع قانونا ظاهر البطلان يتعين طرحه جانبا وعدم الالتفات اليه ويكون اتصال المحكمة من بعد الدعوى اتصالا صحيحاً متفقا مع احكام القانون في هذا الشأن.

وحيث انه عن الموضوع فانه لما كانت المادة 25 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض احكام قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 تنص على (يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات كل من طعن علنا او في مكان عام او في مكان يستطيع فيه سماعه او رؤيته من مكان في مكان عام عن طريق القول او الصياح او الكتابة او الرسوم او الصور او اي وسيلة اخرى من وسائل التعبير عن الفكر في حقوق الامير وسلطته او عاب في ذات الأمير او تطاول على مسند الإمارة) وجاء هذا النص تطبيقا قانونيا لنص المادة 54 من دستور دولة الكويت والتي جرى نصها على ان (الامير رئيس الدولة وذاته مصونة لا تمس) وصيانة ذات الأمير وعدم المساس به يرجع من جهة انه لا يمكن الاقرار بوجود سلطة اعلى منه في الدولة ومن جهة اخرى الى حسن اللياقة اذ لا يليق ان يكون اعلى مقام في الدولة خاضعا لما يخضع له بقية الافراد، وحفاظا على هذه المكانة الرفيعة حرص المشرع الدستوري على ابعاده عن كل مواطن المسؤولية حتى لا تتعرض له الالسنة والاقلام فنص في المادة 55 من الدستور الكويتي على ان (يتولى الامير سلطاته بواسطة وزرائه) وهو مبدأ اساس مترتب على ارتفاع المسؤولية عن الامير عند مباشرته سلطاته لما يستوجبه ذلك من علو مكانته ومقامه السامي وبما يوجبه ذلك من التوقير والاحترام كما ان الامير لا يشارك الوزراء في اعمال الحكومة بل يتولاها الوزراء بأنفسهم مع رئيس الوزراء وعلى الحكومة وحدها مع تبعة هذه الاعمال وتتحمل وحدها -دون غيرها- المسؤولية عنها حتى يسد المشرع الباب على من يريد توجيه اي نقد لاعمال الحكومة ان يتعرض للأمير من قريب أو بعيد فالدستور ارسى دعائم المسؤولية الوزارية ونص عليها بتفصيل كاف -ليس هذا مكانه- وجعلها مناطا للحكم ورتب لها كل ما يناسبها من الاحكام وفي ضوء ذلك نص المشرع -بالمادة 25 سالف ذكرها على تأثيم الافعال والاقوال التي تنطوي على الطعن في حقوق الامير وسلطته والعيب في ذات الأمير والتطاول على سند الامارة، وهي صور لجريمة واحدة، حدد المشرع لها عقوبة واحدة، سواء وقعت من متهم واحد بصورها الثلاث او ظهرت الى الوجود بصورة من تلك الصور، واوجب المشرع ضرورة توافر ركن العلانية في تلك الجريمة فلا تقع حتى يعلن الرأي صاحبه، وركن العلانية يلزم لقيامه توافر احدى صورتين اولهما توزيع الكفاية او الرسوم او الصور او اي وسيلة اخرى من وسائل التعبير عن الرأي او الفكر او اطلاق القول او الصياح على عدد غير محدود من المناسبات بغير تمييز حتى ولو كان قليلا، كما يلزم لقيامه انتواء المتهم اذاعة ما سبق ما دامت تلك الاذاعة لا يمكن ان تتم الا بفعل المتهم او كانت نتيجة حتمية لفعله، فاذا توافر ركن العلانية، وشكلت العبارات والاقوال التي اذاعها المتهم احد صور هذه الجريمة حق العقاب والعلة في ضرورة اشتراط الاذاعة والاعلان عن الرأي او التفكير الذي يشكل الجريمة ظاهرة فلكل فرد حرية الرأي والتعبير ولا عقاب على التفكير وتكوين الرأي، وانما العقاب على اعلان الرأي المخالف للقانون والجهر به بأي طرقة من طرق العلانية ولا يصح الاحتجاج -في هذا المقام- بان حرية الرأي مكفولة بنص المادة 36 من الدستور الكويتي لان حرية الرأي تختلف عن بقية الحريات في ان اثرها ليس قاصرا على صاحبها وانما يتعداه الى غيره بالتأثير فيه، واصبح لذلك امر تنظيمها واجبا لما قد يؤدي اطلاقها الى الفتنة والفوضى وغريق الدولة واضطرابها، كما يلزم لقيام هذه الجريمة توافر القصد الجنائي والذي يتحقق بتوافر القصد الجنائي العام بعنصريه العلم والارادة وامر استنباطه متروك لمحكمة الموضوع تستخلصه من ظروف وملابسات الواقعة في حدود سلطتها التقديرية اما الركن الثالث – وهو صور الجريمة- فانه يتمثل في الطعن في حقوق الأمير وسلطته، والعيب في ذات الأمير والتطاول على سند الامارة، والصورة الأخيرة يقصد بها الشكل الاميري للحكومة في الكويت وكيان الامارة ونظامها القائم، ولما كان الدستور الكويتي قد تكفل في المادة 4 منه ببيان شكل الامارة فجعلها وراثية في ذرية المغفور له مبارك الصباح، نظم احكامها التفصيلية قانون خاص هو قانون توارث الامارة اضفى عليه الصفة الدستورية حتى يضمن له قوة وثباتا لا تتهيأ له بالقوانين العادية فلا ينقص ولا يمس ولا يعدل إلا بالطريقة المقررة لتعديل الدستور، أما الصورتين الأولى والثانية فالمقصود بهما حماية شخص الأمير مما عسى ان يوجه إليه من طعن في حقوقه وسلطته ويشمل كل نقد منطو على تجريح يمس الهيبة ويتعارض مع ما يجب من التوقير والاحترام الذي من شأنه ان يضعف من سلطة رئيس الدولة وينقض الحق الذي يستمده من الدستور دون ان يمنع ذلك اصحاب الفكر وذوي الرأي من حقهم في انتقاد اعمال الحكومة ووزرائها بل رئيس الوزراء لانها حرية مكفولة على الدوام ما دام الامير لا يزج باسمه ولا يقحم في اي من هذه الممارسات، وفي هذا الصدد فإن المقصود بكلمة العيب هو التهجم الذي من شأنه ان يمثل انتهاكاً او مساساً بالاحترام الواجب لشخص رئيس الدولة وهو الامير دون ان يمتد ذلك الى حماية شخص الامير وكيانه المادي لانه محمي بالمادة 54 من الدستور الكويتي والمادتين 23، 24 من القانون رقم 31 لسنة 1971 بتعديل بعض احكام قانون الجزاء ويشمل العيب في ذات الامير والطعن في سلطته كل فعل من شأنه ان يمس كرامة الامير بحيث يضعف او يقلل احترام الناس له او يقلل من هيبته ونفوذه الادبي لدى الامة، وتقدير مرامي العبارات وسبر غورها واستنباط المقصود منها موكول الى محكمة الموضوع تستظهره على ضوء الوقائع المادية والظروف والملابسات التي احاطت بالواقعة.

 

اما عن وجدان المحكمة – مستخلصة من سائر الاوراق وما تم فيها من تحقيقات، وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة – تتحصل في ان المتهم وقف خطيباً يوم 10/10/2012 وأمام جمع غفير من المواطنين المشاركين في ندوة تحت عنوان «كفى عبئاً» والذين تجمعوا في الساحة المقابلة لمبنى مجلس الامة «ساحة الارادة» ووجه خطاباً كلامياً لصاحب السمو امير البلاد احتوى على عبارات وفقرات تعد – بمفهوم القانون – طعناً علنياً في حقوق الامير وسلطاته وعيب في ذاته اذ قال – ومن بين ما قال- لن اخاطب الا صباح الاحمد.. يا شيخ صباح احنا يا شيخ لا نخشى في الله لومة لائم- لا نخشى مطاعاتكم الجديدة التي شريتموها ولا نخشى سجونكم التي بنيتموها فإذا كان السجن هو عقاب على كرامتنا فهو اشرف من الخضوع واذا كان الضرب هو عقاب لنا على قولة الحق فهو اهون من تأنيب الضمير- بعض مستشارينك لهم مصالح تجارية وبعضهم في قلوبهم حق دفين على الشعب والديموقراطية فلا تجعل سلطاتك وانت امير ممرا لمصالحهم واحقادهم فأسوأ استشارة هي التي تجمع بين رأس المال والسلطة – اسمع صوتنا القادم من سلطة الشعب.. او تنحدر الكويت الى هاوية الحكم الفردي ونحن لن نسمح لك يا سمو الأمير – وكررها تسع مرات- باسم الامة باسم الشعب ان تمارس الحكم الفردي- نعم نعم يحق لنا مخاطبة الامير مباشرة وانتقاد اعماله ايضاً والسلطة المسؤولة بقدر السلطة – ما يجوز يا شيخ – تعرف شنو مشكلتك.. انك للحين تعتقد انك رئيس وزراء هذه مشكلتك- انت اختارك مجلس الامة وعينك أميراً ما عينك ابوك ولي عهد ولا عينك اخوك ولي عهد- انت بالذات يا صاحب السمو من بين كل حكام الكويت.. لهم في رقبتك دين- حافظ على القانون يحفظك الشعب – اقولها بالفم المليان سلطاتك ليست مطلقة – انها مقيدة باسم الامة وفقاً للدستور، يطلقون عليك ابو السلطات وولي الامر، وهذا مخالف للدستور وانت تعرف ذلك- هذا الدستور يمنح الشعب سلطة اكبر من سلطاتك فعليك ان تحافظ على محبة الشعب – احنا في عهد صباح الاحمد ولا عهد جاسم الخرافي، ماذا تريد ان يكتب التاريخ في صفحتك- هل تريد ان يكتب في عهد الشيخ صباح الاحمد تم بخس اصحاب الرأي – هل تريد ان يكتب تضرب الناس بالمطاعات- هل تريد ان يكتب في عهد الشيخ صباح الاحمد نهبت الكويت وأموالها- هل تريد ان يكتب في عهد صباح الاحمد تم انتهاك حقوق الشعب وتقويض الدستور- هذا تاريخك وانت تصنعه بفعل يمناك- الشعب الكويتي يرفض الحكم الفردي رفضاً قطعياً منك أو من أي حاكم يأتي بعد – والان بعد ان تحولتم من الضعف الى القوة بعد الله – وبعد ابناء الشعب الكويتي تريدون قهر الشعب وقمعه وضربه، وانتهاك الدستور- العبث بالدستور والانفراد بالقرار ضعف لكم وليس قوة – العنف لا يجلب الا العنف المضاد، سيجلب العنف المضاعف- ليس من المناسب ان تتصادم مع الشعب – رفعت مخصصاتك بعد تسلمك الامارة من 8 مليون الى 50 مليون ما قلنا شيء تقديراً لك فاضغط هذا التقدير- والله لو تنزل جيشك وحرسك الوطني وشرطتك لن تثنينا عن مناصرة الشعب وحماية الدستور – سلطاتك مقيدة بالدستور لا تملك أن تستخدم المادة 71 على كيفك – هذه المادة حالة استثنائية – مالك حق – مالك حق – ولا لك حق إذا أصدرت المرسوم – الأمة راح ترجع بضاعتك إليك – تريد أن تتعدى على حقوقنا كشعب لا نسمح ولم نسمح…) فهذه العبارات التي قالها المتهم علناً من مكان عام وقاصداً قولها مدركاً لمعانيها – بصفته عضوا سابقا بمجلس الأمة لعدة دورات – تمثل تهجماً على أمير البلاد ومساساً بالاحترام الواجب لشخصه بوصفه رئيساً للدولة، وتقليلاً من احترام الناس له وانتقاصاً من هيبته ونفوذه بما يغري الجميع لفعل ما فعل المتهم كما تمثل هذه العبارات في الوقت ذاته تجريحاً له ينطوي على مساس بهيبته ويتعارض مع ما يجب له من التوقير والاحترام وبما يترتب على هذه الأفعال من ضعف لسلطة الدولة متمثلة في أمير البلاد، واعتداء سافراً على الحقوق المكفولة له بموجب الدستور الكويتي، وتشكل تلك الأفعال في نهاية المطاف الجريمة المؤثمة بالمادة 25 من القانون رقم 31 لسنة 1971 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء – بجميع أركانها على النحو المار بيانه.

 

وحيث إن الواقعة – وعلى نحو ما تقدم – قد استقام الدليل على صحة وقوعها من المتهم وصحة اسنادها إليه وثبوتها في حقه، مما شهد به وقرره بالتحقيقات الضابط عبدالله محمد عبدالعزيز، ومما ثبت بتفريغ القرص المدمج (سي دي) لخطاب المتهم الذي ألقاه في ساحة الإرادة يوم 15/10/2012، ومما أقر المتهم به في تحقيقات النيابة العامة.
فقد شهد النقيب محمد عبدالله عبدالعزيز الضابط بجهاز أمن الدولة بتحقيقات النيابة العامة بأن تحرياته السرية حول الواقعة دلت على أن المتهم ألقى خطاباً في ساحة الإرادة المواجهة لمبنى مجلس الأمة في ندوة جماهيرية تحت عنوان (كفى عبثاً) تناول فيه الأحداث السياسية والتصدي لما هو متوقع من إصدار مراسيم ضرورة من أمير البلاد – بعد حل مجلس الأمة – لتعديل قانون الانتخاب – ووجه كلامه مباشرة إلى سمو أمير البلاد – على حد ما ورد في الخطاب – وشكلت معظم عبارات الخطاب تطاولاً وتهجماً وتعدياً على الأمير وطعناً في حقوقه وسلطاته داعياً الحضور الى التصدي ومواجهة هذه المراسيم ان صدرت مدعياً أنها ليست من حق الأمير إصدارها وليست له سلطة في ذلك وواصفاً ذلك بأنه عبث بالدستور واعتداء عليه وتعد هذه العبارات منه تصغيراً لمقام الأمير وإساءة له واصفاً إياه بالمتضرر من قراراته حيث قال من بين ما قال (لن أخاطب إلا صباح الأحمد وسأوجه خطابي إليه مباشرة – الكويت تمر بأسوأ مراحلها وما عندنا مجال لرفاهية المجاملة ولا المهادنة – يا شيخ صباح أنت تعلم وأنا أعلم وجميع الناس يعلمون أن هناك أمرين يخشى عليهم الإنسان – حياته ورزقه – وهذا بيد الحكيم العزيز – ليس بيدك ولا بيد السلطة ولا بيد حكومته – إحنا يا شيخ لا نخشى في الله لومة لائم – لا نخشى مطاعاتكم الجديدة التي شريتموها ولا نخشى سجونكم التي بنيتموها – فإذا كان السجن هو عقاب على كرامتنا فهو أشرف من الخضوع وإذا كان الضرب عقاباً لنا على قولة الحق فهو أهون من تأنيب الضمير) وفسر الشاهد تلك العبارات بأن المتهم كان يقصد ويعني ما يقوله لأنه كان يقرأ من ورقة وبالتالي فإنه يعلم سلفاً ما سيقوله بعد أن اختار الكلمات والعبارات التي تعني عدم أحقية الأمير في إصدار المراسيم المزمع إصدارها ومحاولة الضغط عليه لمنعه من إصدارها عن طريق إثارة الحضور ودفعهم إلى مقاومة هذه المراسيم إن صدرت ورفضها ولو بالقوة وملأ نفوسهم بعدم الخوف والخشية من سطوة رجال الأمن، ثم قال (اليوم أخاطبك لأنك الوحيد بالسلطة لأن ما فيه مجلس أمة ولا حكومة – اليوم السلطة بيدك وحدك والصوت صوتك ولا صوت في البلد الا صوتك فاسمع صوتنا القادم من سلطة الشعب.. أو تنحدر الكويت الى هاوية الحكم الفردي ونحن لن نسمح لك يا سمو الأمير – وكرر كلمة لن نسمح لك تسع مرات – باسم الشعب ان تمارس الحكم الفردي، وهذا يمثل تحدياً واضحاً للأمير وسلطاته وتعدياً على مسند الامارة، وقال «نعم – نعم – يحق لنا مخاطبة الأمير مباشرة وانتقاد اعماله ايضاً»، وهذا غير صحيح لان الأمير وفقاً للدستور والقانون ذاته مصونة لا تمس ولا يصح انتقاد اعماله بهذه الطريقة وقال: «ما يجوز يا شيخ – تعرف شنو مشكلتك طال عمرك – انك تعتقد انك رئيس وزراء – هذه شكلتك» وهذه العبارة فيها تصغير واهانة لقدر الأمير ومكانته ومقامه السامي الذي هو اعلى من منصب رئيس الوزراء – ثم قال «انت اختارك مجلس الأمة وعينك أميراً ما عينك ابوك ولياً للعهد ولا عينك اخوك ولياً للعهد – اختارك الشعب راضياً اميراً للبلاد فهل جزاء الاحسان إلا الاحسان» ويقصد انه يمن على الأمير في هذا الشأن وان الأمير قابل هذا الاحسان بعدم الاحسان، وقال: «اقولها بالفم المليان سلطاتك ليست مطلقة لكنها مقيدة باسم الأمة وفقاً للدستور – يطلقون عليك أبوالسلطات وولي الأمير وهذا مخالف للدستور وانت تعرف ذلك فلا تكسر يا سمو الأمير هذا البعد ولا تجعل علاقة الشعب فيك وفق الدستور فقط فهذا الدستور يمنح الشعب سلطة أكبر من سلطاتك فعليك ان تحافظ على محبة الشعب ولا تفرط فيها.. وقال: «يقولون يا جماعة العهد اللي احنا فيه عهد صباح الأحمد ولا عهد جاسم الخرافي.. أقول لكم الحين في درج من ادراج الديوان الأميري مرسومين – مرسوم خمس دوائر في صوت واحد لارضاء الخرافي وخمس دوائر بصوتين لارضاء محمد الصقر»، ورد عليه الحاضرون واحنا احنا.. فرد عليهم «مالكم شيء انتم في ذهنهم ما لكم شيء الا لما توقفون هذه الوقفة».
ثم قال: «يا صاحب السمو التاريخ يسجل فماذا تريد ان يكتب التاريخ في صفحتك – هل تريد ان يكتب في عهد الشيخ صباح الأحمد تم بخس اصحاب الرأي – هل تريد ان يكتب في عهد الشيخ صباح الأحمد تضرب الناس بالمطاعات – هل تريد ان في عهد الشيخ صباح الأحمد نهبت الكويت وأموالها – هل تريد ان يكتب التاريخ انه في عهد صباح الأحمد تم انتهاك حقوق الشعب وتقويض الدستور – هل تريد ان يكتب انه في عهد صباح الأحمد كانت اليد الطولي لجاسم الخرافي – الأمر لك وهذا تاريخك تصنعه بفعل يمناك»، وهذه عبارات فيها انتقاص كبير لمقام سمو الأمير – وقال: «هناك قانون للشعب وقانون للشيوخ – الشعب الكويتي يرفض الحكم الفردي رفضاً قطعياً منك ومن أي حاكم يأتي بعد طويل العمر – والآن بعد ان تحولتم من الضعف الى القوة بعد الله وبعد أبناء الشعب الكويتي تريدون قهر الشعب وقمعه وضربه وانتهاك الدستور – العبث بالدستور والانفراد بالقرار ضعف لكم وليس قوة – العنف لا يجلب الا العنف المضاد ثم العنف سيجلب العنف المضاعف، وهذا الأمر لا نريده – انتم قاعدين تحطون الناس غصب فيه – ما هي زينة لك انت اليوم رئيس دولة ولست وزيراً أو رئيس وزراء – رفعت مخصصاتك من 8 ملايين الى 50 مليون ما قلنا شيئاً تقديراً لك فاحفظ هذا التقدير للأمة، وهي عبارات تحمل معنى الاهانة والمن على الأمير وتقريعاً له وتطاولاً عليه وانه يأخذ مال الشعب وقال «انا أقولك واجيب من الآخر أقسم بالله يا طويل العمر والله لو تنزل جيشك وحرسك الوطني والشرطة لم تثنينا عن مناصرة الشعب وحماية الدستور، ومفادها ان الجيش والحرس الوطني والشرطة مع الأمير ضد الدستور، وقال: انت رئيس دولة وسلطاتك مقيدة بالدستور ما تملك انك تستخدم المادة 71 على كيفكم – المادة 71 هي حالة استثنائية لا يستخدمها الامير الا اذا كان مجلس الأمة غائباً والا اذا كان هناك خطر داهم على الأمة أو مصلحة وطنية عليا – مالك حق مالك حق ولا لك حق – اذا اصدرت المرسوم – الأمة راح ترجع بضاعتك اليك: واجهوا السلطة الغاشمة التي تريد ان تتعدى على دستور الأمة ومقدرات الأمة تريد ان تعتدي على حقوقنا كشعب لا نسمح ولن نسمح، واختتم الشاهد اقواله بان المتهم يريد بهذا الخطاب منع الأمير من ممارسة سلطاته بدليل حديثه عن مطالبة الحضور بان يعيشوا احراراً في بلادهم والا يكونوا عبيداً لاحد قاصداً اثارتهم وصولاً الى قصده بمنع الأمير من اصدار تلك المراسيم التي يعتقد انها معدة للصدور.
وثبت من الاطلاع على تفريغ القرص المدمج المرفق بمحضر التحريات المؤرخ 18/10/2012 الذي تم تفريغه بمعرفة وكيل النيابة المحقق والمحرر له محضر تفريغ مستقل مؤرخ 21/10/2012 ان المتهم هو الذي يقف متحدثا في الندوة وخلفه لافتة مكتوب عليها «كفى عبثاً»، وامامه منصة عليها عدد من الميكروفونات وعدد كبير من الحاضرين يهتفون يصفقون احيانا، وتبين من هذا التفريغ ان حديث المتهم تضمن جميع العبارات والكلمات التي قالها شاهد الاثبات التي اوردتها المحكمة تفصيلا في اقوال الشاهد ولم تشأ المحكمة اعادة ترديدها منعا من التكرار وتحيل الى اقوال الشاهد في هذا الخصوص ما يقطع بمطابقة اقوال الشاهد لتفريغ المدمج المقدم منه عن تلك الندوة.

 

واقر المتهم بتحقيقات النيابة العامة ان حركة نهج هي التي نظمت هذه الندوة ووجهت اليه الدعوة لالقاء كلمة فيها فحضر والقى ذلك الخطاب الذي كان يدور حول الاوضاع السياسية في ذلك الوقت وعن النية في تغيير النظام الانتخابي وانه وجه جزءا من خطابه لامير البلاد وانه كان يقصد النصح وتحقيق المصلحة العامة اقتداء بسلمان الفارسي حين قدم النصيحة علانية لعمر بن الخطاب وانه وجه كلامه مباشرة لصاحب السمو وهو حق كفله له الدستور وبيد انه غير مسؤول عن قيام بعض الوسائل الاعلامية بنقل هذا الحديث فهي مسؤولية القائمين على تنظيم الندوة وانه مسؤول عن كلامه بالندوة وليس عن فهم الضابط لهذا الكلام نافيا ان يكون قاصدا التعدي على الامير او اهانته او الانتقاص من سلطاته واقر تحديدا بقوله العبارات الاتية: 1) احنا يا شيخ لا نخشى في الله لومة لائم، لا نخشى مطاعاتكم الجديدة التي شريتوها ولا نخشى سجونكم التي بنيتوها فاذا كان السجن هو عقاب على كرامتنا فهو اشرف من الخضوع واذا كان الضرب هو عقاب لنا على قولة الحق فهو اهون من تأنيب الضمير، 2) ما يجوز يا شيخ – تعرف شنو مشكلتك طال عمرك – انك للحين تعتقد انه رئيس وزراء هذه مشكلتك، 3) انت اختارك مجلس الامة وعينك اميرا – اختارك الشعب راضيا اميرا للبلاد فهل جزاء الاحسان الا الاحسان – ما لكم شيء انتم في ذهنك ما لكم شيء، 4) هل تريد ان يكتب التاريخ تضرب الناس بالمطاعات او يكتب انه في عهد صباح الاحمد نهبت الكويت واموالها او في عهد صباح الاحمد تم انتهاك حقوق الشعب وتقويض الدستور – هذا تاريخك وانت تصنعه بفعل يمناك.
5) هناك قانون للشعب وقانون للشيوخ – رفعت مخصصاتك من 8 ملايين إلى 50 مليونا ما قلنا شيئا تقديراً لك فاحفظ يا سمو الأمير هذا التقدير ليس لنا إنما للأمة.
6) واجهوا السلطة الغاشمة التي تريد أن تعتدي على دستور الأمة ومقدرات الأمة – تريد أن تعتدي على حقوقنا كشعب لا نسمح ولن نسمح.
7) والآن بعد أن تحولتم من الضعف إلى القوة بعد الله وبعد الشعب تريدون قهر الشعب وقمعه وضربه وانتهاك الدستور- العبث بالدستور والانفراد بالقرار ضعف لكم وليس قوة – لو تنزل جيشك وحرسك الوطني وشرطتك لم تثننا عن مناصرة الشعب وحماية الدستور.
8) ثق بالله أنك إذا إصدرت مرسوم الضرورة الذي يتعلق بالانتخابات والأصوات فإنك عقدت الحبال ومسؤوليتك أنها تحلها.
9) القضية أكبر بكثير – نحن نمر بمرحلة مفصلية إما أن ينتصر الشعب ويحافظ على إرادته وكرامته وسيادته أو تنحدر الكويت إلى هاوية الحكم الفردي ونحن لن نسمح له يا سمو الأمير – لن نسمح لك يا سمو الأمير وكررها تسع مرات – يا سمو الأمير باسم الأمة باسم الشعب أن تمارس الحكم الفردي. وحيث إن المتهم أنكر بتحقيقات النيابة العامة وبجلسات المحاكمة ما هو منسوب إليه وترافع دفاعه أمام هذه المحكمة فشرح ظروف الدعوى وملابساتها وقدم أربع مذكرات بالدفاع تناول فيها بالشرح والتحليل خطاب المتهم في تلك الندوة، مبدياً دفوعاً شكلية ودفاعاً موضوعياً أوردته المحكمة تفصيلاً في مقدمة هذا الحكم (الصفحات من ص5 حتى ص11) وتم الرد على الدفوع الشكلية ونتعرض الآن للدفاع الموضوعي. وحيث إنه وعن دفاع المتهم بتناقض وتضارب شهادة الضابط محمد عبدالعزيز فإنه مردود بما هو مقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة عليها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إلى اقتناعها مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق وأن وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه الى محكمة الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها متى استقام ذلك، وكانت هذه المحكمة تطمئن الى شهادة شاهد الاثبات الضابط محمد عبدالعزيز وتأخذ بها وتعول عليها في الادانة وترى أنها اتسقت مع الدليل الآخر في الدعوى وهو تفريغ القرص المدمج ومع ما اقر به المتهم بتحقيقات النيابة العامة ولا ينال من ذلك اختلاف بعض الكلمات والعبارات لانه لا يستعصي على المواءمة والتوفيق ولا يغير مما انتهت اليه تلك الادلة في استخلاص المحكمة الصورة الحقيقية للواقعة كما اوردتها المحكمة في صدر هذا الحكم ويضحى هذا الدفاع لا سند له متعيناً الالتفات عنه.
وحيث انه وعما يتساند اليه الدفاع من انتفاء اركان الجريمة المسندة الى المتهم من الواقعة المعروضة فانه لما كان الثابت بالاوراق ان المتهم قارف الركن المادي للجريمة المؤثمة بالمادة (25) من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض احكام قانون الجزاء وهو الطعن في حقوق الامير وسلطته وعاب في ذاته حين حفل خطابه امام الجمهور في ساحة الارادة يوم الواقعة بالعبارات والكلمات والفقرات التي تمثل طعناً في حقوق الامير وسلطاته ومنها – على سبيل المثال لا الحصر قوله (اسمع صوتنا القادم من الشعب او تنحدر الكويت الى هاوية الحكم الفردي ونحن لن نسمح لك يا سمو الأمير- وكرر كلمة لن نسمح لك تسع مرات وسط تصفيق الحاضرين – لن نسمح لك باسم الأمة باسم الشعب أن تمارس الحكم الفردي) وقوله (أنت اختارك مجلس الأمة وعينك أميراً ما عينك أبوك ولياً للعهد ولا عينك أخوك ولياً للعهد – اختارك الشعب راضياً أميراً للبلاد فهل جزاء الاحسان الا الاحسان) وهو منّ وتقريظ لأمير البلاد ونعت له بأنه لم يقابل احسان الشعب باختياره أميراً بالاحسان الواجب عليه وغير ذلك من العبارات والأقوال التي تعتبر بحكم الدلالة اللفظية لها تعدياً على حقوق الأمير المنصوص عليها في الدستور وعيباً في ذاته وانتقاصاً من هيبته لدى الأفراد، كما حفل الخطاب الصادر من المتهم بعبارات وأقوال تنم عن عدم اللياقة وحسن الخطاب حين يتوجه أحد أفراد الشعب الى أمير البلاد وهو أعلى سلطة في الدولة له مركز استثنائي ومكانة عالية ومقام سام يستوجب التوقير والاحترام محمي ذلك كله بنصوص الدستور فهو رئيس الدولة وذاته مصونة لا تمس، ولا يصح التعلل بأن القصد من هذا الخطاب هو النصح والارشاد والتأسي بواقعة أحد الصحابة مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأن ظروف الحياة اختلفت والأوضاع الاجتماعية تبدلت وتعقدت وأخلاق الناس وطباعهم تغيرت مما يتعين معه توقير الحاكم والمحافظة على هيبته لدى الأفراد وعلى مكانته الاجتماعية التي يستحقها حتى ينعم المجتمع بالاستقرار والا عمت الفوضى وساد الاضطراب وتفككت الدول وانهارت المجتمعات، فاذا جاء خطاب المتهم على ذلك النحو، وفي علانية كاملة بحضور جمع غفير من المواطنين دون تمييز وقيام وسائل الاعلام بنقل وتسجيل هذا الخطاب – والمتهم يعلم ذلك علم اليقين – من الميكروفونات الموضوعة أمامه فان ركن العلانية يتوافر ايضاً وتقوم تلك الجريمة في حقه، ويكون دفاعه بانتفاء اركانها لا محل له ولا سند عليه ويتعين رفضه وطرحه جانبا.
اما عن القصد الجنائي اللازم توافره في تلك الجريمة فانه يكفي القصد الجنائي العام بعنصريه من علم وارادة -كما سلف القول في صدر هذا الحكم- وقد توافر حقا هذا القصد اخذا بما قاله المتهم في بداية حديثه بانه يوجه كلامه مباشرة للامير ما يفيد ان الحديث بعباراته وكلماته كلها موجهة الى امير البلاد، وحدد المتهم بذلك الشخص المقصود بهذا الخطاب والمعني به حين قال (اليوم أخاطبك لأنك الوحيد بالسلطة لان ما فيه مجلس امة ولا حكومة) وبالتالي يكون ادعاؤه بانه كان يقصد ببعض العبارات الحكومة عاريا من دليله ومخالفا للثابت بالاوراق، ثم انه كان يتحدث من ورقة مكتوبة ما مفاده انه يعني كل كلمة ينطق بها ويقصدها ولا يصح له التذرع بان بعض هذه الكلمات جاءت عقوبة وصادرة عن انفعال بالموقف وانه لم يكن يقصد التعدي على الامير او الانتقاص من سلطاته، ويكون دفاعه في هذا الصدد لا سند له وفوق ذلك كله فقد اقر المتهم بتحقيقات النيابة العامة وبجلسات المحاكمة مسؤوليته عن كل العبارات التي قالها في تلك الندوة ما تنتهي المحكمة معه الى توافر القصد الجنائي لديه في هذه الجريمة على النحو المعرف به في القانون ولا ينال من ذلك تذرع المتهم بانه كان يقصد النصح والارشاد والقاء الضوء على عواقب اصدار هذه المراسيم لان ذلك كله من قبيل البواعث التي لا تؤثر في قيام الجريمة في حقه متى توافرت اركانها في الفعل الذي اقترفه المتهم ويتعين الاعراض عن هذا الدفاع.
وحيث انه عما ذهب اليه دفاع المتهم من ان العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاعلان العالمي لحقوق الانسان قد اكدا على حرية الرأى والتعبير كما ان الدستور الكويتي قد كفل حرية التعبير عن الرأي بالقول او الكتابة فان ذلك مشروط بالا يشكل ابداء الرأي من احد الافراد جريمة في حق اي فرد من افراد المجتمع، كما يتعين الا يشكل هذا الرأي -من باب اولى- اعتداء على السلطات القائمة في الدولة، فان التزام صاحب الرأي عند ابدائه بالحدود الواردة في القانون فلا تثريب عليه في ابدائه هذا الرأي اما اذا تجاوز هذه الحدود ودخل برأيه في دائرة التجريم فلا يصح التذرع بهذه المواثيق الدولية لان القوانين المحلية ودساتير الدول هي التي تنظم كيفية ممارسة هذه الحقوق، وينحل هذا الدفاع الى جدل موضوعي لا تلتزم المحكمة بالخوض فيه او الرد عليه. وحيث انه عن بقية دفاع المتهم فانه فضلا عن ان المحكمة ليست ملزمة بتعقبه في جميع مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها لان الرد يستفاد من اخذها بادلة الاثبات التي اطمأنت اليها وعولت في الادانة عليها، فانها لم تجد في تلك الاوجه ما يستأهل ردا خاصا ومن ثم فانها تلتفت عنها.

وحيث انه -وبناء على ما تقدم- فانه يكون قد استقر في وجدان المحكمة بيقين ان مسلم محمد حمد البراك وفي يوم 15/10/2012 بدائرة دولة الكويت طعن علنا وفي مكان عام عن طريق القول في حقوق الامير وسلطته وعاب في ذاته وتطاول على مسند الامارة بان وجه له خلال ندوة عامة العبارات والالفاظ المبينة بالاوراق وذلك على النحو المبين بالتحقيقات، هي الجريمة المؤثمة بالمادة 25 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض احكام قانون الجزاء ويتعين معاقبته بمقتضاها عملا بحكم المادتين 172/1، 209 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية.
فلهذه الأسباب، حكمت المحكمة: وفي موضوع الدعوى بمعاقبة المتهم مسلم محمد حمد البراك بالحبس لمدة سنتين مع الشغل والنفاذ

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*