الرئيسية / أقسام أخرى / منوعات / الاحتفال بعيد الميلاد من مجمع الصالحية إلى الوطية: ملاذ البسطاء

الاحتفال بعيد الميلاد من مجمع الصالحية إلى الوطية: ملاذ البسطاء

كم من مسيحي بسيط لم يجد متنفسا للخروج من معسكر العمل الذي يعيش فيه طوال الأسبوع لينفق على أسرته أو يتكفل حتى بنفسه، فلجأ مع المئات – من الجاليات الآسيوية تحديدا – الى الشوارع المحيطة بدوار فهد السالم، المعروف بالشيراتون، اسبوعيا تقريبا خاصة في ايام الجمع، هناك يلتقون، يتعارفون، يشعرون برائحة الوطن الأم من خلال اللغة والشكل والسلوك التلقائي الذي لا يعمل حساب «ماما او بابا».
لكن في ايام الأعياد، خاصة عيد الكريسماس، يزداد وكأن المكان ناد كبير بالمجان، لا رسوم دخول ولا مشروبات مفروضة، شمس وهواء وأرصفة ومولات فقط.
القبس اتجهت الى اماكن تجمع الاخوة المسيحيين المحتفلين بعيد الميلاد، ورصدت بساطة احتفالاتهم التي تناسب امكاناتهم مع رواتب بسيطة واجازات محدودة.
طابور من المحتفلين يمشون ما بين مجمع المثنى والماريوت باتجاه دوار الشيراتون، معظم المحال مغلقة في «فهد السالم» ماعدا محل بقالة واخر للقماش وللتصوير، بينما وقف احدهم يبيع عبوات الروائح على جانب الرصيف.

على ناصية شارع محمد ثنيان الغانم يبدأ الزحام، وهنا امام وخلف سوق الصالحية الغالبية من الهندوس يتقابلون اسبوعيا وكأنهم في عرس، البنات والسيدات يرتدين ثيابا تقليدية ملونة زاهية، والشباب «يكشخ» بما يستطيع، يجلس الجميع في الساحة الدائرية الخلفية للحديث وتبادل المأكولات الخفيفة.
علينا العبور الى الطرف الاخر، ناحية مجمعي باناسونيك والوطية، لكنها ازمة حقيقية في العبور وافراد من المرور ينظمون حركة المشاة مع حركة السيارات، لكن طوفانا من البشر يتجدد كل دقائق معدودة، ولا سبيل الا بالتدافع وصراخ المنظمين في المتجمعين ليتنبهوا.
التقيا في الغربة
عبرنا الى حديقة صغيرة للغاية، ليس لها مدخل لكن الكل اخترق سورها وافترش ارضها، منهم شخص جلس وحيدا عرفنا انه من نيبال واسمه سازان جاء الى الكويت منذ شهر ونصف الشهر فقط، ليس له صديق ولأول مرة سيحتفل هكذا بمفرده، يقول: اعمل في شركة لبيع الملابس، واليوم عطلتنا، وعرفت ان هذا المكان يتجمع فيه ابناء جاليتي ايضا فجئت اليه منذ الصباح، انظر في وجوه الناس حولي واتذكر عائلتي التي لا استطيع حتى مكالمتهم بالهاتف او الانترنت، فانا لم اتسلم الراتب بعد. لم يكمل سازان كلمته حتى اقترب منه شخص وصافحه وجلس معنا.
عرفنا ان القادم الجديد اسمه سومار ويعرف صاحبنا منذ زمن في بلادهما، ولكنه لا يتحدث الانكليزية مثله، وجاء الى هنا ليبحث هو ايضا عمن يشاركه احتفالا بالعيد.
وجبة طعام
تركناهما وقد التم الشمل واتجهنا الى جلسة جمعت فتاة فلبينية واخرى من سريلانكا وشابين عربيين.
بيرناديت ولاليتا ومحمد وهاني اجتمعوا على النجيل الاخضر يتناولون الطعام.
قالت بيرناديت: للاسف لم يسمح لي صاحب العمل ان اغادر المنزل امس الى الكنيسة للاحتفال، وقال: احتفلي غدا في عطلتك. واليوم تقابلت مع الاصدقاء هنا ومع عمتي وسأشتري بعض الملابس قبل ان اعود.

الراتب ضعيف
نسألها عن راتبها فتقول 90 دينارا ارسل معظمه للعائلة، اما لاليتا فراتبها 70 دينارا وتعمل في منزل ايضا، لكنها اكثر خبرة وحظا فقد سمح لها كفيلها بالاحتفال ليومين وقابلت صديقاتها هنا على هذه المساحة الخضراء، واحتفلن قبل ساعات الى ان مضين، وبقيت هي ويقول محمد نحن تعرفنا كمجموعة هنا، واشترينا طعاما لتجمعنا لقمة عيش وكانت فرصة طيبة لتتعرف على مجتمع اخر له عادات مختلفة.
صوت جلبة وصياح وضحكات ناعمة جعلنا نتجه بالانظار الى مصدرها فوجدنا فريقا من الفلبينيات والفلبينيين يلعبون لعبة جماعية على مساحة ضيقة جدا من العشب، ولكن الضحكات ملأت مساحات كبيرة من القلوب، اتجهنا اليهم فوجدنا المحتفلين الاخرين يصوبون عدسات هواتفهم المحمولة اليهم وينهلون من سعادتهم بعدوى الفرح.

حول مسجد العدساني
كل الشوارع الجانبية امتلأت بالمسيحيين المحتفلين بعيد الميلاد المجيد حتى حدود مسجد يوسف خالد سليمان العدساني استقبلتهم فجلسوا على درج المسجد يلتمسون الراحة والاحاديث الجانبية.

خط السير
المتتبع لخط سير المحتفلين يجدهم ينطلقون من الشوارع الجانبية حتى سوق الصالحية، ثم يعبرون الى سوق القبلة ثم عبر ساحة تنتهي عند مخفر الصالحية الى جسر للمشاة يعبر بهم الطريق الدائري، وبعدها الى الشاطئ الخليجي حيث يستكملون نزهتهم ويعودون الى موقف الباص امام مجمع الصالحية، ومنه الى اماكن اقاماتهم وعملهم.

«السيلفي» حاضر
من كان وحيدا فله السيلفي، وقد رصدت القبس انتشار التصوير «السيلفي» بين المحتفلين بالعيد، ومع ذلك كان عدد لا بأس به لا يجد فعلا يعبر به عن فرحته بالعيد سوى التصوير بهاتفه المحمول، وكانت اغلب الهواتف ذكية مرتفعة الثمن لا تتناسب قيمتها مع التقشف الذي يعيشه بسطاء العمال والعاملات.

زحام على المحال
على الرغم من ان معظم المحال التجارية مغلقة في شارع فهد السالم، فان المحال المفتوحة القليلة تشهد زحاما غير طبيعي، خاصة في ممرات الدور الارضي بالمجمعات، ولعل اشهرها محال الصرافة والطعام والاكسسوار والملابس.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*