الرئيسية / كتاب وآراء / الوافد وشهادته المزوّرة ( د. يعقوب أحمد الشراح )

الوافد وشهادته المزوّرة ( د. يعقوب أحمد الشراح )

لا تقتصر مشكلة تزوير الشهادات الجامعية على بعض المواطنين الذين يلجأون للحصول عليها بالطرق السهلة إما بدفع الأموال وشراء الشهادات من جامعات غير معترف بها أو بالتزوير وإنما تواجه الدولة أكبر مشكلة تتمثل في تزوير الشهادات الجامعية لبعض الوافدين، فلقد اكتشفت أجهزة مرور الداخلية في الآونة الأخيرة أن بعض الحاصلين على رخص القيادة قدموا شهادات مضروبة ما يعني أن ظاهرة الشهادة المزورة أو المضروبة أكثر تعقيداً مما كنا نتصور، خصوصاً أن نسبة العاملين الوافدين في البلاد تعادل ثلاثة أضعاف المواطنين.

كذلك يؤكد هذا الواقع التصريح الذي أدلت به مسؤولة جهاز الاعتماد الأكاديمي في التعليم العالي منذ فترة د. فوزية العوضي عندما أشارت إلى أهمية وضع ضوابط لمنع تصديق الشهادات في السفارات الكويتية للذين يرغبون العمل بالبلاد من غير المواطنين.

الشهادات المزورة أو الوهمية، وخاصة الجامعية للوافدين الذين يطلبون العمل في مؤسسات الحكومة أو القطاع الخاص ليس من السهل السيطرة عليها ورقابتها ومتابعتها مقارنة بشهادات المواطنين باعتبار أن التباين الكبير في الجنسيات واختلاف شهاداتهم الجامعية في ظل تعدد الدوافع لفعل أي شيء يعين على تغير مستويات معيشتهم المتدنية في بلدانهم، ورغبتهم في الهجرة والبحث عن العمل في الدول الخليجية التي توفر بيئة عمل ميسرة، واستقرارا وظيفيا، ودخلا مناسبا هي في الواقع عوامل جاذبة للتزوير أو التحايل للحصول على الإقامة والوظيفة. فليس من الصعوبة في ظل نظام منح الإقامة أن تتحول زيارة الأقارب إلى إقامة عمل. كذلك الانتفاع بمزايا الخدمات التي توفرها الدولة من صحة وتعليم وخدمات مختلفة تحفز بأي طريقة أو أخرى التحايل كما يحدث في تقديم شهادة جامعية مزورة أو وهمية تسهل الحصول على الإقامة والدخول إلى البلاد من أجل العمل.

وللأسف. فإن المشكلة لا تتوقف على قطاع التعليم فقط الذي عليه أن يضع الضوابط لهذه الشهادات، وإنما لابد من معالجتها على مستوى الدولة. فالكثير من هذه المشكلات كالشهادة الجامعية يصعب التحقق من صدقها لأنها تحمل أختاما واعترافا من الجهات الرسمية في بلد الوافد، وأيضاً مصدقة بعضها من سفارات الكويت في الخارج. هناك شهادات ربما بالآلاف وهمية أو صورية لوافدين يعملون في مؤسسات مختلفة في البلاد تخطت حاجز الرقابة، فلقد أصبح التزوير ظاهرة تتسع في وجود التقنيات والأجهزة التي تساعد على التزوير.

لقد كتبنا أكثر من مرة عن الحوافز التي تجلب الوافد للعمل في البلاد، وان غالبيتهم عمالة هامشية تعمل في القطاع الإداري والمقاولات والمحاسبة والحراسة وغيرها. وهؤلاء إن لم تكن غالبية شهاداتهم مضروبة فإنها شكلية لا تعبر عن القدرات أو المهارات الحقيقية للعامل. فلقد أصبح الهدف الأساسي لدى الوافد ليس فقط الحصول على الأجر مقابل العمل، وإنما أيضاً التمتع بالخدمات العامة مثل قيادة السيارة ومنح حسابات بنكية، وتحويلات وإيداعات بنكية، وخدمات صحية وتعليمية وغيرها قد لا تتوافر في بلده.

نشيد بجهاز الداخلية الذي اكتشف و بالتزامن مع ضبط حركة السير والتشدد على الوافدين ان بعض الوافدين الحاصلين على رخص قيادة قدموا شهادات جامعية مزورة باستخدام الكمبيوتر، وأحيل البعض إلى النيابة العامة، حيث تم اكتشاف تحايل هؤلاء ودفعهم مبالغ مقابل الحصول على هذه الشهادات. لكن ما العمل، وما الحل تجاه معالجة الظاهرة في بلد أكثر من ثلثي سكانه وافدون يأتون من أكثر من بلد وتتجاوز جنسياتهم المئة جنسية؟

[email protected]

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*