الرئيسية / عربي وعالمي / روبرت فيسك : الانقلاب الفاشل دائما يتبعه انقلاب ناجح

روبرت فيسك : الانقلاب الفاشل دائما يتبعه انقلاب ناجح

في مقال على موقع صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، ذكر الصحافي المتخصص في شؤون الشرق الاوسط «روبرت فيسك»أن الجيش التركي لم يكن ليظل مطيعًا للرئيس التركي أردوغان الذي حوّل الدول المجاورة لتركيا إلى أعداء.

وأشار إلى أن محاولة الانقلاب العسكري – التي أسفرت عن مقتل 161 شخصًا على الأقل واعتقال 2839 آخرين- ليست مجرد حادث عابر، وأن السيطرة عليه لا تعني أن يظل الجيش مطيعًا لأردوغان بعد ذلك.

كما أوضح «فيسك» أن حالة عدم الاستقرار أصبحت مُعدية في المنطقة خاصة بين الحكام المستبدّين، والذين يعتبر أردوغان واحدًا منهم بعد أن قام بتعديل الدستور لمصلحته الخاصة، وأعاد الصراع مع الأكراد.

ولفت الانتباه إلى التناقض بين رد الفعل الأمريكي تجاه محاولة الانقلاب في تركيا، ورد فعلهم تجاه الانقلاب العسكري في مصر. إذ قال الرئيس أوباما بأن الأتراك عليهم أن يدعموا حكومتهم المنتخبة ديموقراطيًا، بينما لم تطلب الولايات المتحدة من المصريين دعم محمد مرسي.

وأشار الصحافي المقيم في بيروت أن الحكومات الغربية تفضّل الاستقرار على الحرية، فلو نجحت محاولة الانقلاب العسكري في تركيا، لأيّدته الحكومات الغربية كما أيدت الولايات المتحدة الانقلاب في مصر. ورأى الكاتب أن هذا هو السبب في أن الحكومات الغربية مستعدّة لقبول انضمام القوات الإيرانية والميليشيات العراقية الموالية لها في الانضمام إلى المعركة ضد «داعش»، والسبب في إهمالهم فكرة رحيل بشار الأسد.

يرى «فيسك» أن العلامات التحذيرية كانت واضحة أمام أردوغان – والغرب – إذا ما استعادوا تجربة باكستان، والتي أرسل الأمريكيون إليها الصواريخ والأسلحة والمال دعمًا لـ«المجاهدين» الذي قاتلوا الروس في ذلك الوقت، إلا أن النتيجة كانت تحول باكستان إلى دولة فاشلة، مدنها مدمرة جزئيًا بسبب الصواريخ، ليتعاون جيشها وجهازها الاستخباراتي الفاسدين مع العدو الروسي، ويُخترق فيما بعد من جانب الإسلاميين الذي يهددون الدولة نفسها في نهاية المطاف.

يشبه «فيسك» ذلك الوضع بما  تقوم به في سوريا، والتي أصبحت مدمرة بالكامل حاليًا، وأن الفارق هنا هو أن تركيا تخوض حربًا ضد الأكراد جنوب شرق البلاد، إذ عم الدمار على أجزاء من مدينة «ديار بكر» التركية، بما يشبه مدينتي حمص وحلب في سوريا. ويضيف الكاتب أن أردوغان لم يدرك تكلفة الدور الذي اختاره لبلاده سوى متأخرًا، ويدلل على ذلك باعتذاره لبوتين، وتوطيده للعلاقات مع إسرائيل. وبحسب الكاتب، عندما تفقد الثقة في الجيش، فهناك أمور خطِرة ينبغي التركيز عليها.

ساهم في محاولة الانقلاب الأخيرة ألفي عسكري من الجيش، وهو بالفعل ما يزيد عما كان مخططًا، إلا أن الكاتب يشير إلى أن هؤلاء هم جزء قليل من آلاف العسكريين الذين يعتقدون بأن «سلطان إسطنبول» يدمر بلاده.

وبالطبع، لا يمكن تخيل حجم الرعب لدى حلف شمال الأطلسي «الناتو»، والاتحاد الأوروبي في خضم محاولة الانقلاب. وهنا يظهر السؤال الحقيقي بالنسبة للكاتب، وهو: إلى أي مدى سيقود ذلك النجاح «اللحظي» لأردوغان إلى إجراء المزيد من المحاكمات، وحبس المزيد من الصحفيين، وإغلاق المزيد من الصحف، وقتل المزيد من الأكراد؟ بل وإنكار مذبحة الأرمن في 1915؟

ترى تركيا في الأكراد تهديدًا على وجود الدولة، تمامًا كما رأوا في الأرمن أثناء الحرب العالمية الأولى. وعلى الرغم من النهج العلماني الاستبدادي المختلف لمصطفى كمال أتاتورك والذي لقي إعجاب أدولف هتلر، إلا أن سعيه لتوحيد الدولة التركية جاء على خلفية تعدد الفصائل التي دائمًا ما تتواجد في أنحاء تركيا، بالإضافة إلى شكوكه «العقلانية» على حد وصف الكاتب، حول تآمر القوى الغربية على الدولة.

بشكل عام، يرى «فيسك» أن خطة مارك سايكس، وفرانسوا جورج بيكو لتقطيع أوصال الإمبراطورية العثمانية – بمساعدة آرثر بلفور – مازالت مستمرة حتى الآن، وأنه بالنظر إلى الإطار التاريخي القاتم، يرى الكاتب أن محاولة الانقلاب تلك لم تكن نهاية المطاف، وأنه علينا توقع حدوث انقلاب آخر في غضون شهور، أو حتى سنوات.

ساسة بوست

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*