الرئيسية / كتاب وآراء / قانون حماية المبلِّغين عن الفساد

قانون حماية المبلِّغين عن الفساد

تتسابق السلطتان حاليا لسد الفراغ التشريعي، الذي أحدثه حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية المرسوم، الذي من خلاله تم إنشاء هيئة مكافحة الفساد المبطلة، ومن المتوقع وفقا لتصريحات السلطتين أن يظهر قانون جديد، بعد أن أحالت الحكومة مؤخرا المشروع الجديد، الذي حمل الإسم نفسه «إنشاء هيئة مكافحة الفساد».. على كل حال، يعد إنشاء الهيئة نقلة نوعية، ومستوى من الشفافية، في التعاطي الحكومي مع أحد أبرز مطالب الرأي العام الكويتي.
بالنظر إلى المشروع الحكومي نجده لم يعالج أموراً عدة أغفلها القانون السابق، ويأتي في مقدمتها تبعية الهيئة، فالقانون الحالي جاء كسابقه في إسناد تبعية الهيئة إلى وزارة العدل، عكس بعض المطالب التي شددت على أن تتبع الهيئة مجلس الأمة، لكي تتمتع بالاستقلالية التامة، وتكون بعيدة عن تدخلات الجهة التنفيذية التابعة لها.
لم يحظ «حماية المبلغ» بالاهتمام الكافي، فلا بد من تشريع خاص لحماية المبلغين والشهود ومن في حكمهم، لمنع الضرر المحتمل عنهم، ويشجع المبلغين على التقدم ببلاغات التعدي على المال العام، خاصة أن تلك القضايا قد تطول لسنوات، وعلى المعنيين أن يدرسوا التجارب المماثلة في بعض الدول.
أين الفساد الإداري من دور هيئة الفساد المنتظرة؟ فالانحرافات في الجهاز الإداري والوظيفي لا تقل خطورة عن قضايا الفساد المعلنة، بل يعتبر المختصون أن الفساد الإداري هو الأب الشرعي لكل أنواع الفساد. فغياب الرقابة والمحاسبة أدى الى ذلك الوضع، وعليه يجب على الهيئة أن يكون لها دور في استهداف ذلك النوع، الذي ضرب هيبة الدولة وثقافة المواطنة، وغيّب مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص، وأبعد الأكفاء عن أماكنهم الوظيفية المستحقة، فالفساد الإداري هو أكبر معوق للتنمية وله تأثيره على صنع القرار.. الأمر نفسه ينطبق على «تضارب المصالح»، فالجملة لم تذكر من الأساس، وكذلك لم يتضح أي اهتمام من السلطتين في فتح ذلك الملف.
وكذلك الحال مع استرداد الأموال المنهوبة والمهربة، والتي تجاوزت حدود الوطن، فالأمر في حاجة الى وقت طويل وترتيب خاص لرد الأموال إلى مستحقيها، خصوصا انها تحتاج إلى أحكام قضائية، وجهود دبلوماسية وتعاون دولي، وخبرات قانونية وتنسيق، حتى نقتفي أثر تلك الأموال.
أخيراً، ان مكافحة الفساد من صلب العمل النيابي لأعضاء المجلس بأدواتهم الرقابية، وعلى النواب الانتباه الى عدم التفريط بتلك الصلاحية، فمكافحة الفساد كهيئة لها عملها، وللنواب عملهم السياسي الرقابي، الذي هو رادع لمن يعبث بالمال العام، أو يجعل التنفيع منهجا له.
وعلى الجميع أن يعي أننا بحاجة إلى هبّة شعبية صادقة، وإرادة حقيقية بعيدا عن المواءمات السياسية، لمتابعة ملفات الفساد وملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم.

فوزية أبل

جريدة القبس

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*