الرئيسية / محليات / أكاديميون: مستحقات الجهات الحكومية تضخَّمت إلى 1.7 مليار دينار

أكاديميون: مستحقات الجهات الحكومية تضخَّمت إلى 1.7 مليار دينار

استكمل مؤتمر كلية الحقوق بجامعة الكويت «القانون العام في مواجهة التحديات الاقتصادية» والذي ينظمه قسم القانون العام عقد جلساته لليوم الثاني على التوالي بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمتخصصين تحت رعاية القائم بأعمال عميد كلية الحقوق د.خالد الضفيري وبإشراف من القائم بأعمال رئيس قسم القانون العام د.فواز الجدعي.

وقد عقدت الجلسة الثالثة من جلسات المؤتمر برئاسة أستاذ القانون الاقتصادي المساعد بقسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت د.عبدالعزيز الشبيب.

وخلال الجلسة، قدم الأستاذ المساعد في أكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية ـ قسم المقررات القانونية د.عذبي العازمي ورقة عمل بعنوان «تطور الاقتراح البرلماني بشأن زيادة النفقات العامة لمواجهة التحديات الاقتصادية».

وشدد العازمي على أنه في أوقات الأزمات المالية مثل الأزمة المالية العالمية 2008 والأزمات غير المالية مثل جائحة «كوفيد-19» منذ عام 2020 بات من الضروري التطور في دور عضو البرلمان بالنسبة لاقتراح قوانين ذات طبيعة مالية، ليس فقط من أجل تفعيل دوره واختصاصه التشريعي الأصيل بل من أجل دعم دور تدخل الدولة في الجانب المالي والاقتصادي لتفادي التداعيات السلبية للأزمات المالية وغير المالية، مؤكدا أن مواجهة التحديات الاقتصادية في الكويت تتطلب تغييرا نمطيا في الاقتراحات البرلمانية لأعضاء مجلس الأمة، ليس من أجل كسب أصوات الناخبين وإنما لإقناع الحكومة أن مسألة مواجهة أي أزمات اقتصادية تتطلب تطبيق التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

الحياد المالي

وحملت ورقة العمل التي قدمتها د.منى الفودري عنوان «التخلي عن الحياد المالي كضرورة لمواجهة التحديات الاقتصادية»، أشارت فيها إلى تنامي المؤشرات الاقتصادية في دولة الكويت نتيجة للزيادة المطردة في أسعار النفط والوفرة المالية في الميزانية العامة للدولة خلال عدة سنوات.

ولفتت إلى أن الممارسات الحكومية ما بعد فترة السبعينيات من القرن الماضي كانت تطبق فكرة الحياد المالي ومقارنة الإيرادات العامة النفطية القابلة للزيادة والنقصان تأثرا بأسعار النفط، بالتوازن الحسابي للميزانية العامة، فيصدر البيان المالي التفسيري السنوي ليوازن ويقدر ويجيز النفقات والإيرادات العامة التي تقتضيها متطلبات المجتمع الكويتي خلال سنة مالية، في محاولة لسعي الحكومة إلى تساوي نفقات الدولة مع إيراداتها العادية، كلما امكن.

وأضافت أن التحديات الاقتصادية، وآخرها أزمة الإنفاق العام في المجال الصحي لمواجهة «كوفيد-19» أظهرت هشاشة تطبيق التوازن الاقتصادي والتخلي عن الحياد المالي، ومن أبرز مظاهره اللجوء إلى الاقتراض العام والسحب من صندوق الثروة السيادية لاحتياطي الأجيال القادمة فضلا عن وضع تصور قانوني لنظام ضريبي في دولة الكويت، وهو ما يؤكد إيماننا بأن مبدأ التوازن الاقتصادي يجب أن يكون مسعى القانون العام لمواجهة التحديات الاقتصادية وهذا لا يتحقق إلا بالتخلي واقعيا عن الحياد المالي.

وقالت الفودري: لما كانت الأزمات الاقتصادية تمثل عائقا أمام برنامج عمل الحكومة نحو تطور الخدمات الاجتماعية والاقتصادية وخطط التنمية في الكويت، فقد اثبت الواقع العملي ضرورة التخلي عن النظرة المالية التقليدية المتمثلة في الحياد المالي، أو التقيد الصارم بقواعد الموازنة الصفرية، فضلا عن نظرة أعضاء مجلس الأمة عند منح الإذن البرلماني للحكومة بتحصيل الإيرادات وصرف النفقات من خلال إجراء مسألة طرح حسابية للإيرادات والنفقات العامة للوقف على مدى وجود عجز او فائض في الميزانية العامة الكويتية عند الموافقة على مشروع الميزانية السنوي.

مستحقات حكومية

وعقدت الجلسة الرابعة والأخيرة من المؤتمر برئاسة عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق د.منيرة النمش، وقد قدم جراح المطيري ورقة عمل بعنوان «الديون المستحقة للحكومة: رافد للميزانية العامة للدولة»، أوضح فيها أن الكويت تمر بظروف راهنة صعبة من المنظور الاقتصادي/ المالي، بسبب الاعتماد على المنتج النفطي كمصدر إيراد رئيسي، وقد أفضى هبوط أسعار النفط في السنوات الأخيرة، إلى انخفاض حجم الإيرادات في الميزانية العامة بالتزامن مع استمرار ارتفاع حجم المصروفات، الأمر الذي يحتم وجود نفضة شاملة تبحث في كل جوانب القصور السائد هدفها تنمية الموارد وخفض الهدر تحقيقا للإصلاحات المنشودة.

وذكر المطيري أن أحد جوانب الخلل في الهيكل المالي المحلي هو تضخم حساب الديون المستحقة للحكومة في الميزانية العامة، مشيرا إلى وجود قصور كبير في تحصيل وتوريد الديون المستحقة للحكومة، الأمر الذي ساهم في تضخمها بشكل سنوي لتبلغ في الحساب الختامي للعام 2019/2020 ما جملته 1.639.000.000 (مليارا وستمائة وتسع وثلاثين مليون دينار)، وتتفرع إلى ديون خارجية مستحقة لبعض الجهات الحكومية، وديون لبعض الجهات الحكومية على موظفيها لمبالغ صرفت خطأ لهم، وديون حكومية على المستفيدين «شركات ومؤسسات وأفراد» من خدماتها كرسوم مستحقة، ويتصل التفرع الثاني بديون بعض الإدارات الحكومية للخزانة العامة للدولة.

وقال المطيري: إن هذه المتأخرات واجبة التحصيل أصبحت إشكالية تستحق الوقوف عندها، وظاهرة متكررة في تقارير الجهات الرقابية السنوية وفي جل فروع الهيكل الإداري للدولة.

وطالب المطيري بضرورة تعديل نظم الرقابة الداخلية في الجهاز الإداري، عبر غربلة القوانين المتصلة، واللوائح المنظمة، اهتداء بالقفزات التي حققتها بعض الأنظمة المقارنة في هذا الشأن، فضلا عن عرض حلول تحاول إصلاح بعض أوجه القصور العملي في أداء بعض الجهات الحكومية في تحصيلها لديونها، كذلك إعادة النظر في تشريعات الجهات الرقابية، ووصولا إلى التفعيل الصارم لآليات المحاسبة والمساءلة.

ندرة الموارد

أما عبدالعزيز المطيري فقدم ورقة عمل تحمل عنوان «حوكمة القطاع العام» استعرض فيها تعدد المشكلات الاقتصادية في الكويت ومنها ما يكون له تأثير مباشر على المستوى المعيشي للفرد ومنها ما هو ذو أثر غير مباشر على مستوى الخدمات المقدمة من قبل البلاد، لافتا إلى مشاكل متعلقة بندرة الموارد المالية وندرة الموارد البشرية الحرفية فنيا وندرة في تنوع الصناعات بالإضافة إلى أحادية الأنشطة التجارية الممارسة من قبل القطاع الخاص وضعف توجيه الدولة لهذه الأنشطة.

وقال إنه بالنظر إلى موازنة الدولة عن الأعوام 2018/2019 و2019/2020 نجد تضخما في البند الثامن المتعلق بالتعويضات المقضي بها على الجهات الحكومية من قبل عدة أشخاص، موعزا سبب الزيادة السنوية خلال السنتين الماليتين المذكورتين إلى سياسة الدولة غير الحصيفة في استغلال مواردها وعدم اختيار الطرق الحسنة في توزيع الثروة لافتا إلى زيادة عدد العاملين في القطاع العام عن القطاع الخاص وكثرة دعاوى التعويض.

وأفاد بأن من ضمن الحلول المتبعة في الدول الأجنبية والعربية تبني نظام الحوكمة في القطاع العام وهو مجموعة التشريعات والسياسات والهياكل التنظيمية والإجراءات والضوابط التي تؤثر وتشكل الطريقة التي توجه وتدار فيها الجهات الحكومية، وذلك لضمان كفاءة وفعالية الأداء من جانب وتوفير الخدمات الحكومية بعدالة من جانب آخر، موضحا أن اتباع تلك المبادئ سيؤدي إلى انخفاض في بند التعويضات من باب المصروفات في الدولة وذلك بخفض معدل الأخطاء التي تنتج عن إدارة المرافق العامة في الدولة، مشددا على أن تبني نظام حوكمة القطاع العام كنظام إداري قد يكون سبب لحل مشكلة اقتصادية غير مباشرة.

الأزمات المالية تحتاج إلى تدخل الدولة

الطامي: نحتاج إلى استحداث وسائل لمواجهة التحديات دون الاعتماد على الإنفاق العام

وصف الصورة

قدم أستاذ القانون الدستوري د.سعود ناصر الطامي ورقة عمل في الجلسة الرابعة بالمؤتمر حملت عنوان «تدخل الدولة لدعم الاستقرار المالي والاقتصادي: تجربة الكويت خلال الأزمات المالية والاقتصادية في الفترة من 1982-2020»، أوضح فيها الطامي أن الأنظمة المالية والمصرفية قد تتعرض لتغييرات جذرية وذلك في إطار التغييرات التي تشمل النظام الاقتصادي العالمي ككل، وتمتد لتشمل كافة عناصر النظام المالي والمصرفي سواء من حيث أجهزته ومؤسساته أو من حيث أدواته ومن حيث دوره في الاقتصاد القومي ومن حيث طريقة أدائه.

وأوضح الطامي أن ظاهرة الأزمة المالية من منظور اقتصادي تعرف بنتائجها، لافتا إلى أن الأزمة المالية هي تلك التذبذبات التي قد تكون كليا أو جزئيا وتشمل التغيرات المالية في حجم الإصدارات والأسهم والسندات المالية بما يؤثر على الدولة.

وأشار إلى أن من مظاهر الأزمة انهيار الأسواق المالية، وحدوث مضاربات نقدية كبيرة ومتقاربة، تسارع من حالات الإفلاس وتراجع مستويات الإنتاج فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة بصورة متسارعة، موضحا أن من 90 الى 93% من إيرادات ميزانية الكويت هي إيرادات نفطية، وبالتالي فأي تذبذبات في أسعار النفط تؤثر على الميزانية بشكل مباشر، مؤكدا أن الأزمات المالية تحتاج إلى تدخل مباشر من قبل الدول لحلها حتى لا تحدث المزيد من الانهيارات.

وتابع د.الطامي أن الأزمة الاقتصادية هي مرحلة حرجة يواجهها اقتصاد الدولة مثل توقف الوظائف الحيوية والمنظومة وتطور سريع في أحداث سريعة بالدولة وقد تكون الأزمة اقتصادية ناجمة عن كوارث طبيعية مثلما حدث في تدخل أغلب الدول لاستقرار النظام العام الصحي أثناء انتشار فيروس كوفيد-19 منذ فبراير 2020.

وهذه الأزمات قد تتمثل في صورة أزمة مالية داخلية مثل أزمة سوق المناخ بالكويت في عام 1982 والأزمة المالية والاقتصادية الشاملة على الكويت إبان غزو النظام العراقي للدولة في الثاني من أغسطس 1990 وتداعيات معالجة آثار الغزو بعد تحرير الكويت في عام 1991 والأزمة الداخلية لسوق الكويت للأوراق المالية في عام 2008 وأزمة بنك الخليج 2009 كما قد تكون أزمة مالية عالمية كالتي حدثت بسبب التمويل العقاري بالولايات المتحدة 2008 /2009 والأزمة الاقتصادية التي لحقت أغلب الدول ومنها الكويت نتيجة الحد من تداعيات انتشار وباء فيروس كوفيد-19 وهي في مجملها أزمات تؤثر بدورها على النظام المالي والمصرفي للدولة.

وقدم الطامي مقارنة تطبيقية بين دور الدولة في التدخل لدعم الاستقرار المالي والاقتصادي والمصرفي خلال الأزمات المختلفة في الفترة من أزمة سوق المناخ 1982 وحتى تداعيات أزمة كوفيد-19 من فبراير 2020 للوصول إلى نظام قانوني أمثل لتشريعات اقتصادية تدعم دور الدولة في الأزمات المالية مستقبلا.

وأشار إلى التدخل والدعم التشريعي للاستقرار المالي والاقتصادي الأول في 2008 بسبب تعثر عملاء البنوك من السداد وتدهور الأصول المالية والعقارية بالكويت ما تسبب في إفلاس الكثير من صغار وكبار المتعاملين بالسوق بالإضافة إلى تدخل الدولة تشريعيا بالدعم لحل أزمة الاستقرار المالي والاقتصادي لأزمة المناخ.

واستطرد الطامي قائلا: بالنسبة لمعاملات الأسهم الأصلية وفك التشابك من الدائنين والمدانين بوضع تلك التشريعات: إصدار مرسوم بقانون رقم 57 لسنة 1982 للمعاملات المتعلقة بأسهم الشركات التي تمت بالأصل وإنشاء هيئة تحكيم للفصل في منازعاتها بالإضافة إلى تأسيس صندوق لضمان حقوق الدائنين المتعلقة بأسهم الشركات بمرسوم 59 لسنة 1982 برأس مال خمسمائة مليون دينار من وزارة المالية يؤخذ من الاحتياطي العام للدولة، مشيرا إلى أنه قد تم وضع برنامج تسوية التسهيلات الائتمانية الصعبة الصادرة عن بنك الكويت المركزي في 11/8/1986.

وعلى صعيد متصل، تحدث الطامي عن الدعم الذي قدم لاستقرار أزمة المديونات الصعبة 2/8/1990 قائلا: رغبة من المشرّع الكويتي في علاج الأوضاع المالية التي نتجت عن فترة الغزو العراقي للكويت سنة 1995 فقط عجزت المصارف الكويتية عن حل مشكلة تفاقم الديون التي ترتب عليها فوائد متأخرة لذلك سمح المشرع لبنك الكويت المركزي بشراء إجمالي مديونات العملاء الكويتيين لدى البنوك والشركات الاستثمارية المحلية من خلال إصدار قانون 41/1993 شراء الدولة للمديونيات وهكذا قدمت الدولة الدعم لإحياء الاقتصاد وانتشال الدولة من الركود الاقتصادي والمالي والانحدار الذي سبب الضرر للمواطنين والدولة.

من ناحية أخرى، قال الطامي: إن مع تنامي آثار جائحة كورونا المستجد اتخذت الكويت عدة إجراءات وتدابير احترازية للتعامل مع هذا الظرف الاستثنائي للحد من انتشار الوباء ومنها تعطيل العمل بالهيئات والوزارات والمؤسسات الحكومية وقطاع العمل الأهلي، لافتا إلى أن إغلاق الدولة لمواقع العمل أدى إلى حدوث انهيارات سواء في القطاع العام أو الخاص على حد سواء، موضحا أن الدولة قامت بضخ أموال لشراء الأدوية والعلاجات وتجهيز المستشفيات أثناء الأزمة.

وسلط الطامي الضوء على الدعم الذي قدم لاستقرار أزمة كوفيد-19 من خلال وقف فوائد قروض المواطنين لدى البنوك لمدتين متتاليتين كل منها 6 أشهر وبرنامج دعم وضمان وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتضررة من الأزمة بالإضافة إلى برنامج التمويل الميسر لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة المتضررة من الأزمة وذلك بحد أقصى 250 ألفا تسدد على 4 سنوات.

وطالب الطامي بضرورة استحداث وسائل لمواجهة التحديات الاقتصادية دون الاعتماد على الإنفاق العام بالإضافة إلى ضرورة استحداث لجنة برلمانية داعمة.

جهود مشكورة

جزيل الشكر والتقدير للباحث الإعلامي بقسم العلاقات العامة في كلية الحقوق مساعد الوردان على جهوده الحثيثة خلال يومي المؤتمر في تزويد ممثلي وسائل الإعلام بالأوراق العلمية للباحثين وتواصله الراقي.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*