الرئيسية / أقسام أخرى / منوعات / قصص 3 معتقلين إسرائيليين داخل السجون المصرية: النيران كانت تتساقط علينا مثل المطر

قصص 3 معتقلين إسرائيليين داخل السجون المصرية: النيران كانت تتساقط علينا مثل المطر

42 عاما مضت على حرب أكتوبر 1973، لم ينس الإسرائيليون ما حدث، فما زالت ذكريات حرب «يوم الغفران» تؤرق مضاجع الجنود الذين بقوا على قيد الحياة.

لم يكن يتوقع الإسرائيليون أن يتصدى لهم الجيش المصري ويكبدهم أكبر الخسائر البشرية والمادية، للدرجة التي وصلت بهم إلى احتياج جنودهم للعلاج النفسي، وذكر المعلق العسكري الإسرائيلي، زئيف شيف، في كتاب «زلزال حرب يوم الغفران» أن «هذه هي أول حرب للجيش الإسرائيلي.. التي يعالج فيها الأطباء جنودا كثيرين مصابين بصدمة القتال ويحتاجون إلى علاج نفسي، مضيفا أن هناك من نسوا أسماءهم.. وهؤلاء يجب تحويلهم إلى المستشفيات».

وفي الحروب عادة ما يتم أسر الكثير من عناصر الجيش من الطرفين، وبالفعل، دخل السجون المصرية جنود وضباط إسرائيليين عاشوا تجارب مختلفة لا أحد يعلم عنها شيئا، شكلت قصصا واقعية وذكريات إنسانية شديدة الخصوصية، بعضهم رواها في كتب وأفلام وحوارات صحفية، بعد خروجهم في صفقات تبادل الأسرى التي تمت بين مصر وإسرائيل عقب أكتوبر 1973.

ويسلط «المصري لايت» الضوء على قصص 3 أسرى إسرائيليين اعتقلوا في مصر وخرجوا في هذه الصفقات.

3. أوري أهارونفيلد

Ehrenfeld with his father after his release (Photo credit: Courtesy: Erim Balaila)

لم يكن أوري أهارونفيلد تخطى عامه الـ19 عندما قرر أن يتطوع  ليعمل كمظلي إسرائيلي، للخدمة على طول قناة السويس في مصر أثناء عطلة نهاية الأسبوع التي سبقت يوم الغفران، وفقا لما قاله في حواره لموقع Times of Israel الإسرائيلي، الذي حكى فيه اشتراكه في حرب 1973 وأسره في سجن «العباسية» بالقاهرة.

كان «أهارونفيلد» ابنا لطبيب إسرائيلي متدين، وكان يخدم كجندي في كتيبة إسرائيلية على هضبة «الجولان» حيث تلقى تدريبات شاقة، وفي الوقت نفسه، كان يشاع أن الجنود الإسرائيليين الذين يخدمون في القناة كانوا يرتدون السراويل القصيرة والصنادل ويقضون أوقاتهم في الصيد، لذا قرر أن يطلب نقله للخدمة على طول قناة السويس.

وبالفعل، تم نقل «أهارونفيلد» للخدمة في القناة، ووصل صباح الجمعة إلى  القاعدة ووجد بها ومعه مجموعة مكونة من 19 جنديا، أغلبهم من سلاح المشاه والمدرعات، وطبيب و3 من طاقم التمريض، وسائق، وكان «أهارونفيلد» أكثرهم كفاءة وأفضلهم تدريبا.

واندلعت الحرب في الساعة 2:00 يوم 6 أكتوبر، ويقول «أهارونفيلد» عن هذه الحرب: «كانت هذه معركتنا من أجل البقاء، من أجل حياتنا، لكننا فوجئنا بنيران المدفعية المصرية وهجمات القوات الخاصة المصرية تهز معقلنا من كل جانب، استخدموا قاذفات اللهب والصواريخ من مسافة قريبة.

كان موقع «أهارونفيلد» الرئيسي على الماء، حيث يعمل على قاذفة صواريخ مضادة للدبابات 82 ملم، مدافع هاون ورشاشات ثقيلة، وفي ليلة السبت، الليلة الأولى من الحرب، قتل الجندي الموجود جانبه برصاصة مباشرة في الرأس وتوفي على الفور.

Ehrenfeld, middle, and the Egyptian colonel, left, saluting the Egyptian flag (Photo credit: Courtesy: Erim Balaila)

وعلى مدار 180 ساعة، قال «أهارونفيلد» إنه شعر أنه كان محاصرا في «مربع لإطلاق النار»، وأصيب 3 مرات، لكنها استمر موجود في مكانه حتى جاء أمر من وزير الدفاع موشيه ديان بإعلان الاستسلام، وعلى الفور، جمع «أهارونفيلد» وبقية الجنود كل الأسلحة وألقوا بها في الماء، بعد لحظات، دخلت القوات المصرية إلى الحصن، وتم تقييد الجنود وأسرهم.

قال «أهارونفيلد» إن الجنود المصريين نقلوهم عبر الماء في قوارب خشبية قديمة، وفي بور توفيق، نزلوا وسط البيوت المهدمة على الجانب المصري، واحتشد حولهم الجنود المصريين المنتصرين الكثير من المصورين، ومسؤولي الصليب الأحمر، ما جعل الجنود الإسرائيليين المعتقلين يشعرون ببعض الراحة.

وأضاف «أهارونفيلد» أن الجنود المصريين أجبروه هو و2 آخرين من الجنود الإسرائيليين على العبور معهم مرة أخرى إلى الجانب الإسرائيلي ليقودوهم داخل القاعدة الإسرائيلية، وقال إنه شعر في هذا الوقت بالخوف الشديد من أن يتم إعدامه بعد أسره.

Uri Ehrenfeld supporting another soldier as they are marched to captivity. (Photo credit: Courtesy: Erim Balaila)

وأخيرا، بعدما تأكد العقيد المصري المسؤول عن الكتيبة أن القاعدة الإسرائيلية ليست مفخخة،، طلب من «أهارونفيلد» إنزال العلم الإسرائيلي من مكانه ورفع العلم المصري بدلا منه، وقدم تحية العلم، ويقول «أهارونفيلد» إنه «شعر بالذل والعار وأن هذه كانت واحدة من أسوأ التجارب في حياته».

وقفت الحافلة التي تقل أسرى الحرب الإسرائيليين عند سجن «العباسية»، ويقول «أهارونفيلد» الذي كان معصب العينين، أنه شعر من تحت العصابة أنهم كانوا ظهر يوم السبت لأن الطقس كان لا يزال مشرقا ومشمسا، وبعدها تم اقتياده إلى مكتب وطلب منه أن يدلي باسمه ورقمه التسلسلي، وتم استجوابه والتحقيق معه، وأحيانا كان يطلب منه الإجابة على الأسئلة كتابة وأحيانا أخرى عن طريق الكلام، وركزوا على مسائل مختلفة، مثل كيفية تخزين المياه في الحي الذي يقيم فيه «أهارونفيلد» في القدس، واستمر أسر «أهارونفيلد» لمدة شهرين، ويقول إنه قضاهم في عزلة وظلام، حتى عاد إلى وطنه في عملية لتبادل الأسرى.

2. إبراهيم آفي أوهري

http://www.haaretz.com/polopoly_fs/1.390964.1319015674!/image/1554350630.jpg_gen/derivatives/headline_609x343/1554350630.jpg

كان الطبيب إبراهيم آفي أوهري واحد من 8 رجال فقط من أصل 21 من الذين نجوا من هجوم الجيش المصري على معسكر قناة السويس خلال حرب «يوم الغفران»، قرر أن يروي ذكريات فترة أسره في حوار له لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، وكذلك كيف تمكن أن يصبح عضوا في الوفد الإسرائيلي المختص بالتفاوض مع الحكومة المصرية حول صفقات تبادل الأسرى بداية من عام 1978، رغم أنه شخصيا كان واحدا من هؤلاء الأسرى في السجون المصرية.

يتذكر «أوهري» لحظات التحقيق معه على يد ضابط مصري بعد اعتقاله في يوم 10 أكتوبر 1973 بجانب كوبري «الفردان»، ويقول: «لقد كان حلقي جافا جدا رغم إعطائي الكثير من المشروبات، شعرت أني سأموت لدرجة أنني لم أستطع الوقوف على قدمي أثناء التحقيق معي، وجلست على الأرض، لكني يجب أن أعترف أن هذا هو اليوم الوحيد الذي تم التحقيق معي فيه، وعاملني الضباط المصريين بطريقة جيدة إلى حد كبير».

يصف «أوهري» يوم 10 أكتوبر 1973 بـ«اليوم المشؤوم»، ويقول: «كنت بمفردي في (هيزايون)، وهي بؤرة استيطانية على ضفاف قناة السويس»، ويضيف «أوهري: «كنت قد أكملت خدمتي الاحتياطية في يوم الغفران، السبت 6 أكتوبر 1973، وتقريبا كنت قد استقليت السيارة التي تنقل المجندات من الطاسه إلى الشمال في إسرائيل، لكن في أعقاب حالة التأهب التي كانت قد أعلنت قبل يومين، طلب مني اللواء الطبيب دورون ميزل أن أبقى يوم واحد إضافي بشكل تطوعي لأن طبيب (هيزايون) كان في إجازة، ولم يكن يوجد أي طبيب في القاعدة، وبالفعل عدت إلى القاعدة وأرسلوا معي كمية كبيرة من المعدات في الساعة 1:00 ظهرا، وفي هذا الوقت كان معظم الجنود، يؤدون صلاة (يوم الغفران)».

روى «أوهري» ما حدث ليلة هجوم القوات المصرية على معسكره: «بدأ القصف بعد نحو ساعة من وصولي، وكانت الحرب وحشية، كان ضجيج الصواريخ التي تطلق على طائراتنا رهيب، كنا محاصرين تقريبا من البداية، حاول كثيرون أن ينقذونا، لكن سقطت كل الجهود بلا جدوى، الدواء والضمادات الطبية نفدت بسرعة، كنت مضطرا لبتر يد قائد القاعدة، النقيب رامي باريلى، بعد أن حطمت من قبل صاروخ، الجنود حاولوا صد موجات الهجمات التي يشنها المصريون، الذين كانوا مصرين أن يسيطروا على القاعدة، وحاصرونا وأصبحنا معزولين، ونفذت إمدادات الطعام والماء».

ويضيف: «في الليلة ما بين 9 أكتوبر و 10 أكتوبر، تمكنت القوات المصرية من اكتشاف مواقعنا السرية أثناء وجودنا في المخبئ أو القبو، ولم يبق على قيد الحياة في قاعدتنا سوى 4 مقاتلين فقط، حيث تم إلقاء قنابل الدخان علينا، وكذلك وابلا من نيران الأسلحة الآلية استهدفتنا، وكما تم استخدام قاذفات اللهب ضدنا، والنار أصبحت كالمطر الذي يسقط علينا، وفي تلك الثواني، قال كل من في القبو: (هذه هي النهاية، لم تم القضاء علينا، يجب أن نخرج من هنا ونستسلم)».

حاول «أوهري» بكل طاقته أن يتشبث بالحياة، ويقول: «أحد الجنود على ما يبدو حاول الخروج من الجحيم، وجندي آخر حاول مساعدتي للمشي على الأرض الساخنة التي كانت شبه مغلية، وهذا كل شيء، أنا لا أتذكر أي شيء آخر من تلك الدقائق، وفي وقت لاحق، عندما وصلت إلى إسرائيل، علمت أن جنديا واحدا فقط تمكن من الخروج، وكان محروقا وتم أسره، أما الآخرون فقتلوا في تلك اللحظة، وبعد بضع ساعات، استيقظت، مع ضيق شديد في التنفس، وزحفت ببطء للخروج من مسرح الرعب».

«الذكريات لا تزال طازجة مثل أحداث الأمس»، هكذا تحدث «أوهري» عما حدث، يقول إن جميع من في القاعدة أعلن الاستسلام، لكنني استطعت أن أختبئ من الجنود المصريين في مكان خاص بالاتصالات داخل القاعدة ولم يروني، وبعدها تم وقف إطلاق النار، وفي تلك اللحظة، تنفست قليلا من الهواء النقي، لكن سخونة الجو وارتفاع الحرارة لا تزال لا تطاق، ورائحة الكبريت والدخان يعبئان المكان وكأنه «الجحيم المطلق».

http://www.haaretz.com/polopoly_fs/1.390965.1319015765!/image/3911888090.jpg_gen/derivatives/headline_609x343/3911888090.jpg

استكمل «أوهري» حديثه، قائلا: «تمكنت بطريقة ما من النجاح في الاختباء من القوات المصرية، رغم استنفاد جميع قواي، وأنني كنت ضعيفا جائعا لم أكل أي شيء لمدة 4 أيام، وعطشانا، كنت أسمع أصوات الجنود المصريين وهو يقتحمون القاعدة من كل مكان، لكنني لم أستطع أن أتزحزح، لم يكن لدي قوة للتحرك، بسبب التعب الشديد، وضيق التنفس، والحرارة المرتفعة، أعتقد أنني كنت دخلت في مرحلة هلوسة غريبة، لكنني قطعت للخروج من هنا، سمعت أصوات مرة أخرى، وإطلاق النار، ضجيج الحرب».

ويضيف: «بحلول الفجر، حل الصمت مرة أخرى، خرجت من مخبأي وسط العديد من الجثث على الأرض، بحثت عن الماء فقط، مشيت ببطء نحو المطبخ أو بشكل أدق، ما تبقى منه، ووجدت وعاء ماء نجا من وسط الدمار والجحيم، وبعدها بدأت في السير نحو الصحراء، نحو مصر، ولست متأكدا كم استغرقت لأسمع فجأة سمعت صوت محرك سيارة مصرية محملة بجنود على بضع مئات من الأمتار من موقعي، وعندما رأوني توقفوا ونزلوا من السيارة، وفي صمت وهدوء نظروا إلي موجهين أسلحتهم في وجهي».

تحدث «أوهري» عن شعوره في هذه اللحظة: «في هذه اللحظة، أدركت أن هذا هو نهاية المطاف، ولم أعرف ماذا يمكنني أن أفعل، وبدأت أصرخ باللغة العربية: (أنا طبيب.. أنا حكيم)، لكن لم يخرج أي صوت من فمي، لأن استنشاق الغازات والحرائق أضر بالحبال الصوتية والجهاز التنفسي، وبدأت ألوح بيدي لكنهم لم يفهموا شيئا، وأشرت بيدي إلى كتفي، في إشارة إلى رتبة (ضابط الطبي)، لكن ذلك لم يغير شيئا، وبعد ذلك، كما في القصص الخيالية، ظهرت سيارة جيب تقل قائد هؤلاء الجنود وتوقفت بيني وبينهم، وأعتقد أنه أقنعهم بعدم قتلي، وجعلني أجلس على الأرض، وقدم لي الماء والبسكويت الذي يحمله، لكنني لم أكن قادرا على بلعه».

وعن طريقة استجوابه، قال «أوهري»: «وفجأة بدأ إطلاق النار مرة أخرى، بين المصريين والإسرائيليين، وأمسك بي الضابط وهربنا إلى المحطة، وبقي الجنود في الاشتباك الساخن، وحدث حوار بين الجنود وقائدهم حول ما إذا كان المفترض أن يتركونني حيا، وأنا أخذت زمام المبادرة وهمست للقائد، لا أتذكر بأي لغة تحدثت معه، ربما خليط من العبرية والعربية والإنجليزية، وفي النهاية، تم الاتفاق على إبقائي حيا، ووصلت إلى السيارة، وعيني مغطاة ويدي مربوطة».

ويضيف: «وصلنا إلى نقطة معينة تابعة للمصريين، وبدأوا في استجوابي، بعدما تمت إزالة الغطاء عن عيني ورأيت الضباط والجنود المصريين حولي، وتعرفت على الضابط الذي كان يتعامل باحترام مع الجميع، لكنهم لم يكونوا يعلمون أنني طبيبا، لذا عملوا لي اختبارا في الطب، وكان أصعب اختبار مررت به عن أي وقت مضى، لقد كنت في ظروف صعبة، منهك القوى، تحت الشمس الحارقة، وأواجه مستقبلا غير واضح»، ويتابع: «أحضروا مترجما لي، وتم استجوابي في جو جيد، ببطء، مع ترجمة كل كلمة أقولها وكتابتها، وبعدها أمر الضابط الجنود بتركي أستريح ثم أخذني شرقا من الجانب التابع لمصر من القناة، ومن عجائب القدر، أن هذا الضابط عين في وقت لاحق قائد الاستخبارات القتالية المصرية، وأجريت معه مفاوضات بعد 5 سنوات بشأن تبادل الأسرى».

يحكي «أوهري» عما يتذكره في الطريق إلى السجن: «وأثناء نقلي بالسيارة، كان ضجيج الحرب مسموع، وكانت عيني مغطاة ويدي مربوطة، وبعدما وصلنا إلى القناة، جلسنا في زورق الكوماندوز وعبرنا الماء، وبدأت أستوعب الوضع ببطء، وأدركت أنني نجوت من لموت لكني أصبحت أسير حرب، وعندما وصلنا إلى الجانب الآخر، فجأة سقطت في الماء وكدت أغرق لولا أن المصريين أنقذوني،  وبعدها وصلنا إلى السيارة، وفي خلال أيام قليلة لا أعرف عددها، تم نقلي من زنزانة انفرادية إلى أخرى، من سجن إلى آخر، من ممرات الاستجواب المظلمة إلى الساحات المضاءة، وهلم جرا، تدهورت حالتي، كنت أتنفس بصعوبة، وأصبت بالسعال، وكنت أقذف البلغم الأسود، وأصبت بنزيف في الجهاز الهضمي، ولم يكن هناك طبيب، ولا يمر يوم واحد دون استجوابي، وكان الاستجواب يتم باللغة العبرية ثم تترجم إلى اللغة الإنجليزية ومنها إلى العربية، عملية لا نهاية لها، لم أكن أعرف الكثير وليس لديه ما يقول، وكان من الصعب إقناع المحققين أن المسؤولين الطبيين في الاحتياط في الحقيقة ليسوا أهدافا للمخابرات».

واختتم «أوهري» حكايته قائلا: «وبعدها أحضروا لي طبيبا، وقال إن حالتي حرجة، وأنني محظوظا لبقائي على قيد الحياة، وبعد فترة أقنعتهم بضرورة زيارة طبيب إسرائيلي آخر معتقل كان زميلي في المدرسة يدعى داني مان، وبعدها بأيام قليلة، تم إطلاق سراحي، وعدت إلى إسرائيل في صفقة تبادل أسرى، ثم تم دمجي للوفود المختصة بالتفاوض مع مصر لإطلاق سراح الأسرى المعتقلين في السجون المصرية».

1. موشيه زاجوري

أسير إسرائيلي سابق يروي تجربته في السجون المصرية

موشيه زاجوري، 64 عاما، جندي إسرائيلي سابق، من مواليد مدينة فاس المغربية، هاجر مع أسرته في سن 11 عاما إلى إسرائيل واستوطنوا مدينة بئر سبع المحتلة عام 1948، اشترك في حرب أكتوبر 1973، كان ضمن القوات المنتشرة بقطاع قناة السويس، روى في حواره لموقع  mynet التابع لصحيفة Yedioth Ahronoth «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، وموقع Masrarabia، تفاصيل لم تكشف من قبل عن القتال مع القوات المصرية، وسقوطه في الأسر، وترحيله إلى سجن «العباسية».

تحدث «زاجوري» عن ذكرياته للفترة التي سبقت حرب 1973، قائلا إن «الأسابيع القليلة قبل اندلاع الحرب كان مسئولا عن مراقبة كل ما يحدث على الضفة الغربية لقناة السويس، ورصد استعدادات مصرية غير مسبوقة لعبور القناة، لكن عندما كان يخبر قادته بذلك، كانوا دائما ما يخبرونه أن كل شيء على ما يرام، وفي مساء 5 أكتوبر، وأثناء قضائه إجازته في بئر السبع، اتصل به قائده، وأمره بالحضور فورا إلى وحدته، كانت المسافة طويلة وشاقة، تلك التي قطعها من المدينة الواقعة جنوب فلسطين المحتلة إلى قناة السويس، وكان يدرك بداخله أن الساعات المقبلة لن تمر بخير، وانهمك (زاجوري) بعد وصوله للوحدة أثناء أداء الصلاة اليهودية في يوم الغفران والاستعداد للصوم، ويضيف: «في الوقت الذي أديت فيه الصلاة مع جندي آخر، اتضح أن الوحدة كلها تلقت تنبيه بالاستعداد على أعلى مستوى».

يتلعثم «زاجوري» وهو يتحدث عما حدث في الساعات الأولى من صباح السبت 6 أكتوبر، ويرشف بتوتر من كوب ماء أمامه، ويسترجع ما حدث قبل 42 عاما، أو ما يصفها بـ«أكثر الساعات المؤلمة في حياته»، ويقول: «ناداني أحد الجنود بالموقع وأشار على الجانب الآخر من القناة، هناك تحرك للقوات، لم أكن بحاجة لمنظار للتأكد من ذلك، شاهدنا حركة مدافع وقاذفات ودبابات تحت شبكات التمويه، واتصلت بقائد الوحدة، وأخبرني أنه يعرف بالأمر، وأن أجهز القوة لأي تطور ممكن، وأوضح لي أن كل التقديرات المخابراتية تشير إلى أن المعركة قد تندلع قرابة الساعة 15:00، لكن قبل ساعة من هذا الموعد بدأ المصريون بفتح النار تجاه موقعنا، نيران كثيفة، قذائف من كل اتجاه».

ويتابع «زاجوري»: «كل خط بارليف، خط حصون ضفة قناة السويس، انهار خلال وقت قصير، كل المفاهيم حول قدرة هذا الخط على منع المصريين من التوغل في سيناء لم تصمد على أرض الواقع».

وصل «زاجوري» إلى حصن «متسماد»، الذي كان هدفا للقذائف المصرية كغيره من الحصون على طول خط القناة، ويقول: «وفي هذا الوقت، بدأت القوات المصرية في العبور، وأخذت في الهجوم على الحصن، ووجهوا نيران كثيفة للحصن، كل المنطقة حولنا كانت ساحة قتل كبيرة، لم أر كمية النيران هذه أبدا، ما حدث لا يمكن مشاهدته في أفلام الحرب أيضا».

وتحدث «زاجوري» عن شعوره في ذلك الوقت، قائلا: «كان هذا أمرا رهيبا، كنا في صدمة، طلبنا عبر أجهزة اللاسلكي في دعوات يائسة أن يرسلوا لنا مساعدة، أن يمنعوا القوات المصرية من الاقتراب إلينا، كنا محاطين بالقوات المصرية، انتظرنا في مواقع الحصن على أمل أن تنضم إلينا قواتنا وتساعدنا، وبالفعل وصلت القوات المدرعة، لكنها تكبدت خسائر، وانسحبت من المنطقة، لتتركنا لمصيرنا»، ويضيف: «لم تكن لدينا قوة مقاتلة في الحصن، معظم الجنود كانوا متقدمين في السن، كانوا ينتظرون تسريحهم من قوات الاحتياط قبل يوم من الحرب، ما حدث كان مفاجئة رهيبة».

بحلول المساء كثف الجيش المصري نيرانه وأصاب مدرعة «زاجوري» التي كانت عند مدخل الحصن بقذيفة، وعن هذا يقول: «كانت القوات المصرية على الأبواب، حاولنا بقوتنا القليلة ردعهم ومنعهم من الاقتراب أكثر، تدفقت المزيد من القوات تجاهنا، وفي هذه الحالة كان من الصعب جدا الدفاع عن الحصن، بدأت الذخيرة في النفاذ، وكان من حسن حظنا في البداية أن المصريين لم يدركوا جيدا حقيقة أن الذخيرة ستنفذ منا خلال وقت قصير»، ويضيف: «بعد عدة ساعات من الهدوء النسبي، استأنف المصريون إطلاق النيران تجاه الحصن، طلبنا بل وتوسلنا عبر اللاسلكي أن تفجر قواتنا الموقع للحيلولة دون دخول المصريين، وبشكل متزامن انتشرنا على أبواب الحصن لرد النيران تحت الضباب الكثيف».

مساء الأحد 7 أكتوبر، دخلت طليعة القوات المصرية موقع الحصن تحت قصف عنيف، ويصف «زاجوري» الوضع قائلا: «في هذه الحالة لم يكن لدينا ما نفعله، نفدت الذخيرة، وخرجت الأسلحة عن الخدمة، وكانت فوهات أسلحتنا محترقة من كثرة النيران، وقفنا بأياد مكشوفة أمام المصريين، وطوال الوقت كنا نسمع في الشبكة اللاسلكية صرخات جنود الحصون المجاورة، كان هذا رهيب، أصبنا بصدمة شديدة، لكني حاولت ألا أفقد أعصابي».

صباح الاثنين 8 أكتوبر، اليوم الثالث للحرب، تجددت النيران بشكل كثيف، وأطلق جنود حصن «متسماد» قنابل الدخان على أبواب الحصن، وخلال دقائق سُمعت كلمة «نستسلم»، حيث قرر قادة الحصن إلقاء السلاح والاستسلام، وعن تلك اللحظات يقول «زاجوري»: «وقفنا وجها لوجه أمام الجنود المصريين، داخل الحصن، كنا نواجه الموت، أراد المصريون تصفيتنا، لكن لحسن الحظ كان هناك ضابط مصري أمر جنوده بعدم إطلاق النار تجاهنا، لكن رغم ذلك ضربونا بأعقاب بنادقهم».

خرج 32 جندي إسرائيلي من الحصن، وأعلنوا استسلامهم أمام المصريين، الذين قيدوهم استعدادا لنقلهم، ويقول «زاجوري»: «وضعونا على عرباتهم ومضوا بنا تجاه المزرعة الصينية، بعدها أخذونا تجاه القناة ومن هناك وضعونا على زوارق أقلتنا للجانب الآخر من القناة، وأخذونا لموقع تحقيق بالإسماعيلية، حيث بقينا هناك 3 أيام للتحقيق معنا، وبعدها تم نقل الأسرى الإسرائيليون إلى سجن «العباسية»، وأدخلوا كل واحد منا إلى زنزانة مغلقة، وكانوا أحيانا يخرجوننا لتريض قصير يستغرق عدة دقائق في ساحة السجن، وارتكزت التحقيقات مع الجنود الأسرى على كل ما يتعلق بجيش الاحتلال الإسرائيلي، أنواع المدرعات المستخدمة، وتفاصيل تتعلق بالخدمة العسكرية».

في نهاية نوفمبر 1973، قال «زاجوري»: إن «عناصر من (الصليب الأحمر) زارت السجن لتفقد الأسرى الذين نقلوا من الحبس الانفرادي إلى زنازين واسعة، وضع في كل واحدة منها 10 أسرى، وترددت معلومات بشأن مفاوضات على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين مصر وإسرائيل، وقبل أيام من إطلاق سراح الإسرائيليين، وزار وزير الدفاع المصري أحمد إسماعيل علي السجن، وبمناسبة الزيارة وزعت السجائر والحلويات والمشروبات على الأسرى، وبعدها بدأت عملية إطلاق سراح الأسرى، وكان (زاجوري) ضمن مجموعة الأسرى الأخيرة التي وصلت إسرائيل».

https://i0.wp.com/images1.ynet.co.il/PicServer4/2015/09/21/6452632/64525070981378116116no.jpg?w=620

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*