الرئيسية / جرائم وقضايا / دراسة المحامية / أريج عبدالرحمن حمادة ،،، حول قانون البصمة الوراثية سلبياته و إيجابياتة

دراسة المحامية / أريج عبدالرحمن حمادة ،،، حول قانون البصمة الوراثية سلبياته و إيجابياتة

دراستي حول قانون البصمة الوراثية سلبياته و إيجابياتة

دراسة في قانون البصمة الوراثيةرقم (٧٨) لسنة ٢٠١٥

و أهمال الجانب الصحي يشكل قصورا في القانون.

 

نشأة و تطور علم البصمة الوراثية

وقعت في انجلترا في عام ١٩٨٤ جريمة اغتصاب حيث قتل طفلان على مرحلتين . و قد ترك القاتل سائلا منوي على جسم كل من الطفلتين بعد أن قام باغتصابهما ، الا ان الجريمة قيدت ضد مجهول لكن المحققين كانوا متأكدين بأن المجرم من سكان ذات المنطقة التي حصلت فيها جريمة الاغتصاب و القتل ، و منذ ذلك الوقت قررت الشرطة البريطانية الاعتماد على التكنلوجيا للكشف عن المجرمين . و كان احد المحققين قد سمع عن عالم بريطاني يدعى ( أليك جيفريرز ) وهو مكتشف البصمة الوراثية (الحمض النووي ) ، حيث يتم من خلاله التعرف على هوية الاشخاص ، فأملت وزارة الداخلية البريطانية استغلال هذا الاكتشاف لربط المجرم بجريمة اغتصاب الطفلتين المقتولتين ، فأطلقت الشرطة البريطانية حملة التطوع للفحص النووي للرجال في منطقة ايبرور و حددت المرحلة العمرية الخاضعة للفحص من سن 13 الى 33 سنة ، و حيث ان الشرطة البريطانية كانت على يقين بان المجرم لن يتطوع للفحص او سيحتال على نظام الفحوصات ، و بالتالي سيتم فتح تحقيق مع رجال المنطقة الرافضين لاجراء الفحص النووي ، و بالفعل تقدم 4500 رجل باستثناء شخص واحد وهو خباز محلي ذو سجل اجرامي ، إذ حاول التخلص من الفحص من خلال صديق له طلب منه مساعدته بانتحال شخصيته و تقديم عينته بدلا عنه و ذلك لاجراء الفحص من خلال استعمال جواز مزور باسمه ، و بعد الالحاح وافق على انتحال شخصية الخباز ، و بالفعل قدم عينة دمه باسم المجرم ، و بعد مرور شهرين عرفت بالصدفة مديرة المخبز بذلك فتقدمت ببلاغ إلى الشرطة البريطانية ، و بعد القبض على الخباز سالف الذكر و اجباره على اجراء الفحص النووي اثبت انه هو المجرم و اثبت ارتباطه بالجريمة و بذلك أصبح للبصمة الوراثية دور في وقف ارتكاب جرائم اخرى بعد القبض عليه عن طريق تحليل الحمض النووي (DNA).

شكلت هذه الجريمة نصرا كبيرا للبصمة الوراثية في مواجهة الجريمة و مكافحتها عن طريق الربط بين المجرم و الجريمة و تطور بعد ذلك أسلوب التحقيق في الجرائم باستخدام البصمة الوراثية فهذا الانجاز أحدث ثورة في عالم الادلة الجنائية حيث يتم تحديد هوية الشخص عن طريق البصمة الوراثية ، فهي تعد دليل تحقيق الشخصية فلكل فرد بصمة وراثية خاصة به تميزه عن غيره و للبصمة الوراثية أهمية كبيرة في كشف العلاقة ما بين المشتبه به و الجريمة و كذلك استبعاد الافراد من دائرة الاشتباه بناء على الاثار البيلوجية .

مفهوم البصمة الوراثية

تعتبر البصمة الوراثية من أهم الوسائل التي أحرزتها البشرية في مجال البحث الجنائي لمحاربة و مكافحة الجريمة ، إذ أن البصمة توجد داخل كل انسان ، وكل مايلمسه المرء سيترك بصمة فريدة وراء لمسته ، لذلك نرى ان البصمة الوراثية عبارة عن بيان بالخصائص و الصفات الوراثية التي تسمح بالتعرف على الشخص و تميزه عن غيره، فهي وسيلة بيلوجية من خلال أخذ عينة من خلايا جسم الانسان يتم استخدمها لحل مشكلة تحديد الهوية لكل انسان بما فيها اثبات الابوة الطبيعية . و قدأصبح بامكان الباحثين الجنائيين التدقيق في أدق تفاصيل الجريمة بسبب اكتشاف البصمة الوراثية و التي أحدثت ثورة هائلة و تغييراً جذرياً في التحقيقات فزادت من قدرات الكشف و التحقق.

القانون الكويتي

أما في القانون الكويتي فقد تم تعريف البصمة الوراثية في المادة (١) بانها خريطة الجينات البيلوجية الموروثة ، و التي تدل على شخصية الفرد وتمييزه عن غيره ، و تتمثل السمات البيلوجية أو الخط الجيني للمواقع غير المشفرة عالية التبيان في الحمض النووي الكروموزي التي تنتج من تحليل الحمض النووي بالعينات البيلوجية . و لم يكتفي المشرع بذلك بل تطرق أيضا لتعريف مصطلحين آخرين وهما العينة الحيوية وهي الجزء الذي يؤخذ من الجسم البشري أو إفرازاته الحيوية بهدف إجراء المقارنة لتحديد الشخصية ، كما عرف قاعدة بيانات البصمة الوراثية وهو عبارة عن نظام حاسب آلي تخزن فيه البيانات التي تحوي السمات الوراثية للحمض النووي للاشخاص المخزن بياناتهم ، وحسب ما ورد في المادة (2) من القانون فان هذه القاعدة تنشأ في وزارة الداخلية و تخصص لحفظ البصمات الوراثية الناتجة عن العينات التي تؤخذ.

و قد جاءت المادة (5) من القانون لتتناول الحالات التي يتم عن طريقها الاستعانة بهذه القاعدة حيث حصرت بالآتي:

– تحديد هوية مرتكب الجريمة و تأكيد ارتباطها بها .

– التحقق من هوية المشتبه فيهم و اثبات نسبهم بذويهم .

– تحديد هوية الجثث المجهولة .

– اضافة الى اي حالات أخرى تقتضيها المصلحة العامة للبلاد أو بناء على طلب المحاكم وجهات التحقيق.

وبناء على ما سبق يتضح لنا مدى أهمية حجية البصمة الوراثية في الاثبات الجنائي و اثبات النسب عن طريق الاستعراف الجنائي والذي له دور كبير في الكشف عن المجرم و كذلك مسألة ثبوت النسب و الاستعراف هو التحقق من هوية الشخص المجهول سواء كان هذا الشخص حي (بمعنى القبض على مجرم هارب أو البحث عن شخص مفقود ) و كذلك الامر بالنسبة للشخص المتوفي.

حجية البصمة الوراثية في الاثبات الجنائي

و حيث ان البصمة الوراثية تعد البنية الجينية التفصيلية التي تدل على هوية كل فرد بعينه و هي وسيلة تمتاز بالدقة لتسهيل مهمة الطب الشرعي و التحقق من الشخصية و معرفة الصفات الوراثية المميزة للشخص عند أخذ أي خلية سواء الدم او اللعاب او المني او البول او الشعر او بصمة الجسم او أظافر او حتى الجلد البشري لذلك تعتبر قرينة اثبات قوية لا تقبل الشك ، و هي وسيلة معترف فيها في جميع محاكم اوروبا و امريكا في جرائم القتل و الاغتصاب و اللواط و الجرائم الجنسية و جرائم السرقة و الضرب لان غالبا ما يترك الجاني آثاراً آدمية في مسرح الجريمة . و على سبيل المثال فإن تحليل عينات الشعر تمكن المحققين من التعرف على كثير من المجرمين في جرائم القتل و كذلك تساعد في تحديد الاداة المستخدمة و في التفريق بين فتحة الدخول و فتحة الخروج في إصابات الأسلحة النارية ، أما بالنسبة للبقع الدموية فلها أهمية بالغة في حل غموض معظم الجرائم .

لذلك يكون للبصمة الوراثية دور مهم في كشف الجرائم بمختلف انواعها حيث يتم ذلك بعد اخذ عينات جنائية لتحديد الشخص المشتبه به في جريمة ما من خلال تطابق البصمة الوراثية مع البصمة الوراثية الموجودة في مسرح الجريمة ، بما فيها الجرائم المتعلقة بتزوير النسب لهدف الحصول على جنسية الدولة ، و كذلك الجرائم المتعلقة بالدماء كالقتل و الانتحار و أيضا قضايا المرور في حوادث الدهس ، بالاضافة الى اي جريمة اخرى تركت أثرا من المتهم قد يساعد في الاثبات الجنائي عن طريق اجراء تحليل للبصمة الوراثية لهدف الاستفادة منه .

و يقصد بالاثبات الجنائي هو كل ما يؤدي الى اظهار الحقيقة عن طريق الوصول بالدليل المقدم في الدعوى ، و الدليل في الاثبات الجنائي لا يثبت فقط الى اثبات التهمة على الجاني و انما ايضا استبعاد الافراد من دائرة الاشتباه بناء على الاثار البيلوجية .

حجية البصمة الوراثية في اثبات النسب

تعتبر البصمة الوراثية من أحدث الطرق لاثبات النسب او نفيه. و النسب هو القرابة بمعنى اتصال بين شخصين على سبيل المثال بالحاق الابن او البنت بابيها او امها و ما يترتب عليه من التزامات بينهما سواء من حيث العطف او التربية او التعلم او التوريث او حتى الجنسية .

و بتاريخ 8/10/2001 قرر الباحثون في المنظمة الاسلامية للعلوم الطبية اعتماد البصمة الوراثية و الاخذ بها من الناحية الطبية و الشرعية في حال التنازع في مجهول النسب . و للبصمة الوراثية اثار ايجابية للتعرف على حالات تبديل المواليد في مستشفيات الولادة سواء كان ذلك بالخطأ في حالات الطوارىء او عمدا و كذلك في حالة نكران الرجل أبوته لطفل ناتج عن اغتصاب او زنا فبمقارنة البصمة الوراثية له و للطفل بالامكان اثبات النسب له او نفيه .

و هناك حالات أخرى ، من ذلك ادعاء امرأة بان مولودها يخص رجلا معينا لتحقيق غاية و هدف مثل الزواج او للحصول على الميراث او طمعا في النفقة ، و كما في الحالة التي يدعي فيها رجل نسبه لشاب او طفل مجهول النسب على اساس انه ابنه و كانط يجهل مكان تواجده او العكس و يكون الهدف طمعا في تحقيق غاية ما كالحصول على الجنسية او الميراث بالاضافة الى حالة يتنازع فيها رجلان على مولود من امرأة متزوجة من احدهمها و طليقة الاخر.

و حالة اثبات النسب في حالة التلقيح الصناعي فقد ينشأ طفل الانبوب عندما يتم تلقيح البويضة بالحيوان المنوي خارج الرحم و احيانا قد يحدث تلاعب بأخذ حيوانات منوية من رجل غير الزوج او اخذ بويضات من امرأة غير الزوجة ففي هذه الحالة يتم اثبات النسب او نفيه بواسطة مقارنة البصمة الوراثية .

و بذلك يتضح مدى اهمية استخدام البصمة الوراثية في اثبات النسب و كذلك في الاثبات الجنائي حيث يحد في الفصل بين النزاعات الحاصلة .

الآثار السلبية للبصمة الوراثية

و رغم كل الجوانب و الاثار الايجابية للبصمة الوراثية التي ذكرتها أعلاه الا انها لا تخلو من الآثار السلبية و منها على سبيل المثال انتهاك حق الخصوصية للإنسان لذلك لابد من وجود توازن ما بين حق الخصوصية في الحياة الخاصة و بين حق المجتمع بالتعرض لشئونه .

و قد تم تعريف الخصوصية بانها الحق في حماية حياة الانسان الخاصة و ذلك بعدم الاعتداء عليها و استقلال الأفراد و كرامتهم و سلامتهم و عدم التدخل في شئونهم و شئون عائلاتهم .

و للخصوصية جوانب عدة، انواع منها:

1. خصوصية المعلومات و بيانات الشخص و معلوماته المالية و سجلاته الطبية وغيره.

2. خصوصية الجسد و التي تتعلق بحماية الفرد ضد أي اجراء مادي يمس جسده مثل فحص المخدرات و فحص الجينات .

3. خصوصية الاتصالات مثل سرية المراسلات الهاتفية و البريد و البريد الالكتروني و غيرها من

وسائل الاتصالات .

4. الخصوصية الاقليمية كحق الدخول الى المنزل و بيئة العمل .

و حيث ان موضوعنا يتمحور حول الفحص الفني ، فإنه يلزم إلقاء الضوء على النقطة الثانية و هي خصوصية الجسد ، حيث نجد ان القاعدة الاخلاقية الاساسية هي عدم الكشف عن البيانات الخاصة بالافراد دون تفويض منه الا في حالة استثنائية عندما يلزم الامر حماية الاخرين من الأذى.

و لذلك أثار تجميع عينات المادة الوراثية جدلا كبيرا و التي قد يكون ما يبررها ، الا ان هناك مخاوف أخلاقية متعلقة بالاحتفاظ بتلك العينات فيرى العديد بان ذلك يمثل تهديدا خطيرا للخصوصية .

و لذلك اهتم المشرع الكويتي بمسألة الخصوصية و السرية ووضع عقوبات صارمة حيث نصت المادة (9) من قانون البصمة بان كل من أفشى سرا يتعلق بالعمل او نشر بيانا من بيانات البصمة الوراثية و يكون اطلاعه عليها بحكم عمله فانه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 3 سنوات حفاظا على حق الانسان في الخصوصية مع عدم الاخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها القانون ، و حيث ان القاعدة القانونية تهدف الى تنظيم سلوك الفرد في المجتمع ، لذلك أخذ العينة من جسم الانسان هو نوع من أنواع التفتيش و تسجيلها في قاعدة البيانات هو اجراء يمس خصوصية الانسان .

أما من يسعى الى تزوير المستندات الخاصة بالبصمة الوراثية أو استعملها رغم علمه بتزويرها فإنه يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على سبع سنوات و بغرامة لا تزيد على خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين طبقا لما ورد في المادة (10) من ذات القانون ، و كذلك عالجت المادة (10) حالة اتلاف قاعدة البيانات الخاصة بالبصمة الوراثية أو العبث فيها حيث يعاقب كل من اركتب هذا الفعل بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات و لاتزيد على 10 سنوات .

سريان قانون البصمة الوراثية من حيث الأشخاص

و يضع قانون البصمة الوراثية المبادىء العامة و يتم تنظيم هذه المبادىء بصورة مفصلة بواسطة لوائح تضعها السلطة التنفيذية ، وهذا ما تناولته المادة (3) من قانون البصمة الوراثية حيث أعطت اللائحة التنفيذية الحق في تنظيم أحكام أخذ العينات الحيوية و اجراء فحص البصمة الوراثية كذلك تسجيلها بقاعدة بيانات البصمة الوراثية على أن يتم التسجيل خلال سنة من تاريخ اصدار هذه اللائحة .

و بعد اطلاعي على المادة (11) من ذات القانون نجد أنه حدد نطاق تطبيق القانون من حيث الاشخاص حيث تسري أحكام قانون البصمة الوراثية على جميع المواطنين و المقيمين و الزائرين و كل من دخل الاراضي الكويتية على نحو ما تنظمه اللائحة التنفيذية ، فمجرد نفاذ القانون يصبح واجب التطبيق في حق جميع المخاطبين به يستوي في ذلك سواء علموا به أم لا ، وهنا أردت طرح تساؤل في وضع من يدخل أراضي الكويت بصورة عارضة و دون الحصول على تأشيرة الدخول ( الترانزيت ) فهل يعتبر مرتكب جريمة يعاقب عليها في حال امتنع عن تقديم العينة ان طلبت منه الجهة المختصة ؟

فقد فرضت المادة (11) من القانون المذكور واجبا على الاشخاص المكلفين بهذا القانون و هو اجراء الفحص النووي و لكن هذا الواجب تم تنظيمه وفقا لما نصت عليه المادة (4) من القانون ، إذ لا يحق للاشخاص الخاضعين لأحكام هذا القانون الامتناع عن اعطاء العينة لاجراء الفحص و ذلك متى طلب منهم و خلال الموعد المحدد لكل منهم و عليه فانه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشرة آلاف دينار أو باحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدا او دون عذر مقبول عن اعطاء العينة الحيوية الخاصة به او بمن عليهم و لاية وصاية او قوامة وذلك بناء لما ورد في المادة (8 ) من القانون وبالتالي اصبح تقديم الشخص للعينة متى طلب منه واجبا عليه و الامتناع عن تقديمه يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون سواء كان مشتبه بهم اما لا فاحيانا الضحية قد يكون مجهول الهوية وبالتالي جهات الاختصاص بحاجة لكشف هويته عن طريق اجراء فحص البصمة الوراثية ، أما في حالة عدم طلب جهات الاختصاص تقديم العينة من الاشخاص الخاضعين لاحكام هذا القانون فلا يوجد اي مادة تجبرهم على ذلك في حال عدم الطلب منهم من قبل الجهات المختصة و بالتالي لا يعد مرتكبا لجريمة الامتناع الموضحة عقوبتها في المادة(8) و الهدف من ذلك هو تحقيق التوازن ما بين أمن الدولة و استقرارها و حق الافراد في المحافظة على حرياتهم و عدم المساس بها حيث يتم تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة في حالة وجود تعارض فيما بينهما فان ضاعت المصلحة العامة ضاعت بعدها المصلحة الخاصة .

إلا انني أرى بضرورة تحديد دوافع و أسباب الطلب على سبيل الحصر حتى لا يكون هناك تعسف في استعمال هذا الحق من قبل الجهات المختصة .

قصور في التشريع

و يلاحظ خلو القانون من نص يضمن الخاضعين لأحكامه من عدم مساس أجسامهم و صحتهم بالضرر فهناك خطورة قد تعرضهم للامراض المعدية كمرض نقص المناعة ( فايروس الإيدز) أو التهاب الكبد الفيروسي نتيجة سوء تعقيم الادوات المستخدمة في اجراءات الفحص .

كذلك لم تضع الدولة عقوبة على الجهة المختصة في حال ارتكبت خطأ في حق الأفراد.

بالاضافة الى ذلك فان القانون لم ينص على احتياطات تمنع وقوع الأذى و الضرر على جسم الأفراد نتيجة الفحص وهذا قصور في قانون البصمة الوراثية فمن حق الاشخاص المحافظة على سلامة أجسامهم .

بالاضافة الى ان المشرع لم يضع ضوابط عملية للالتزام بمعايير النظافة وجودة الأدوات المستخدمة لجانب الصحة العامة و اهمالها في حالة اجراء فحص البصمة الوراثية و تم استخدام أدوات طبية حادة و ملوثة ، فتعقيم المعدات الطبية يلعب دورا رئيسيا في سلامة المرضى ، و من ثم تقليل مخاطر الاصابة بالأمراض المعدية ، و حيث لم يتم تجريم حالة وقوع ضرر على من يتم اخذ عينة باستخدام ادوات ملوثة و بالتالي مدى احقية الشخص المتضرر في الحصول على التعويض المادي فلابد من وضع ضوابط للمحافظة على صحة الانسان لضمان عدم تعرضه للضرر .

ضوابط إجراء تحليل البصمة الوراثية

من أجل ضمان نتائج فحص البصمة الوراثية كان الأجدر في المشرع وضع ضوابط تتعلق بخبراء البصمة الوراثية و بطريقة اجراء تحليل البصمة الوراثية كأن يتم فرض أخذ العينة بحضور جميع أطراف النزاع أو وكلائهم و المحقق و ذلك للتأكد من مصدر العينة و كذلك الزام خبراء البصمة الوراثية بتسجيل و توثيق كل خطوة من خطوات تحليل البصمة الوراثية و أن يتم اجراء التحليل في مختبرين معترفين بهما ، و أخيرا وضع شروط في القائمين و المشرفين على هذه المختبرات و التأكد من عدم وجود صلة قرابة بأحد المتداعيين على سبيل المثال .

توصيات رابطة العالم الاسلامي

و قد كان لمجمع الفقه الاسلامي لرابطة العالم الاسلامي المنعقدفي مكة المكرمة بتاريخ 5/1/2015 عدة توصيات منها :

-ان لا يتم اجراء الفحص الخاص بالبصمة الوراثية الابطلب من القضاء.

-تكوين لجنة خاصة بالبصمة الوراثية في كل دولة بمشاركة المختصيين الشرعيين و الاطباء و الاداريين للاشراف على نتائج البصمة الوراثية و اعتماد نتائجها.

-وضع آلية دقيقة لمنع الانتحال و الغش و التلوث في حقل مختبرات البصمة الوراثية.

-يجب ان يكون هناك تعدد في اجراء البصمة الوراثيةبمعنى اخذ اكثر من عينة.

الجانب الدستوري

ورغم أهمية البصمة الوراثية كما تقدم ، إلا أن البعض قد هاجم مسألة دستورية القانون المذكور و مفاد حجتهم أنه يشكل إعتداء و إنتهاك على مبدأ الخصوصية ذلك الحق الذي يكرسه الدستور و يحميه ، حيث يلتزم الأفراد جبراً بالكشف عن حالته الجينية مما يدل على عدم إحترام حق الإنسان في جسده و الحق في الخصوصية و يماثل إلى حد ما تفتيش الشخص أو دخول منزله دون إذن مسبق و الذي يعد انتهاكاً للحريات ، لاسيما و أن العديد من قوانين دول العالم قد جعلت الحصول على البصمة الوراثية إختيارياً للشخص و ليس إلزامياً أو إجبارياً .

و رغم ما يثيره البعض من تشكيك حول مدى دستورية قانون البصمة ، إلا أنني أرى أن الحجج التي استندوا إليها لم تكن حجج سديدة ، ذلك أن المشرع في سبيل تنظيمه للمجتمع و دعم أمنه ، له أن يلزم كل شخص بالحصول منه على بيانات معينة لتحديد هويته ، طالما أن تلك المعلومات محفوظة بطريقة يحميها سياج من السرية المطلقة .

فإن كان اللجوء إلى استخدام تلك المعلومات يحاط بضمانات عالية وهي ألا يتم استخدامها إلا بإذن من الجهات القضائية المختصة ضماناً لصيانة سرية بيانات الأشخاص ، فهناك فارق بين الحصول على البصمة وبيانات الشخص و استعمالها . فالحصول على البصمة الوراثية إلزامي أما بياناتها فتظل سرية محفوظة على قاعدة البيانات و لا يجوز إفشائها .

و من ثم ، فإنه و إن كانت الحرية مكفولة ( مادة ٣٠ من الدستور الكويتي) فهي بذلك مكفولة بما تضمنه قانون البصمة الوراثية ذاته من ضمانات يصون و يؤكد على السرية الكاملة للبيانات ضد أي إفشاء إلا بإذن من السلطات القضائية ، كما أن الدستور الكويتي قد نص في ذات الوقت على مبدأ عام وهو أن على الدولة أن تصون دعامات المجتمع و تكفل الأمن و الطمأنينه للمواطنين و ذلك حسبما تنص عليه المادة (٨) من الدستور و بما بمفاده أن المصلحة العليا للمجتمع و أمنه و أمانه و استقراره ترجح بشكل جليّ دستورية قانون البصمة الوراثية حيث يستهدف هذا القانون أمان المجتمع و الكشف عن الجرائم بل و الحؤول دون إقترافها في كثير من الأحيان .

المحامية اريج حمادة

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*