الرئيسية / أقسام أخرى / فن وثقافة / «زين البحار» مسرحية غنائية استعراضية قدمت في عوالم من الدهشة البطولة فيها للجميع

«زين البحار» مسرحية غنائية استعراضية قدمت في عوالم من الدهشة البطولة فيها للجميع

على مسرح نادي كاظمة الرياضي غير المؤهل للعروض المسرحية، قام فريق عمل مسرحية «زين البحار» بجهد جبار في بناء مسرح متكامل من حيث ارتفاع وعمق المسرح وكواليسه على الجانبين، والتي سمحت بإدخال قطع الديكور الضخمة والمتنوعة الخاصة بكل مشهد، وادت الى سهولة تحريكها.
كما علقت عشرات سبوتات وبروجكتورات الاضاءة على «شوايات» داخل المسرح غير الاضاءات بسقف صالة الجمهور المسلطة على المنصة، وشاشتا عرض بمستويين مختلفين أولهم ضخم على اتساع وطول وعرض المسرح يعرض على شاشة مضاءة وملونة الكائنات البحرية وما يوجد في أعماق البحار، والآخر أصغر أمام مقاعد الجمهور في الصفوف الأولى متسق المناظر مع الأول.
عرض مكلف انتاجيا، يعيش الطفل لبعض الوقت مع الكائنات البحرية ونباتات الاعماق المتنوعة، ويشعر بأحاسيسها ومخاوفها وطموحها، وهو أمر يجعل الطفل محبوس الانفاس يغرق في عوالم من الدهشة المبهرة والملونة.

«زين البحار» مسرح غنائي استعراضي مبهر يخطف العين، البطولة فيه للجميع من الاضاءة الى هندسة الصوت الى حيوية حركة الممثلين بعمق وعرض المنصة المسرحية وابهار الازياء والاغاني والموسيقات، كلمات الاغنيات لهبة مشاري حمادة، ألحان بشار الشطي، مكس وتوزيع ربيع الصيداوي، بطولة بشار الشطي وفاطمة الصفي وحمد اشكناني وعلي كاكولي ومروى بن صغير والبحرينية حلا الترك، مصمم الديكور سينيتا زهار، اضاءة أمير توما، مساعد مخرج طوني معركش، مصمم الازياء اليان برهوش، الصوت شركة الرندي، اخراج سمير عبود.
ثيمة/ فكرة النص تعتمد على اعلاء قيمة الصداقة والمحبة بين البشر، فليس بالقوة والجبروت تعمر الارض، انما بالقيم الروحية والانسانية العظيمة التي أكدت عليها جميع الاديان والمعتقدات.

يبدأ العرض بقصة تمهيدية عن أم من الكائنات البحرية تحذر أطفالها من طعم شباك الصيد، وهو مشهد لا يستوفي شروطه الدرامية فتنبه صغارها كي لا يقعوا في المحاذير كما غاب جدهم ثم تغيب الممثلة وأطفالها عن العرض كاملا، وهذا يسمونه «فرش» يحتاجه العمل التلفزيوني وليس العرض المسرحي الذي يختلف بآليات كتابته، وان تم الغاء هذا المشهد لما تأثر العرض ولن تختل بناه الدرامية.
ان دخول مركب كبير وجميل البناء يوحي بقصص الأساطير يصل لمنتصف المسرح، ما يشكل للاطفال حبسا للانفاس مع اضاءة رائعة وموسيقى وسينوغرافيا مبهرة الا ان البحر كان يبدو جليديا لاستخدام مادة لا توحي بحركة الماء، وكان بالامكان الاستعاضة عنه بقماش طويل ممتد من كالوس اليمين لليسار ويتم هزه للايحاء بحركة البحر، مع اضاءة زرقاء.. ليكون المشهد متسقا مع السفينة هذا من الناحية البصرية.

ومن عناصر الابهار إيقاع العمل سريع بسبب المرونة الجسدية العالية لحركة الممثلين على الرغم من ان النص مسجل كاملا بنظام الـ«بلاي باك» من الحوار الى الموسيقات والاغنيات، والمؤثرات الصوتية، وقد تؤثر سلبا في التواصل بين الممثلين والجمهور، كون الممثل يتحرك جسديا فقط، فلا صوت لايف، الا ان ذلك لم يحدث في «زين البحار».
حين دخل بشار الشطي لم يتوقف عن الحركة النشطة والمعبرة في عمق وعرض المسرح ووظف المخرج خفة حركة جميع الممثلين بمستويات مختلفة، فحلا ترك سمكة معلقة طوال الوقت ولا يبدو عليها الارهاق، وفاطمة الصفي بأزيائها الشريرة الكبيرة حركتها من كهفها الى قاع البحر نشيطة، ومروى متحركة على الرغم من نعومة دورها، وعلي كاكولي مذهل في تطويع جسده بعرض المسرح وعمقه، كما تجلت حركة اشكناني بمستويات مختلفة، الا ان التسجيل الصوتي «البلاي باك» في حوار الصفي مع كاكولي بدا طويلا ومملا بالنسبة لإيقاع وهارموني العمل بشكل عام.

ومع ما يشكله العرض من جمال وابهار وقيم تربوية، غلفت باطار حدث وموقف قدمت بسوية فنية عالية، تخللتها بعض المباشرة، الا ان بعض القيم في النص، كانت انتكاسة ولم تكن بحجم قوة العرض، وهنا نعرض بعض الامثلة:
احدى الشخصيات تسأل بشار كونه الشخصية المتوازنة العاقلة «لماذا لا يسمح لنا ان نسأل «يجيب بشار» لكي تكون دنيتنا أجمل فالمعرفة شر».. وهذه القيمة تشكل كارثة للطفل، هو الذي عليه ان يتعلم السؤال والاستفسار عن كل ما يجهله لكي يكون مؤهلا في حياته ويقدم كل خير لصالح مجتمعه ووطنه، ولمواجهه الشرور بحسب المسرحية، فالمعرفة ترفع سقف الطموح الإنساني للأجمل وليست شرا، والطموح حق مشروع، فليس علينا كسر المجاديف وزرع الضعف بنفوس الاطفال.
كما ان حلا تحلم بالخروج من الماء لتعيش على الارض، ويأتي ذلك من خلال اقحام قصة حب بينها وبين البحار اشكناني، وهو امر غير مبرر، فهما غير متناسبين بالعمر، فحلا بلغت الثالثة عشرة من عمرها منذ ايام، وهو سن لا ادراك به بالمشاعر الانثوية وأشكناني بمنتصف العشرين، وكان بالامكان ان يكون طموح حلا أنها تحب أشكناني حبا انسانيا شفيفا كمخلص لها من عالم البحار، ومحققا لحلمها لتكون على اليابسة، وهو بحد ذاته استمرار لإعلاء قيمة الصداقة الذي اكد عليه العرض.
نعود لانتكاسة القيم حين يدعو اشكناني حلا التي تحبه الى حفل عرسه على حبيبته فاطمة الصفي (الكائنة البحرية تتزوج انسان.. شلون) فيواسي بشار حلا الترك بالغناء «لا خير في الطموح» ماشالله على البشائر!!! وبسرعة تعود حلا لطفولتها ولا تتأثر بزواج اشكناني من أخرى…

على الصعيد البصري تفاجئ حلا عاصفة مائية فيطب عليها البحار الانسان لينقذها.. كيف ينقذ انسان من اليابسة، كائن بحري حياته قائمة على الماء وتقلباته واعاصيره.
لم تأخذ الفنانة فاطمة الصفي حقها في العرض فهي ظهرت متأخرة، فاذا كانت ثيمة العرض تعتمد على الصداقة و«شرور» الانسان على الارض، التي سيقت على لسان بشار (لا اعرف كيف عرف ان الانسان شرير) كما ان سلطان البحر في ازيائه بدا كأزياء الفراعنة.

العمل بشكل عام بذل فيه فريق العمل جهودا خارقة ومكلفة من حيث اتمام عناصر العرض المسرحي الغنائي الاستعراضي فلم يكن فقط للاطفال فالكبار يحتاجون الى عالم خيال جميل و«زين» سمعي وبصري يرونه مجسدا على خشبة المسرح، ويستمتعون به.
بوركتم يا أحلى شابات وشباب الكويت، مي محمد مساعد الصالح، هبة مشاري حمادة وبشار الشطي كمنتجين، وأبرزتم انتاجيا وفنيا جهودا كبيرة ما يؤكد على انهم شباب لديهم طموح عال في تقديم الأجود، فقدمتم هذا العمل الساحر.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*