الرئيسية / كتاب الحقيقة / فِــلْتــَر لــكــل مــواطــن

فِــلْتــَر لــكــل مــواطــن

ننشر إليكم مقال للكاتبة نوال اليحيى خص به   مقاله بعنوان (( فِــلْتــَر لــكــل مــواطــن)) نص المقال أدناه، والتعليق لكم:-

‏بعد أن كانت المواد الإعلامية تبث بشكل حصري عبر تلفزيون وإذاعة الكويت في ساعات محدودة في اليوم، يساندهما عدد من الصحف لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وكان دور عموم الناس مقتصراً على المشاهدة والاستماع والقراءة والمتابعة.. صرنا اليوم أمام انفجار معلوماتي يصيب الجميع بالدوار..
فمع شيوع شبكات التواصل الاجتماعي، وتوفر أدوات النشر بكافة أشكالها بيد الأفراد، كاد أن يتحول النشر إلى هدف في حد ذاته أو واجب و” روتين” يومي، وكأن الشعور العام لدينا:” أنا أنشر إذاً أنا موجود” أو” أنا أنشر لأعيش، وأعيش لأنشر”، وصار الشعار المرفوع:” النشر من أجل النشر”..
وحيث أن الكتابة والإعلام والتصوير والتوثيق..الخ. فنون يتفاوت الناس في امتلاك مفاتيحها والمواهب المناسبة لها والثقافة الداعمة لها.. تَحَوّلَ المنشور إلى كَمّ خال من الكيف، ونقل حرفي أو سرقة علنية أحياناً.. بدل الإبداع، وفبركة بلا تحرٍ أو توثيق أو تدقيق، وصارت الفتاوى الدينية والمعلومات العلمية والوصفات الطبية تؤخذ كعناوين يطار بها فوراً- حرصاً على السبق- بلا تحقق أو اهتمام بموثوقية المصدر، بالرغم من تيسر سبل التحقق من خبر أو فتوى أو حتى رقم هاتف..الخ. وذلك بسبب غياب روح البحث، أو الاتكالية والكسل، وبهذا، ومع وجود النية الطيبة والحرص على الإفادة والأجر غالباً .. قد يقع- وبلا قصد- ضرر أو ربما إثم!
وكأثر طبيعي، صارت وسائل التواصل الاجتماعي تعج بما يستحيل على الفرد متابعته، ومع أن المجال فيها متاح لنشر الثقافة، صارت أحياناً وسيلة لنقل التفاهة والإشاعة، أو ربما مجرد وسيلة جديدة لاكتساب الشعور بالأهمية أو جذب الانتباه والإبهار عند البعض.. أو لمجرد شغل وقت الفراغ..
والمزعج في هذا الهوس بالنشر طغيان العرض على الطلب، وضياع قيمة الأصيل بين ركام المنقول، وحدوث حالة من الفتور والتبلد الانفعالي لكثرة ما يرد ويتكرر، ورخص الكلمة وفقدان معناها، بعد استهلاك مفردات يراد منها التحفيز والتنبيه والحث والتشويق- كنوع من التسويق للمنشور وسط الزحام- مثل:( لا يطوفك/ قبل الحذف/ جديد/ عاجل/ مهم جداً/ شيء ما صار/ أجمل ما سمعت/ أنشر للضرورة/ أنشر تؤجر…الخ.)
والأخطر من هذا، نجاح جهات خبيثة في استغلال فضول الناس للقيل والقال، وانسياقهم لكل غريب، وتلقفهم لأي خبر، وذلك بتعمد إلقاء سموم إعلامية مجهولة المصدر في مجاري وسائل التواصل، ثم تركها للتفاعل التلقائي بجهود أهل النوايا الطيبة، الذين يقصدون التحذير والتنبيه دون تتبع  لمصدر الخبر أو هدفه، وبهذا يسهل إحداث البلبلة، وزعزعة الروح المعنوية، ونشر الشك والريبة بين الناس، ونخر نسيج المجتمع، وشيوع فتن وأكاذيب، ووقوع ظلم على أبرياء، وإلهاء الناس عن قضاياهم المصيرية.. ويظل الفاعل مجهولاً ومستتراً ومحمياً! ويضحك الشيطان وأعوانه من أهل الفساد والإفساد!
إننا بحاجة إلى مصافٍ و” فلاتر” متعددة متتابعة قبل نشر أي مادة إعلامية؛ أولها تمريرها على العقل والمنطق والشرع والواقع ثم التحقق من صحة المعلومة وموثوقية المصدر ثم الانتقاء لما يناسب الذوق والظرف والزمان والمكان والناس ثم اتخاذ قرار النشر أو عدم النشر، والاقتصار على نشر ما يفيد أو ما لا يضر- فليس كل ما يعرف يقال- واتخاذ قرار بالامتناع عن النشر بلا تحقق، والاعتبار من حادثة الإفك التي عصفت بمجتمع المسلمين الأول على الرغم من وجود النبي عليه الصلاة والسلام وتنزل الوحي عليه بين ظهرانيهم:﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾، فالأصل التلقي بالأذن، ثم تمرير ما يُتلقى على العقل، قبل النطق به، لا التلقي باللسان أي السمع والنقل الفوري!
نحتاج لبث ثقافة” التثبت” وحسن الانتقاء، كما أمرنا الله عز وجل:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾

 

@Nawalysy

عن admin

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*