الرئيسية / محليات / الشاعر الكويتي الراحل فهد العسكر.. رمز كبير أثرى الحركة الأدبية الكويتية بأفكاره التحررية

الشاعر الكويتي الراحل فهد العسكر.. رمز كبير أثرى الحركة الأدبية الكويتية بأفكاره التحررية

— ارتبط اسم الشاعر الكويتي الراحل فهد العسكر الذي يصادف غدا الذكرى الخامسة والستين على رحيله بفترة نشاط الحركة الأدبية في البلاد التي شهدت آنذاك ظهور أسماء لامعة من الأدباء والشعراء كانت لهم بصمات واضحة في الأدب.
ويعتبر العسكر الذي وافته المنية في ريعان شبابه أحد أبرز شعراء الكويت حيث أثرى الحركة الشعرية والأدبية بأفكاره التحررية بل وأثار الجدل في بعض قصائده.
ولد فهد صالح العسكر عام 1917 في سكة عنزة بمدينة الكويت وكان والده إمام مسجد ومدرسا للقرآن الكريم وتنقلت عائلته بين الكويت والسعودية نظرا إلى طبيعة عمل جده في تجارة الغنم والإبل.
وتلقى فهد تعليمه المبكر في الكتاب قبل أن يدخل المدرسة المباركية عام 1922 ثم انتقل إلى المدرسة الأحمدية واعتمد على تثقيف نفسه ذاتيا وفي الإطلاع على الشعر العربي.
وكان فهد مولعا باللغة العربية التي زادت من رغبته في نظم الشعر وقد لقي من أساتذته تشجيعا كبيرا فانشغل بالشعر ولم يرتبط بعمل أو مهنة بل اعتمد على ثروة أبيه وبعد أن نظم قصيدة في مدح مؤسس السعودية الملك الراحل عبد العزيز آل سعود عينه الأخير كاتبا لابنه الأمير محمد بن عبدالعزيز إلا أن فهد اعتذر عن عدم قبول الوظيفة.
وفاز الشاعر فهد بالمركز الثاني في المسابقة الشعرية التي نظمتها إذاعة لندن سنة 1945 حين شارك بقصيدة وصف فيها الحنين إلى الوطن بأسلوب جميل.
وبسبب قصائده التي تضمنت أفكارا تحررية اصطدم فهد بالمجتمع حينها ولم تخل بعض أشعاره من الجدل.
وتجلى مشروع العسكر التنويري في الدعوة إلى الوحدة القومية والإخاء بين أبناء المجتمع وطرح أبعادا للتنوير في عدد من المجالات أبرزها التعليم.
وعانى الشاعر فهد العسكر ضعفا في البصر ثم أصيب بالعمى وهو شاب قبل أن يباغته مرض الدرن ففارق الحياة في المستشفى الأميري في 15 أغسطس عام 1951 وكان عمره 34 عاما ودفن في المقبرة العامة قرب قصر نايف.
وعقب وفاته بسنوات عديدة حظيت مسيرة الشاعر فهد العسكر بصور مختلفة من التكريم حيث أطلق اسمه على إحدى المدارس الرسمية كما أنه الأديب الكويتي الوحيد الذي وثقت حياته دراميا في مسلسل وكان الراحل أحد الأدباء الذين حظوا بإصدار طوابع تذكارية تحمل صورهم عام 2009.
وعند الحديث عن فهد العسكر فإن مسيرته الشعرية بلا شك ترتبط ارتباطا وثيقا بالحركة الأدبية التي شهدتها البلاد في تلك الفترة فقد كانت الكويت ولمدة زمنية طويلة مركزا إشعاعيا يمد الثقافة العربية ويعزز من مكانتها.
وترجع بدايات الحركة الأدبية والثقافية في الكويت إلى فترة حكم الشيخ مبارك الصباح التي توجت بتأسيس المدرسة المباركية والجمعية الخيرية ثم تطورت في عهد الشيخ أحمد الجابر.
وفي فترة ما قبل الاستقلال ازداد نشاط الحركة الثقافية مع تأسيس المكتبة الأهلية والنادي الأدبي ويعود الفضل في تشجيع تلك النشاطات إلى شباب الكويت آنذاك إذ كانوا على اتصال دائم بالمجالات الأدبية في الوطن العربي.
ووثق كتاب (الحركة الأدبية والفكرية في الكويت) للدكتور محمد حسن عبدالله أسماء أبرز الشخصيات التي ساهمت في نشاط الحركة الأدبية ومن هؤلاء خالد محمد الفرج وحجي بن قاسم وسليمان العدساني ويوسف بن عيسى القناعي وعبدالعزيز الرشيد وعيسى القطامي وخالد سعود الزيد.
وخلال تلك الفترة انقسمت الحركة الأدبية في الكويت بتصنيف تقليدي يبدأ ويتوقف عند أحداث سياسية محلية وعالمية كبرى وهي ثلاث مراحل تطور فيها الأدب.
وتعد المرحلة الأولى للحركة الأدبية أطول المراحل الثلاث وبدأت مع تأسيس الإمارة وانتهت بإعلان الحرب العالمية الأولى وكانت مرحلة جمود وركود للأدب والفكر بسبب انتشار الأمية وعدم الاستقرار لطمع العشائر المختلفة في الكويت.
ومع نهاية الربع الأول من القرن العشرين انطلقت المرحلة الثانية للحركة الأدبية فقد عرفت الندوات في النوادي الأدبية وانتشرت المكتبات العامة والخاصة والنوادي المهنية وبدأ العرب يفدون إلى الكويت ويخالطون أدباءها.
وشهدت المرحلة الثالثة للحركة الأدبية انتشار دور العلم على مستوياتها وأنواعها وكذلك انتشار الصحف العربية والمحلية بين أبناء الكويت.
ويمكن القول إن الأدب في المراحل التي سبقت ظهور النفط كان تقليديا تحكمه الأفكار الاجتماعية والدينية المتوارثة كما أن هموم الأدباء والمفكرين محدودة بفضائهم المحلي.
وبعد ظهور النفط انتشرت الصحف بشكل كبير وأعانتها الدولة ماديا ومعنويا لئلا تواجه الإفلاس أو التوقف.
وتوسعت الدولة في إنشاء المدارس وأرسلت الشباب إلى مختلف الدول في بعثات علمية فأثمر ذلك التفاعل آنذاك إصدار مجلة (البعثة) في خمسينات القرن الماضي عبر “بيت الكويت” في مصر وأضاءت المجلة جانبا مهما من تاريخ الكويت والعالم العربي.
ولا تزال دولة الكويت تقدم حتى اليوم الدعم الكبير لضمان استمرار الحركة الأدبية في البلاد حيث يلعب المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب دورا كبيرا في النهوض بمختلف المجالات الثقافية من خلال الفعاليات والأنشطة التي يرعاها ويحرص على إقامتها على مدار العام بالإضافة إلى إصداراته الأدبية والثقافية مثل سلسلة (عالم المعرفة) التي تصدر كل شهر ومجلة (عالم الفكر) الفصلية ومجلة (الثقافة العالمية) وغيرها من الإصدارات العديدة.
كما لا يمكن إغفال المطبوعات التي تحرص دولة الكويت على إصدارها ولعل من أبرزها مجلة (العربي) ومجلة (الكويت).
وتقوم رابطة الأدباء الكويتيين التي أسست عام 1964 بأنشطة عديدة لتعزيز الإبداع الفردي والتربوي والتنمية الأدبية ومن أبرز ما تقوم به حاليا (منتدى المبدعين الجدد) وملتقى سين الأسبوعي لتقديم أهم العروض السينمائية ونادي الطفل لتعليم كتابة القصة القصيرة بالإضافة إلى إصدار مجلة (البيان) وإصدارات قصصية وشعرية متنوعة.

كونا

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*