الرئيسية / برلمان / عبدالكريم الكندري يكتب عن عقد الجلسات من دون حضور الحكومة.. «بين الاختلاف في الرأي وضرورة التطبيق»

عبدالكريم الكندري يكتب عن عقد الجلسات من دون حضور الحكومة.. «بين الاختلاف في الرأي وضرورة التطبيق»

أعد النائب د.عبدالكريم الكندري عرضاً قانونياً بعنوان «عقد الجلسات من دون حضور الحكومة بين الاختلاف في الرأي وضرورة التطبيق»، جاء نصه كالتالي: مرة أخرى يعود الخلاف حول مدى دستورية عقد جلسات مجلس الأمة دون حضور الحكومة، وتحديدا حول مفهوم اشتراط حضورها لصحة اجتماع المجلس ومفهوم وجوب أن تمثل في جلساته.

اشترطت المادة 97 من الدستور لصحة اجتماع مجلس الأمة حضور أكثر من نصف أعضائه «دون تمييز بين الأعضاء المنتخبين أو من هم في حكم الأعضاء كونهم وزراء»، أي أن معيار العدد هو الفيصل في صحة الانعقاد، فمتى ما توافر النصاب الرقمي أمر الرئيس ببداية الجلسة، وأكدت المادة 90 أن كل اجتماع يعقده المجلس في غير الزمان والمكان المقررين لاجتماعه يكون باطلا، وهنا تطلب المشرع الدستوري شرطا زمانيا ومكانيا لذلك.

لذلك وعطفا على هذين النصين، يكفي أن يتواجد نصف أعضاء المجلس في قاعة عبدالله السالم وفق دعوة صحيحة لانعقاد المجلس وبداية مناقشة جدول الأعمال.

وهو ما أكدته المادة 74 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة التي نصت على أن يفتتح الرئيس جلسات المجلس بحضور أغلبية أعضائه، فإذا تبين عند حلول موعد الافتتاح أن هذا العدد القانوني لم يتكامل، أخَّر الرئيس افتتاحها نصف ساعة، فإذا لم يتكامل العدد بعد ذلك يؤجل الرئيس الجلسة. فلم تشر اللائحة الداخلية إلى حضور الحكومة من عدمه ولم تميز بين الأعضاء.

معارضو هذا الرأي يدفعون بأن المادة 116 من الدستور في الفقرة الأخيرة منها «عجز المادة» أوجبت أن تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها، لذلك بنوا على هذا الشطر رأيهم بأن الجلسات لا تصح أن تعقد دون تمثيل وزاري.

وبخلاف المادة 97 التي أوضحت صراحة مصطلح صحة انعقاد الجلسة وربطتها بالمعيار العددي للحضور دون تمييز بين النواب والوزراء، فإن المادة 116 لا تتحدث عن صحة الجلسة ولم ترد ترتيبا في الدستور إلا بين المواد المتعلقة بطريقة ونظام عمل الجلسة بعد أن بدأت وصح انعقادها.

وبالرجوع لكامل المادة 116، نجدها تنص على التالي «يسمع رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مجلس الأمة كلما طلبوا الكلام ولهم أن يستعينوا بمن يريدون من كبار الموظفين أو ينيبوهم عنهم. وللمجلس أن يطلب حضور الوزير المختص عند مناقشة أمر يتعلق بوزارته. ويجب أن تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها».

فهي في بدايتها تتحدث عن حق رئيس الوزراء والوزراء بالحديث داخل القاعة، وحقهم بالاستعانة بمن يريدون، وختاما أوجبت أن تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو بعض أعضائها، وهنا يفهم أن هذا النص تنظيمي والغرض منه السماح للوزراء بالتواجد بالقاعة وعدم جواز إخراجهم أو منعهم من دخولها، فالتمثيل بالقاعة بكل تأكيد ليس شرطا لصحة الانعقاد، بل هو التزام على الحكومة بالتواجد بالقاعة لسماع النواب وممارسة دورهم في التصويت والنقاش بالحدود التي رسمها الدستور، فلا يستطيع رئيس البرلمان أو النواب منعهم من ذلك، لكن عدم التمثيل والحضور تتحمل مسؤوليته الحكومة، فإن لم تحضر تكون هي من فرطت في حقها بالاعتراض والنقاش والتصويت والدفاع عن وجهة نظرها.

والدفع بأن عدم حضور الحكومة للجلسات قد يؤدي إلى إقرار قوانين قد لا ترغب بها أو تعارضها مردود عليه بأن عدد الوزراء أساسا لا يشكل ثقلا تصويتيا بحد ذاته في الرفض أو الموافقة ما لم تضاف إليه أصوات النواب، ومع ذلك يبقى حق رد القانون قائما بالدستور بموجب المادة 66 من الدستور.

ولمن يقول لماذا لا يتم اللجوء للمحكمة الدستورية لتفسير النصوص 97 و116، فالإجابة بكل صراحة أن البرلمان يستطيع بسوابقه ترجيح التفسير وفقا لظروف الحال وواقع التعامل، فلا داعي للذهاب لتفسير محكمة تدور حول أحكامها وقراراتها الكثير من التساؤلات وعدم اليقين.

قد لا يكون هذا الخلاف ذا قيمة قانونية إن كانت الحكومات المستقيلة أو المكلفة بالعاجل تحضر للجلسات وتمارس دورها دون تعطيل للبرلمان، أو أنها تشكل بشكل سريع بمدة لا تتجاوز أسبوعين قياسا على مدة التشكيل كما هو الحال في بداية كل فصل تشريعي، لكن الواقع العملي بالكويت ومنذ 1962 أكد أن الاستقالة والتأخر بالتكليف وربما القرارات السيادية بعدم حضور الحكومة للجلسات من ثم شل انعقاده لمدد وصلت إلى أكثر من 70 يوما، كلها أمور تؤكد أن انعقاد الجلسات دون حضور الحكومة ليس رأيا يحتمل الترجيح بل هو ضرورة في ظل تفسير النصوص وفي ظل سلوك الحكومات وفي ظل عدم سمو سلطة على أخرى، فلا يمكن أن ترهن السلطة التشريعية بيد السلطة التنفيذية، فمن غير المعقول، أن يكون الوزراء الذين هم في حكم الأعضاء، أقوى من الأعضاء نفسهم.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*