الرئيسية / كتاب وآراء / رسالة أب ،،، بقلم: عدنان عبدالله العثمان

رسالة أب ،،، بقلم: عدنان عبدالله العثمان

من أجمل ما وقع بيدي من أرشيف والدي، رسالة بخط يده، نصيحة أب محب إلى ابنته ليلة زواجها، ورأيت أن تلك النصيحة ما هي إلا نصيحة عابرة للزمان والسنين، فارتأيت إشراك القارئ ببعض ما جاء فيها وبما يتسع المقال…

«الكويت في يوم الأحد 5 شهر محرم 1381 موافق 18 جون 1961

إلى البنت سهام…

تحية طيبة وبعد فإنك ولدت في صباح الأربعاء الموافق 18 رجب 1359 هجرية وقد بلغت من العمر في هذا اليوم تاريخه أعلاه إحدى وعشرين سنة هجرية وخمسة أشهر وثمانية عشر يوماً، وإنك في مساء هذا اليوم المبارك تختمين صفحة مضت من حياتك وتستقبلين صفحة آتية في حياتك أخرى، أجلْ انك تطوين صفحة حياة مضت عشتها في بيتي، تربيت فيه وبما فيه من ذكريات وفي كَنَفِ والدٍ رباك فأحسن تربيتك ورعاك فأحسن رعايتك.. كما تعرفين وصبر على هفوات كانت وأخطاء مَرَّت سامحك عنها.. وإذا بك تفتحين صفحة حياة جديدة أسأل الله أن يجعلها مَلْآى بالخير والسعادة وحسن المستقبل وهذه الصفحة الجديدة هي حياة زوجيَّة تستقبلينها بما فيها من سعادة وهناء وتعب وشقاء، فكوني لها خير حازمة تواجهين سعادتها وهناءها بالشكر لله وبالثناء عليه وتطلبين منه المزيد «لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» وتجابهين عكسها بالشكر أيضاً وبالصبر والجلد وبالعقل السليم الوافر المتَّزِن وتفوضين أمرك إلى خالقك فهو «نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ».

وإنك أيضاً تشاركين في هذه المرحلة الجديدة زوجاً هو ابن عمك ومن لحمك ودمك وشريك لك في هذه الحياة على الخير والشر، فكوني له عند حسن ظنِه وشاركيه في سرائه وضرائه وأحسني له العشرة وحافظي على شرفه وماله وبيته ولا تكلفيه بأكثر مما يطيق ولا تعامليه إلا بالحسنى وزيادة بشاشة وجه وطلاقة محيّا ولسان لا ينطق إلا بالخير، وكوني له زوجة صالحة مخلصة يكن لك زوجاً صالحاً مخلصاً، واحرصي على رضاه لِتكْسبي مودته.

ولا يدخلن عليك في بيتك إلّا من يرضاه من قريب أو بعيد، فإن له الحق الشرعي في ذلك وإياك أن تجاوبي إذا غضب فيشتد الخصام، ويقع ما لا تُحمد عقباه والسكوت منك دواء حسن لزوال غضبه ورجوعه إلى الحلم والهدوء، وهو بهذا الخُلُق منك يكون لك شاكراً مستغفراً. وهذه المرحلة يا بنتي شاقة وشاقة لكنها عِز لك ولمستقبلك وابن العم يمتاز عن الغريب وخيرٌ منه بكثير وذرّيتك منه من لحمنا ودمنا، فتصوري ذلك دائماً وأبداً وارضي بما قسم الله لك تفوزي بخيرَي الدنيا والآخرة، واياك والتعرف والاختلاط بالأشرار فإن الطبع لُصٌُ والمرء يُعرف بقرينه ويقتدي به في الخير والشر، وإني لَسْتُ بتاركك أو ناسيك فإني قريبٌ منك ومن حولك وسائلٌ عنك أتفقد أحوالك في حضوري وغيبتي والله هو الولي الحميد، وأنا بعد الله عليك رقيب، أرضى بحسن الخُلُق منك وبالمحافظة على سمعتك، وأغضب لا سمح الله لغير ذلك، فاحرصي على رضا الله أولاً ثم رضاي.. فالله الله باتباع نصائحي فإني لا أريد لك إلا الخير والسعادة والذكر الحسن.

وإني بهذه المناسبة السعيدة أقدم لك عقداً من اللؤلؤ، ملبوس العافية، كما قدمت لك أمس ساعة الماس.. فحافظي على مالك بكل ما في الكلمة من معنى وحاذري أن يسرق منك.. ختاماً أسأل الله أن يوفقك لمصلحتك ومستقبلك ويجعلك قدوة حسنة لبقية أخواتك والله يتولى رشدك.

ملاحظة: هذه الرسالة بخط يدي وهي أحسن ذكرى لك فاحفظيها لديك واقرئيها دائماً وأملي ألا تضعيها في سلَّة المهملات».

رحمة الله على الوالد فكان نعم الأب والمربي.

وتسلمون.

عدنان عبدالله العثمان

AdnanAlothman@

 

 

 

 

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*