الرئيسية / أقسام أخرى / منوعات / نحات تركي يجسد القضايا السياسية بأعماله الفنية على الخشب

نحات تركي يجسد القضايا السياسية بأعماله الفنية على الخشب

في أحد أشهر أحياء انقرة القديمة ومن بين العديد من الفنون الجميلة يشتهر فن النحت على الخشب الذي يأخذ أشكالا مختلفة تتنوع حسب مدى اتساع خيال الفنان الذي يجعلها طوعا لآلاته وينحت منها أجمل الصور وأكثرها تعبيرا.
ولم تغب القضايا السياسية خاصة الفلسطينية عن مخيلة وإبداعات النحاتين الاتراك حيث تناولوا العدوان الاسرائيلي المتكرر على قطاع غزة ونحتوا لوحات تجسد صمت العالم حول حصار القطاع وقصفه بأبشع وأحدث آلات القتل وأكثرها فتكا.
وفي هذا الصدد قال الفنان التركي نوزات أوزباي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) ان قضية فلسطين تلامس وجدان وضمير كل شخص “وانطلاقا من كوني فنانا فقد قمت بنحت بعض الأعمال التي تخص القضية الفلسطينية”.
وأضاف ان تلك الأعمال هي “نصرة للشعب الفلسطيني وتجسيد لمعاناته باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي أملكها للتعبير عن تضامني مع هذه القضية وبطريقة يستطيع الجميع فهمها واستيعابها”.
واشار أوزباي الى سقوط العشرات من أصدقائه بفعل الممارسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في حين يقبع العديد منهم في سجون الاحتلال.
وأوضح ان في أحد أعماله الفنية التي اطلق عليها (الهيكل) قام بتجسيد حكام اسرائيل الذين “لا يلتزمون بتعاليم الدين اليهودي ولا بحقوق الانسان على شكل (شيطان) وهو أصدق تعبير لهم”.
وذكر أوزباي ان “حكام اسرائيل حولوا الحياة في فلسطين الى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة بفعل السياسات والممارسات التي يقوم بها جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني”.
ولفت الى ان الأطفال والنساء في فلسطين يعيشون حياتهم كما يبين (الهيكل) معلقين بقنبلة تتحكم فيها اسرائيل التي قد تفجرها في أي لحظة لكنهم مع ذلك متمسكون بالأمل رغم خذلان العالم لقضيتهم.
وفي عمله الفني السياسي الآخر (صرخة مقهور) اعتبر أوزباي ان نحته يمثل حال الشعوب المضطهدة خاصة النساء والأطفال أكبر ضحايا الأنظمة الدكتاتورية التي تحرم شعوبها من أبسط الحقوق والتعبير عن الآراء والتوجهات.
وأضاف ان “بعض الأنظمة تقوم بتجنيد جيش من الاعلاميين مهمته الرئيسية تحريف الحقائق واظهار الصور المزيفة لتلك الانظمة بيد ان ذلك لم يمنع أصحاب الحقوق والمدافعين عن الحريات من الصراخ الدائم للمطالبة بواجباتها رغم سياسة تكميه الأفواه”.
وجسد أوزباي في عمله (ميزان العدالة الانتقائية) سيطرة الدول الاستعمارية على مصادر الطاقة التي تسببت بنشوب حروب اقليمية مشيرا الى ان “ساحة الشرق الأوسط كانت ولا تزال ميدانا لتلك الحروب”.
وبين ان الميزان يمثل في احدى كفتيه الشعوب المستضعفة المطالبة بحقوقها بينما ترجح الكفة الأخرى القوى الكبرى التي تتحكم في رؤوس الأموال وسياسات العالم معربا عن اعتقاده بأنه عندما تريد القوى العظمى البحث عن مصدر جديد للطاقة تقوم بتحريك الكفة لتميل لصالحها في حين تكون النتيجة ضحايا على مستوى الكفة الأخرى.
واعتبر أوزباي ان “كفة القوى الكبرى دائما تظل راجحة فيما يظل الضعيف ضحية لسياسات من هو أقوى في ظل التحكم بميزان الكفة وجعلها في صالحهم”.
وعن بداياته مع فن النحت على الخشب قال أوزباي ان الانطلاقة كانت كهواية حين فرضتها عليه الظروف الاقتصادية الصعبة التي عاشها في قريته بضواحي مدينة (قيصري) بوسط تركيا. وأوضح أنه لا يزال ينمي تلك المهنة ويجعلها وسيلة للتعبير عن تجليات الحياة اليومية برسومات لا تكاد مئات الكلمات تعبر عن محتواها في استخدام ذكي لرسالة الفن دون إهمال ماض تاريخي وإرث حضاري ميز المناطق الجغرافية التي ينتمي إليها.
ورأى أوزباي ان الفن لا يرتبط بزمان أو مكان معينين وإنما هو وسيلة أساسية للتعبير عن مكنون النفس ويستطيع الفنان بأنامله وريشته التعبير عن أي حدث أو واقع برسوم وأشكال فنية غاية في التعبير والاختصار.
واعتبر ان الفن بدأ مع نشأة البشرية ووجد فيه الانسان وسيلته للتعبير بكل حرية عما يريد أن يبوح به منذ قديم الزمن ومن هذا المنطق كان اهتمامه بفن النحت سائرا بذلك على خطى الآلاف ممن سبقوه عبر حقب زمنية مختلفة.
واستعرض أوزباي أعماله الفنية التي يعود بعضها للعصر الآشوري وبعضها الاخر يعبر عن ثقافة الشركس إضافة لرسومات ومنحوتات يطغى عليها الجانب التاريخي كبعض الأسلحة التي استخدمت في حروب تاريخية معينة ورسومات تعبر عن حرب استقلال تركيا الحديثة.
وأضاف ان بعض أعماله ذات أبعاد فلسفية كنحت يجمع الفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون والشاعر والموسيقار التركي عاشق فيصل الذي كان ضريرا لا يبصر.
وذكر أوزباي ان من بين أعماله بورتريها للرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز وآخر لأول رئيس لجمهورية أبخازيا فلاديسلاف أردزينبا الى جانب عدة شخصيات بارزة.
وأكد أنه يسخر ما تتيحه الطبيعة من أشجار لانجاز أعمال فنية راقية تحاكي أعمال أكبر الرسامين والنحاتين عالميا مشيرا الى أنه قلد العديد منهم وأعاد رسوماتهم للواجهة من جديد بينهم أعمال الرسام الاسباني الشهير بيكاسو.
ولفت أوزباي الى انه يستخدم أكثر من 40 نوعا من الأخشاب غالبيتها محلية وعدة أنواع تجلب من أفريقيا وبعض المناطق الأخرى.
وعزا تفاوت أسعار منحوتاته الفنية الى اختلاف نوع وجودة الخشب والرسوم المستخدمة ومدة انجاز العمل الفني موضحا انه كلما كان العمل يتطلب جهدا وتركيزا ووقتا أكبر انعكس ذلك على السعر الذي قد يصل في بعض الأحيان الى أكثر من 12 ألف دولار خاصة إذا كان يتميز بالإبداع والتجديد.
وأشار الى انه شارك في عدة مناسبات محلية في مختلف المدن التركية و14 مشاركة دولية عرض خلالها انتاجه في عالم النحت في عدة دول منها ايران والبرازيل وروسيا ولاتفيا وغيرها من بلدان العالم نال خلالها عشرات الأوسمة والشهادات والتكريم.
وعن تدريس هذا الفن قال أوزباي ان ورشته أصبحت قبلة للعديد من الراغبين في تعلم هذا الفن الجميل اذ يلتقي بنحو 15 طالبا اسبوعيا للتعرف على فن النحت على الخشب وتلقي دروس تطبيقية حوله.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*