الرئيسية / محليات / فيصل الدويسان يعدّ دراسة حول مثالب في مشروع قانون الإعلام الموحد الجديد

فيصل الدويسان يعدّ دراسة حول مثالب في مشروع قانون الإعلام الموحد الجديد

أعد النائب السابق فيصل الدويسان دراسة حول قانون الإعلام الجديد جاءت كالتالي:

في هذه الدراسة المختصرة سأتطرق ببيان بعض مثالب مشروع قانون الإعلام الموحد الذي ستعرضه الحكومة على مجلس الأمة في دور الانعقاد المقبل.

أول مطالعة لي لهذا المشروع الحكومي كانت عام 2013 بصفتي أحد أعضاء اللجنة التشريعية واللجنة التعليمية، بعد أن أقره مجلس الوزراء في جلسته يوم الاثنين 8 أبريل 2013، لكن المشروع الجديد في هذا العام يختلف ببعض تفاصيله عما قدمته الحكومة سابقا، وهو بلا شك أفضل وأقل مثالب من نسخته القديمة، غير أني بعين التخصص الإعلامي والتشريعي الذي زاولته أعطي مباركتي لهذا المشروع الذي سيلغي بموجبه ثلاثة قوانين إعلامية ويدمجها بقانون واحد ويوحد بين أحكامها، لكن ثمة ملاحظات أقدمها إلى وزير الإعلام الأخ عبدالرحمن المطيري، لتتم ملافاتها، وأخرى إلى أعضاء مجلس الأمة ليتنبهوا لها قبل الموافقة على المشروع.

أولا: الأخطاء الشكلية

تتمثل الأخطاء الشكلية في مسودة المشروع بوجود عدد من الأخطاء اللغوية والإملائية كان ينبغي لكاتب النص القانوني عدم الوقوع بها، لا سيما أن للحكومة جهازها الفني الكبير من المستشارين والخبراء.

لقد جاء في المادة 19 خطأ لغوي فادح، حيث وردت العبارة التالية «على طالب الترخيص تعيين مديرا مسئولا»، والصواب هو«تعيين مدير مسؤول». كذلك الخطأ الوارد في عبارة «سواء كان صادرا منه أو من الغير» والأصح: سواء أكان صادرا منه أم من الغير «فالفعل بعد سواء يأتي بالهمزة مع كان وحرف العطف أم، قال تعالى: (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم).

وجدير بالذكر أن كاتب النص القانوني قد ناقض نفسه بالجمع بين مدرستين إملائيتين حينما أورد كلمتي «مسؤول» و«لشؤون البلدية» الواردة في المادة 17 وإن أجازت المدرسة المصرية في الإملاء الشكلين إلا أنه يتعين على كاتب النص أن يوحد الشكلين المتضادين، فإما يكتب «مسؤول» و«لشؤون» أو «مسئول» و«لشئون» لا أن يجمع بين الشكلين المختلفين في نص واحد، والأصل والأقوى هو كتابتها على الواو لا على النبر ويبدو أن النص لم يكتبه مستشار قانوني واحد لذلك اختلفت الرؤى الإملائية بينهما.

أما المادة 35 فقد ورد بها خطأ لغوي فادح، حينما وردت العبارة التالية: «بتعيين بديلا» والصواب «بتعيين بديل»، وفي الفقرة الثانية ورد خطأ لغوي آخر أيضا «لحين تعيين بديلا»، والصواب «لحين تعيين بديل». وذات الخطأ اللغوي يتكرر في المادة 62. كما شهدت المادة 65 خطأ في العبارة التالية: «أن يكون لديه الفنيين المختصين»، والصواب «أن يكون لديه الفنيون المختصون». وورد أيضا في المادة 80 العبارة التالية: «يشترط أن يكون مكان إقامة الحفل مبنى انشائي»، والصواب «مبنى انشائيا» وثمة خطأ إملائي في المادة 85 في كلمة: «أعلان» والصواب «إعلان». وأيضا في المادة 89 في فقرة 1 في عبارة: «تاريخ أجرائه» والصواب «إجرائه».

ثانيا: الملاحظات القانونية

تعطي المادة 21 الحق لوزير الإعلام برفض ترخيص موقع إلكتروني دون أن يكون قرار الرفض مسببا، فالرفض غير المسبب لا يعكس سمة الدولة القانونية والديموقراطية، ولا يسهل معه اللجوء إلى القضاء الإداري للتظلم منه. ويتكرر ذات الأمر في المادة 50 التي تجيز للوزير المختص رفض طلب ترخيص قناة فضائية دون إبداء أسباب، ما يخالف أبسط قواعد الإيمان بحرية الرأي الواردة في الدستور، فإذا كانت ثمة أسباب فيتعين على الوزير المختص ذكرها مكتوبة في قرار الرفض.

كذلك تشترط المادة 22 أن يكون التنازل عن الترخيص أو بيعه مشروطا بموافقة الوزارة وأرى تغييرها لتكون موافقة الوزارة شكلية بعد توافر الشروط المقررة لإصدار الترخيص في المشتري أو المتنازل إليه لأن القانون قد يفسر بأن هناك شرطين: أولهما موافقة الوزارة، وثانيهما: توافر الشروط المقرر لإصدار الترخيص في المشتري أو المتنازل إليه. ونفس الأمر يتكرر في المادة 46 تشترط الموافقة المطلقة للوزارة للتنازل أو بيع ترخيص المرخص له بالطباعة وهو أمر ليس له ما يبرره ما دام المشتري أو المتنازل إليه حائزا للشروط.

تشير المادة 25 إلى حق الشخص الاعتباري أو الطبيعي في الرد على ما تنشره المواقع الإلكترونية من تكذيب، أو تصحيح لخبر، أو صورة، أو رمز، وحيث إن الواقع العملي أثبت عدم التزام بعض المواقع الإلكترونية بذلك لاسيما مع الأشخاص الطبيعيين وبنفس الشروط، فالأجدى إرسال نسخة من الرد إلى وزارة الإعلام واعتمادها لتسهيل إثبات حق الشخص في ذلك تمهيدا لاتخاذ حقه القانوني. ونفس الأمر في المادة 37 الخاصة بحق الرد في الصحف حبذا لو تم إيداع نسخة بالرد لدى وزارة الإعلام لإثبات حق الأشخاص الطبيعيين. وهو ما يتكرر في المادة 55 المتعلقة بحق الرد في المرئي والمسموع، فمن الضرورة بمكان إيداع طلب حق الرد لدى وزارة الإعلام للتأكد من تمكين الأشخاص من الرد وفقا لشروط القانون.

مادة 30 تشترط الإفصاح عن الإعلان، حتى لو لم يكن بمقابل مادي أو عيني غير أن الواقع يشير إلى أن بعض المواقع الإلكترونية تقوم بامتداح سلع أو كيانات تجارية وهو في حقيقته إعلان تجاري مقنع وغير مباشر، وله تأثيره في المتلقي فينبغي إجباره على الإفصاح عن ذلك أيضا، لأن مضامين وأشكال الإعلان التجاري غير المباشر تطورت عبر شبكة الانترنت عما كان سائدا في المرئي والمسموع والمطبوعات، فبعض الشركات التجارية تدفع مبالغ ليست للإعلان، بل لمجرد إضافة لقطة لاسم الشركة أو منتج محدد والتركيز عليه بالصورة دون كلام مصاحب لتلك اللقطة، أو ترسل هدايا وورودا من أجل أن يتم شكرها وتعرض على الشاشة، ودون أن تنتبه الوزارة لذلك.

تحظر المادة 73 على شركات الإنتاج الفني تصوير وعرض وتوزيع المصنفات الفـنـية إلا بعد ترخيص وإجـازة مـن وزارة الإعلام بمخالفة المادة 36 من الدسـتور الذي نص على «حريـة الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما…» وإن كانت المادة الدستورية قد اشترطت ذلك ضمن القانون فمقتضى ذلك أن يكون دوره لاحقا لا سابقا، فإذا خالف القانون تمت محاسبته.

إن مقتضى هذه المادة تجبر كل مبدع يريد أن ينتج عملا فنيا أن يجيزه من وزارة الإعلام وهي الجهة التي تقرر الموافقة من عدمها، الأمر الذي سيجعل كل أفكار المبدعين من شعراء وموسيقيين وكاتبي مسلسلات منوطة بموافقة الوزير المختص، فهل تفرض الديموقراطيات المعتبرة شروطا كهذه على مبدعيها؟

في المادة 88 الخاصة بالدعاية للانتخابات، أطالب نواب الأمة بإضافة العبارة التالية: «…خدمات أو الإيحاء بإنجاز معاملات…». وذلك لأن إنجاز المعاملات والخدمات الخاصة التي يشير إليها المرشح في إعلانه تصريحا أو تلميحا هي مخالفة لجوهر العمل النيابي.

أخطر مادة يجب الانتباه والتيقظ لها هي المادة 97 التي تقرر أن دائرة الجنايات هي المحكمة المختصة، وهو أمر في غاية الخطورة تترتب عليه نتائج مختلفة مثل التـقـادم الخاص بسقوط العقوبة، فضلا عن إرهاق دائرة الجنايات بقضايا أثبـت الـواقع الـعملي كثرتها حيـنما خص قانون جرائم تقنية المعلومات دائرة الجنايات بالفصل بها.

كما أن الإدانة بجناية لها آثارها التي تؤثر على مركز المحكوم عليه في قوانين أخرى. فضلا عن تأثير ذلك على مدة بقاء المتهم في الحبس الاحتياطي، فهو بلا شك أقل في الجنح منه في الجنايات. وكم من المعيب تحويل الكويت لكتابها ومبدعيها ونجومها إلى دائرة الجنايات التي عادة ما تتسم بالتشدد.

نصل إلى المادة 91 من القانون التي تورد المحظورات.

جاء في الفقرة 1 من المادة 91 عبارة «الصحابة الأخيار» فهل هم المقصود بهم العشرة المبشرون بالجنة على سبيل المثال؟ أما أنها تقصد مطلق الصحابة. تقرر المادة 94 العقوبة بالحبس الذي لا يتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تتجاوز 40 ألف دينار لمن يخالف هذه الفقرة 1 من المادة 91 السابقة، وهي موروثة من قانون المطبوعات عام 2006.

وأنا أدعو نواب الأمة إلى إلغاء عقوبة السجن وحصرها في حالة العود المتكرر، فمعظم من أدينوا وفق نص هذه المادة كانوا تحت وطأة النقاش التاريخي والاختلاف الفكري ومحاولات الاستدلال التاريخي لا أكثر، فليس من الحصافة التضييق على الأفراد بجعل الحبس عقوبة ما لم يكن هناك عود متكرر.

وفي الفـقرة 2 تأتي عبارة «شعارات تمجد بعض الدول ضد دول أخرى» والتساؤل هنا: ما المقصود ببعض الدول؟ هل هناك دول تمجيدها ممنوع ضد دول أخرى؟ في مقابل دول تمجيدها مسموح مقابل دول أخرى؟ المادة تحتاج إلى توضيح.

أما الفقرة 3 فتشير إلى تجريم «تمجيد صورة» في ظل «نزاع سياسي أو ديني». وهل تخلو دولة من نزاع سياسي أو ديني؟ فما موقفي القانوني اذا مجدت صورة رئيس دولة.

كذلك الفقرة 4 التي تشير إلى «شعارات تمجد او تؤيد حزبا سياسيا خارج الكويت…» فهل سأحبس سنة لكتابتي مقالا عن ذلك.

أما الفقرة 6 من نفس المادة 91 فتعالج مسألة الإضرار بعلاقات الكويت بغيرها من الدول العربية أو الصديقة بصورة تتصف بالعدوانية، فقد أوردت الفقرة الشروط الثلاثة التالية:

1 وجود علاقة للكويت مع دول: (أ) عربية (ب) صديقة. 2- إضرار بالعلاقات. 3- الاتصاف بالعدوانية. لم يورد النص معيارا أو وصفا ما، نحدد بوساطته الدول الصديقة من غيـرها، فعلاقات الصداقة بين الكويت وغيرها من الدول كثيرة، فبناء عليه فالفرد الذي ينتقد على سبيل المثال سياسة دولة صديقة في تعاملها الداخلي مع الإثنية التي نشترك معها بالدين أو العروبة، هل يمكن أن يوصف ذلك بالعدوانية وهل سنعاقب الصحف التي يدافع كتابها عن هذه الأقليات، وهل سيتم وقف ترخيصها مدة لا تزيد على سنة؟ وهل تكمن العدوانية في مقالات من يدعو إلى تزويد دول بالسلاح للدفاع عن نفسها؟ أو تكمن العدوانية في الوقوف مع شعوب لمطالباتها بحقوقها الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟ فالمواقف السياسية لا تحكمها المبادئ قدر المصلحة والتي هي عنوانها العريض، فكتاب المقالات وفقا للفقرة 6 من المادة 91 سيسيرون في حقل ألغام، لا يعرفون متى ينفجر بهم، ما يضع حرية التعبير في مأزق حقيقي.

العقوبة هنا عقوبة مالية، لكن تقديرها مبالغ به فقد تصل إلى 10 آلاف دينار، وبالمقارنة هي أفضل تطبيق قانون أمن الدولة في المادة 4 على بعض الكتاب في الشبكة الإلكترونية ومن تصريحات سياسيين قضت بعقوبتهم بالحبس 3 سنوات فأكثر لاتهامهم بالقيام «… بعمل عدائي آخر ضد دولة أجنبية من شأنه تعريض الكويت لخطر الحرب او قطع العلاقات السياسية»، حيث اعتبرت الحكومة بعض الآراء عملا عدائيا وهو بلا شك مجاملة سياسية على حساب مواطنينا، ففي العالم آلاف من المقالات التي تسيء لدول أخرى ولم يثر أحد ضجة فيها ويطالب بسجن الكاتب فيها أو تغريمه.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*