ألقى ممثل صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء كلمة دولة الكويت أمام الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مقر المنظمة بمدينة نيويورك.
وأكد سموه خلال كلمته على ضرورة التعاون الدولي القائم على الشراكة والمسؤولية ضد سيل المخاطر والتهديدات المحيطة بعالمنا اليوم من تفجر للنزاعات بين الدول وانتشار أسلحة الدمار الشامل وتصاعد ظاهرة الإرهاب وتفاقم مستويات الفقر، فضلا عن التهديدات المرتبطة بالكوارث الطبيعية وتغير المناخ وتحديات الأمن الغذائي والتهديدات والمخاطر الحديثة في الفضاء الرقمي وتأثيرها على الأمن السيبراني.
وجدد ممثل صاحب السمو الأمير سمو رئيس مجلس الوزراء تمسك دولة الكويت بالنظام الدولي المتعدد الأطراف وبمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة وبما يكفل تطوير وتعزيز الحوكمة الدولية لضمان تحقيق رسالتها السامية في حفظ السلم والأمن الدوليين وخدمة البشرية جمعاء.
وفيما يلي نص كلمة ممثل صاحب السمو الأمير سمو رئيس مجلس الوزراء:
السيد الرئيس،
بداية تتقدم دولة الكويت بأحر التعازي وصادق المواساة الى المملكة المغربية الشقيقة في ضحايا السلاسل الزلزالية التي أصابتها وأدت إلى وفاة وإصابة آلاف الضحايا، كما أنقل ذات التعازي والمواساة للأشقاء في دولة ليبيا إثر الاعصار والفيضانات العارمة التي اجتاحتها وأدت إلى سقوط عدد من الضحايا والمصابين، داعين المولى عز وجل بالرحمة والمغفرة للضحايا وأن يلهم ذويهم جميل الصبر والسلوان وتمنياتنا بالشفاء العاجل للمصابين.
يسرني أن أتقدم بالتهنئة لشخصكم ولبلدكم الصديق لانتخابكم رئيسا للدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة ونحن على ثقة بأن ما تملكونه من خبرة واسعة في العمل الدولي سوف يمكنكم من إدارة أعمالها بكل حنكة واقتدار، كما أود كذلك أن أشيد بالجهود التي بذلها سلفكم السيد/ تشابا كورشي خلال رئاسته للدورة السابقة.
ولا يفوتني أن أثمن عاليا المساعي البناءة والقيادة الحكيمة لمعالي الأمين العام لهذه المنظمة العريقة وجهوده في إنفاذ الرسالة السامية للأمم المتحدة ومتمسكا بنصوص ميثاقها المرتكز على حفظ السلم والأمن الدوليين.
السيد الرئيس،
أقف هنا مجددا لمخاطبة المجتمع الدولي عبر إحدى أسمى منصاته وذلك في ظل ما تشهده الساحة الدولية اليوم من تحديات وتقلبات باتت تهدد عالمية تعدد الأطراف تحت طائلة اختبار حقيقي بين قابلية الاستدامة والصمود أو التوقف والجمود، فسيل المخاطر والتهديدات المحيطة بعالمنا اليوم من تفجر للنزاعات بين الدول وانتشار أسلحة الدمار الشامل وتصاعد ظاهرة الإرهاب وتفاقم مستويات الفقر فضلا عن التهديدات المرتبطة بالكوارث الطبيعية وتغير المناخ وتحديات الأمن الغذائي إضافة لتزايد التهديدات والمخاطر الحديثة في الفضاء الرقمي وتأثيرها على الأمن السيبراني كل ذلك وأكثر بات يتطلب تعاونا دوليا قائما على الشراكة والمسؤولية.
وفي هذا الصدد، نؤكد على أهمية ما ورد في مبادرة الأمين العام التي تحمل عنوان «خطتنا المشتركة» والتي شخصت ما يواجهه المجتمع الدولي من تحديات تتطلب تضافر الجهود لمعالجتها على مختلف المستويات الوطنية والإقليمية والدولية والاستفادة مما تملكه منظمتنا من إرث متراكم وتنوع للأدوات وتعدد للآليات.
السيد الرئيس،
حرصت دولة الكويت ومنذ قرابة العقدين من الزمن إيمانا منها بمبدأ حسن الجوار على مساعدة العراق للنهوض بنفسه من خلال العمل الوثيق والمتواصل الهادف لإعادة العراق إلى وضعه ومكانته الإقليمية والدولية الملائمة التي تمكنه من تحقيق آمال وتطلعات شعبه الشقيق إلا أننا تفاجأنا بصدور حكم عن المحكمة الاتحادية العليا في جمهورية العراق الشقيق يقضي بعدم دستورية قانون التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله المبرمة بين دولة الكويت وجمهورية العراق في العام 2012 والتي تم التصديق عليها وإيداعها لدى الأمم المتحدة في العام 2013 وما تضمنه الحكم من مغالطات تاريخية تجاه دولة الكويت، بالإضافة إلى تفاجئنا بقرار حكومة جمهورية العراق قبل أيام بإلغاء بروتوكول المبادلة الأمني الموقع بين قيادة القوة البحرية الكويتية وقيادة القوة البحرية العراقية في العام 2008 وما سيصاحب ذلك من تداعيات سلبية على الأمن المائي وتنظيم الملاحة في خور عبدالله، لذلك ستعتبر دولة الكويت اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله وبروتوكول المبادلة الأمني ساريين لما لهما من أهمية في حفظ الأمن وسلامة الملاحة حيث انها تحول دون خلق فوضى وخرق للحدود الاحتمالية الكبيرة لتدفق تجارة الأسلحة والمخدرات وهما أمران رئيسيان لتمويل الميليشيات الإرهابية المختلفة.
من هذا المنبر السامي الذي انطلقت منه مسيرة الديبلوماسية متعددة الأطراف الرامية إلى الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين تؤكد دولة الكويت على ضرورة اتخاذ حكومة جمهورية العراق إجراءات ملموسة وحاسمة وعاجلة لمعالجة تداعيات الحكم والمغالطات التاريخية الواردة فيه بما يحفظ علاقات حسن الجوار، كما تشدد بلادي على ضرورة الالتزام بأمن واستقلالية وسلامة أراضي كلا البلدين والاتفاقيات المبرمة بينهما والقرارات الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن 833 الذي خطط الحدود البرية والبحرية بين الجانبين حتى العلامة البحرية رقم 162، وندعو العراق الشقيق الى إثبات حسن النوايا واستكمال اجتماعات الفرق الفنية المعنية بترسيم الحدود لما بعد النقطة 162 وفقا للقوانين والمواثيق الدولية، هذا وتحتفظ دولة الكويت بكامل حقها باتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات على المستويين القانوني والدولي لحفظ حقوقها الشرعية والقانونية الثابتة وفقا للقرارات الدولية وقواعد القانون الدولي والتي طالما حرصت وتحرص على احترامها وتطبيقها في علاقاتها مع جميع الدول.
السيد الرئيس
75 سنة عانى خلالها الأشقاء من الشعب الفلسطيني الحر من عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي التي تنتهك كل الأعراف والقوانين الدولية، ومن هنا نؤكد على مركزية القضية الفلسطينية في عالمينا العربي والإسلامي، وفي إطار التنفيذ لقرار الجمعية العامة، تقدمت بلادي بمرافعة خطية إلى محكمة العدل الدولية من أجل إصدارها فتوى بشأن الآثار المترتبة على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، مؤكدين على موقفنا الثابت والمبدئي في دعم الحق الفلسطيني المرتكز على قرارات الشرعية الدولية وعلى مبادرة السلام العربية وصولا إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967.
إن ما يشهده السودان الشقيق من أحداث مؤسفة جراء الاشتباكات المسلحة لهو مدعاة للقلق البالغ، داعين كل الأطراف المعنية إلى ضرورة الوقف الفوري للقتال واللجوء إلى منطق الحوار والعودة للمسار السياسي السلمي بما يحفظ أمن واستقرار السودان ووحدة أراضيه، معربين عن الدعم لكل المبادرات الإقليمية والدولية الجارية بهذا الشأن بما فيها المبادرة السعودية – الأمريكية.
وحول الأوضاع في اليمن الشقيق، نجدد دعمنا للجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة عبر المبعوث الخاص للأمين العام لليمن من أجل استئناف العملية السياسية والوصول إلى تسوية شاملة وفق المرجعيات الثلاث المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرار 2216، وبما يحفظ أمن واستقرار اليمن ووحدة أراضيه.
وفيما يخص سورية، نؤكد على ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى حل سياسي وبملكية سورية خالصة، وبما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة لا سيما القرار 2254.
وعلى الصعيد الإقليمي وترسيخا لقواعد حسن الجوار الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، فإننا نجدد الدعوة لجمهورية إيران الإسلامية لاتخاذ تدابير جادة لبناء الثقة للبدء في حوار مبني على احترام الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والحفاظ على سلامة وأمن وحرية الملاحة البحرية من أي تهديدات.
كما تؤكد بلادي على أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة الكويتية – السعودية بما فيها حقل الدرة بكامله هي ملكية مشتركة بين دولة الكويت والمملكة العربية السعودية فقط ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات كما تؤكد دولة الكويت رفضها القاطع لأي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل أو المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بحدودها المعينة بين دولة الكويت والمملكة العربية السعودية.
سيدي الرئيس
إننا وإذ نتطلع لتعزيز الحوار العالمي المرتكز على نشر ثقافة التعايش والتسامح والسلم على كل المستويات مازال أتباع الدين الإسلامي يواجهون هجمات استفزازية غير مسؤولة من قبل عدد من المتطرفين عبر حرق نسخ من المصحف الشريف في عدد من عواصم ومدن بعض الدول تحت مبررات واهية باسم حرية التعبير والرأي، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود الدولية نحو اتخاذ خطوات جادة للحد من خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي الذي يستهدف المسلمين.
السيد الرئيس
قامت دولة الكويت من خلال رؤيتها التنموية تحت شعار «كويت جديدة» بمواكبة ومتابعة كل المؤشرات الاقتصادية والمالية الدولية لتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري وثقافي متفاعل مع محيطه الإقليمي والدولي وبصورة تكون معها السياسة الخارجية حاضرة في هذه العملية التنموية الموسعة وفق ديبلوماسية ترتكز على عنصر المبادرة النابع من إرث إغاثي وإنساني جبل عليه الآباء والأجداد.
وفي ظل ما يشهده عالمنا من تدهور بيئي قامت بلادي وبشكل طوعي ومدروس بإحراز تقدم واضح للوفاء بالالتزامات وبحسب الإمكانات المتاحة خاصة في مجال إعادة تأهيل قطاعات النفط والصناعة والنقل بهدف التقليل أو الحد من الانبعاثات وتنويع مصادر الطاقة وتحسين كفاءتها والاستعانة بالطاقة البديلة والمتجددة، فضلا عن تعهدنا للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050 في القطاعات النفطية.
إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كانت ومازالت رائدة في دعم المجتمع الدولي المتعدد الأطراف لإيمانها بمركزيته في تضافر الجهود نحو التصدي للتحديات المشتركة ونتطلع لنجاح مؤتمر تغير المناخ «كوب 28» المزمع عقده بإمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة وما سيولده من حشد للدعم الدولي اللازم للمبادئ التوجيهية لتنفيذ عناصر اتفاق باريس.
كما ترحب وتثمن بلادي إعلان المملكة العربية السعودية الشقيقة تأسيس منظمة عالمية للمياه مقرها الرياض تهدف إلى تطوير وتكامل جهود الدول والمنظمات لمعالجة تحديات المياه بشكل شمولي سعيا لضمان استدامة موارد المياه.
كما لا يفوتني أن أنقل ثناء بلادي وترحيبها باستضافة دولة قطر الشقيقة إكسبو البستنة بعنوان «صحراء خضراء بيئة أفضل» سعيا لتشجيع الحلول المبتكرة نحو استدامة المناطق الصحراوية.
وفي الختام
انطلاقا من إيمان دولة الكويت الراسخ بالمساواة والعدالة وحقوق الإنسان، فإننا نتطلع لدعم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لنيل دولة الكويت عضوية مجلس حقوق الإنسان للفترة (2024 – 2026) في الانتخابات التي ستجرى في شهر أكتوبر المقبل وسنسعى من خلال عضويتنا تلبية لتطلعات العالم النامي الى مد جسور التعاون والعمل بما يسهم في التوصل إلى حلول شاملة وعادلة تعالج القضايا ذات الصلة بحقوق الإنسان وفقا لأحكام القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات الشرعية الدولية وذلك بعيدا عن الانتقائية وازدواجية المعايير وسياسة فرض الأمر الواقع.
ولا يسعني إلا أن أجدد تمسكنا بالنظام الدولي المتعدد الأطراف وبمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة وبما يكفل تطوير وتعزيز الحوكمة الدولية لضمان تحقيق رسالتها السامية في حفظ السلم والأمن الدوليين وخدمة البشرية جمعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وفي وقت لاحق غادر ممثل صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء والوفد المرافق لسموه مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية بعدما ترأس وفد دولة الكويت المشارك في اجتماعات الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان في وداع سموه لدى مغادرته نائب وزير الخارجية السفير الشيخ جراح جابر الأحمد ومندوبنا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير طارق البناي.