جديد الحقيقة
الرئيسية / كتاب وآراء / كتب ـ أحمد الجارالله: بين حكومة عاجزة ومجلس مخطوف ،،، بتنا في آخر الرَّكب يا صاحب السمو

كتب ـ أحمد الجارالله: بين حكومة عاجزة ومجلس مخطوف ،،، بتنا في آخر الرَّكب يا صاحب السمو

أتوجه إلى مقامكما السامي من موقعي كإعلامي، ومواطن يقلقه الوضع الاقتصادي الحالي، وأعتقد أن لا حرج في ذلك، خصوصا أن الصورة التي ترسمها مؤسسات التصنيف العالمي، وآخرها تقرير “ستاندرد آند بورز” لمستقبل الكويت، تبدو قائمة، وهي تنذر بأزمة كبيرة، فيما الجميع يدرك أن ذلك سببه سوء الإدارة الاقتصادية، ومماطلة الحكومة، وقراراتها الارتجالية غير المبنية على رؤية علمية.

التقارير التي تقرع جرس الإنذار، محلية وعالمية،  تنشر منذ سنوات،ومفادها أن دولة الرفاه انتهت في الكويت، وعليها مواجهة حقيقة فطام نفسها عن الاعتماد على النفط كمغذ وحيد للحياة، وأن تعمل على تنويع مصادر الدخل، غير أن هذا لم يلقَ الأذان الصاغية، خصوصا الحكومة المعنية أولاً وأخيراً بتنشيط الاقتصاد، وفرض القوانين المساعدة على زيادة جذب المستثمرين وليس تشريعات عزل البلاد وإغلاقها، والاستجابة لرغبات عنصرية، ما جعلها طاردة على كل المستويات، ومنع المستثمرين من الإقبال عليها.

قبل أشهر خرج علينا وزير المالية، وفي جلسة رسمية لمجلس الأمة، ليعلن أن لا رواتب في نهاية نوفمبر أو ديسمبر، وهذا القول ترتب عليه إثارة المخاوف على المستويات كافة، وفيه إشارة الى إفلاس الدولة، فهل فعلاً وصلنا الى هذا الحد، أم أن التهويل الممارس من الحكومة يدفع الى كلام غير مسؤول؟

في الحالتين هناك مصيبة، فإذا كان الكلام صحيحاً، ولم تقدم السلطة التنفيذية على اتخاذ إجراءات حازمة لعدم الوصول الى هذه النقطة، فتلك مصيبة، واذا كان الكلام من غير علم فالمصيبة أعظم، ويتحمل مسؤوليته رئيس مجلس الوزراء، الذي نكن له كل الاحترام والمحبة، إلا أننا نتساءل عن دوره الطبيعي في هذا الشأن؟

لقد أثبتت التجربة في الأشهر الماضية أن مجلس الوزراء الحالي ليست لديه المقدرة على المواجهة، وهو رضخ لرغبات النواب في أكثر من مرة، وحتى الاستجوابات الأخيرة كانت عبارة عن بازار صفقات زاد من تعقيد الوضع في البلاد، وهو ما يدفعنا الى التساؤل: أَليستْ البلاد بحاجة الى رئيس مجلس وزراء، ووزراء على قدر كبير من الجرأة في المواجهة، والتمسك بالقرارات التي تُتَخذ من دون خوف من الابتزاز النيابي؟

اليوم نحن على أبواب انتخابات جديدة، ويبدو أن مخرجاتها لن تكون أفضل من المجلس السابق، وبالتالي فإن البلاد مستمرة في مسار الانحدار، وهو ما لا يبشر بخير أبداً.

منذ سنوات بدأت الدول المجاورة، وأقصد الامارات والبحرين والسعودية وقطر بوضع قوانين وتشريعات تساعد على الخروج من زمن النفط الى تنويع مصادر الدخل، وقد حققت فوائد كبيرة في هذا الشأن، ففي السعودية التي لديها احتياطي نفطي تقدر قيمته بـ 35 تريليون دولار، بات الاعتماد على الدخل غير النفطي بحدود 33 في المئة، وهي نتيجة أولية لجهود بدأت قبل أربع سنوات، فيما تشير التقارير الى ان ذلك ينمو ويتوقع أن يصل الى 50 في المئة في غضون سنوات قليلة.

في الامارات بلغت هيمنة القطاع غير النفطي على الاقتصاد الوطني 70في المئة، واليوم بات هناك 37 منطقة تجارة حرة فيها، وقد أصدرت تشريعات متطورة جداً الى جهة التملك مئة في المئة في الشركات لغير المواطنين، وهي تتجه حاليا الى ان تكون مركزاً مالياً وتجارياً عالمياً، بينما في الكويت لا يزال هذا الأمر شعاراً، بل ان التشريعات كلها التي صدرت تمنع الوصول الى تحقيق هذا الهدف.

لقد اتخذت البحرين سلسلة من الاجراءات المشجعة على جذب الاستثمارات، وكذلك قطر، فيما سلطنة عمان قطعت خطوات كبيرة في هذا الشأن، وهذه الدول وضعت خططاً جريئة لتحويل أزمة”كورونا” فرصاً استثمارية كبيرة، ودعمت القطاع الخاص المحلي، مما ساعده على تخطي الأزمة.

صاحب السمو الأمير

سمو ولي العهد

في الكويت لم تكن هناك أي إجراءات لتشجيع الصناعة، بل للأسف تحول هذا القطاع  تجارة أراض، أو دباغة جلود الخواريف في أحسن الأحوال، بينما في السعودية هناك شراكات مع مؤسسات عالمية، فها هي اليوم تصنع الطائرات، وتطور الأسلحة، والامارات دخلت عصر الأقمار الاصطناعية.

منذ 30 سنة نسمع حديثاً عن تنويع مصادر الدخل، ولا شيء تغير،بل البلاد من سيئ الى أسوأ، ولأن المحاباة ولعبة المحاصصة وصلت الى كل القطاعات، فإن بند الرواتب بات الاعلى عالمياً، وتعددت الكوادر الى درجة أن هناك توظيفاً عشوائياً في قطاعات ذات تخصصات محددة، كالنفط مثلاً، حيث يعمل غير الكويتي ويقبض الكويتي لأن البطالة المقنعة اكتسحت كل مرافق الدولة، والتشريعات يومياً تزيد من تضييق الخناق على الناس، وكأن الكويت الوحيدة المحسودة من العالم أجمع، بينما الحقيقة أن الدول والشعوب تتعاطى معنا على أساس التنصيف السيئ، ولن يقبل أحد علينا.

سيدي ولي الأمر

اتحدث كمواطن يرى فرصاً تطير من بين أيدينا فيما نحن نتلهى بالجدل البيزنطي بين حكومة ومجلس أمة، وكل منهما يلقي المسؤولية على الآخر، فاذا كانت الحكومة عاجزة  لا بد من اختيار سليم لمن يتولى زمامها، واذا كان مجلس الأمة هو مصدر العرقلة، فليكن الحل بإقفاله، وفي المقابل اتخاذ قرارات جريئة تؤدي الى فتح البلاد كما تفعل كل دول الخليج العربية، وإلا لن يكون أمامنا إلا البكاء على أطلال بلد كان في السابق رائداً في كل شيء واليوم أصبح في آخر الركب.

ألا هل بلغت اللهم فاشهد.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*