الرئيسية / كتاب الحقيقة / مريم التوكلي… عزف بالألوان على الأصداف،،، بقلم علي موسى البلوشي – سلطنة عُمان

مريم التوكلي… عزف بالألوان على الأصداف،،، بقلم علي موسى البلوشي – سلطنة عُمان

لاشكَّ أنَّ الطموح العالي هو سرُّ النجاح، ووسيلة اجتياز الصعاب والتحديات، والتقدم لإحراز مزيد من الأهداف.

واليوم، نتحدث عن عبق هذه الموهبة التي غُرِست منذ طفولتها. إنها مريم التوكلي ابنة سلطنة عمان، وتحديدًا ولاية صور العفية، ذات السفن والنوارس، المعروفة بتاريخها وأصالتها وفنونها الشعبية والتشكيلية وطبيعتها الساحرة، والتي تمدُّ ظلالها الوارفة على الكثير من المواهب، وبراعم الفنون والآداب.

بدأت مريم التوكلي مسيرتها الفنية منذ الطفولة، حيث ظهرت موهبتها في الرسم وهي في الخامسة من عمرها، وحتى الثامنة عشر، ثم توقفَت عن ممارسة الرسم فترة من الزمن، رجعَت بعدها مريم للفن، وبدأت من جديد في سنة ٢٠١٥م.

ياله من شعور نبيل وفخر واعتزاز عندما يكون الآباء هم مصدر الدعم لأبنائهم! فقد كان لأبيها الدور الأكبر في تحفيزها وتشجيعها وحثِّها دائمًا على الاستمرار في هذا الفنِّ الأصيل الذي تخصصت فيه، إنه الفنُّ التشكيلي.

وكما قالت: “الفنُّ رسالة بسيطة وعميقة المعنى، تمنح السعادة والسلام للمُشاهد، وتبني علاقة بين ثقافات وحضارات الشعوب، وهناك طرق مبتكرة وأساليب مختلفة تميّز كلَّ فنان في إيصال هذه الرسالة”. وبالفعل، استطاعت مريم اليوم أنْ توصل رسالتها وإبداعاتها، حيث تحكي بفنها كل حكاية وسطر وتلامس عبق حياتنا، ورغم ما واجهته من تحدياتٍ وعقباتٍ، لكنها ترى أنها جزء من هذا النجاح.

كما تعلمون، إنَّ الرسم حكاية تلامس قلوبنا عندما نشاهد لوحات جميلة لها قصص معبرة. وهذا الفنُّ عند مريم لا يقتصر على لوح الكانڤس فقط أو مقاس معين؛ فإنها تعشق الرسم على لوحاتٍ صغيرة جداً، وعلى أسطُح مختلفة مثل: الأصداف، والقواقع، الحجر، ورق الشجر، جذع الشجر، أكياس الشاي، أكواب…الخ.

فكرة الرسم على الحجر والأصداف جاءت عندما كانت مريم على شاطئ البحر متأثرة بمدينتها الساحلية؛ فكانت التجربة الأولى لها في تغيير الأسطح، فقامت بالرسم على حجر البحر الأبيض في سنة ٢٠٠٨م، وقد كان عمرها آنذاك ١٧ سنة، وفي سنة ٢٠١٥ تمكَّنت من تحقيق ما بداخلها؛ لأنها تملك روحًا شغوفة وحبًّا لهذا الفنِّ، وبدأت ترسم على الأصداف والقواقع، وبعدها توسَّعت مريم أكثر، وبدأت ترسم على أيِّ شيء يلهمها بالرسم عليه.

وقبل البدء في الرسم على الصدف أو القواقع، تقوم بتنظيفها وتلميعها، وهذا من شأنه أنْ يستغرق وقتًا طويلًا. وأصعب لوحة قامت برسمها داخل قوقعة تمثل امرأة بالزيِّ التقليديِّ لولاية صور، وأجمل لوحة هي رسمة الراحل طلال مداح على صدفة.

وتضيف مريم: “تجربة الرسم على أوراق الشجر جميلة وممتعة جداً، كم أحبُّ العلاقة بين العصافير والأشجار، وهذا ماجعلني أرسم العصافير على أوراقها. وأيضا أنا من محبي إعادة التدوير وتحويل الشيء المهمَل الى شيء مهم؛ لذا استغللتُ الرسم في تجميل الأشياء المرمية أو المهمَلة، وجعلها ذات قيمة فنية، فرسمتُ على أكياس الشاي والأكواب وأعواد الأسنان وجذع الشجر”. ولاتزال مريم تهوى نقل هذا الفن الرائع إلى العالم بأسْره حتى يعرفه الجميع، من خلال أسلوب غاية في الجاذبية والتنوُّع في هذا الفن التشكيليِّ؛ حقا إنَّ كلّ فنان له فكر، وكلّ فنان يتمتع بما يراه الأنسب، ولكن مريم تحدَّتْ هذا كله لكي تجعل من هذه الأشياء متعة وروعة للغاية.

ولا تخلو مسيرة التوكلي مريم من مشاركات فنية، فـقد تواجدت أعمالها المبتكرة في معارض مشتركة وفعاليات محلية، وكانت أولى مشاركتها في معرض يتضمن مجموعة من الفنانين في عام 2017م هو معرض الموناليزا، ويُعتبر مهمًا على الصعيد الشخصيّ وهو الأشهر والأبرز، فقد شاركت بلوحة كبيرة للموناليزا بالزيّ الصوريّ التقليديِّ، ولله الحمد والمنة فقد نالت لوحتها صدى كبيرًا، واستطاعت فكرة هذه اللوحة جذب الأنظار للباس الصوريّ التقليديّ من خلال أشهر لوحة في العالم، مع خلفية لمنظر طبيعي من ولاية صور، وكأنَّ الموناليزيا تجلس في منارة العيجة ويظهر من خلفها الجسر، واستغرقت مدة رسم هذه اللوحة شهرًا كاملًا.

وقد حرصت مريم طوال مشوارها الفنيِّ على أنْ تشارك لوحاتها الفنية في عديد من المعارض؛ لأنها تملك الدافع لإيصال فنها العبق التي كانت تسعى له منذ الطفولة، حيث تمتلك الطاقة الكامنة والتحدي والإرادة والعزيمة.

ولقد شاركت في فعالية go green في كلية السياحة في عام 2017، ثم شاركت في معرض فينيقيون في عام 2017م، وشاركت في العام نفسه في أسبوع الصّم العربي، ومازالت مريم تثابر لتبرز حقائق فنها، وشاركت في معرض بُعد في عام 2018م، كما شاركت بأعمالها الفنية المميزة في يوم السياحة، في وزارة السياحة في عام 2018م أيضًا.

وفي العام نفسه، شاركت في وزارة التراث والثقافة، وأعقبها أيضًا في عام 2019 مشاركتان في كلية العلوم التطبيقية بصور، وكلية صور الجامعية.

لقد أثبتت هذه الفتاة العمانية همَّتها وإصرارها في تحقيق مسعى أهدافها، وحققت الكثير من الإنجازات، وحصلت على التكريم المحلي.

وتسعى مريم جاهدة ليكون لها معرض خاصّ بها, وفي النهاية عزيزي القارئ، أنت شريك في صنع هذا النجاح لـفنانتنا؛ وذلك بتشجيعها ودعمها؛ لكي تستمر، بل قد يكون دعمنا لها وتشجيعنا إياها هو الوقود الذي يلهب حماسها، ويدفعها للنجاح والتطور دفعًا. نعم! أنت شريكها في هذ النجاح بدعمك الصادق النابع من القلب، البعيد عن المجاملاتِ.
مريم التوكلي، إلى الأمام يا بنت عُمان، ومن نجاح إلى آخر، وفي مشوارك الفنيّ، فوطنك يستحق منك الكثير، وأنتِ أهل لذلك.

 

 

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*