الرئيسية / نكشات / المسؤولية السياسية: موقف المليفي ومسلك العبيدي

المسؤولية السياسية: موقف المليفي ومسلك العبيدي

المواقف الصعبة تحتاج إلى شجاعة الرجال والمسؤولية تحتم على من يتولاها أن يكون علي قدرها وأن يعلو بها إلى سمو مقاصدها، كما عليه أيضاً أن يحترم ردود فعل الشارع خصوصا اذا ما كان هناك قصور يمس حياة الموطن والانسان.. اقول ذلك ولازال وزير الصحة الدكتور علي العبيدي يتجاهل قدر المسؤولية التي تقع على عاتقه في هدر حياة إنسان نتيجة خطأ طبي في قطاع يحتل هو رأس مسؤوليته، فاكتفاء الوزير العبيدي بتشكيل لجنة تحقيق في وفاة الشاب سعود العازمي إنما هو من قبيل “رفع العتب” فمن لا يشكك في نتائج التحقيق يحلق بعيدا عن الحقيقة، ومن يضمن صحة البيانات والمعلومات التي تقدم فإنه يصبح حالما بالمدينة الفاضلة، في مثل تلك الاحوال وهذه الحالات يطلق الاخوة المصريين عبارة طريفه وعميقة في ذات الوقت تقول “هل نشكو الحكومة للحكومة” .. عبارة لها دلالتها تشير إلى ان الحكومة هي المتهم وفي ذات الوقت هي القاضي والحكم.

ان وفاة انسان في بيت العلاج والمعالجة بسبب اهمال طبي جسيم وهروب الطبيب المعالج انما يمثل جريمة انسانية وادارية ومهنية يعاقب عليها القانون، فهروب الطبيب يعني ان نتائج التحقيق حتى وان جاءت بالإدانه فانها ادانة بلا جدوى..
وهذا لا يحتم استقالة الوزير فقط بل هو واركان وزارته: وكيل الوزارة والوكيل المساعد للشؤون القانونية والادارية ومدير المستشفى، هذا اذا كنا فعلاً ننشد الإصلاح وترسيخ مبدأ الثواب والعقاب .
كان عليهم جميعا ان يكونوا بمستوى شجاعة الوزير السابق للتربية احمد المليفي الذي سارع بتقديم استقالته إثر وفاة عاملين في جامعة الشدادية نتيجة انهيار رملي؛ في الواقع لم يترك المليفي الامر دونما تحقيق كما أنه لم يكتفي بذلك‘ فإذا كان قد اتخذ كل الاجراءات اللازمة لمعاقبة المتسببين بهذا الحادث وباشر وتابع كافة الاجراءات الادارية والجزائية وبعدما اطمئن إلى أن كل الاجراءات في طريقها للتنفيذ خط الرجل الشجاع بقلمه استقالته المسببة‘ واذا كانت هذه الاستقالة كتبت بضمير حي وبنخوة الرجال في تحمل المسؤولية فانها جاءت أيضا مقطوعة أدبية راقية تنضح بالمعاني الانسانية الرفيعة وبالقيم النبيلة وبحكمة السياسي النزيه؛ كما انها جاءت وثيقة سياسية علي الوزراء والمسؤولين قراءتها بعناية وأن يعتبروها نبراسا للعمل ومنبها للضمائر النائمة.

اليوم علينا أن نستعيد مشهد الوزير السابق احمد المليفي في موقع الحادث يعاين ويستمع ويتباحث ويتألم ثم يكتب تلك الاستقالة التي يتعين علينا اليوم ان نستحضر معانيها ونعيد قراءتها مرة ومرات وأن نحييه مجددا علي تحمله للمسؤولية السياسية والانسانية فبمثل تلك المواقف تنهض الاوطان وتعلو الامم .. مواقف الرجال لا تنسى ولا تموت.

بومحمد …

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*