الرئيسية / عربي وعالمي / النفايات الإلكترونية.. “قنبلة موقوتة” تهدد البيئة السعودية

النفايات الإلكترونية.. “قنبلة موقوتة” تهدد البيئة السعودية

تصطف المملكة العربية السعودية إلى جانب الدول الأكثر إنتاجاً للنفايات الإلكترونية، محاولة إيجاد طريقة للتخلص من هذه النفايات التي توصف بـ”القنبلة الموقوتة” لشدة مخاطرها، خاصة مع صعوبة إعادة تدويرها.

وتمتلك السعودية أكبر كمية إجمالية للنفايات الإلكترونية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وفق تقارير محلية، وعلى الرغم من وجود شركات خاصة ومبادرات ومنظمات غير ربحية تعمل على إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية، لا يوجد نظام خاص ينظم عملية إعادة التدوير.

حجم النفايات الإلكترونية في المملكة يبلغ بين 5 و6 ملايين طن، 5% منها هي الكميات التي يعاد تدويرها ويمكن الاستفادة منها والاستثمار فيها.

والنفايات الإلكترونية هي نتاج استهلاك المعدات والأجهزة الإلكترونية التي أصبحت اليوم تشكل قضية بيئية عالمية، حيث يبلغ حجم النفايات الإلكترونية في كل عام ما بين 20 مليوناً و50 مليون طن، في جميع أنحاء العالم، والتي تشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان والبيئة.

وبحسب صحيفة “مكة” السعودية، يعمل مستثمرون في مجال إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، وقال أحدهم، ويدعى زامل الشهراني، إنه جرى توقيع اتفاقيات مع أمانة المنطقة الشرقية وبلدية الخبر بشأن وضع حاويات للنفايات الإلكترونية وتجميعها من محلات بيع الأجهزة الإلكترونية، وإصدار شهادات عليها سترى النور قريباً، وسيكون ذلك أول نموذج بيئي في الشرق الأوسط.

هذه النفايات يصفها الشهراني بأنها “قنبلة موقوتة” تعمل على تدمير البيئة في حالة عدم التعامل معها بالشكل المطلوب.

والسبب- وفق قوله- مكوناتها الخطرة التي أبرزها الزرنيخ والكروم والبريليوم والكربون والكاديوم والرصاص، لافتاً إلى إحصاءات رسمية تشير إلى أن المملكة تستورد سنوياً نحو 230 مليون حاسب وأجهزة وهواتف محمولة، تؤدي إلى ارتفاع حجم هذه النفايات.

وأكد أن المملكة من أكثر الدول في دوران استهلاك الأجهزة الإلكترونية حيث إن عمر الأجهزة يتراوح بين 3 و4 سنوات.

اتفاقية بازل

الشهراني أشار إلى أن “85% من النفايات الإلكترونية تذهب للمرادم (تدفن في الأرض)، وبعضها يتم تصديره للدول النامية عن طريق تجار تجمع الحاويات المتوفرة في الشوارع، وهذا يشكل خطراً كبيراً جداً، ويتم تصديرها كبضائع مستخدمة بتسميات أخرى بطرق غير نظامية”.

وتابع: “نتأمل في الأنظمة التي سيتم تطبيقها قريباً في الحد من ذلك”، مبيناً أن الأنظمة في حال تطبيقها سوف “تمنع تصدير أو استيراد أية أجهزة مستعملة، ويوجد غرامات صارمة على ذلك”.

المملكة كانت من بين الدول الموقعة على معاهدة “بازل” التي تحرم تصدير أو استيراد النفايات الإلكترونية إلا في حالة التوافق بين بلدين، مع وجود حلول بيئية في الدولة المستقبلة لهذه النفايات.

واتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الحدود والتخلص منها، هي معاهدة دولية للحد من تحركات النفايات الخطرة بين الدول، وعلى وجه التحديد لمنع نقل النفايات الخطرة من البلدان المتقدمة إلى البلدان الأقل نمواً، ومعالجة حركة النفايات المشعة.

وتهدف الاتفاقية أيضاً لتقليل كمية وسمية النفايات المتولدة، لضمان الإدارة السليمة بيئياً قدر الإمكان، ومساعدة أقل البلدان نمواً في الإدارة السليمة بيئياً للنفايات الخطرة والنفايات الأخرى التي تولدها.

تم التصديق على هذه الاتفاقية في 22 مارس عام 1989؛ كرد فعل للإنتاج العالمي السنوي لمئات الملايين من أطنان النفايات الخطرة على صحة الإنسان والبيئة، والحاجة الماسة للتدابير الدولية اللازمة للتعامل مع نقل هذه النفايات عبر الحدود، ولضمان إدارتها والتخلص منها بطريقة سليمة بيئياً.

تجارب الدول المتقدمة

وفقاً لتقارير متخصصة تحتوي النفايات الإلكترونية على نحو 97% من المواد العادية و3% من المواد النفيسة، وهي الذهب والفضة والبلاتين.

وتتحدد خطورة النفايات الإلكترونية حسب خطورة المواد المستخدمة في تصنيعها، ويأتي الرصاص والزئبق والزرنيخ والكروم والكاديوم في مقدمة المواد الخطرة.

وتكمن الكارثة مع هذا النوع من النفايات في المواد المصنوعة منها هذه الأجهزة، مثل الرصاص الذي يدخل في صناعة شاشات التلفزيون، والأجهزة اللوحية، ويعد الرصاص من أخطر المواد السامة على الجهاز العصبي، والدورة الدموية، والكليتين، وله تأثير سلبي أيضاً على الأطفال.

وبحسب ما ذكرت صحيفة “المدينة” السعودية في تقرير خاص حول النفايات الإلكترونية بالمملكة، طالبت الدكتورة ماجدة أبو راس، المهتمة بشؤون البيئة، بإنشاء مراكز وطنية للتدوير، ودعت إلى الاستفادة من القوانين والتشريعات والدراسات والأبحاث الدولية التي وضعتها بعض الدول في هذا المجال.

وقالت إن أول مرحلة يمكن وضعها لمواجهة هذه القضية هي التوعية بخطورتها وآثارها السلبية وكيفية التعامل معها.

وأشارت إلى أن العملية التوعوية لا بد أن تنفذها مؤسسات المجتمع المدني، مثل جمعية البيئة السعودية، بجانب المؤسسات والهيئات الحكومية.

وأوضحت: “إذا تكاملت هذه الشراكة سيتحقق أول وأهم هدف وهو إدراك خطورة النفايات الإلكترونية؛ ما سيمهد ويساعد للانتقال لتنفيذ الهدف الثاني وهو التعامل معها بطرائق تضمن تدويرها وتقليص آثارها السلبية”.

البيئة ورؤية 2030

النفايات الإلكترونية لها علاقة وثيقة بالبيئة وسلامتها، وصبت المملكة اهتمامها بشكل واضح على مجال البيئة من خلال طرح مشاريع بيئية عملاقة، واعتُمدت حماية البيئة ضمن النظام الأساسي للحكم وفقاً للمادة (32) من هذا النظام، والتي تنص على التزام الدولة بالمحافظة على البيئة وحمايتها ومنع التلوث.

ويُعد الاهتمام بالقطاع البيئي ورعايته أحد المقاصد الرئيسية لرؤية 2030، التي تهدف من بين مقاصدها إلى تخفيف حدة الأضرار البيئية، وتعزيز التنمية المستدامة وغير ذلك.

ونصت رؤية 2030 على ضرورة الحفاظ على البيئة “كواجب ديني ووطني وإنساني ومسؤولية أمام الأجيال القادمة، علاوة على أن الاهتمام بالقطاع البيئي من المقومات الأساسية لجودة الحياة وضرورة للحد من مستويات التلوث في البيئة”.

وحاز الإنفاق على القطاع البيئي أهمية كبرى في ميزانية المملكة 2021، ترجمة لرؤية المملكة لمكانة وأهمية القطاع البيئي وضرورة حمايته.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*