الرئيسية / كتاب وآراء / أحمد الجارالله يكتب: تعاونوا… وادفنوا المقاطعة إلى الأبد

أحمد الجارالله يكتب: تعاونوا… وادفنوا المقاطعة إلى الأبد

لا شكَّ أنَّ المُصالحة، التي توجت بها قمة العُلا الخليجية طوت صفحة الماضي، بكلِّ ما فيها من مواجع ومواقف، وأصبحت مسألة إعادة السفراء ضرورة لاستكمال التنسيق والتعاون سعياً إلى تحقيق الهدف الأول من ميثاق مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهو “تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها”.

نعم، يجب أن تتحول هذه الأزمة عبرة، ونعمل جميعاً على إقفال الأبواب التي يمكن أن يأتي منها ريح السموم، ونبذل أقصى الجهود لإزالة آثارها من المزاج الشعبي، فما خسرته شعوب “مجلس التعاون” في الثلاث سنوات ونصف السنة العجاف كثير جداً، جراء تعطل المشاريع المشتركة، التي لو كانت استمرت على الوتيرة ذاتها لرأينا فوائدها على الاقتصاد الخليجي حالياً، بعدما استفحلت الأزمة العالمية.

ثمَّة من ذهب خلال الأزمة إلى أبعد مسافة في العداء، وتصوَّر البعض أن مقاطعة قطر ستؤدي إلى مُعضلة لها، لكن الحقيقة أنها تخطت الأمر بسهولة، وعملت على بناء منظومة صناعية وزراعية خاصة يُمكن أن تتحول داعمة للاقتصاد الخليجي، لا سيما أن دول المجلس بحاجة في ظل الظروف العالمية والإقليمية حالياً، الحساسة جداً، إلى الاكتفاء الذاتي غذائياً، وخفض الاعتماد على الخارج، إضافة إلى ضرورة استكمال مشاريع القطار الخليجي، والربط الكهربائي، وفتح الأسواق بين الدول الست.

ربما على الجميع اليوم الاعتراف بأنهم كانوا ضحايا للأصابع الخفية التي عملت على زعزعة استقرار المجلس تمهيداً لتفكيكه، في وقت أدى الذباب الإلكتروني والإعلام الأصفر دوراً كبيراً في توسيع الهوة بين الأطراف كافة، فيما الطبيعي في العلاقات التاريخية بين أعضاء المنظومة هو الحوار الدائم، حتى لو كان هناك خلافٌ في وجهات النظر، إذ مهما اشتد لا يجب أن يصل الأمر إلى القطيعة، بل علينا تحويل مقولة: “الاختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية” فعلاً، لا أن تبقى مجرد قول.

ربما في هذا المجال علينا النظر إلى مواقفنا من دول أوروبية وغربية تشنُّ وسائلُ إعلامها حملات يومياً على دول الخليج، مجتمعة، أو منفردة، أكانت أميركية أو بريطانية وألمانية وفرنسية وغيرها… وغيرها، ولم نَرَ تلك الحمية الكبيرة على الصَّعيد الرسمي في التصدي لها، فيما تتحوَّل تغريدة في دول الخليج إلى مشكلة بين دولتين.

رغم قسوة تلك الحملات لم تسحب أيٌّ من دولنا سفيرَها من هذه الدولة أو تلك، ولم تُقطع العلاقات لا مع الولايات المتحدة أو كندا والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، بينما بعضها تؤوي هاربين من وجه العدالة، وجماعات سياسية إرهابية، كالإخوان المسلمين، بل تمنحهم حرية القول والفعل، فلماذا لا يحدث الأمر ذاته في دولنا، ونلجأ إلى الحوار بين الأشقاء وليس المقاطعة وإقفال الحدود وسحب السفراء؟

تحقيق الهدف الأول من ميثاق منظومتنا الخليجية يفترض تعالي الجميع عن الصغائر والعمل على تحقيقه كي يكون “مجلس التعاون” اسماً على مُسمّى.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*