الرئيسية / كتاب وآراء / يا قادة الخليج…عودوا من العُلا بالعلى ،،،، كتب- أحمد الجارالله

يا قادة الخليج…عودوا من العُلا بالعلى ،،،، كتب- أحمد الجارالله

غداً تُعقد القمة الخليجية التي يُمكن اعتبارُها قمة التجديد في مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد ثلاث سنوات ونصف السنة “عجاف” بسبب الأزمة التي أرخت بظلالها على كلِّ نشاطات المنظومة، وكادت في مرحلة ما تودي بدوله إلى أصعب الخيارات، غير أن المساعي الحميدة التي قادتها الكويت منذ البداية كان لها مردودها الإيجابي المُتمثل اليوم في المصالحة الموعودة في هذا الاجتماع، ما يعني طي صفحة تلك السنوات.
طوال الأزمة وصل التراشق الإعلامي بين الطرفين إلى حدٍّ غير مسبوق، فيما كان على الجميع العمل بمبدأ: من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر، لأن هذا التجمع وجد من أجل أهداف مصيرية، وبالتالي لا يمكن لأزمة أن تهز أركانه، أو تشق وحدة الصف بين أهل البيت الواحد.
كانت بداية المجلس فكرة من المغفور له الشيخ جابر الأحمد، خلال قمة عمان في نوفمبر عام 1980، الذي طرحها على الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، بعدما وصلت الأمور في العالم العربي إلى بداية انهيار التضامن، فكانت الحاجة إلى وحدة الصف الخليجي لمواجهة المتغيرات الكبيرة، ولقد مرَّ هذا التجمع بأزمات وامتحانات عدة وخرج منها أقوى مما كان.
لا شك أن على دول المنظومة أن تطوي صفحة الماضي، ولا تقف عند خطايا التراشق الإعلامي، وألا تُشكل مقالة أو تحليلاً أو تغريدة من مسؤول قطري سابق، مناسبة لإعادة فتح الجرح، فثمة من يسعى إلى الاصطياد في المياه العكرة واللعب على تناقضات الاختلاف في وجهات النظر وتحويلها خلافات كي يُحقق أهدافه في فك الارتباط بين مكونات المجتمع الخليجي.
ولكي توضع الأمور في نصابها الصحيح وجدنا في هذه الأزمة أن الجميع خاسر، رغم الفوائد الجانبية التي حققتها كل دولة، فقطر استطاعت التعويض عن النقص الاقتصادي والدفاعي، وكذلك الدول الأربع، غير أن ذلك كان على حساب الملفات الكبرى، والقضايا المشتركة، فالتعويض الذاتي ليس بديلاً عن التعاون الوحدوي الجماعي، لذا فإن البحث اليوم ليس مَن الرابح أو الخاسر، بل في المسار إلى أين؟ والتعاطي الموحد مع التحديات الكبرى التي تواجهها المنطقة، والإدراك أن الآتي لا يقبل الفرقة، أو التهاون، فالتغيرات العالمية لا شك ستطال كل الكرة الأرضية، وإذا لم تعمل دول المجلس على مواجهتها بموقف موحد، ستكون من أكبر الخاسرين.
في هذا الشأن يُمكن الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي، الذي يختلف في كلِّ شيء عن “مجلس التعاون”، فاللغات عدة، والتقاليد والقوانين مُختلفة، ورغم ذلك استطاع أن يواجه الأزمات، وتتعالى حكوماته على التناقضات الداخلية، حتى خروج بريطانيا منه، وهي دولة لها ثقلها، لم يؤثر في هيكليته.
صحيحٌ أنَّ “مجلس التعاون” ليس كالاتحاد الأوروبي، إلا أنَّ لديه مقومات وحدوية أكثر منه، أكان في وحدة اللغة والجغرافيا، أو العادات والتقاليد والترابط الأسري بين مُكوناته، إضافة إلى تشابه الأنظمة والقوانين، ولهذا فإن العاصفة التي مرَّت يجب ألا تترك آثارها عليه، بل أن تكون فرصة لإعادة تصويب البوصلة، وتفادي المشكلات التي تسببت بالأزمة، أضف إلى ذلك أن رؤية الحكم القطري حالياً، في ظلِّ قيادة الشيخ تميم بن حمد، تختلف عما كانت عليه قبل ذلك.
القمة غداً محطة تاريخية في مسيرة المجلس، بحضور الشيخ تميم بن حمد، لأن المهم عودة القوة إلى المنظومة، وألا تبقى شعوبها أسيرة التعنت بوجهات نظر تكون مبنية على آراء لا يرى أصحابها المشهد كاملاً، ويكون هناك تفريق بين علاقات الدول الخاصة، وبين المصلحة الخليجية العامة، ولهذا ننظر إلى قمة العلا على أن تكون العلا ليس في المكان فقط، بل أيضاً بالقرارات والمواقف، وألا تكون قمة اليوم الواحد تبدأ صباحاً وتنتهي مساءً، فمن طلب العلا سهر على قوة “مجلس التعاون” ووحدته.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*