جديد الحقيقة
الرئيسية / كتاب وآراء / أحمد الجارالله يكتب : حتى لا يستفحلَ الورمُ … استأصِلوه

أحمد الجارالله يكتب : حتى لا يستفحلَ الورمُ … استأصِلوه

عندما يصبح إرضاء المتنفذين والنواب أهم من المصلحة العامة، عندها لا يمكن الحديث عن دولة سليمة، إنما عن دولة دخلت مرحلة المرض الذي لا فكاك منه إلا بعملية على يد جراح الحكمة صاحب السمو الأمير، لاستئصال الورم الذي اذا استمر سيتحول سرطانا يفتك بجسدها، لأن المحاصصات تؤدي في نهاية المطاف الى اعتبار الوطن قطعة جبنة يسعى كل واحد الى أخذ حصته منها مهما كانت الاعتبارات.

لقد بدأ المرض يفتك بالكويت حين أحكمت الواسطة قبضتها على المؤسسات كافة، وتوزعت بين مناصب ووظائف، ورواتب تدفع لناس لا يعملون، بل مؤسسات رسمية، تهدى الى هذا أو ذاك، وتحولت أنبل وسيلة للمحافظة على حياة الناس، وهي العلاج، بوابة للتنفيع الانتخابي تارة، أو لمحاباة المتنفذين تارة أخرى.

يطول الحديث في هذا الشأن، والفضائح أكثر من أن تحصى، بل أن ما يظهر منها مجرد رأس جبل فساد يخفي تحته الكثير من الجرائم ضد الوطن، بل ضد الانسانية، لأن الواسطة تمنع الطبابة عن محتاج كي يحصل عليها مفتاح انتخابي، أو مندوب مرشح ونائب تخاف الحكومة لسانه السليط، وترتعب من تلويحه باستجواب هذا الوزير أو ذاك.

هذه الظاهرة الغريبة والمستهجنة كلفت قبل نحو عامين ما يزيد عن مليار ونصف المليار دينار، أي ما يعادل خمسة مليارات دولار، وفي واحدة من الاحصاءات التي نشرتها الصحف قبل سنوات كانت حصة أحد النواب تفوق الألف ومئة معاملة ابتعاث الى الخارج.

إنها رشوة موصوفة ليست موجودة إلا في الكويت، بينما في بقية دول الخليج العربية، فإن إرسال أي مريض الى الخارج يكون بأمر الحاكم، وبعد تقارير طبية موثقة، أو على حساب الشخص نفسه، وليس كما هي الحال عندنا يرسل المريض ويكون معه ثلاثة أو أربعة مرافقين، وتدفع لهم السفارات مصروفاً يومياً.

ولأن ذلك تحول مصدرا للثراء غير المشروع، رُفعت في السنوات القليلة الماضية قضايا عدة على المكاتب الصحية في بعض الدول، إما بسبب الاختلاس، أو جراء المبالغة في الفواتير التي تكون بالاتفاق مع الشركات المكلفة تأمين سفر وعلاج السائح- المريض، أو نتيجة عجز الدولة عن الإيفاء بالالتزامات، وفي كل الاحوال كان ذلك يؤثر على سمعة الكويت، ويظهرها بمظهر الدولة التي ينخرها الفساد.

الرشوة لا تقف عند هذا الحد، بل تصل أيضا الى المبالغة بميزانية وزارة الصحة البالغة نحو ملياري دينار فيما الناتج الحقيقي لا يوازي هذا المبلغ، و”الصحة” ليست وحدها التي تعاني من الهدر، فهناك أيضا الدعم على السلع والخدمات البالغ أربعة مليارات دينار، وفي نهاية المطاف نجد المواد التموينية المدعومة تباع في أسواق الهند والفلبين وبعض الدول العربية.

كل هذا يمثل هدراً، فاذا كان العلاج بالخارج رشوة للمرشحين والنواب، فإن الدعم هو هدر لحصة الأجيال القادمة من الثروة الوطنية، واذا كانت الدولة تسعى الى خدمة المواطن، فلا يكون ذلك بالرشوة، بل بزيادة الرواتب أو إسقاط القروض، وتحسين الخدمات العامة، وفرض القانون على الجميع، عندها يأخذ كل ذي حق حقه.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*