الرئيسية / أقسام أخرى / فن وثقافة / حمد النوري تفوق على نفسه في “رحى الأيام” وحقق المعادلة الصعبة

حمد النوري تفوق على نفسه في “رحى الأيام” وحقق المعادلة الصعبة

أوشك الموسم الرمضاني على الانتهاء ولا تزال الدراما التراثية الوطنية “رحى الأيام” تتصدر المشهد وتحتل مقدمة التريند بمواقع التواصل الاجتماعي التي غلب عليها التعبير عن مدى ارتباطهم بالعمل الذي اخترق عقودا لم تجرؤ الدراما الخليجية على زيارتها من قبل حاملا المشاهد عبر آلة الزمن ليعيش حقبة مفعمة بالمشاعر والأحداث والثراء المعرفي والاجتماعي والتاريخي.

ولا شك أن عملا بهذا الانتاج الضخم يحقق حجم متابعة كبير في كافة دول الخليج باعتباره يؤرخ ويكشف جانبا مهما في تاريخ المنطقة والكويت والهجرات القادمة إليها من دول الجوار في أوائل القرن الماضي وحتى الستينيات وكيف انصهر الجميع في بوتقة الكويت وحب الوطن محققين نسيجا واحدا في الشدائد رغم الخلفيات الثقافية والاجتماعية وما تضفيه من ثراء وتنوع.

ما دعم العمل وجعله ينفذ إلى قلب وعقل المشاهد العديد من العناصر في مقدمتها البذخ الانتاجي لقناة المجلس بالتعاون مع شركة زهدم للإنتاج الفني و‏DOP محمد صالح، فضلا عن الرؤية الإبداعية للمخرج حمد النوري الذي تصدى لإخراج العمل بعد عدد من المشاركات المهمة كمخرج منفذ، مستغلا كل خبراته وموجها طاقاته الفنية، لإطلاق باكورة أعماله بشكل متكامل تتوافر به كافة عناصر النجاح، فتفوق على نفسه وحقق معادلة النجاح التي جمعت بين متعة المشاهدة والعمل الهادف.

وقال المخرج حمد النوري رغم بعض المؤاخذات التاريخية على العمل حول قضية بناء سور الكويت عام 1920 إللا أنها تخضع لاختلاف وجهات النظر والروايات التاريخية وهو ما يعيه الجمهور بقوة ولذلك لا يزال المسلسل في صدارة تريند الكويت متفوقا على غيره من الأعمال التي تنوعت بين التراثي والمعاصر محققا تميزا في الفترة الزمنية ونوعية المعالجة وما يطرحه من قضايا إيجابية بعيدا عن مشاهد الخيانة والقطيعة والإساءة والجحود وغيرها من المساوئ التي تبتعد عن أخلاقيات الدين الحنيف وروحانيات الشهر الفضيل، ولذلك حاز على احترام المتابعين.

كما استعان النوري بمدقق لهجات كانت مهمته توجيه الفنانين لمواطن الاختلاف في اللهجات والتي تبدو دقيقة جدا ولكنه كان حريصا على إظهار هذا الاختلاف والتنوع ليعرف المشاهد المنبع الذي تدفقت منه لهجتنا وصولا للعصر الحالي، من منطلق أن العمل يعتبر درامي توثيقي لأكثر الحقب ثراءا على كافة المستويات.

وأشاد المشاهدون بأداء الفنانين السلس والديكورات البسيطة والعتيقة والربط الهادئ بين الأحداث والانتقال بنعومة من مشهد إلى آخر وما يبثه المسلسل من قيم الاحترام بين الزوجين والمحبة بين الأصدقاء والتسامح بين الغني والفقير، كما أشاروا إلى أن المسلسل لأول مرة منذ سنوات يقدم مادة تحمل إثارة وتشويق دون دغدغة مشاعر المشاهدين بلقطات البكاء والحزن والمأساة، ليقدم جرعة من التفاؤل والواقعية بشكل فريد.

إلى جانب ذلك كان المشاهد على موعد مع باقة من نجوم الكويت والخليج الذين أضافوا للعمل وأضفوا عليه من خبراتهم وإيمانهم بأهميته في إعلاء روح المواطن واعتزازه بوطنه من خلال استعراض التاريخ المشرف للأجداد وأخلاقهم النبيلة ومعاملاتهم الطيبة فكان العمل بمثابة جرعة يومية من المحبة والانتماء والفخر بالآباء وما زرعوه في النفوس من مبادئ الترابط الأسري والصداقة والتعاون وتجاوز التجار عن المعسرين وتقديم الصدقات، ما جعل “رحى الأيام” عملا عائليا تجتمع حول كافة أفراد الأسرة من أباء وأجداد وأحفاد في مشهد غاب عن البيوت لسنوات.

وتصدى لبطولة المسلسل نخبة منوعة من النجوم، منهم جاسم النبهان، ماجد مطرب، نور، مشاري البلام، مريم الغامدي، محمد الحملي، عبدالله الخضر، أحمد العونان، عبدالإمام عبدالله، شيلاء سبت، عبدالعزيز السكيرين، عبدالرحمن الصالحي، محمد الصيرفي، طارق النفيسي، عبدالعزيز مندني، خالد الثويني، ياسة، رابعة اليوسف، علي المدفع، نواف الشمري، جمال الشطي، عبدالله الفريح، أحمد عبدالله، عادل الفضلي، محمداشكناني، عذاري، والطفل أحمد بن حسين.

ولم تكتمل منظومة النجاح دون قصة محكمة وسردا تاريخيا متقنا أبدع في نسج خيوطه الكاتب مشاري حمود العميري الذي وضع خلاصة تجربته الفنية في عمل بهذا الحجم وعكف عليه 8 سنوات استعان خلاله بجملة من المراجع التاريخية الهامة التي توثق لتاريخ المنطقة والكويت في تلك المرحلة ولم يضعف إيمانه بتلك التجربة التي تأخرت كثيرا حتى خرجت للنور مؤخرا محققة ما تستحقه من نجاح وإشادة.

كما أشاد الجمهور بدور الفنان الطفل أحمد بن حسين والذي جسد دور بطل العمل “عزيز النجدي” حيث أتقن وأبدع كفنان مخضرم رغم عمره الذي لا يتجاوز 11 ربيعا وأثنى المتابعون على أداء الفنان السعودي ماجد مطرب الذي التقط خيوط الشخصية من أنامل حسين مجسدا عزيز في الكبر ما أبهر الجمهور ليعلق أحدهم “احترافية سلم واستلم”، و”لمع صغيرا وأبدع كبيرا” وغيرها من التعليقات المشيدة بشخصية عزيز طفلا ورجلا.

أما الفنان عبدالله الخضر الذي لا يختلف أحد على موهبته فلم يعيد إكتشاف نفسه بقدر ما أعاد اكتشاف شخصية النوخذة ذلك القبطان البحري الذي يتسم بالصرامة والشدة، ولكنه بتوقيع الخضر جاء ساخرا خفيف الظل يطلق النكات ويجيد القفشات ليس اخلال بالشخصية بقدر التركيز على الجانب الإنساني في القائد الذي يتسم بالمودة والتخفيف عن مرؤسيه في الرحلات البحرية الطويلة والممتدة لشهور والتي فيها من القسوة والمخاوف ما فيها ليكون هو القائد الحكيم الهادئ الودود الذي يخفف عنهم ويطلق قفشات تضحكهم أحيانا.

عن Alhakea Editor

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*