الرئيسية / كتاب وآراء / فهيد البصيري.. يكتب: مجلس التعاون غير متعاون !

فهيد البصيري.. يكتب: مجلس التعاون غير متعاون !

الراي

 

مجلس التعاون غير متعاون !
د. فهيد البصيري / حديث الأيام
كان من المفروض أن أكتب عن الفساد، فهو من مواضيعي المفضلة والتي لا أجد صعوبة في الكتابة عنه لأنه في متناول يدي ومنتشر بكثرة في الكويت، ولكني سأتركه موقتا وأكتب عن الحالة السياسة الغريبة التي تمر بها دول مجلس التعاون الخليجي.
وللأمانة أنني ترددت في الكتابة عن المشكلة السياسية بين السعودية والبحرين وقطر والإمارات، (لاحظوا أنني أتكلم عن نصف مجلس التعاون)، وقد ترددت لأنني لا أدري هل الاتفاقية الأمنية أصبحت سارية أم لا؟ ولأنني في كل الأحوال سأنتقد موقف دولة خليجية على حساب أخرى، وفي كلتا الحالتين ستنطبق علي بنود الاتفاقية، وأروح فيها.
المهم أنني مثل غيري فوجئنا بسحب السعودية والبحرين والإمارات سفراءها من قطر، ولا ندري ما هو السبب بالضبط، وكان من المفروض أن يصدر مع هذا السحب بيان واضح ودقيق يبين سبب هذا الإجراء الغريب؟ والذي لم أرَ له شبيها في المجالس السياسية عبر التاريخ، ومن كان يتوقع أن ينسحب مجلس التعاون من نفسه؟ وماذا كنا نفعل طيلة 40 عاما من التعاون؟ وهل كان مجلسنا مجلس أشخاص، فصار كالبشر يهرم ويموت؟
ثم لماذا هذه المجاملات الزائدة عن اللزوم؟ فإذا كانت هناك دول في المجلس لا تلتزم بميثاق مجلس التعاون، فالمنطق السياسي يقول، أن يتم التنبيه عليها أو إخراجها بالتي هي أحسن إذا لزم الأمر، ولا داعي لسحب نصف دول مجلس التعاون سفراءها منها دفعة واحدة، وكأنها تتهيأ لإعلان الحرب.
أتمنى أن يكون سبب هذه المشكلة مقنعا، لأنني لم أجد حتى هذه اللحظة، أي قضية تستحق كل هذه الهوشة السياسية، والاجراء الذي لم تقدم عليه دول مجلس التعاون حتى في أحلك الظروف.
لقد حاولت أن أجد سببا واحدا ولو كان بسيطا لهذا التصرف، ولكنني لم أجد، اللهم إلا سببا سخيفا لا يرقى لردة الفعل الكبيرة التي شاهدناها، وهو سياسة قناة الجزيرة، ومع ذلك لا أعتقد أن قناة الجزيرة هي السبب، فهذه المحطة تشتم دول مجلس التعاون والعالم العربي والغربي وكل العالم و(تشتمهم بالله وبغير الله) ومنذ 20 عاما ولم ينسحب أحد، ولذا فأنا أستبعد أن تكون الجزيرة هي السبب الوحيد، وربما كان هناك سبب آخر وهو ما أرجحه، والسبب الآخر هو أن قطر تغرد خارج سرب دول مجلس التعاون الخليجي في قضية سيسي مصر، والحرب على الإخوان المسلمين، فهي على عكس دول مجلس التعاون في هذا الموضوع، وهو موضوع حيوي بالنسبة لدول الخليج لكونها تخشى وصول الربيع العربي إليها، وإذا وصل فإنه سيكون بقيادة الإخوان لكونه الحزب المؤهل فكريا وجماهيريا، ولذا هي تكافح هذا الاحتمال بكل الوسائل إلا بالوسيلة المناسبة!
ومشكلة العالم العربي بخليجه ومحيطه أنه يحارب الإخوان أو أي معارضة دينية، بالقبضة الأمنية تارة وبالمال الفاسد تارة أخرى، وكلها وسائل لا تصلح لمثل هذه المعارك، لأن المعركة معركة فكر ودين، ولا يمكن أن تحارب الفكرة بالسجن لأنها تخترق القضبان، ولا حتى بالرصاص، لأن الرصاصة لا تستطيع قتل الفكرة بل تجعلها أكثر شهرة وانتشارا، ومشكلتهم الثانية أنهم يستخدمون المال في المعركة للرشوة، وهو توظيف سيئ سيزيد من الاقتناع بالفكرة، والمفروض أن يوظف هذا المال للتنوير ولمزيد من رفاهية الشعوب حتى لا تتجه للتطرف، والمفروض أن يحارب الفكر المتطرف (كما يقولون) بالفكر المنفتح المتطور.
ولكن لا أحد يجرؤ على هذا الحل، لأن مشكلة المشاكل هي الفكر نفسه (أي الوعي)، وصحيح أن الفكر سيقتل التطرف، ولكنه سيقتل في طريقه الجهل، والفساد، والديكتاتورية، ثم سينادي بالعدل وفي النهاية سيثور على الظالمين، وعندها سنعود لنفس المربع الأول أي للربيع العربي وعندها سيقع المحظور.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*