الرئيسية / كتاب وآراء / ” المجرم موريس” بقلم : أنوار التنيب

” المجرم موريس” بقلم : أنوار التنيب

قرائي الأعزاء ..
هذه قصة حقيقية أنقلها لكم باختصار، وهي من أغرب القصص التي قرأتها وأثرت في نفسي كثيرا.

في مارس من عام 1981 صدر بحق الشاب فيليب موريس ابن العائلة المحافظة، حكم بالإعــدام، بسبب إطلاقه النار على 3 أشخاص، منهم عنصران من عناصر الأمن، حينما أوقفاه عند حاجز الشرطة في عملية تدقيق روتينية بالهويات، وتعرفا عليه لارتكابه عملية سطو مع رفاقه على أحد متاجر الحي، وعندما حاول الهرب أطلق النار عليهما، فأصاب بذلك أيضا رجلا فرنسي تصادف مروره في ذلك المكان.

وعند اقتياده من قاعة المحكمة إلى السجن، نظر إلى والدته الموجودة بين الحضور وقال لها: لا تخافي سأنتصر على نفسي. وهو لا يعرف لماذا قطع لها هذا الوعد، فأي محكوم آخر ما كان يفكر حينها إلا بمصيره المحتوم أي «المقصلة»، أما هو فقد انتابه وقتها شعور بأنه على عتبة بدء حياة جديدة.

ويأتي القدر ليغير معالم هذه الحياة، عندما جاء الرئيس فرانسوا ميتران في العام نفسه، ليوفي بوعده بإلغاء عقوبة الإعدام التي وعد بها خلال حملته الانتخابية، وبهذا نجا فيليب موريس من الموت بقطع الرأس، وقضى فترة السجن في متابعة الدراسة الثانوية عن بعد، وبعدها تابع الدراسة الجامعية عبر المراسلة ولم يكتف بذلك وتابع التحصيل الجامعي حتى نال الدكتوراه في فرع التاريخ، وبعد مضي تسعة عشر عاما داخل السجن، أفرج عنه لانقضاء المهلة ولحسن السلوك.

وها هو فيليب موريس، يمارس حياته العملية كأي أستاذ جامعي ومثقف آخر، ويقوم بإعطاء المحاضرات، ويشارك في الندوات الاجتماعية، لتوجيه الشباب وتنبيههم الى مخاطر الانحراف، وأصدر خلالها كتابه الذي ألفه داخل السجن، ويحكي فيه تجربته، حيث أسماه «من الموت إلى الحياة» وخصص مداخيل بيع الكتاب لعائلتي الشرطيين والمواطن الذي قتلهم برصاص مسدسه، كواجب أخلاقي يحتم عليه فعل ذلك.

يقول موريس عن تجربته: ان أسوأ ما يحصل للمرء هو أن يفقد السيطرة على تصرفاته، فيجد نفسه في موقع لم يكن يريده أصلا.

ويضيف: سأحمل هذا العبء مدى الحياة والدين الذي دفعته للمجتمع خلال سنوات السجن، فكم تمنيت لو أنني لم أملك يوما ذلك المسدس الذي أطلقت منه النار على الضحايا الثلاث، حيث اعتقدت أنني كنت أقوم بحماية نفسي، لأنني كنت أفضل وقتها الموت على دخول السجن، ولكن الواقع هو أن الحياة مليئة ببذور الأمل.

ويقول عن ماضيه: انه يرافقني وأحمله معي مدى الحياة، ولكني لا أريد أن أرضخ له، لقد أفادتني تجربة السجن، فعرفت كيف أتجدد، وأنا اليوم إنسان آخر

هذه حكاية الأستاذ الجامعي فيليب موريس (الإنسان الآخر)، الذي يمارس حياته العملية والعلمية حاليا في بلده فرنسا، وقد كتبها بيديه دون خجل، وعبر بها عن مشاعره، لأن الهدف السامي الذي يرجوه من وراء ذلك، هو أكبر من أن يكون حبرا على ورق، وكما قال: إن الحياة مليئة ببذور الأمل، ونحن نقول: نعم، مليئة بالبذور لمن يريد أن يجني ثمارها ويصبح إنسانا آخر.

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*