الرئيسية / كتاب وآراء / الحياة هي السبب ،،، بقلم: أنوارالتنيب

الحياة هي السبب ،،، بقلم: أنوارالتنيب

الحياة تلك الدار الواسعة التي تجمعنا تحت سقفها.. مازال البعض يظن بجهله أنها طرف في مشاكله وفي حظوظه!
الحياة لم تخدع أحدا، إنها واضحة تماما، فهي قبل أن تحول الجو إلا صقيع، تنذرك بتدرج موكب الشتاء مع مرور قافلة الخريف، وقبل أن تلهبك حرارة الشمس فإنها تقابلك بدفء الصيف بعد نسمات الربيع الزاهر..

حتى الليل الذي ينشر عباءته للمهمومين هو ذاته الذي يغشى بنجومه العشاق والشعراء والعابدين..
فالشيخ لا يشيخ قبل أن تدب قدماه ملاعب الطفولة، ويقطف من فاكهة الشباب، نعم كل البشر والأحياء لا بد أن يمروا بمراحل النمو نفسها، لكي يأخذوا منها الحكمة التي تناسب مواقعهم في الكون..
الحياة دائما.. تترك لنا صفحاتها خالية من الكلمات، فهي التي تهب لك القلم لتكتب روايتك عن نفسك بيدك حين تجوب طرقاتها وتتعامل مع أحداثها، الحياة لم تطلب منك مفردات مصطنعة أو مزخرفة، فهي لا تحتاج إلى كل ذلك، فهي التي تمنحك الإلهام وعليك أن تكون نبيها متيقظا ما بين دقات قلبك ودقات ساعاتها، والأرض بلوحاتها المتغيرة لا تطلب منك إلا المرونة للتنقل ما بين طرقاتها، فحين تغرف بيدك الماء الذي يجري من عيونها وترتوي من عذوبته فإن جهة أخرى من الأرض تمد مساحاتها لحبات المطر كي تنزل فوق شوارعها.
الحياة هي الوحيدة التي تعرف أحجام عقولنا، لذا فهي تعطي كل مرحلة عمرية ما يناسبها من خبرة وعلم، وأيضا حسب ما ترى وتعتقد اتجاهها، وحسب استخدامنا لأدمغتنا وفكرنا تلهمنا وترشدنا وتفرغ علينا من ثرائها بكل أنواعه وأشكاله، وإن كان هناك خطأ فهو منا نحن الذين خلطنا الأوراق وعشنا فوضى في تلقي إشارات غير مرتبة للثقافات، وما ينفع أو يضر من المعلومات، وفتحنا بابا للصغار لنقفز بهم إلا سلالم مرتفعة أكبر من أجسادهم!
الحياة بها كثير من الأشياء التي ترشدنا وتلهمنا بكامل وعي منا، فهي التي ترينا كيف تعيش الكائنات الحية في كوكبنا وتتشارك معنا فيه وتتفاعل بكل ما يقع عليها أو يخرج منها، فهي لها الحق في العيش في سلام مثلما لنا الحق فيه، الحياة لم تتغير منذ خلقت فهي الزمان والمكان على مدى اتساعه، وميزان العدل قائم حتى نهاية الساعة، وما قرأنا من حكايا سيئة أو أحداث مؤسفة، لم تكن سوى من يد الإنسان نفسه، فالذي يمر عليها لا يكتب سوى مشاهداته وأحلامه وإخفاقاته ومن لم يستفد من دروس أجيال مضت وعوالم مرت عليها، فإن أسهل ما يفعل هو التبرير لجهله وأخطائه في جملة واحدة بأن «الحياة هي السبب»!
لا يا إخوتي.. الحياة لم تظلم أحدا ولم تكن أبدا طرفا في ذلك، فإن كان هناك اتهام سيوجه، فلن يكون إلا لأفكارنا ومعتقداتنا الخاطئة عن الحياة نفسها، «صحح أفكارك تصح حياتك»..

[email protected]

عن ALHAKEA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*